الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع

الأمل الأخير
The Last Illusion

الكاتبة : ديانا هاملتون
------------
الملخص
------------
من يكون هذا الرجل الذي كانت تظن أنها تعرفه غاية في ضبط مشاعره؟ ربما كانت تشارلي تصدق منذ أربع سنوات أن سيباستيان ماكادو كان يحبها حقا كما كان يقول. ولكن الخبرة علمتها حاليا أنتكون على حذر. ذلك أنه ليس الحب بل هو الانجذاب الذي كان يحرك زوجها. ولم يكن في نية تشارلي أن تخضع لذلك
------------
الفصل الأول
------------
ناولت انجيلا سائق التاكسي أجرته لدى وصولها، فلمعت عيناه الرماديتان وهو يرى الهبة السخية التي اضافتها إلى الأجرة وهي تشكره بلغته. على الأقل، لم تكن لغتها الاسبانية سيئة رغم أن جوليا التي كانت تزهو بلهجتها الراقية، كانت تسخر من لهجتها الأندلسية المميزة التي كانت تعلمتها من معلمها جيف الذي كان يرعى الحدائق الرائعة خلف منزل كريس في مدينة فالنسيا. انتابتها رغم حرارة الجو، قشعريرة شملت جسدها النحيل. انها لا تخدع نفسها، ذلك ان جوليا لا بد أنها تمضي الآن كثيراً من الوقت هنا كعادتها من قبل، وربما اكثر. ومقابلتها لها الآن، بعد أن عرفت ما عرفت، ستكون أشد ايلاماً لها من مواجهتها لزوجها.
لم يكن هذا يعني انها كانت تفكر في كريس فورد كزوج لها منذ هجرانها له منذ أربع سنوات. وكانت تذكر نفسها بذلك وهي تحمل حقيبة ثيابها الصغيرة التي أحضرتها معها من لندن إلى جونيز. ذلك انها نفته من حياتها، ومضت في حياتها قدماً، بمساعدة خالتها، حيث أوجدت لنفسها مهنة تعتاش منها، مقررة في النهاية، قبول عرض توم للزواج، وبذلك اسدلت على الماضي غطاء كثيفاً. ولـم يبق سوى أن تطلب من كريس الموافقة على الطلاق، وكذلك لكي يعود فيشتري منها تلك الأسهم التي كان توم قد
أصر عليها، رغم ان لا شيء، بالنسبة إليها، كان ذا أهمية بجانب حريتها، خصوصاً المال، رغم حاجتها إليه. جالت عيناها العسليتان في أنحاء تلك الساحة الجميلة، وهي تتساءل عما إذا كانت تستسلم إلى إغواء الجلوس إلى إحدى تلك الموائد المنتشرة تحت العشرات من أشجار البرتقال، حيث ترشف كوباً من عصير البرتقال البارد المنعش. ولكنها ما لبثت أن نفت هذا الخاطر لأنها كانت متأكدة من أن معدتها المضطربة سوف تلفظ أي شيء يدخل إليها، حتى ولو كان شيئاً منعشاً مثل عصير البرتقال. كانت قد سبق وسمحت لنفسها بهدر خمس دقائق توقفت اثناءها في ذلك الميدان، وذلك من الوقت الذي يستغرقه الوصول سيراً إلى ذلك المنزل الذي عاشت فيه يوماً مع كريس، حياة امتزجت فيها البهجة بالألم. تصلب فمها وهي تدخل الشوارع الضيقة في الحي القديم
من المدينة، دون أن تهتم للعرق الذي كان ينضح من بين كتفيها. ففي هذه الشوارع البيضاء المتشابكة، ذات الشرفات الزجاجية، غمرها شعور بالحنين، فقد كانت نسيت كم أحبت هذه المدينة البهيجة المليئة بالنشاط، والتي أقيمت على هذا الرأس البحري. لقد كان ثمة الكثير مما سبق وظنت انها نسيته، الحسن منه والسيىء، فلم تعد ذكراه تؤلمها بشيء. وكادت تعود ادراجها هاربة بعد إذ وقع بصرها على البوابة الحديدية المزخرفة التي تكاد تسد الشارع الضيق، وتمنت لو كانت استمعت إلى نصيحة توم في ان تكلف محامياً بكل شيء، ولكنها قاومت هذا الدافع، كما اعتادت ان تقاوم كل
مخاوفها أثناء الأربع سنوات الماضية. كان جسدها النحيل، في الطقم الكتاني البني اللون الذي كانت اختارته للسفر، متوتراً مليئاً بالعزم والتصميم، فهذا لم يكن سوى منزل، وإن يكن أجمل منظراً من الكثير غيره ولكنه مع ذلك، مجرد منزل لا أكثر. وكان يلي البوابة باحة واسعة يأتي بعدها سقف عتيق معقود من الحجر، ثم بعد ذلك، الحدائق تظللها أشجار المانيولا المزهرة حيث بإمكانها أن تجلس في انتظار عودة زوجها من مكتبه الفاخر في المنطقة التجارية خلف الأسوار الأثرية التي تحيط بالمدينة.
كما أن بإمكان أن ان تحضر لها صينية شاي. ولم تكن تصدق ان من الممكن أن تكون صديقتها الاسبانية العجوز قد تخلت عن عملها في إدارة منزل كريس. ذلك ان أن كانت، منذ أربع سنوات، تحكم سيطرتها على إدارة المنزل بيد من حديد في قفازين من المخمل. وكان لآن لسان سليط وقلب أسد، ولكنها أحبت انجيلا، والتي كانت عند قدومها بريئة إلى درجة مؤلمة. فقد كانت في التاسعة عشرة عندما أحضرها كريس عروسأله، بينما مظهرها وخبرتها كانتا تماثلان فتاة في العاشرة كما سبق وأشارت إلى ذلك خالتها ليلي ذات يوم. ولكنها ذكرت نفسها، وهي تدفع البوابة الحديدية، بأن هذه لم تعد هي المشكلة. ذلك أن سنة من الزواج أحدثت بها الكثير ولكنها لم تحطمها، لأنها عادت، بمساعدة خالتها ليلي، تستجمع شتات حياتها، لتخفي من ذهنها كل أثر لزوجها كريس وأفعاله، وتبرز إمرأة في الرابعة والعشرين لا يمكن أن يستغفلها أحد.
لم يكن كريس يعني، بالنسبة إليها، شيئاً الآن. حتى انها لم تكن لتهتم بأن تكرهه نتيجة لما فعله معها. وهكذا، بدلاً من أن تشعر بالتوتر والعصبية، عليها أن تركز اهتمامها في ما أنجزته في رحلتها تلك لاكمال شفاء نفسها. وعندما يعود هذا المساء، ستكون هي في انتظاره، وستعرض، بكل هدوء، ما جاءت لأجله. وفي اللحظة التي تحصل فيها على موافقته، وطبعاً لن تكون هناك مشكلة بالنسبة إلى ذلك، ستعود إلى انكلترا وتوم وعملها، متطلعة إلى يوم زفافها في الخريف القادم. اجتازت الباحة بسرعة دون اهتمام بجوها الذي يعبق فيه شذا زهر البرتقال، لتدخل القاعة الواسعة الباردة شبه المظلمة ذات الأرض الرخامية والجدران المغطاة بالخشب المزخرف.
بدا الحزم على وجهها الصغير في محاولة للتخلص " من إغراء هذه البلاد وشعبها وهندسة بيوتها والذي امتلك مجامع قلبها في الماضي. لن يحدث ذلك مرة أخرى بعد ان ادركت ان المظاهر هي غالباً خداعة، وان الناس يكذبون، وان الألسن المعسولة قد تقول اشياء لا تعنيها. ستنتظر في مكان ما دون الحاجة إلى إزعاج آن فـي وقت القيلولة هذا. وضعت حقيبتها بجانب أحد الجدران وأذناها تلتقطان صوت حفيف ثياب، وأنفاس تقترب، ومن ثم تجمدت في مكانها وهي ترى كريس أمامها وهو يقول بصوت أجش: «وهكذا عدت في النهاية.» لم تكن قد توقعت رؤيته بهذه السرعة. كانت اهدابه
الكثيفة السوداء مسئلة فوق عينيه تخفي ما بنفسه، بينما قميصه الأبيض يزيد من سمرة بشرته وسواد شعره الحالك. لقد أنساها مرور السنوات مدى تأثيره عليها. كان يجب عليها أن تتذكر ذلك، وتستعد له. أرغمت نفسها على التحديق به وقد بدا التحدي في عينيها العسليتين، محدثة نفسها بأن جمال المظهر لا يعتد به. ذلك أن عينيه السوداوين الحادتين المتألقتين، وتقاطيع وجهه الوسيمة إلى درجة غير عادية، كل ذلك قد أدار عقلها الساذج عندما وقعت عيناها عليه لأول مرة منذ خمس سنوات. - ولكن رؤيتها ازدادت وضوحاً الآن... وها هي ذي تراه بوجهين الخير والشرير معاً... وجه رجل بإمكانه أن يقتل أخاه بكل بساطة، وأن يستل من روحها براءتها، وذلك بكبريائه، فيستغلها ثم يغدر بها دون أن تطرف له عين. أجابته محاولة أن لا يبدو عليها الخوف وهو يقترب منها بخفة الفهد: «جئت لمدة نصف ساعة فقط، ولن احتاج لأكثر من ذلك.»
ابتسم بفتور وهو يقول: «ان مما يشرفني جداً أن تتكبدي كل تلك النفقات في السفر، والعناء في ترك بيتك في وسط انكلترا، کاستون هورم، ويا له من اسم غريب، وذلك في القدوم إلى هنا بالطائرة فقط لكي تمضي معي نصف ساعة، لا غير... انه حقا شرف بالغ.» سألته وقد تملكها الذعر والذهول: «وكيف علمت بمكان إقامتي؟» أجاب ببرود: «إذا كنت تظنين أن من الممكن أن أدعك

تحميل الرواية من هنا

الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع