زهرة لفرجينا

الفصل الاول
البوسادا دون كريستوبال" قال السائق الذي يرتدي الزي الرسمي و هو يتشدق بكلامه ، و كان يشير إلى الجدران التي تعلوها الأسلاك الشائكة ، ثم اضاف بتعالي . "كل هذا هو البوسادا دون كريستوبال " توقفت السيارة الكاديلاك امام السياج الحديدي ، واطلق السائق زمور سيارته ، فأسرع حارسان ليفتحا الباب، ثم دخلت السيارة في الممر الطويل ، و كانت الشمس قد غابت ، و لكن المصابيح الكبيرة المنتشرة في الحديقة كانت تضيء كل المكان . في آخر الممر ظهر بناء كبير يعود للعصر الكولوني ، و كانت اعلام كل البلاد ترفرف فوق ابراجه العالي ، رأت فريجينا الازهار تزين المدخل ، و النوافذ المرتفعة ، وحوض السباحة الذي تتلألأ مياهه تحت نور المصابيح في الظلام . "رائع" قالت فرجينا بدهشة . "رائع جدا " قال جونثان باعجاب شديد "اشعر انني في إجازة لا بد أننا محظوظان لأننا أرسلنا إلى هنا " "إجازة ؟ أتعتقد أن وظيفة متمرن مريحة جدا ؟ سيطلب منا غريغ دوننغ أن نبدأ العمل بسرعة ". "أولا لا شيء يثبت أن كريغ دوننغ موجود في المكسيك الآن، ثانيا . مالك فنادق فايف ستارز سيهزأ كثيرا من متمرنين صغيرين مثلنا ". و كان جونثان بيرنت و فرجينا سبرنغيل قد أنهيا دراسة الفندقية في جامعة كورنيل ، أشهر جامعات الولايات المتحدة و التدريب الذي سيقومان به الآن يتمم دراستهما ، و عندما علما أنهم ينتظرونهما في البوسادا دون كريستوبال ،في كيرنافاكا ، كادا يطيران من الفرح ، فالمكسيك أكثر إثارة من مدينة صغيرة في ميسوري أو في داكوتا. توقفت الكاديلاك امام مكاتب الاستعلامات التي تشرف على بهو كبير ، و كان خلف البار يتجمع حشد غفير ، الرجال ببدلات السموكن ، و النساء بأثواب السهرة الرائعة ، اعضاء في الجت سيت ، فنانون و عدد كبير من الامريكيين . و كانت الأوكسترا تعزف لحنا جميلا ، و المطرب كان ذا شوراب طويلة مكسيكية ، و الفرقة كانت مؤلفة من طبلين و فيولان و عدة غيتارات . "تعجبني هذه الموسيقى كثيرا " قالت فرجينا ، لدي شريطا كاسيت لفرقة المارياشيت في المنزل" . هبت نسمة هواء داعبت شعلات الشموع و حملت معها رائحة الزهور و الأعشاب ، و كان الخدم يتنقلون بين الزبائن في البار و في الصالة الكبيرة التي يقام فيها حفلات الكوكتيل . "ياله من ديكور رائع" تمتمت فريجينا . "إنه الفخامة عينها ". "أنه وجه المكسيك الآخر ، الخاص بالأثرياء" قالت بصوت منخفض . "أنا أفضل هذا الوجه، أرجوك ، دعينا من خطابات الأخلاق...". لم يكن من طبيعة الفتاة أن تحتفظ بأرائها لنفسها ، منذ ساعات قطعت هذا البلد من أوله إلى آخره ، في ناحية وجدت الغنى الفاحش المختبئ خلف جدران الفيلات الفخمة و لقد مر بهما السائق عبر شوارع و أزقة تدل على الفقر المدقع ، هذه الصورة بددت فرحها بزيارة هذا البلد ، وكانت فرجينا فتاة رقيقة لا يمكنها أن لا تبالي بمثل هذه الفوارق الأجتماعية... الفتاة التي كانت في مكتب الاستقبال ، كانت أمريكية جميلة ، استقبلتهما بحرارة . "أوه المتمرنان من جامعة كورنل ، أنا أدعى كورال ، و أنا نفسي كنت طالبة في كورنل ، و ارسلت للتدريب هنا ، و لا أزال منذ عامين... يبدو أن الإقامة هنا جيدة" أضافت ضاحكة . ثم عادت إلى جديتها و استقبلت زبونتين امريكيتين مسنتين. اتجه نحو مكتب الاستقبال شاب مكسيكي يرتدي بدلة سموكن بيضاء ، فاعتذرت كورال من زبونتها و نادت على السيد مارتينيز . "سنيور مارتينيز ، لقد وصل المتمرنان الجديدان " و التفتت نحوهما و اضافت " إنه السنيور مارتينيز مدير البوسادا ". مد جونثان يده نحو المكسيكي . "جونثان بورنت، و هذه فرجينا سبرنغيل". كان أرتور مارتينيز بالكاد يصل إلى كتف فرجينا ، و هذا لم يمنعه من أن يتأملها باعجاب ، بالنسبة لهذا الرجل القصير الأسمر ، تعتبر هذه الفتاة الشقراء ذات العيون الزرقاء بالنسبة له حلما لا يمكن بلوغه . "تفضلا إلى مكتبي ، لو سمحتما " قال المكسيكي ثم التفت نحو خادم يرتدي زي الخدم و اضاف "باكو ، أنقل حقائبهما إلى الغرف التي ستعطيك أرقامها كورال " أمره بلهجة إسبانية سريعة بالكاد فهمتها فرجينا . كانت قد درست القليل عن هذه اللغة قبل مجيئها إلى المكسيك ، تبعا السيد مارتينيز في ممر طويل يبدو أنه مخصص للإدارة و قرأت بوريتا لوحة على أحد الأبواب " المحاسبة " و قرأت على أخرى "أرتور مارتينيز المدير " و في آخر الممر قرأت لوحة تحمل اسم "غريغ دوننغ". "السيد دوننغ موجود هنا؟ " سألته الفتاة . "لا، نحن لا نراه كثيرا ، في كيرنافاكا" أجابها المدير بفخر " عندما يكون فندق كبيرا يعمل بدون صعوبات ، فالسيد دوننغ لا يزوره إلا نادرا ، لماذا يضيع وقته في البوسادا حيث يسير على ما يرام ؟ أنه الأن في بورينو ، لديه صعوبات كبيرة في افتتاح فندق دوننغ فايف ستار السابع و الأربعين ". "السابع و الأربعين ؟" سأله جونثان بدهشة و إعجاب. "نعم" أجابه أرتور و هو يدفع باب مكتبه " بالنسبة لشاب يريد النجاح ، فنادق دوننغ تقدم إمكانيات عديدة ". جلس جونثان على كنبة جلدية و جلس المدير وراء مكتبه الكبير الفخم . "تفضلي بالجلوس آنسة " و بدأ السيد أرتور بالحديث باللغة الإنكليزية المطعمة باللهجة الإسبانية .

تحميل الرواية مكتوبة

تحميل الرواية مصورة