الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع

و بيننا الحلم
Build A Dream

الكاتبة : كوني وايلدر
------------------------
الملخص
------------
ربما جاني صغيرة، ولكنها قاسية. كما أنها صممت على الثأر من بلايز هاملتون الذي كانت مقتنعة بأنه كان شبب مرض والدها، فها هي، تقف في ورشة بناء وتتمنع بكل دقيقة هناك. كل ما كان عليها فعله هو ايجاد دليل ضده لتحطيمه. الصعوبة كانت، بأنها بدأت تعجب به كثيرا. ماذا ستفعل حيال ذلك؟
***
«هل تهدديني؟
سألها متنكراً. وقد شعر بأنه يريد ان يضحك لكنه فضل أن يسيطر على نفسه، رغم أن هذا الموقف ذكره بالفأر الذي يحاول مطاردة الاسد. «ماذا ستخسر إن منحتني فرصة العمل؟» احترام كل رجل في العمل، فكر بقلق. إمرأة في فريق بلايز هاملتون؟ غير ممكن، ولو بأي شكل من الأشكال!
-------------
الفصل الأول
-------------
«سأقضي عليك حتى لو احطت نفسك بقافلة فيلة تسد الشارع.» خرجت جاني من سيارتها الفولز واغن الحمراء، أغلقت الباب بهدوء، ووضعت نظارات الشمس على عينيها وقبعة على رأسها، ثم استدارت إلى الناحية الثانية من سيارتها واتكأت عليها تراقب. «تتوقع مني أن انتظر طوال الوقت بينما تلك العربة قابعة هناك تنسج عليها العناكب وأنت..» كان رجلاً ضخماً، يرتدي بنطالاً من الجينز باهت اللون وقديم. «انها المرة الثالثة، ولقد منحتك عدة فرص على غير عادتي.» تبع ذلك عاصفة من التوبيخ. كان يدعم كلامه بحركات سريعة من ذراعيه بينما الرجل قبالته كان اصغر حجماً ومظهره يدعو للشفقة.
كان بلايز هاملتون اسمر اللون، ورغم ان اشعة الشمس في ايلول (سبتمبر) اقل حرارة، كان يشعر بالحر الشديد بعد العمل الشاق والمضني، بالمطارق والمسامير والخشب، وقد كان هذا عمله منذ سنوات عديدة. عيناه كأشعة الشمس الحارقة زرقاء اللون، تصدر الشرارات مع أية حركة بالمطرقة التي كان يحملها بيده الضخمة
«إنك تهدر وقتي، أخرج من هنا.» وأشار بيده نحو الشارع واستدار ليتابع عمله، طارداً العامل الذي اخطأ بالتأخر وتسبب بتجمد الطين. العامل المطرود من العمل مر أمامها مطأطأ الرأس، رفع نظره إليها بينما كان يمر بجانبها، عيناه ممتلاتان غضباً وذلاً، أسفت لحاله، وأعادت النظر إلى بلايز هاملتون، فأحست بموجة غضب عارمة، فحياة رجل آخر تحطمت على يديه أيضاً. عادت تنظر اليه وبدا لها قاسياً اكثر من الظروف المحيطة، فأدركت عندها وبوضوح تام، مع من ستتعامل. رفع يديه ودفع بهما شعره الأشقر الكثيف إلى الخلف. وقف دون حراك للحظات يتأمل المكان، فقالت في نفسها: انه قوي وعديم الصبر، مزيج خطير. حسناً، انها تعلم ذلك
كانت في سن السادسة عشر حين رأته آخر مرة، مرت منذ ذلك الحين ثماني سنوات. تغيرت ملامح وجهه، عدا ذلك لم يتغير به شيء، يومها تغيرت حياتها كلها، أو بدأت بالتغير. بذور الخراب التي ذرعها اينعت ثمارها في الأسبوعين الماضيين عضت على شفتها بحسرة، لا يمكنها التفكير بذلك الآن، عليها أن تكون قوية، وان لا تضعف. عليها أن تتساوى معه قوة لو ارادت الوصول للعدالة. رجلان آخران كانا يعملان، احدهما ضخم الجثة، اما الثاني فكان أكبر سناً، قصير القامة ونحيل، ومع ذلك بدا
قوياً. الرجال الثلاثة قساة وفظين ورغم ذلك احست بالارتياح النفسي لوجودها هنا. لا يمكن لأي كان أن يدرك ما تحس به، وحتی جوناثان، بعد ايام قليلة سيرتفع هنا في هذا المكان بناء ضخم. بلايز هاملتون مقاول بناء، للأبنية السكنية. البعض يقول انه الأفضل في هذا المجال، ولكن ولائها كان لشخص آخر، حيث ان والدها قام بأفضل عمل في هذه المهنة. فقد ترعرعت ونمت بين الورش المعمارية، تلعب بالتراب قرب الابنية قيد الانشاء عندما كانت طفلة، وبعدها تعلمت بالمراس كيف تقرأ الخرائط، والتخطيط للمنزل، تضع ارضيته، جدرانه، نوافذه وسقفه.
كان والدها يقول دائماً بأنها ولدت مقاولة، وكانت كذلك. إنها تشعر بالسعادة في هذه الأماكن. حاولت ان تمتهن عملاً نسائياً يمكن ان يسعدها ايضاً.. فنالت إجازة في التعليم وحاولت ان تمتهنها، ولكنها سرعان ما كرهت هذا العمل، ليس بسبب التلاميذ، ولكن ان تسجن داخل غرفه طوال الوقت بينما الشمس تسطع في الخارج أو بينما المطر ينهمر بقوة، لذا فقد كان من المستحيل لها ان تستمر بهذا العمل، ولم تتحمل رتابة غرف التدريس. كانت تحب الحركة، تحب اليوم الذي يحمل لها تحديات اكثر. حاولت بعدها ان تعمل في مكتبة، ولم تحب العمل أيضاً للأسباب نفسها، الرتابة والسكون. انها تحب الأصوات الصاخبة كالضرب بالمطرقة فوق المسامير. بعد ذلك، عملت في عيادة اسنان، لقد كرهت هذا العمل
اكثر من أي عمل آخر. كان هادئاً جداً، مملا عديم الحركة، والأسواء من كل ذلك، وجود الكومبيوتر، لقد كرهته من اعماقها. لكن فيما يخص القلب، التقت هناك بجوناثان. قطبت جبينها لمجرد التفكير بخطيبها، انه لن يكترث لقدومها إلى هنا اليوم، لعلمه بتدهور العلاقة بينها وبين عامل الكومبيوتر في المكتب. كانت قد اتخذت قرارها منذ اسبوعين، إنها هنا لتثأر لشرف عائلتها، ان استطاعت، تريد أن تشوه سمعة بلايز هاملتون، بنفس الطريقة التي شوه بها سمعة والدها لم تكن تتوقع أن تشعر هكذا... بفرحة العودة، العودة إلى العمل الذي احبته سابقاً، إذ انها لم تكن سعيدة بعملها في عيادة طبيب الأسنان، ربما حين تنتهي من بلايز هاملتون، قد تبقى في ميدان البناء.
سیعتاد جوناثان على ذلك، ولكن اليس هذا ما يجب ان يكون بين حبيبين؟ ان يسعد الواحد منهما لسعادة الآخر؟ انها تعلم بأنه قد لا يتقبل فكرة ارتباط طبيب اسنان بمقاولة، سوف يرى بعدها ان الأمر لابأس به، لأنها ستبقى هي نفسها التي وقع في حبها، مع فارق واحد وهو انها ستصر على السير على خطى والدها، لتكمل تاريخ العائلة في مجال البناء الذي شوهه بلايز هاملتون بقساوة واهمال. يسعدها هذا النوع من العمل، خاصة هذا العمل بالتحديد، وعليها أيضاً ان تتذكر دوافعها، وهي ان تراقبه، تدون ملاحظات عن تقصيره، أية رشوات قد يدفعها، أو امور غير شرعية يقوم بها
وقوفها هنا، والروائح تصل إلى أنفها، رائحة مواد وادوات البناء من فعل حرارة الشمس، جعلها تشعر بأنها تنتمي حقاً إليها. غريب ان تشعر بذلك في ورشة بناء الشخص الذي حطم منزلها وعائلتها... ووالدها. ستنال منه، حتى ولو كان هذا آخر عمل في حياتها. هناك عائق كبير عليها انجازه الآن، فها هو يتجه نحوها، قلة الصبر بادية على وجهه والضيق في عينيه. قيل له: «أظن بأن هذا الولد ينتظر ليراك يا بلايز .» «ماذا؟» ثم نظر بلايز إلى الطريق.
لقد طلب من مكتب التوظيف ان يرسل له نجاراً متمرساً للمساعدة، كان متأكداً منذ اسبوع بأن جاك سيرحل. غير مستحب وجود عامل سريع الغضب في العمل. رغم ذلك، أمل بأن يرسل مكتب التوظيف أحداً قبل أن تصل الأمور إلى أشدها مع جاك. لقد أرسلوا له ولداً يضع قبعة رياضية على رأسه. ربما هرب من المدرسة لتوه. الولد بدأ صغيرا للغاية خلف نظارات الشمس وضعيف ايضاً، حتى ان ليس باستطاعته ان يحمل صندوق مسامير. تأكد بمرارة بأن هذا اليوم ليس هو يوم سعده، إنه سعيد لأنه شارف على الانتهاء. سيذهب إلى المنزل، وفكر بميلاني ربما لديها تذاكر لمسرحية، ثم قد يصيبها الجنون إن غط بالنوم أثناء العرض.
ميلاني هي أجمل سيدة رأتها عيناه، طويلة وشقراء مثله. إنه مقاول بناء، ونجار. هذا ما هو عليه ويحبه. يحب أن تتسخ يديه، ان يرى المبنى وهو يشيد حجارة بعد حجارة، لا يحب الإدعاء والسيطرة، ولا ان يكون ممولا او مستثمراً

تحميل الرواية من هنا

الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع