الفصل الأوَّل
امتزجت أشعة الشمس الذهبية بنسمات البحر المنعشة ليتشاركا معا في خلق مناخ رائع في تلك البقعة من مدينة ( الإسكندرية ) و التي تشتهر بالصيد الوفير و الأسماك المتنوعة الأشكال و الأحجام في ( أبو قير ) ..
و كان الصيادون قد تأهبوا للعودة إلى منازلهم بعد رحلة صيد موفقة ، محملين بكميات وفيرة من الأسماك التي اصطادوها في هذا اليوم من أيام شهر أغسطس ..
و قد بدا ( يوسف ) أكثرهم بهجة و سعادة بما حملته شباكه من صيد بعد جهد يوم شاق قضاه في البحر منذ الساعات الأولى للفجر ..
و من فرط سعادته بهذا الرزق الوافر تملكته رغبة عارمة في أن يسبح في الماء قبل عودته إلى الشاطئ ..
بينما تطلع غليه زميله من فوق سطح القارب و هو يسبح قائلا :
ـ لابد أنك مجنون .. ألم تكفك مشقة الصيد طوال اليوم و ما بذلناه من جهد منذ الساعات الأولى للصباح لتسبح أيضا ..
ابتسم يوسف و هو عائم على ظهره قائلا له :
ـ و من قال إن في العوم مشقة ؟ بالعكس هو بالنسبة لي راحة و متعة لا تضاهيها أي متعة أخرى ..
ـ لكن لا وقت لدينا لذلك ، فالتجار في انتظارنا على الشاطئ الآن لشراء الأسماك .. ثم إن التيارات شديدة هنا ..
قال له قبل أن ينقلب على وجهه مواصلا سباحته :
ـ ساعوم حتى الجزيرة الصخرية .. ثم ألحق بك ..
لم يستطع زميله أن يثنيه عن عزمه .. و قبل أن يكمل حديثه كان قد شق طريقه في الماء متجها صوب الجزيرة ..
كان الرجل بارعا في السباحة و عاشقا لها .. يجيدها منذ الصبا .. لذا لم يجد صعوبة كبيرة ، رغم شدة التيارات الهوائية ، في الوصول إلى الجزيرة خلال وقت قصير ..
و كانت الجزيرة كما يدل عليها اسمها ، منطقة شديدة الوعورة ، و تزدحم بالصخور ذات الأحجام و الأشكال المختلفة و التي يمتد بعضها إلى داخل مياه البحر ..
و هي صخور حادة مدببة تتخلل بعضها الأعشاب البحرية .. و بعضها كان زلقا لزحف الأمواج عليه