الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع

الصمت عن الحقيقة
Michael's Silence

الكاتبة : كاتلين اوبراين
------------------------
الملخص
------------
منذ ستة سنوات مضت لم تر جيني كيرني صديق العائلة مايكل وينترز الذي اعتقدت مرة أنها تحبه. مايكل وينترز من ناحيته لم يعد إلى تكساس بعد غيابه عنها منذ ستة أعوام، لأنه لم يكن بإمكانه أن يواصل حياته فيها بعد الذي حصل، كما أنه لم يكن بإمكانه مواجهة جيني. أما الآن فمايكل مكلف في أن يعثر على شقيقة جيني والتي تدعى كلارا، وجيني هي الوحيدة التي تعرف المكان الذي تختبأ فيه شقيقتها ولا ترغب بأن تطلع أحدا عليه خاصة لمايكل الرجل الذي تتهمه بمقتل شقيقها
***
«دعيني أساعدك يا عزيزتي.» ولاطفها ليحثها على البوح بمكنونات قلبها متابعاً: «هل كلار غارقة في مشكلة ما؟ وأين هي؟»
كادت أن تبوح له بالسر بعدما لمست والعذوبة في صوته، فقد كان فيما مضى صديقاً لها، لا بل صديقاً وفياً. لكن ذكرى اخاها كوين الآن كانت كافية لأن تمنعها عن النطق بالكلمات التي ينتظرها منها مايكل، كما أنه ليس موجوداً هنا لأجل حمايتها بل لأجل أن يفشي السر
-------------
الفصل الأول
-------------
أخذت جنيفر كيرني تحوم حول الباب مترددة لمدة عشرين دقيقة، كانت تحمل حقيبتها بيد وباليد الثانية مفتاح السيارة. وكانت في حالة لا تحسد عليها من الأفكار والمشاعر المثقلة بعوامل مختلفة من الكآبة والحزن. وحولت نظرها إلى النافذة تحدق بالأجواء الممطرة والضبابية في الخارج وهي تدرك تماماً بأنه عليها أن تخرج وفي الحال، فهذا المكان مع كونه لطيفاً هو أشبه بالسجن الذي يتعذر الهروب منه، لكن شقيقتها كانت تبكي بمرارة، مما جعل جيني غير قادرة في أن تمد يدها إلى مسكة الباب لتفتحه.
ومع ذلك، لم تقم بأية حركة، حتى انها لم تنطق بكلمة واحدة أيضاً وذلك لأنه لم يبق شيء يمكن قوله. وكانت قد انتهت مع شقيقتها منذ خمسة عشر دقيقة من نقاش وجدال طويل. لكن كيف تستطيع أن تخرج من هنا؟ وشقيقتها الكبرى کلار ما زالت تبكي. لقد أفضت دموعها الساخنة منذ ساعات مضت، ولكنها الآن عادت لتبكي بصمت وكآبة دون توقف. فحولت جيني نظرها إلى حيث كانت تجلس شقيقتها قرب النافذة، فوجدتها وكأنها طفلة بائسة ما زالت تحتاج إلى العون والمساعدة. أبعدت جيني نظرها على الفور عن كلار وقد شعرت بألم
حاد في عينيها وبعجز عن متابعة النظر إليها وهي على هذه الحالة من الكآبة واليأس. وشردت بذهنها وكأنها مؤكدة لنفسها أنه لا بد أن هناك شيء آخر يمكن أن تقوله قد يجعل كلار ترى وتدرك كم أن خطتها مستحيلة، فهي لا يمكنها أن تستمر مختبئة في هذا الكوخ في هذه الجزيرة طول العمر. فالشيء الصحيح الوحيد، يحتم عليها أن تعود إلى منزلها، أو إلى زوجها أليكس، أو على الأقل إلى تريبل كاي، وهي مزرعة عائلة كيرني.
لكن كلار لم تكن يوماً تستعمل عقلها ولا حتى ولا بأي شكل من الأشكال، كما أنها لا تتراجع عن أية فكرة يصورها لها عقلها بأنها هي الأصح. لذا وبالنسبة إليها، كانت تعتقد بأن هذا الكوخ رائع ورائع جداً! فتحولت نظرات جيني عن شقيقتها، إلى السجادة البالية ومنها إلى الأثاث الملطخ، ثم تنهدت وقد ازداد شعورها بالكآبة والحزن شقيقتها متسائلة في نفسها هل حقاً أن ما تراه في هذا
الكوخ رائع؟ فجزيرة ستيوارت روت الصغيرة والتي تقع قبالة الشاطيء الجنوبي لتكساس، لم تكن يقصدها السواح كثيراً. حتى في هذه الأيام، وخلال أفضل أشهر فصل الصيف، فتراها مهجورة كلياً. ولهذا السبب اختارتها کلار. قالت جيني أخيراً: «سأعود غدا.» تحاول جهدها لكسر ذلك الحاجز النفسي الذي يمنعها من فتح الباب. قالت كلار بانفعال: «لا تأتي إذا شعرت أن أحداً
يلاحقك.» شحب لون وجهها، مما جعل جيني تتساءل في نفسها لو أنها هي أيضاً تبدو كذلك في ظل هذا النور الواهي. حاولت جيني أن تبتسم وقالت: «قولي الحقيقة يا كلار، هل تعتقدين حقاً أن والدنا يسمح بأن تلاحق ابنته؟» أجابت كلار بنبرة مخنوقة: «إنني فعلاً أعتقد ذلك. انه يستعمل اللين والرقة معك لأنه مطمئن بأنك ستخبرينه أخيراً بمكان وجودي. فأنت ابنته الطيبة على كل حال.» شعرت جيني بالخجل والحرج من نفسها، فقد نطقت كلار بكلمة الطيبة بطريقة بائسة لها مغزى ومما لا شك فيها أنها كانت مقتنعة بذلك.
الابنة الطيبة التي تبتسم وتطيع الأوامر والتي تبعد نفسها عن المشاكل، بينما شقيقها وشقيقتها المتحديان يلهوان بطيش دون أن يقدرا عواقب الأمور والمشاكل التي قد يقحمان نفسيهما فيها.
ثم قالت كلار بشيء من الحدة: «لكن وعندما يدرك الوالد بأنك حقاً لن تخبريه بمكان وجودي، سيجن جنونه. فأنت تعرفينه وتعرفين مغالاته للأمور خاصة أنه لم يقف يوماً إلى جانب امرأة تعاني من أية مشكلة، حتى ولو كانت هذه الامرأة ابنته. فأنا بالنسبة إليه لست سوى عنصر غير فقال ويوطد العزم على أن يقيدني ويعيدني إلى حظيرته. انه لن يستسلم ولن يتواني في الوصول إلى هدفه.» إذاً، هيا بنا نواجهه وننهي كل شيء، هذا ما أرادت جيني أن تقوله، لكنها تراجعت. لأنها كانت قد اقترحت عليها هذه
الفكرة وأفكاراً أخرى عقلانية عديدة، ولمرات متكررة خلال الاسبوعين الماضيين منذ أن اختبأت كلار في هذا الكوخ رفضتها جميعها بعناد وهي تزداد ثورة وقلقاً يوماً بعد يوم. وبقيت كلار على عنادها مع أن جيني عرضت عليها بأنها ستحاول ان تقنع والدهما بالتعاون. ذلك لأنها أي كلار لا تريد أن تدخل آرثر كيرني أي الوالد في هذا الوضع الدقيق، معتبرة أن المشكلة شخصية جدأ ولا تخص أحداً سواها. وكم تجادلت مع جيني في هذا الأمر بحدة وغضب قائلة لها، إذا كنت غير قادرة في ابقاء الأمر على هذا الحال، فإنني سأهرب حتى منك أيضاً دون أن أدعك تعرفين مكاني.
إن تهديدات كلار كانت حقيقية وواضحة، وقد أدركت جيني ذلك من مجرد رؤية عينيها الشاحبتين والمتوعدتين. كما أن هناك شيء خطير يحصل بين كلار وزوجها، شيء لم تكن متهيأة بعد لتطلعه على أحد. فجيني تعلم جيداً أنها لو أصرت أن تخبر والدهما بمكان كلار، فلسوف لا يجدانها في هذا الكوخ الصغير. لكن هل كانت المشكلة مهما كان نوعها تخفي الجواب الحقيقي؟ فقالت جيني بعد ذلك بيأس: «كلار، إنني لا أفهم لماذا.» تمتمت كلار بكلمات بائسة ومبهمة مشيحة بوجهها عن وجه شقيقتها. وتمكنت جيني أن ترى بواسطة شعاع القمر دمعة تتدحرج على خد كلار، فشعرت بجفاف في حلقها وقد تحيرت لتجد كلمات مواسية ترطب بها قلب شقيقتها. ربما
أنها لا تعرف كيف يمكنها مساعدتها، لكنها لن تتوانى لحظة عن حمايتها.
يجب عليها حمايتها، خاصة وأن ليس لكلار سواها، فوالدتهما ماتت فور ولادة جيني، وشقيقهما العزيز كوين والذي كان يشبه كلار قلباً وقالباً في طيشها، قتل منذ ستة أعوام مضت. والآن لم يبق سوى جيني وكلار لمؤازرة بعضهما في المحن والشدائد.
ثم قالت جيني: «سأكون حذرة جدا فيما لو كلف الوالد أحدهم لملاحقتي. سأعود في الغد أعدك بذلك.» انتظرت جيني لحظة قبل أن تهم بالخروج، لكن كلار الغارقة في أفكارها السوداء لم ترفع نظرها لتعلق بكلمة. ففتحت جيني أخيرا الباب وخرجت. فشعرت حالاً بلفحة الهواء البارد المصحوب بالمطر الغزير فأسرعت الخطى باتجاه سيارتها. كانت ما زالت بعيدة عدة أميال عن منزلها بعد مضي ساعة من الوقت قرابة منتصف الليل، فلازمها شعور بأنها تبعد أيضاً مئات الأميال لإيجاد حل يخرج كلار من ورطتها، وقد أنهكها التعب والاجهاد.
لم تستطع أن تفكر بأي شيء الآن سوى بدفء سريرها وهي تعبر الباب المقوس لأرض المزرعة، إن الجميع نيام في الوقت الحاضر وتريد أن تهدأ وتنام مثلهم هي أيضاً ولمدة أسبوع كامل.
لكن الحظ لم يكن حليفها، فعند وصولها إلى الممر الخاص المستدير، وجدت سيارة غير مألوفة لديها تقف أمام المنزل وكأنها ظل أسود جاثم في هذا المكان، وكانت

تحميل الرواية من هنا

الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع