و كان الصيف

وكان الصيف..ريث لانغن ..عبير الجديدة
الملخص
وحيدة, ودون مال, سرت بيلي كثيرا بوظيفة السكرتيرة التي عرضها كاتب السيناريو " كنت تايلور" ولكن بعد رحلة السفر المتعبة, لم تلق الاستقبال الذي كانت تتوقعه. "انت, سكرتيرتي؟ ولكني كنت قد طلبت رجلا! حتى الان هذه اول مرة اسمع بفتاة تدعى بيلي" ورغم عدوانيته, وخلال فصل الصيف ,وقعت في حبه,لكن ماهو سره؟لماذا يعيش منفيا في هذه الجزيرة؟
الفصل الاول
كان المطر يتساقط غزيرا, وبيلي تحاول ان تميز طريقها. كان ذلك مستحيلا, فحولها الظلام التام يمزقه بين الحين والاخر لمعان البرق, للمرة العاشرة, حاولت ان تدير مفتاح الكونتاك, لاشيء. لابد ان البطارية لاتعمل, ماهذا النحس! وبيأس شديد, اخذت تفكر بحل , فالوضع يتفاقم مع كل لحظة اكثر واكثر.... على كل حال, الذنب ذنبها اذ وجدت نفسها وحيدة في ظلام الليل, وعلى طريق خالية! لقد مرت منذ ساعتين بمدينة صغيرة, كان يجب ان تتوقف فيها وتقضي الليلة في احد فنادقها ثم تستأنف رحلتها في صباح اليوم التالي مرتاحة ونشيطة, كانت قد غادرت نيويورك مع الفجر قاصدة النوبزنسويك, في كندا.لايزال امامها عدة كيلومتراتوهي لن تستطيع المتابعة, كم هي غاضبة من نفسها. وقبل سقوط المطر, تمكنت بيلي من التمتع بجمال المناطق التي مرت بها. وخاصة المناطق الخضراء حول نهر سان لوران.وكانت المناظر الرائعة قد جعلتها تنسى تعبها. وكان لكل قرية كنيسة صغيرة وساحة محاطة بالمنازل الصغيرة المنتشرة بين الصخور الحمراء. كما وان بيلي نسيت فورا ضجيج المدينة وازدحام الشوارع وابواق السيارات. تركت كل هذا خلفها لتكتشف هدوء وجمال النيويرنويك....ولكن الان ومع هذا المطر الغزير, ومع سيارتها المعطلة, شعرت بيأس قاتل. لاتظهر اية بلدة على مرمى نظرها...هذا سؤ حظ كبير... اشعلت مصباح الجيب وفتحت الخريطة... يبدو انها لاتزال بعيدة عن المرفأ الفين,اخر محطة في رحلتها , ومن هناك, تستقل سفينة الركاب الى هيدان ايسلاند, الجزيرة الضائعة,وتصل اخيرا الى هدفها, ماذا افعل الان؟ اتحاول الوصول الى المدينة سيرا على الاقدام, ام تنتظر على امل ان تمر سيارة من هنا؟لكنها لم تلمح خيال سيارة منذ اكثر من نصف ساعة! يجب ان تتخذ قرار, فالعاصفة قد تشتد اكثر يالها من ملابس لمجابهة ليلة كهذه!كانت قد اشترت هذا الثوب بالامس فقط, وهو يتناسب بلون الزهر الفوشيا مع شعرها الاسود وعيونها اللوزية, ورغم ثمنه المرتفع الذي يفوق امكانياتها , اشترته على امل ان تنال اعجاب رئيسها الجديد, ولكن من المستحيل ان تخطو خطوة واحدة في هذه الطريق بهذا الثوب وبصندلها العالي الكعبين. فانحنت على المقعد الخلفي وبحثت في حقيبتها.بعد دقائق،وبجهدكبير، نجحت في ارتداء بنطلون جينز وقميص قطني وانتعلت اسبدرين رياضي. لم يكن معها مظلة تحميها من المطر، ومن المتسحيل ان تحمل معهل حقيبتها الثقيلة. يجب ان تترك كل شيء في السيارة. وبسرعة. جمعت بعض الضروريات كالملابس الداخلية وشورت وقميص اخر واوراقها الثبوتية . وضعتها في حقيبة صغيرة وتفحصت الخريطة مليا قبل ان تفتح باب السيارة. تأملت الطريق قليلا،وبعد تردد قليل، خرجت في الظلام وكأنها ترمي نفسها في الماء المثلج. وبلمح البصر، تبللت بالمياة من رأسها حتى اخمص قدميها. والتصق شعرها الطويل بخصلاته المبللة على وجهها. اعماها المطر، فأخفضت رأسها وتقدمت في سيرها. وصلت الى تقاطع طرق، فقرأت اللوحة وسلكت اتجاه اليسار نحو المرفأ الغين، لايزال امامها ثلاث كيلومترات! هيا، تشجعي ، قالت لنفسها، ولكن صوت الرعد القوي جعلها تنتفض مذعورة وتسقط في حفرة مليئة بالماء، يا الهي،لم يكن ينقص سوى هذا! واصبح حذاءها يشبه مركبين في وسط بحيرة يحيط بهما الماء من كل جانب. وحقيبتها التي امتلأت بالماء، اصبحت تثقل كتفها وتؤلمه. ولكن مالذي دفها لمغادرة مدينتها ومحيطهاالمألوف لتضيع في هذه المنطقة الخالية من كندا. كانت حالة الطقس تشبة حالتها الفكرية.هل المنطق هو الذي دفعها لمغادرة نيويورك؟ انه الحاجة للمال، بكل بساطة، كيف تعوض عن فقدان جدها الذي تركها منذ مدة ليست ببعيدة. ابتسمت بمرارة ، للاسف لايمكنها ان تعتمد سوى على نفسها، بالنسبة لكل شيء. فهي وحيدة في هذا العالم، منذ وفاة جدها في السنة الماضية، فوجدت نفسها تحتفل بعيد ميلادها الثالث والعشرين وحيدة بدون عائلة... فسالت الدموع على وجهها وامتزجت بالمطر. جدي، جدي كم كنت احبك... مسكين جدها! كان يعتقد انه امن لها كل شيء قبل اختفائه. وكان قد اوصى لها بكل ماكان يملكه مع انه لم يكن بالشيء الكثير. عاشت بيلي معه عدة سنوات دون ان يلمح لها عن وجود اخوة له ... ولكن ما ان علن خبر وفاته، حتى حضر رجل يحمل دليلا قاطعا على انه اخوه، وعلى ان ميراث جدها كله اصبح ملكا له وبعقد بيع شرعي موقع منه منذ اربعة اعوام ... وكانت بيلي قد تحققت من عقد البيع واستشارت محاميا، وللأسف كانت الاوراق صحيحية ، ولا يمكن لبيلي ان تفعل شيئا حيال ذلك، فاضطرت للاستسلام. الاشهر التالية، علمتها مواجهة قسوة الحياة وعدم الشكوى. الماضي قد مضى. ويجب عليها الان ان تنظر الى المستقبل فقط. فهي لاتزال شابة تنبض بالصحة والعافية والذكاء. قررت ان تعتمد على نفسها،والعمل لايخيفها، وكان جدها قد ترك لها رغم كل شيءميراثا ادبيا لايمكن لاحد ان يسلبها اياه. انه الفكر المتقد، وعادة الاعتماد على النفس والمزاج والمرح والميل للضحك. انها صفات لاتقدر بذهب العالم كله. وبدأت البحث عن عمل، ففي نسيان الماضي، كانت تستقل الباص لان سيارتها كانت معطلة،فوجدت صحيفة يومية نسيها احد الركاب، وعندما تصفحتها، لفت نظرها اعلان"نبحث عن سكرتيرة ذات خبرة، ومستعدة لقضاء فصل الصيف في جزيرة معزولة . في كندا". الراتب المعروض بدا لها مغريا بالنسبة للراتب الذي تكسبه في فيرفيلدا اكادمي، مدرسة الصبيان حيث تعمل بيلي سكرتيرة في الادراة. وتتابع دروسها الليلة ، وفي الصيف، كانت تعمل في منتجع لقضاء الاجازات في شمال الولاية. ولكن هذا الراتب لايبلغ ربع المبلغ الذي يعرضه هذا ااعلان. واذا قبل طلبها لهذه الوظيفة، ستتمكن اخيرا من شراء سيارة جديدة. وفي نفس اليوم، طبعت رسالة ترشيحها لهذه الوظيفة، وبعد شهر ،وصلها الرد. لقد قبل طلبهاوارفقت الرسالة بخريطة تدلها على الطريق التي ستسلكها حتى الجزيرة هيدن. سرت بيلي كثيرا بهذا الخبر، المغامرة، والتجديدوفي النهاية مبلغ كبير من المال.اما الآن ، فهي تسير تحت المطر الغزير وبظلام الليل، وبدأ المستقبل يبدو لها اقل رومانسية،الوحل يملأ الطرقات، واصبحت تجد صعوبة اكبر في التقدم الى الامام. وفجأة لمحت من بعيد انوار ضعيفة. مرفأ الغين، واخيرا!لقد نجحت بقطع الكيلومترات الثلاثة.فحملت الحقيبة باليد الثانية،وسرعت خطاها. بين المنازل الاولى، رأت دكان مظلما، فقربت انفها من الزجاج ... لا احد ...فتابعت سيرهاالى ان وصلت الى محطة للوقود. " مساء الخير، انسة انه طقس سيء لايناسب التنزه" قال لها الرجل بلهجة كيبيكية. "اوه! الحمدلله انت لم تقفل حتى الان!" واخيرا وجدت احدا! كانت بيلي سعيدة جدا برؤية كائن بشري في هذه المنطقة في آخر العالم لدرجة انها كادت ان تتعلق بعنقه. وكان المطر يزاداد اكثر واكثر, والرجل في متوسط عمره، فدعاها للدخول، احست بيلي فجأة بأنها ستقع من التعب، فتركت حقيبتها في الزاوية، ورمت نفسها على كرسي قديم. "تعطلت سيارتي على بعد ثلاثة كيلومترات من هنا اعتقد انها البطارية.... ايمكنك اصلاحها؟" "بامكاني المحاولة، انا صاحب محطة الوقود الوحيد في هذه المنطقة"قال الرجل مبتسما. "لكن جاري ميكانيكي بارع سنرى ماذا يمكننا ان نفعل لك صباح غد الى اين انت ذاهبة؟" كان الرجل يكلمها ويتأمل قامتها الرقيقة، وكان يبدو عليها انها تزور المنطقة للمرة الاولى، ومن لهجتها يعرف المرء فورا انها اميركية. "انا ذاهبة الى جزيرة هيدن. اتعرف اين تقع؟" "انها على بعد كيلومترين في البحر. لكنك تأخرت على موعد اخر سفينة لنقل الركاب. لقد انطلقت الفاري منذ ساعة". "اوه لا!" صرخت بيأس . ووكانت رسالة استخدامها قد حددت لها مواعيد انطلاق الفاري. لكنها لشدة حماسها لم تهتم بهذا الامر. "ايوجد مكان في هذه المدينة يمكنني ان اقضي الليلة فيه؟" سألته بقلق. ولكن عندما رأت الرجل يحك رأسه مفكرا ، شعرت بمزيد من اليأس "يوجد فندق صغير ، لكنه ممتلئ في مثل هذا الموسم السياحي... لكن لاتقلقي، انسة". وكان قد لاحظ ارتباكها ، فأسرع يطمئنها. "سأتصل بجو. وانا متأكد انه سيوصلك الى جزيرة هيدن بمركبه". وبينما دخل الى الغرفة المجاورة ليستعمل الهاتف ،حاولت بيلي ان تسيطر على توترها وتصلي للسماء كي يقبل جو. انها بأمس الجاجة له، فامكانياتها المادية لاتسمح لها باستئجار غرفة في الفندق. عاد الرجل بعد دقائق والابتسامة تنير وجهه. "ليس عليك سوى ان تسلكي هذا الشارع ثم تنعطفي يسارا، فتصلين الى رصيف المرفأ، ستجدين مركبا كبيرا، لن تتوهي عنه ، لان جو يضيء الانوار.انا آسف لانني لا استطيع اصطحابك بسيارتي، ذلك لانه لايمكنني ترك المحطة..." "بالتاكيد.... انت تعلم ، قليل من السير ايضا لن يؤثر بي ، فملابسي مبللة كثيرا!" "بامكانك ترك مفاتيح سيارتك، وسنذهب غدا لاحضارها الى هنا". --------------------------- الفصل الثاني: "هذا لطف منك، شكرا... ولكني لا اعلم متى سيمكنني ان اعود".قالت له وهي تناوله المفاتيح،ثم ترددت قليلا،وهزت كتفيها واضافت:"اذا كانت البطارية بحاجة للتغيير،فافعل،وانا بحاجة لسيارة اعود بها الى نيويورك، سأدفع لك الحساب فور تمكني من العودة الى المدينة. ولكن اذا كانت السيارة بحاجة لاصلاحات اخرى، افضل ان تعلمني بالامر قبل ان تفعل.... لا اعتقد ان امكانياتي تتحمل كثيرا من المصاريف" قالت له ممازحة، ربت الرجل على كتفها عندما لاحظ ارتباكها. "لاتقلقي، انسة، اكتبي لي اسمك على هذه الورقة،لايوجد هاتف في جزيرة هيدن.سأنتظر مرورك شخصيا لتطلعيني على قرارك،اذا كانت مشكلة السيارة كبيرة". كتبت بيلي ملاحظاتها،ثم مدت يدها نحو الرجل. "شكرا لك ، سيد...." "غانيون،الفونس غانيون". "شكرا سيد غانيون. انا ادعي بيلي اندرز". "عمت مساء انسة اندرز. اتمنى لك حظا موفقا هنا!". "عمت مساء انسة اندرز.اتمنى لك حظا موفقا هنا!" من جديد عادت بيلي للسير تحت الامطار، والهواء البارد يعصف بشدة، وما ان وصلت الى رصيف المرفأ، حتى ثنت انفها: ان رائحة شهية تصل الى انفها،انها رائحة السمك،بالتاكيد. لكنها تجاهلت هذه الرائحة رغم احساسها بالجوع الشديد . وبحثت عن المركب الذي كلمها عنه السيد غانيون. وقبل ان تشاهد المركب،اقترب منها رجل وحمل حقيبتها وساعدها على الصعود الى مركبه. "مساء الخير ،انسة، انت تريدين الذهاب الى جزيرة هيدن. اليس كذلك؟" "نعم، واكون ممتنة لك اذا اوصلتني بأسرع وقت ممكن" اجابته مبتسمة. كان الهواء قد خف، لكن المطر لايزال غزيرا، وبيلي ترتجف. فرفع الرجل احد المقاعد، واخرج منه حراما صوفيا ناوله لها. "تفضلي انسة، لفي هذا حولك، الطقس بارد وقد تكون الرحلة قاسية بهذا الوقت". جلست بيلي على المقعد، وغطت نفسها بالحرام .لم يكن يوجد غرفة في هذا لمركب، وليس امامها سوى ان تتجمل بالصبر. وتصلي للسماء كي لاتطول هذه الرحلة.... وكي تلهي نفسها اخذت بيلي تفكر بعشاء ساخن وبحمام دافئ وبسرير مريح ينتظرها في اخر هذه الرحلة. انطلق المركب ببطء، ولكن ما ان خرج جو العجوز من المرفأ حتى اطلق العنان لمحركه. فارتج المركب وارتفع ضجيج المحرك واقتحم المركب الامراج، احنت بيلي راسها بين كتفيها، وشدت الحرام حولها. ومع كل اهتزاز كانت معدتها تقفز في بطنها... وامسكت المقعد بيديها محاولة الحفاظ على توازنها.. ولم تعد تفكر سوى بشيء واحد: الوصول الى اليابسة، وبأسرع وقت ممكن ، قبل ان .... كيف يمكن للعجوز جو ان يقود مركبه بهذا الطقس؟ واخيرا وصل المركب الى الجزيرة الغارقة في الظلام. فقطنور واحد يلمع في البعيد عندما توقف المحرك، احتاجت بيلي بعض الوقت لتتأقلم مع الصمت الجديد. ذ" الا يوجد منازل اخرى سوى منزل السيد تايلور". "اهو ذلك المنزل المضاء هناك؟". "نعم، هل ينتظرون وصولك نعم ... لكنهم لا ينتظرون وصولي هذا المساء ... كان يجب ان اصل صباح غد". حمل الرجل حقيبتها وقفز الى الرصيف لخشبي، ثم مد يد نحوها " هل سترافقني؟" سألته بقليل من الامل. "لا، انسة ، سأتركك هنا"، وعاد الى المركب. "ليس عليك سوى ان تسيري مباشرة نحو الضوء. وانتبهي اين تضعين اقدامك. الظلام شديد...." "كم تريد ايجار هذه الرحلة؟" "لاشيء، تصبحين على خير ، انسة ". " شكرا لك ". ارتفع صوت المحرك في الظلام الى ان بدا يخف تدريجيا. حملت بيلي حقيبتها وبدا لها انه لايوجد طريق ، لاشيء سوى اعشاب مبللة واشجار.... تحسست طريقها، وفجأة غارت الارض تحتها، وغرزت قدمها ووجدت نفسها في الوحل حتى ركبتيها. وقعت حقيبتها من يدها. ولم يكن بامكانها ان تر ابعد من خطوة واحدة. فحركت يديها في الهواء على امل ان تمسك بشيء ما . وبسرعة امسكت بغصن شجرة منخفض. لشدة خوفها، تذكرتحكايات سمعتها في طفولتها: حكايات مخيفة عن رمال متحلاكة... فحاولت ان لا تتحرك للحظات طويلة. وعندما تأكدت انها لا تغوص اكثر ، حاولت النهوض ممسكة بالغصن الى ان نجحت في الخروج من هذه الحفرة. ثم حملت حقيبتها وتقدمت في الظلام. كانت تشعر بان الاشجار تقترب منها متخذة خيالات مخيفة، والهواء يعصف بين الاغصان، فاحست بيلي بان عظامها ترتجف بشدة. بعد قليل، بداالضوء اقرب . الحمدلله، لقد وصلت اخيرا. اقتربت اكثر ، وشمت رائحة الدخان. رائع! نار المدفأة بالتأكيد...الدفء، الملابس الجافة، السرير المريح...لقد وصلت وانقدت نفسها! تسلقت درجات السلم، ودقت على الباب الخشبي الكبير. بعد لحظات من الانتظار فتح الباب. "من؟" سأل صوت حاد وعميق. وظهر رجل طويل امام الباب. رمقها الرجل بنظرة حادة، يبدو ان بيلي ازعجته وهو لم يحاول اخفاء غضبه. تأملها بصمت، ولاحظ خصلات شعرها الملتصقة بخديها، وملابسها المليئة بالوحل. "انا.... انا هنا من اجل العمل ...." قالت له متعلثمة. "اسف. هذا ليس مكتب توظيف للعاطلين عن العمل ، كيف وصلت الى هنا؟ سباحة؟" سألها باشمئزاز وهو ينظر الى ملابسها المتسخة بالوحل. "ام انك كنت تحاربين؟؟" اضاف باحتقار. نظرت بيلي اليه بيأس عندما رأت انه يحاولاقفال الباب بوجهها. "ايه انتظر لحظةّ! لقد جئت من اجل الوظفية . امنحني فرصة لاريك الرسالة!" وفتحت حقيبتها بحثا عن اورقها، ثم نظرت اليه وعلامات النصر على وجهها." "هاهي، بامكانك قراءتها!" سحب الورقة من بين يديها واستدار لجهة النور ليلقي نظرة عليها. تأملته خلسة ولاحظت ملامح وجهه القاسية. شعرت امامه بالضعف...كانت ذقنه طويلة وكانه نسي عادة الحلاقة. له جبهة عريضة، وقد لوحت الشمس بشرته،وكان يرتدي قميصا مجعوكا وبنطلون جينز قديم. بعد لحظة ، رفع رأسه ونظر الى بيلي وكأنه لايصدق عيونه. "انت بيلي اندرز؟" "نعم " رفعت رأسها بتحد. الان ، قد يقرر ان يسمح لها بالدخول. لكنه بدل ذلك، اعاد اليها الرسالة. "كيف وصلت الى هنا؟" " وصلت على متن مركب جو العجوز". هل رحل؟" "نعم... بعد ان دلني على الطريق لماذا؟" فابتعد وقطب حاجبيه اكثر وسمح لها بالدخول. "حسنا... يجب ان تقضي الليلة هنا. لايوجد وسيلة اخرى تعودين بها الى المدينة في مثل هذه الساعة.... سأشير للفاري كي تتوقف وتصطحبك صباح غد". "لاصطحابي! انا لا افهم شيئا". ووضعت حقيبتها في المدخل واسنانها تصطك من البرد. في زاوية الغرفة،كانت النار تتأرجج في المدفأة، فنظرت بيلي اليها طويلا... بدا على الرجل انه قرأ افكارها. "يجب ان تبدلي ملابسك"قال وهو ينظر الى حذائها الملئ بالوحل."اهذا كل ما تحمليه معك؟"سألها وهو يشير الى حقيبتها الصغيرة. "نعم، لقد تعطلت سيارتي على الطريق قبل وصولي الى مرفأ الغين، فاضطررت لترك امتعتي فيها". "اتبعيني من هنا". وسار امامها الى ان وصل الى احدى الغرف واشار الى الحمام المجاور. "الافضل ان تأخذي دوشا. سأبحث لك عن شيء ترتدينه". وامام باب الغرفة عاد والتفت نحوها. "متى تناولت الطعام اخر مرة؟" "لست ادري. هذا الصباح بدون شك..." ولم تكن قد تحركت وقد اربكها برودة استقباله لها. "ساعد لك شيئا سريعا". ثم خرج واغلق الباب وراءه. ظلت بيلي مسمرة مكانها مضطربة . لماذا هذا الغضب؟ لقد ازعجته بوصولها؟ هل قطعت عليه... ولكن لا ، لقد كان وحده في المنزل . هل ايقظته من نومه؟ هناك انس يكونون بمزاج متعكر جدا اذا ايقظهم احد من نومهم فجأة... على كل حال، بالحكم عليه من خلال ملابسه،لايبدو انه كان ينتظر احد مهما هذا المساء! ولكن اذا كان حارس المنزل فقط؟ في هذه الحالة، قد لايكون يرغب برفقتها حتى عودة صاحب المنزل. فكرت بيلي بهذه الاحتمالات ثم هزت كتفيها... ستعرف كل شيء لاحقا,ثم دخلت الى الحمام, وخلعت ملابسها المبللةووقفت تحت الدوش وتنهدت بعد ان شعرت بالتحسن. عندما خرجت , وجدت روب حمام ينتظرها على السرير. لكن مقاسه كان كبيرا جدا عليها. نشفت شعرها بالمنشفة ثم ارتدت الروب ولفته جيدا حول جسدها... نظرت الى المرآة...اوه, منظر مخيف... انها اشبه بالاقزام السبع! رائحة القهوة ارشدتها الى المطبخ. لكنها ايضا شمت رائحة شيء يحترق, دفعت الباب ودخلت , فالتفت الرجل ونظر اليها دون ان يقول اية كلمة. منتديات ليلاس ----------------------------- الفصل الثالث: تأمل شعرها الطويل الرطب, جسدها الصغير المخفي تحت هذا الروب الواسع, بينما كانت قطع التوست تحترق ببطء. وفجأة , تذكرها, وسحبها بسرعة وبدا ينظفها من السواد. " هذا كل ما يمكنني ان اقدمه لك". قال لها بجفاف. وقدم لها معه البيض المسلوق الذي يشبه الحجارة... تشجعت بيلي, والتهمت طعامها بسرعة. كانت جائعة جدا لدرجة انها تسطيع ابتلاع اي شيء. قضت على طبقها , ثم اخذت تدفء يديها حول فنجان القهوة الذي شربته بتلذذ كبير, شعرت ببعض الراحة. كان الرجل لايزال واقفا قرب المغسلة يصب جام غضبه على كل الادوات التي تقع تحت يديه . نهضت بيلي. اقتربت منه ونظفت طبقها وفنجانها. " شكرا". قالت بهدوء. لم يكلف نفسه عناء الرد عليها, بل نشف يديه وخرج بسرعة. تبعته بيلي الى غرفة الجلوس.فوجدته يقف امام المدفأة يتأمل النار بوجه عابس. " اسمع, لقد لاحظت ان وصولي سبب لك مشكلة...." كيف يمكنها تمالك نفسها امام مثل هذا الرجل المتعجرف؟ اضافت بجفاف. " ولكن السيد تايلور بمكانه ان يؤكد لك فور عودته انه استخدمني". التفت الرجل نحوها بنظراته الغريبة الغاضبة, ونظر مباشرة الى عينيها دون ان يحاول اخفاء غضبه. "انا الكونت تايلور.... لكن , يا انسة انت كاذبة ومخادعة.." " عفوا؟" وحبست انفاسها. اذا هذا المتعجرف العدائي هو رئيس عملها! " لقد تفحصت طلب توظيفك بكل عناية" قال بجفاف " ولكن لم يكن فيه اي شيء يلمح الى انك امرأة". في هذا الروب الواسع, طبعا لم تكن بيلي تبدو جديرة بهذه الوظيفة... ومع ذلك , رفعت رأسها عاليا. "لا ارى اي سبب يجعل كوني امرأة غير جدير بعملي!.". " انت لا ترين , حقا؟ قد يكون بامكانك ان تشرحي لي لماذا لم تشيري في رسالة ترشيحك الى انك امرأة!" اجابها والشرر يتطاير من عينيه. " كنت قد اعطيت تعليمات صارمة لسكرتيرتي لكي تهتم بكل الطلبات. كنت اريد رجلا قادرا على تحمل قضاء فصل الصيف على هذه الجزيرة المعزولة. رجل, هل فهمت؟ لكنك لم تشيري الى انك امرأة حتى انك لست امرأة لست سوى فتاة صغيرة طائشة!" ابعدت بيلي نظرها عنه, وتقدمت بضعة خطوات نحو النافذة في الخارج, وكان الظلام حالكا, وكانت بيلي قد اعتادت منذ مدة طويلة على اسمها الغريب ولدرجة انها لم تتصور للحظة انه سيسبب اشكالا. اذا , كان يتوقع وصول رجل؟ وهي التي كانت سعيدة جدا بعثورها على عمل مثير ومختلف ... لو كانت تشك بذلك ! ثم شدت على قبضتي يديها وقالت بيأس. " انا افهم. كنت تريد رجلا سكرتيرا.... انا اسفة, لم اكن ابدا انوي خداعك, ولكني كنت اعتقد ان الاعلان موجه للجنسين.... وعندما قرأت الصحيفة, قررت فورا ان ارسل بطلبي ودون ان استفسر اكثر. هذا هو الامر بكل بساطة". وتجرأت على النظر اليه وتلقي نظراته القاسية هيا , هذا سهل جدا! جدي لنفسك تبريرا اخر الغريب بالامر , انني عندما تحققت من مركز عملك السابق, قيل لي ان الفيرفيلد اكادمي هي مدرسة للصبيان... وكيف صادف ان متجع وانواي حيث كنت تعملين في الصيف يكون مخيما للصبيان ايضا! آسف, انا لا ابتلع قصصك هذه". "حسنا, ولكن للاسف , هذه هي الحقيقة! لم اكن انوي خداعك, صدقني . انا اعمل في مدرسة للصبيان منذ ثلاثة اعوام, واقضي الصيف في منتجع وانواي وهذا كله صحيح, لايوجد اي خداع! اوه! لقد اكتفيت من رواياتك. انا متعبة جدا ولايمكنني متابعة النقاش . فكر كما يحلو لك, هذا كله سواء بالنسبة لي". رمقها بنظرة قاتلة. "انا متأكد انك ستتمكنين من ايجاد غرفتك وحدك, اسنة اندرز.سأشير للفاري كي يتوقف غدا ويصطحبك الى المدينة". وكان صوته هادئا لكنه قاطع كالسكين. "عظيم! سأرحل غدا! ولكنك ستدفع لي تكاليف سفري. سيارتي معطلة ولست املك فلسا! لقد انفقت كل ما كان لدي كي اصل الى هنا , تصور". قالت له باصرار. تخفضت راسها للحقيقة, لم يكن بامكانها حبس دموعها التي تزاحمت في مقلتيها. ساد صمت ثقيل بعد اعلانها هذا.وهربت بسرعة الى غرفتها , بينما كنت لم يتحرك من مكانه. رمت الروب السخيف على الكرسي, ونامت على السرير وغطت نفسها جيدا. ماهذا النحس!لقد افسدت كل شيء, وفات الاوان لاسترجاع وظيفتها في مخيم وانواي. ومن المؤكد انهم وجدوا بديلا لها هناك, كيف يالهي ستكسب عيشها خلال هذه الاشهر الثلاثة؟ بدون هذا العمل الذي كانت تعتمد عليه, لن تتمكن من العيش, انه سوء حظها. كما وانه لن يكون بامكانها العودة الى نيويورك لانها اجرت شقتها لشهرين عندما علمت بان طلبها قبل! كانت قد امنت بدوث معجزة عمل براتب مغر طوال فصل الصيف... ماذا ستفعل الان؟ وقبل ان تنام من شدة تعبها, لاحظت ان النور لايزال مضاء في الغرفة الاخرى. وسمعت الرجل يروح ويجيء بخطوات غاضبة كما يفعل الاسد الجائع في قفصه. استيقظت بيلي في صباح اليوم ولاول وهلة, لم تدر اين هي... وفجأة , هبت جالسة وقد استيقظت تماما هذه المرة, وعاد مشهد مساء الامس الى ذاكرتها. وكانت قبل ان تستسلم للنوم , وقد قلبت المشكلة على كل وجوهها دون ان تتوصل الى حل لها. لم يبق امامها سوى العودة. على امل ان يحالفها الحظ بإيجاد عمل مؤقت ريثما يبدأ العام الدراسي من جديد. ولكن اين ستسكن؟ على كل حال, لديها بعض الصديقات, وبقليب من الحظ, ستقبل احداهن ايوائها ريثما تخلو شقتها... وما ان وضعت رجلها على الارض حتى تعثرت بحقيبة ملابسها. ها ان النهار يبدأ بداية سيئة... فأخذت دوشا سريعا, وارتدت الشورت والقميص الذين احضرتهما معها. وتركت شعرها الطويل يسترسل على كتفيها, ثم جمعت ملابسها الموحلة وحذاءها وكانت قد لمحت من النافذة آلة لغسيل الملابس خلف المنزل. خرجت الى الحديقة, ووضعت ملابسها في الغسالة الاوتوماتيكية. بعد قليل, اخرجت ملابسها من الغسالة, وبحثت عن مكان تنشرها فيه. فلم تجد غير درابزين الشرفة واغصان الاشجار القريبة.منتديات ليلاس ---------------------------------- الفصل الرابع: ثم وضعت حذاءها الرياضي بعض ان غسلته جيدا على درجات السلم, وعادت الى المطبخ حافية القدمين, وبحثت في الثلاجة عن شيء تأكله, فإذا كان هذا المتعجرف مصر على طردها خالية اليدين, فعلى الاقل, يجب ان يقدم لها فطورا. لن ترحل ومعدتها خالية ابدا, فحتى المحكوم عليهم بالاعدام يحق لهم بوجبة اخيرة... ثم ابتسمت بمرارة , هذا صحيح, انه يحكم عليها بالاعدام! ولحسن الحظ , وجدت البيض والجبنة والمرتديلا في الثلاجة. ووجدت مقلاة تحت المغسلة, فقررت ان تعد عجة بالبيض كي تنس طعم العشاء الذي اعده ذلك الرجل الفظيع مساء امس. وراقبت التوست جيدا, وحصلت على عجة لذيذة رائحتها شهية. وقررت ان تتناول طعامها بهدوء , طالما ان كل شيء يسير بشكل سيء, فلن يحصل ماهو اسوأ منه, المشكلة الاصعب الان هي في الصمود حتى يحين موعد الرحيل. هذا العمل كان يمثل ضربة حظ بالنسبة لبيلي بعد اشهر قضتها في التقتير والتقشف ... وها هي الان تجد نفسها تعود لنقطة الصفر. وكان الطقس جيدا اليوم والشمس مشرقة, ستكون رحلة العودة اجمل بكثير من الرحلة الاولى... ثم تنهدت بمرارة , لماذا تفسد لذة هذه الوجبة بالافكار القاتمة؟ وابتسمت فجأة وهي تتخيل وجه كنت تايلور عندما ستقول له صفاته السيئة! كيف لا وقد جعلتها تقطع كل هذه المسافة لكي يرمي بها في اول فيري كأنها كيس غسيل وسخ! طبعا لانه يعتقد ان الرجل وحده قادر على القيام بالاعمال التي سيطلبها منه.... ياله من رجل غير طبيعي! وامام فكرة الشتائم التي ستكيلها له, شعرت بيلي ببعض الراحة. فحملت طبقها الى غرفة الطعام ووضعته على الطاولة الكبيرة قرب النافذة المطلة على البحر الرائع. ليس فطورها فقط سيكون لذيذا. بل المنظر ايضا رائع , كل هذا كاف لتهدئة الاعصاب المتوترة. ولكن ما ان وضعت الشوكة في صحنها حتى سمعت صوت غليان الماء في ابريق القهوة. فأسرعت الى المطبخ لتعد قهوتها. ولكن وللاسف , لم تجد البن لا بأس بفنجان من الشاي... وعادت الى غرفة الطعام ولكنها تجمدت امام الباب. انه كنت تايلور جالس مكانها يلتهم طعامها بشهية. "هاي! انه فطوري!". "لابأس به ؟ انه شهي!". "اليس هذا طبقي؟ لقد وضعته في مكاني". " في مكانك ام في غير مكانك, انا لست معتادة على تحضير الطعام لاناس لا اعرفهم. اعد الي فطوري!" ثم وضعت كوب الشاي من يدها.. وسحبت صحنها من امامه. " اسمعي ". قال وهو يبتلع اخر لقمة نجح في سلبها. " سأعرض عليك فكرة, طالما انني بدأت بتناول العجة, دعيني انهيها, وسأعد لك البيض المسلوق فيما بعد اتفقنا؟" كادت بيلي ان تخنقه. "بالتاكيد لا ! فبعد وجبة مساء امس, اشك بمواهبك في فن الطبخ, سيد تايلور..." ثم نظرت مباشرة الى عينيه واضافت:" وكي اقول الاشياء بصراحة وبأسلوبك مطبخك قذر جدا!" وبدأت بتناول طبقها, ثم نظرت اليه خلسة, فرأت انه لم يبعد نظره عنها ولا عن العجه... لقد افسد شهيتها للطعام بنظرة اليها هكذا! وبعد لحظات , وبانزعاج شديد, استسلمت وواقفت على ان يشاركها طعامها. ابتسم كنت ابتسامة النصر ولم يرفض, بل اقترب منها واكلا بصمت. ثم حملت بيلي كوب الشاي وشربته وهي تتأمل مياة البحر التي تتلألأ تحت شمس الصباح انه منظر جميل جدا ... هل تأتي الى هنا كل صيف؟" "لا , وانا لا اتي من اجل التمتع بالمناظر", قال لها باستخفاف." بل لكي اكون وحدي". "الاحظ ذلك.." وكانت متأكدة انه لايرغب بالكلام عن نفسه, ولا بأن يكون لطيفا. كل مايريده هو ان يتخلص منها وباقرب وقت ممكن. فنهضت وحملت صحنها ودخلت الى المطبخ. فتبعها كنت بسرعة . " اسمعي , انسة اندرز.. لقد فكرت بكل ماقلتيه لي مساء امس, بالنسبة لسوء التفاهم حول اسمك ... اريد ان اصدق بانك صادقة". ثم ابتسم واضاف:" كل هذه القصة , مدرسة الصبيان وخيم الترفيه واسمك الذي يدل على المذكر , كل هذا يبدو سخيفا." "سصخيفا , نعم ! كان يجب ان اكون اكثر حذرا , وخاصة امام هذا الراتب المغري الذي تعرضه! بالنسبة لك لا يستحقه سوى رجل , على كل حال انه مبلغ لم يعرض على منذ ان بدأت العمل. كم هو جميل لو كان صحيحا... تفضل بقبول اعتذاري بالنسبة لاسمي السخيف . وكفى". ولشدة غضبها, ادارت له ظهرها وبدأت تجلي الاطباق وتصدر ضجيجا يدل على غضبها. " لمعلوماتك, انسة اندرز, هذا الراتب كانت تتقاضاه سكرتيرتي المعتادة, انا سيد عمل متطلب جدا, اريد سكرتيرة متفرغة, تكرس كل وقتها للعمل, وتضحي بساعات الفراغ وتتخلى عن حياتها الخاصة, الافضل ان اعيد السيدة هلين". " وماذا حصل لها؟" " ستصبح جدة للمرة الاولى, لقد ذهبت لقضاء الصيف في سيتل كل تكون الى جانب ابنتها اثناء الوضع. افضل ان تعتبرها اجازة طويلة, والا تتخلى عني للابد". " هلين... ياله من اسم سخيف... لرجل!" " الا يمكنك ان تكفي للحظة عن مزاحك السخيف, انسة اندرز؟" " ولكني حرة, سيد تايلور, حرة! طالما انك لم تواقف على استخدامي, فأنت لايحق لك ان تملي علي تصرفاتي!" همّ كنت ان يتركها ويخرج من المطبخ, لكنه فجأة توقف... فنظرت بيلي الى الاتجاه الذي ينظر اليه, واصابها الارتباك والحرج.. ان حاملة نهديها الدانتيل التي كانت قد نشرتها على احد الاغصان , طارت مع الهواء وحطت على حافة النافذة والهواء ينفخها كالبالون. نظر كنت اليها نظرة استفهام. " لقد.... لقد استعملت الة الغسيل هذا الصباح... ولكنني لم اجد حبالا, فعلقت ملابسي في الخارج و...يبدو ان الهواء هو الذي...." " مثيرة جدا , حاملة النهدين هذه! اتنوين تركها هناك طويلا! هذا لطف منك ان تفكري بالترفيه عن الرجال الغابات بإثارة مشاعرهم, ولكن كان بامكانك ان تعلقيها جيدا..." ورمقها بنظرة حادة وخرج مسرعا وصفق الباب وراءه بعنف.منتديات ليلاس ------------------------------ الفصل الخامس: خرجت بيلي وجمعت ملابسها قبل ان يبعثرها الهواء اكثر , وعادت الى المنزل كي تستعد للرحيل. وفي الممر الذي يبن الغرف, مرت امام باب غرفة كنت. المنظر الذي رأته سمرها مكانها. وكان اعصارا خرب محتويات الغرفة, الاوراق موزعة في كل ارجائها, والسرير متلئ بالاوراق ويضعها على مكتبه, ثم حمل مجموعة اخرى , لكنه قبل ان يضعها , نشرها الهواء في زوايا الغرفة الاربع, حبست بيلي ضحكتها, ودخلت لمساعدته. " ماكل هذا؟" سألته بسخرية وهي تحاول ترتيب الاوراق. " انه عملي... او مابقى منه" اجابها غاضبا. تفحصت بيلي احدى هذه الاوراق فوجدتها مليئة بالكلمات الممحية والمكتوبة من جديد والمحاطة بالحبر الاحمر, وبعض الفقرات مسطر تحتها , وثلاثة ارباع الكلمات لايمكن قراءتها. " اذا كانت هذه نموذجا عما تكتبه عادة". قالت بيلي بسخرية." "اخشى ان لايكون الالهام سهل معك..." ابتسم كنت وهو يرتب اوراقه. " تقصدين الفوضة , اليس كذالك؟ هل فهمت الان لماذا ادفع مثل هذا الراتب المرتفع. والا لكانت سكرتيرتي رحلت منذ مدة طويلة. فخطي ليس واضحا ولا مرتبا. وعندما اطبع على الالة الكاتبة, لايكون الوضع افضل. وعندما اكتب , املا الصفحات والصفحات, دون ان اتوقف, وانا اكتب وامحي وابدل الكلمات..." " ماذا تعمل انت بالتحديد, سيد تايلور؟"نظر اليها للحظة وكانه يزين سؤالها, ثم هز كتفيه " حاليا , انا اكتب سناريو لفيلم سيخرجه رينولدز ستنديش, يجب ان يكون جاهزا قبل نهاية شهر اب". حبست بيلي انفاسها, رينولدز ستنديش المخرج الاكثر شهرة في هوليود! وهذا الرجل الذي يقف امامها هو الذي يكتب له السيناريو... اذا لهذا السبب يطلب سكرتيرة كفؤة. ثم وضعت الاوراق على المكتب وخرجت بهدوء. بعد ساعة كانت بيلي تضع جقيبتها على الشرفة, وذهبت لاحضار حذاءها الذي تركته سنشف على درج المطبخ, وعندما انتعلته, رفعت راسها, فتفاجأت بكنت يحمل علما اصفر يلوح به من على سطح المنزل. " ماذا تفعل؟" سألته وهي ترفع رأسها نحوه وتحمي مقلتيها من الشمس. " انها اشارة للفاري, وانا الوح له بالعلم كلما اردته ان يتوقف". لابأس بهذه الفكرة. قالت بيلي لنفسها, على هذه الجزيرة, بدون هاتف , وبدون جيران.... ولكن ماذا يفعل كنت تايلور اذا تعرض لجروج خطيرة؟ كيف يطلب المساعدة؟ ثم هزت كتفيها, هذه ليست مشكلتها. وبعد قليل ستصبح بعيدة جدا في طريقها الى مخيم وانواي, والراتب الذي ستتقاضاه هنا زهيد جدا بالنسبة لما كان سيقدمه لها السيد تايلور. قامت بيلي بجولة حول المنزل, وقطفت زهرة برية, واتجهت نحو الشاطئ, والاعشاب التي اخافتها جدا ليلة امس تبدو اليوم رائعة تحت ضوء النهار, وعلى الشاطئ جمعت بعض الاصداف المتعددة الاشكال, ووضعتها في جيبها وعادت الى المنزل. الجزيرة كانت هادئة جدا, فتنهدت بيلي بحسرة , كم كانت تتمنى لو تقضي الصيف هنا ... وعندما وصلت الى الشرفة , استقلبها كنت بجفاف. " لقد وصلت الفاري". التفتت بيلي نحو الشاطئ, فرأت باخرة كبيرة تقترب بسرعة, حمل كنت الحقيبة ونزل باتجاه الشاطئ تتبعه بيلي .... توقفت الباخرة بعيدا وارسلت مركبا صغيرا. التفتت بيلي نحو كنت ودمت يدها لتحمل حقيبتها, لكنها تفاجأت عندما رأته يصعد معها الى المركب. "لم اكن اعلم انك سترافقني...." "يجب ان اشتري بعض التموين بين الحين والاخر". اجابها بايجاز. وعندما صعدوا الى الباخرة, استند على الداربزين بينما جلست بيلي بعيدا عنه, وحاولت ان تتمتع بهدوء هذه الرحلة. كان الهواء لطيفا, لكنه رمى الزهرة البرية التي كانت قد نسيتها في شعرها قرب كنت. التقطها هو وشم عطرها ثم رماها في البحر. فهزت بيلي كتفيها وادرات وجهها. وفوقهم كانت رفوف النورس تترك الهواء يحملها, وشاهدت بيلي بعض الصايدين يرمون شباكهم, وتتجمع حولهم الطيور على امل ان تحصل على نصيبها من الغنائم, وهي الجهة الاخرى ترتفع الشواطئ الصخرية التي بلون البريك الاحمر. انها جزيرة الامير ادوراد. اقتربت الفاري من المرفأ الغين بعد ان مرت على شواطئ خالية من اي اثر للبشر وتنتشر فيها المغاور الصخرية ... اخفضت بيلي رأسها بحزن عندما تذكرت ما ينتظرها اثنتا عشرة ساعة من السير في طريق متعبة تصل بعدها الى نيويورك, حيث الناس المتسارعون وضجيج السيارات والهواء الملوث ... كيف واين ستجد عملا؟ يجب ان تكون سعيدة جدا اذا وجدت عملا كخادمة او كبائعة ...يحب ان تهتم بهذه المشكلة فورا كي تجد لها مسكنا. لقد ذابت كل امكانياتها المادية كما يذوب الثلج .... واجتاحها يأس كبير ... وتاهت في افكارها, ةولم تنتبه لكنت الذي كان يراقبها منذ بعض الوقت. توقفت الباخرة, وبدأ السواح يتزاحمون فرحين وكأنهم في عيد ... امسكت بيلي حقيبتها وتبعت السواح ونزلت. وكانت دهشتها كبيرة عندما رأت كنت ينتظرها في الاسفل . " اين تركت سيارتك؟" "على الطريق, ولكنني تركت المفاتيح مع السيد غانون, لابد انه احضرها لكي يصلحها". "انت من النوع الحريص, اليس كذلك؟" "يجب ام اكون كذلك,سيد تايلور". "بدون شك هناك عشرات الرجال ينتظرون كلمة منك لتقديم المساعدة"قال لها بسخرية. "انت مخطئ, فأنا قادرة على التصرف وحدي" فنظر اليها لحظة, ثم قطب حاجبيه. "انا اسف .. لم اكن اقصد جرح مشاعرك". ثم اتجها نحو الكراج, واستقبلهما السيد غانون بالترحيب " هاقد عدت , انسة اندرز؟" "بوقت قصير لم اكن اتوقعه"اجابته ونظرت نحو كنت الذي ظل صامتا, "اذا, سيد غانون, السيارة؟" "للحقيقة ... هناك اشياء عديدة بحاجة للتصليح, ولم اعرف من اين ابدأ ..." " ارهن انها لم تكن البطارية...." اجابته بيلي منتهدة." اوه, نعم ... ولكن هذا ليس كل شيء!" احست بيلي بان شجاعتها خانتها. "هيا, تابع, ماذا هنالك ايضا؟" "اولا يجب استبدال هذه البطارية لان حالتها لاتسمح بشحنها. ولكن هناك ايضا هذه البطارية لان حالتها لاتسمح بشحنها. ولكن هناك ايضا الشمعات, وبدون هذاكله, لن تنجح سيارتك بالسير خطوة واحدة". "ايمكنك اصلاحها؟" "نعم , ولكن يجب ان اطلب بعض القطع من الولايات المتحدة". " وهل سيحتاج هذا لوقت طويل؟" "اسبوع تقريبا". " ماذا ؟ اسبوع؟" صرخت بيلي بدهشة. "اوه اكثر". تدخل كنت. "تلك هي سيارتك, اليس كذالك؟" "نعم" اجاب بيلي بيأس. "برأيي, من الافضل ان تشتر سيارة جديدة."منتديات ليلاس ---------------------------- الفصل السادس: رمقته بيلي بنظرة حادة " هذا ما انويه, سيد تايلور, ولكن فور حصولي على المال! انت تجهل بانه يوجد اناس لايستطيعون دفع ايجار سكنهم..." "اعذريني, لم اكن اريد ان اكون فظا, ولكن حقا ارى ان المال الذي ستدفعينه على اصلاح هذه السيارة سيذهب سدى". ادرات بيلي وجهها " كم يكلف كل هذا , سيد غانون؟" "لحظة, لاحسب لك كل التكاليف". حاول كنت التدخل, ولكنها لم تسمح له بذالك.. "على كل حال , سيد غانون, ليس لدي خيار اخر ... استبدال البطارية والشمعات فقط, وعندما سأصل الى نيويورك سأقوم ببقية التصليحات . متى ستنتهي منها؟" "بعد ساعة او ساعتين. ولكن لايمكنك الوصول الى النيويورك بهذه السيارة. قد تتعطل في طريق معزولة كما حصل معك بالامس". "شكرا على النصيحة , سيد غانون, ولكن لايمكنني ان افعل غير ذلك" ثم خرجت وهي على وشك الانهيار, ورمت حقيبتها في السيارة. بعد لحظات انضم اليها كنت. " اعرف مقهى صغير قريب من هنا, هيا بنا نشرب القهوة". تركته بيلي يقودها نحو المقهى الذي كان يديره رجل وامرأة مسنان. استقبلتهما فتاة شابة وارشدتهما الى احد الطاولات. "سنأخذ فنجانين من القهوة". قال لها كنت. "فنجانين من القهوة ياجدي!" نادت الفتاة بصوت مرتفع. من انقباض وجه بيلي , اعتقد انها ستبكي. كانت تعض على شفتها لتتمالك نفسها, ظل كنت يراقبها بتأثر صادق. "مالذي يقلقلك , انسة اندرز؟" "لاشئ ... فقط هذه الفتاة تنادي جدها ... كما كنت انا انادي جدي..." "كنت تناديه ..." "لقد مات العام الماضي!" ثم اخفضت رأسها واضافت:" كان كل عائلتي, لم اكن اعرف احد غيره, هو الذي اشرف على تربيتي". "اذا هذا هو السبب الذي دفعك نحو الاستقلالية والاندفاع!" "ماذا؟" صرخت بحده وقد جعلها الغضب تنسى همها. " كيف تجرؤ" "انت لا تشبهين احدا, بيلي اندرز . لا اعرف اية امرأة اخر تقود سيارتها المعطلة في طريق خالية, ولاتملك اية فكرة عما تفعله بعد ان خسرت عملا كانت تعتمد عليه بعد ان قطعت مسافة طويلة جدا ..." لم تجبه بيلي , ولم تكن ترغب بالنقاش, كانت تشعر بالتعب والانهيار. احضرت الخادمة القهوة , فقدم لها كنت فنجانا وقال لها بهدوء:"انسة اندرز ... لدي اقتراح ..." فرفعت نظرها نحوه بحذر. "انا بحاجة لسكرتير فورا , وليس لدي متسع من الوقت لانشر اعلانات في الصحف من جديد , لدي عمل يجب ان انهيه في مدة محددة, وانت لديك سيارة معطلة تعمل قبل ايام طويلة..." نظرت بيلي الى مقلتيه مباشرة, وظلت على موقف الحذر , فهي لم تنس استقباله السيء لها مساء امس " كنت اعتقد انك تريد رجلا" "طبعا انا بحاجة لرجل! ولكن الوقت يمر بسرعة يجب ان انهي السيناريو وليس لدي دقيقة اضيعها. كنت قد طلبت رجلا كي لا اجد نفسي مع احدى الخادمات اللواتي لايعرفن عدد اصابعهن. وخلال هذه الايام الاخيرة, تكدست اوراق كثيرة بحاجة للطبع وانت لست من النوع الضعيف, اشعر بانك ستعرفين كيف تتأقلمين دون مساعدة احد". "والراتب الشهري؟" سألته وكانت قد وضعت في راسها ان هذا الرجل لايغير رأيه ابدا. "سيكون نفس الراتب الذي اشير اليه في الاعلان, ولكن قبل ان تتخذي قرارك, اريد ان اشير الى بعض التفاصيل. اولا, انا لا اتقيد بساعات عمل محددة اكتب في اي وقت, واحيانا اقضي الليل كله اكتب واصله بالنهار دون توقف, عموما, انا اسهر كثيرا وانام قبل الظهر, واحيانا انام على مكتبي مدرة اربع وعشرين ساعة متواصلة من شدة التعب. انا لا احتمل اي ازعاج, ولهذا السبب اخترت هذه الجزيرة, فرنين الهاتف, وصوت التلفزيون وحتى مجرد زيادرة بسيطة تجعلني افقد اعصابي. انا رجل متطلب وفظ جدا اذا سارت الامور على غير ما اتمناه. ويجب على سكرتيرتي ان تتحمل مزاجي, وتتحمل العزلة, وقد تضطر لاعادة الطبع اكثر من مرة, اريد ان تتم طباعة الفقرات باسرع وقت ممكن كي اتمكن من قراءتها وتصحيحها قبل البدء بالمشهد التالي!" كانت مقلتيه تظهر فقدان صبره... بدون شك , انه كما يصف نفسه! بالنتظار جوابها , التفت نحو النافذة يتأمل المارة دون ان يراهم وكأنه تأئه في عالمه الخاص, شعرت بيلي بانه وان كان يجلس قربها, الا ان عقله هناك في تلك الجزيرة حيث ينتظره عمله. فاجأها وهي تنظر اليه خلسة , فأخفضت نظرها واحمر وجهها , وبدا على كنت انه وجد لذة برؤيتها ترتبك. ولم يبعد نظره عنها, فحاولت ان تركز اهتمامها على اي شيء في الشارع.... هذا ليس كل شيء . ليس لدي وقت اضيعه في اللباقة , انسة ادرز, واحيانا تمضي ايام عديدة لا احلق فيها ذقني , وقلما يهمني ما البسه من ملابس , واحيانا كثيرة انسى ان اتناول طعامي ... اذا ارتكبت اية غلطة, سأقتلع مقليتيك , واذا لزم الامر , سأجعلك تعملين اربع وعشرين ساعة بشكل متواصل, وعندما سينتهي كل شيء , ستكرهينني كثيرا , انسة اندرز, وهذا لايهمني , كل مايهمني هو ان ينتهي هذا السيناريو بموعده . ايناسبك هذا البرنامج ؟" شعرب بيلي بالتحدي خلف السخرية, فقررت ان تقبل التحدي. "من يسمعك , يفهم انه حقا ناد رائع لتمضية الاجازة في جزيرتك الحالمة, كيف يمكنني المقاومة؟ على كل حال... ليس لدي خيار اخر." اضافت بمرارة. "ولا انا ايضا". لم يكن بامكان بيلي الرفض. كما وانها لاتحب هذا الرجل ولا ترغب بقضاء الصيف وحدها معه, لكن الرفضيعني الكارثة, لانها ستضطر للسفر بسيارتها المعطلة, وسترمي نفسها في البؤس اكيد .. فمدت يدها نحو كنت الذي لازال يراقبها. تردد لحظة , ثم شد على يدها بسرعة وكانه يريد التخلص من عمل مرهق, ثم وقف بسرعة. "بما اننا اتفقنا ! هيا بنا لنشتري بعض الحاجيات ثم نحضر امتعتك من الكراج."منتديات ليلاس ------------------------------ الفصل السابع: تبعته بيلي , وبعد ان اشتريا بعض التموين عادا الى الكراج. "اريد ان اقول للسيد غانون ان يطلب لي القطع التي تحتاجها سيارتي" قالت له بتردد. "لاضرورة لذلك , لقد سبق وطلبت منه ان يفعل". "ماذا! وكيف عرفت انني سأقبل عرضك؟" "حساب بسيط , فالحل المنطقي الوحيد هو في ان تقولي نعم . والان هيا بنا لنسرع قبل ان يفوتنا الفاري".. "لم يكن يجب عليك ان تفعل ذلك , سيد تايلور" اجابته غاضبة. "انا اتخذ قراراتي وحدي, واعتقد انه سبق لي ان اخبرتك بذلك". ادار كنت وجهه وابتسم. وفي طريف العودة , بدأت بيلي تشعر بسعادة امام فكرة العودة الى هذه الجزيرة المعزولة, سيكون بامكانها التنزه بحرية واكتشاف جمال هذه المناطق , ثم القت نظر نحو الرجل الذي يجلس امامها . يبدوا انه ليس لديه سوى فكرة واحدة : العودة الى جزيرته واستئناف عمله ... وفجأة شعرت انه قد يكون اسوأ مما ذكره , شيء ما ينبئها بأنها ستندم كثيرا على قبولها هذا العمل. فور وصولهما , املى كنت عليها تعليماته الصارمة, وكانت تستمع اليه باهتمام ولم تكن تتوقع ان تجد نفسها على تلة من الاوراق كهذه. "هل فهمت؟" "فهمت ما تنتظره مني ... اعتق ذلك , سيكون لدي طبعا بعض الاسئلة اطرحها عليك كي اتمكن من التصرف في هذه الغابة الكثيفة من الاوراق. ولكني اعتقد انني سأحسن التصرف." " عظيم .... ولكن بما اننا سنقضي الصيف تحت سقف واحد , فأنا لا انوي الاستمرار بمناداتك انسة ادرز, ساناديك بيلي , وافضل ان تناديني كنت ". " حسنا ... حسنا ... كنت". ولفت نظرها عنوان السيناريو ." الحرية الاخيرة"... قالت بكل احترام فكاتب هذه القصة هو كنسنغتون مارتن. " هل سبق ان قرأتها؟" " نعم , احببتها كثيرا! وانت تعمل عليها؟ ولكن لماذا لا يقوم المؤلف بهذا العمل بنفسه؟" تأمل كنت وجهها للحظة ثم اجاب بجفاف:" قد يكون مشغولا باعداد مسلسل جديد من اروع القصص , تقول الشائعات انه ليس عليه سوى ان يجلس امام ورقه وتأتيه الافكار وحدها ..." ثم ضحك بمرارة "الا اذا لم يكن قد وقع تحت سحراحدى هذه المخلوقات اللواتي يملان حياته". "نعم , لقد سمعت عن علاقاته الغرامية المتعددة ولكن لاتقلل من شأنه , كنت . برأيي هو من افضل كتابنا". "يجب ان تكوني من هواة المطالعة كي تصدري مثل هذا الحكم الواضح!" اجابها بسخرية. "اقرأ مايكفي لا علم اذا احب ام لا". " هل قرأت كتابه الاول؟"سألها بجدية مفاجئة "نعم, ولقد اعجبني كثيرا . وتمتعت بكل فقراته, وانا بغاية الشوق لارى ما ستفعله بهذه القصة ! لابد انك ستقوم بتغيرات كثيرة من اجل السينما". "تقريبا, وبما ان بعض الادوار سبق ان وزعت فيجب ادخال بعض التعديلات على السيناريو كي يناسب بعض الشخصيات. ولكن الجوهر سيبقى كما هو." " هذا افضل, انا لا احب ان يطرأ تغيرات مهمة تسئ الى جوهر العمل". ثم ابتسمت واضافت:"تصور ان هذا الكتاب لم يكن يفارقني في ليال طويلة , وها انا من سيطبع السيناريو! يصعب علي تصديق ذلك""اعذريني الان, العمل ينتظرني . قومي بجولة في المنزل واختاري الغرفة التي تعجبك, ستجدين آلة الطباعةوبعض الادوات في المكتب الامامي". وعندما همت بالخروج , استوقفها مجددا "لايهمني كيف تقضين وقتك عندما تنهين العمل الذي اطلبه منك , لا يوجد كثير من التسلية هنا , لاراديو ولا تليفون, ولايزورنا احد غير جو العجوز. بامكانك السباحة , والاستمتاع بأشعة الشمس , ولكن ليس لدي مركب تستعملينه في نزهاتك, وسيكون عليك اعداد وجباتك بنفسك". لم تتحمس بيلي كثيرا, ولكن كلمة اليأس لاتعني شيئا بالنسبة لها , وبعد ان زارت المنزل كله , اختارت لنفسها زاوية على الشرفة مقفلة بالزجاج. لكنها منارة وتصلها اشعة الشمس طوال النهار, كما وانها بعيدة عن غرفة كنت , كي تتمكن من الطباعة دون ان تزعجه, وبعد ان استأذنت كنت, نقلت الى مكتبها الجديد كنبة مريحة وطاولة صغيرة وكل ماتحتاج اليه في عملها. وبينما هي ترتب مكانها, تفاجأت بكنت يتأملها بصمت. "ان عثرت علىهذا القميص؟" سألها بجفاف عندما رآها ترتدي احد قمصانه القديمة. "لقد وجدتها في احد الغرف . ايزعجك انني استعرتها؟" "لا...لا ... انه قميص قديم , لكنني تفاجأت برؤيتك ترتدينه". رفع كنت يده عن كم القميص فجأة وعقد حاجبيه . "سأبدا بعملي, لقد اضعت الكثير من الوقت". تبعته بيلي بعينها, وهي تداعب كم قميصها, وعندما انتبهت لما تفعله, انتفضت مذعورة, مالذي دفعها لاستعارة قميصه؟ لماذا شعرت فجأة بهذه الحرارة القوية؟. مع مرور الايام , اصبح مكتب بيلي مريحا اكثر, انه يعكس شخصيتها المرحة, وكانت كل يوم تجمع باقة من الازهار البرية تزين بها المكان, وكانت تجمع اثناء تنزهها بعض الاصداف والاحجار الجميلة تضعها على الطاولة الزجاجية. الاعمال الطارئة اصبحت بالنسبة لبيلي نوعا من الروتين. وقد تبدلت حياتها المنظمة وقفا لمزاج كنت الذي كان يعمل حتى ساعات الفجر , ودائما يرمي نفسه في سريره في نفس الوقت الذي تستيقظ هي فيه.... واحيانا كثيرة كان يضع في مكتبها الاوراق التي انهاها خلال الليل, ولكن احيانا اخرى, كان ينام بين اورقه المبعثرة فتضطر بيلي للدخول على اطراف اصابعها كي تأخذ حصيلة عمله اليومي. ورغم تحفظها لم تكن قادرة على ابعاد نظرها عن قامة الرجل النائم الذي يدس راسه في الوسادة, وكان ينام اكثر الاحيان في شورته القصير وعاري الصدر دون ان يشعر باي شيء حوله, ولهذا كانت بيلي تدخل بحذر كل لاتزعجه في نومه. واحيانا, كانت تقف طويلا تتأمل عضلاته القوية ... وكتفيه العريضين وبشرته البرونزية , وصدره الذي يرتفع مع تنفسه بشكل يفتن الفتاة, كان ينام كطفل برئ بعد نهار طويل في اللعب. للحقيقة, لم يكن كنت جميلا بكل معنى الكلمة , وكما ان شعره الاشقر الفوضوي بحاجة لحلاق ماهر, ومن يرى ذقنه الطويلة, يظن بأنه نسي عادة الحلاقة.... ومقليته! لم تكن خضراء ولا زرقاء , بل هي صفراء مثل عيون هر اشتعل فيها الغضب.منتديات ليلاس -------------------------------------- الفصل الثامن: تاملت بيلي خصرة النحيف ساقيه العاريين المغطيان بالشعر الذهبي . رغم اهماله لنفسه ، كان لديه اناقة طبيعية وسحر خاص . لكنه فظ، عيند ... باختصار هو اخر رجل كانت بيلي تفكر بقضاء الصيف معه!. والغريب بالامر ، ان كنت كان رجلا فوضويا جدا, كانت ملابسه تبقى اياما حيث يتركها. وهناك دفاتر في كل زوايا الغرفة, والاقلام مرمية على الارض، وبينما يعتمد ا:ثر الناس المحتضرين على وجبة الغذاء، كان هو يأكل بنهم في الصباح. وبالمقابل كان يظهر منتبها لاقصى حد فيما يخص مهنته ، كان البريد يصله بصورة منتظمو الى مرفأ الغين ثم يحمله اليه جو العجوز كلما مر بالجزيرة او كلما التقاه كنتوهو يقوم بالتسوق في المدينة. كان يصر على ان يسلمه جو البريد بيده . وكان قد نبه بيلي عدة مرات الى هذه النقطة. "حتى ولو كنت نائما عندما يصل جو ، يجب ان يصعد ويسلمني البريد بنفسه ، دون ان يمر عليك . هل هذا واضح ؟". وكثيرا ما تساءلت بيلي عن سبب تكتمه ، قد يكون ذلك بدافع الحذر كي لا تفوته اية رسالة هامة ، من رينولدز ستنديش مثلا... ولم يكن كنت يظهر سوى اثناء تناول وجبات الطعام ، وكل ما كان يهمه السيناريو والبريد عندما يصل. احيانا كانت بيلي ايضا تنام متأخرة ، او تستيقظ في منتصف الليل . ولكن مهما كانت الساعة ، كانت ترى النور مضاء في غرفة كنت وتسمع خطواته العصبية . بعد عدة ايام على هذا المنوال ، اصبحت خطواته هذه مألوفة لديها، لدرجة انها اصبحت تشعر براحة عندما تسمعها في سكوت الليل. كفتاة نشأت في ضجيج المدينة ، تفاجأت بيلي بتأقلمها السريع مع الوحدة في هذه الجزيرة ، وتعلمت الاستماع لزقزقة العصافير ، واخيرا، اكتشفت الهدوء. وذات صباح ، فاجأها كنت وهي تراقب شروق الشمس . "اوه! ماذا تفعلين هنا باكرا؟" "لم استطع النوم اكثر ، كما وان منظر الصيادين رائع ، فلم استطع مقاومة هذا المسرح الصباحي...." "انت ايضا تحبين هذا؟" سألها بهدوء. احنت رأسها بصمت ، يبدو انهما يتشاركان نفس المشاعر نحو البحر ... هذه الفكرة ادفأت قلبها. "اكثر هؤلاء الصيادين هم من الاكاديين . اتعرفين قصتهم؟" اشارت له بيلي بالنفي . ولم تكن تجروء على الكلام كي لا يلاحظ ارتباكها... كان قريبا جدا منها. "اجدادهم ينحدرون من اصل فرنسي، وهم اناس فخورون جدا بأنفسهم . وعلمهم نفس العلم الفرنسي بالاضافة لنجمة مذهبة وخط ازرق يمثل نجمة ماريا. نجمة البحر ... فقط لو كان لدي متسع من الوقت ... ان قراهم الصغيرة ستعجبك كثيرا . يقدمون هناك اشهى انواع السمك ... اذا تقدم سير العمل قليلا, قد نقوم بجولة على احدى تلك القرى ". ولاحظ ابتسامتها المشرقة. "انا ايضا احب ان آخذ اجازة اليوم ، ولكن لدي الكثير من العمل...." ثم عاد الى المنزل ببطء وكأنه مرغم على ذلك. تبعته بيلي بنظرها وكان قد اعجبها كلامه عن الصيادين، فهو بكلامه عنهم يجعلهم يبدون وكأنهم حاضرون امامه كما لايفعل اي كاتب اخر ... وجو العجوز يعود في اصله الى الاكاديين ولهذا السبب يحبه كنت ، يبدو انه يحترم تقاليدهم وتراثهم، وتذكرت بيلي ليلة وصولها الى مرفا الغين ، كيف حاول غانون وجو مساعدتها. تابعت بيلي جولتها على طول الشاطئ لكنها لم تستطع ابعاد افكارها عن الرجل الجذاب الذي تعمل عنده ، القوي الصلب المتعجرف . ولكن خلف هذه الاقنعة، اكتشفت بيلي لتوها احترامه لشعب بلد يحبه. قد يكون ايضا يملك حنانا لاشياء اخرى ، ولكن كل هذا مدفون في اعماق اعماق كيانه. عند الظهر ، استبدلت بيلي ملابسها بالمايوه البيكيني. وتمددت على الصخور ساعتين تتمتع بأشعة الشمس والهدوء . وكانت بشرتها قد اكتسبت بعض السمرة خلال نزهاتها الطويلة في هذه الجزيرة ، وكانت دائما تتجول مرتدية شورت قصير وقميص قطني تعقده تحت صدرها كي تتمتع اكثر بحريتها مع الطبيعة. اماكنت ، فكان ينزل الى البحر في فترة بعد الظهر ويسبح مسافة بعيدة بمايوهه الصغير ثم يقوم بنزهته وحيدا على طول الشاطئ. كانت بيلي تتجنب ازعاجه لانها كانت تشعر بحاجته للوحدة ، ولكن كان يحصل احيانا ان يلتقيا . بعد ظهر هذا اليوم ، كانت بيلي لاتزال مسترخية على صخرتها تحت اشعة الشمس ، وكانت قج حلت عقدة حاملة النهدين وتعرض ظهرها العاري للشمس ، وفجأة سمعت ضجة جعلتها تنتفض. فأقفلت حاملة نهديها وتلفتت حولها ، كان كنت واقفا في الماء ، ووجهه على مستوى وجهها ... "كنت اعتقدك نائمة ..." "كنت تمكنت من ذلك ... لو انك اخترت مكانا آخر تسبح فيه ". اجابته متعلثمة وهي تتابع اصلاح مايوهها. تابع كنت النظر الى حركات يديها ... فأدارت مقلتيها وقد احمر وجهها . ساد صمت مزعج . واخذت تبحث بيأس عن شيء تقوله. "الشمس تلوح بشرتك وتجعلها كالثمرة الناضجة". قال لها كنت باعجاب. لم تجرؤ بيلي على ان تقول له رأيها به ، وانت ايضا تشبة الها اغريقيا... "وانت لا بأس بك ... وكانك لا تقضي الليالي في النضال مع الكلمات". "انا اتحارب مع الكلمات ، انا!" سألها متظاهرا بالغضب. "ياصغيرتي ، اعلمي انك امام عبقري .ونحن العباقرة لا نتعذب في ايجاد الكلمات ، انها تسيل من افواهنا الذهبية ، كما يسيل الخمر من الجرار". انفجرت بيلي ضاحكة ، لم يسبق لها ان رأته يمزح يهذا الشكل ... ثم اضاف كنت مبتسما:" ولكن بما ان العبقيرية في اجازة الان ، فأنا اتحداك في السباحة حتى تلك الصخور هناك". قفزت بيلي عن الصخرة ، وكانت سباحة ماهرة، ولكن لا امل لديها للتغلب على كنت الذي قطع المسفة بلمح البصر وبدون مجهود كبير . وصلت بيلي بدورها، فانحنى كنت وحملها كالريشة الخفيفة. ضربتها موجة قوية ، فضمها كنت اليه كي تجد توازنها... احست الفتاة بتيار كهربائي يجتاحها .... ونظرت اليه وهي ترتعش وكانت مقليته تشرق ببريق الرغبة. "اتشعرين بالبرد؟" سألها واخذ يدلك كتفيها كي يدفئها، ثم دلك ذرعيها. "لا!" اجابته بسرعة وهي تشعر بارتباك شديد "الان افضل؟" وعاد يدلك كتفيها، شعرت بانفاسه على عنقها. "لا!" اجابت وقد جف حلقها. "لا؟" وانزلقت يداه على عنقها ناعمة رقيقة ، فاجتاحتها انفعالات ممتزجة بالخوف والحذر وازداد اضطرابها. فأمسك كنت وجهها بين يديه وتأملها قليلا وكأنه يحاول قراءة افكارها, وببطء اسند شفتيه على شفتيها وفتح براعمهما ، وتذوق رحيقهما. ------------------------- الفصل التاسع: ظلت بيلي بدون حراك ، فرفع رأسه . وهي لا تزال دون جراك مذهولة بما تقرأه في مقلتيه.فأطبق على شفتيها من جديد محاولا ابعاد الخوف والشك عنها. وعندما ابعد وجهه عن وجهها، لاحظ انها انهارت تحت اوائل مظاهر الرغبة. وهذه المرة، كانت هي من وقف على اطراف اصابعه بحثا عن شفتيه. واغمضت عينيها، وشعرت بالدوار، فأمسكت خصر كنت بيديها جيدا. طالت قبلتهما ... وتجرأت بيلي اكثر، وتلمسد جسده الرطب، وعضلات صدره التي تتلاعب على نغم دقات قلبه المتسارعة. وسالت بعض قطرات الماء المالح عن وجهها فتذوقها كنت مع قبلاتها، فشعرت وكأن الاف النجوم من اللذه تتفجر في رأسها هل هذا بتأثير القبلة ام ان الارض تدور حولها بسبب اشعة الشمس؟ فابتعدت عنه فجأة ورمت نفسها في المياه الباردة وسبحت حتى الشاطئ دون ان تلتفت خلفها وقد افزعها استسلامها لرغبتها بهذه السهولة. عندما وصلت الى الشاطئ ،توقفت قليلا لتلقط انفاسها، وتجرأت والتفت الى الخلف فوجدت كنت لا يزال واقفا مكانه ينظر باتجاهها ، كانت هذه تجربة قاسية . فأسرعت نحو المنزل، ونشفت جسدها والغضب يسيطر عليها . كيف سمحت لنفسها ان تذوب لهذه الدرجة بين ذراعيه؟ حتى الان، كانا قد حافظا على علاقتهما التي ترتكز حول محور العمل فقط . لاشيء اخر ، ولا يجب ان يتغير شيء! ارتعشت طويلا. انه رجل خبير بالنساء بدون شك. وبالطبع معتاد على اصطحابهن اينما يشاء ... ولابد انه لاحظ عدم خبرتها وسخر منها . كم تسلى برؤيتها تهرب! ماذا ستفعل الان كي تتصرف معه وكأن شيئا لم يكن ، وكأنه لم يترك في نفسها اضطرابا لا يزال يلهث انفاسها؟. كل شيء كان هادئا ، الجزيرة نائمة، وبعض الاشعاع بدأ يوقظ المياه الباردة، وفجأة ظهر قرص الشمس. بيلي كانت هناك على شاطئ البحر تتأمل جمال الفجر كما تفعل كل صباح دون ان تمل منه. وكانت قد قضت الليل بطوله تتقلب في فراشها، بينما كانت تسمع في الغرفة الاخرى خطوات كنت . وكانت قد استعادت في فكرها كل التفاصيل التي عرفتها معه فوق الصخور، وصدمتها ردة فعلها واستسلامها السريع لقبلاته!. بالطبع هو خبير معتاد على النساء بينما بيلي ببراءتها ليست سوى فريسة سهلة.... كانت ذكرى لمساته على جسدها تجعلها تشعر بثمل غريب . ولكن ، لو لم تكن تشعر بشيء نحوه، من اين جاء هذا الاحساس الجميل بين ذراعيه؟. طوال الليل، كان يلاحقها كنت بجسده الرياضي وبشرته البرونزية ... كان رائعا ، قويا ، حاضرا الى جانبها، انها لا تزال تشعر بشفتيه الحارتين المتطلبتين اللتين ولدتا في كيانها رغبة قوية.... ولما لم تستطع النوم، نهضت وارتدت ملابسها بهدوء وخرجت لتراقب طلوع الفجر. وهمت بيلي بالعودة الى المنزل، لكنها توقفت مكانها واخذ قلبها يدق بسرعة, فكنت ينزل باتجاهها، حافي القدمين، يرتدي كعادته بنطلون جينز وقميص كارو معجوك، وحتى من بعيد، يمكن التأكد من انه لم يسرح شعره وما ان اقترب منها حتى لة.احظ اثر السهر حول مقلتيها. " اعتقد انه وقت تناول الفطور" قال بلهجة ارادها طبيعي "تعالي ، كل شيء جاهز". ابتسمت بيلي عندما تذكرت اول وجبة طعام اعدها لها ، ولكن على الاقل ، لم يحاول ان يتجنبها، وهذا ما كانت تخشاه بعد حادث الامس. "سأتناول القهوة والتوست فقط كي ابدأ بالعمل". كان هذا عذرها الوحيد كي لاتجلس معه حول نفس المائدة. "ليس هناك شيء كثير لتطبعيه هذا الصباح، انا لم اكتب الكثير هذه الليلة..." بدا عليه بعض التردد ثم صمت. اهو نام؟ ايحاول الاعتذار؟.كان افطارا فظيعا، البيض المسلوق يشبه طابات التنس، اما التوست فكان يشبه الفحم كعادته. وكان كنت قد بذل جهدا كبيرا في عصر كوبين من البرتقال ، لكنه نسي ان يصفي العصير. " مفاجأة ، اليس كذالك؟" فرفعت نظرها نحوه وغرقت في الضحك "نعم ، انها مفاجأة، مع انني كنت اعرف مهارتك في فن الطهي..."ثم ضحكت من جديد واضافت : انا احمد الله لان مواهبك في الكتابة لاتشابه مواهبك في الطهي". جلس كنت واسند ظهره على الكرسي وارتاح لانه راها تسترخي. "اذا لم تعجبك مفاجأتي هذه، بامكانك، انسة اندرز ان تجلي الصحون!". "بكل سرور ، فهذا يخلصني من ذكرى اطباق البيض هذه ... ولكن ، هل كانت حقا بيضا؟" ثم حملت الاطباق الى المغسلة وهي تتابع الضحك, رضي كنت كثيرا عن التغيير الذي بدا على وجهها، فأخذ يشرب قهوته بهدوء والابتسامة على شفتيه، كان قد وجد رفيقة مرحة لكل الايام. "يبدو ان الوحي يأتي مسرعا ، اراك لاحقا"، واسرع الى غرفته. ومضت ساعات وبيلي تسمع خطواته ترن في المنزل يبدو انه سيكون لديها الكثير لتطبعه الان. وبعد الظهر ، وصل جو العجوز يحمل البريد ، فأسرعت بيلي لتحضر بعض الرسائل التي تريد ان ترسلها بالبريد ، وعندما خرجت من المنزل ، التقت بكنت مبتسما. "لدي رسائل اريد ان يضعها جو في البريد"شرحت له بيلي. "هاتها ، سأعطيها له". ناولته بيلي الرسائل ، فألق كنت نظرة سريعة على الرسالة الاولى، واختفت ابتسامته فجأة. " ماهذه ؟" سألها بحدة. انتفضت بيلي ، مابه؟ لماذا كل هذا الغضب؟ "انها رسالة لصديق لي ، بكل بساطة!" " صديق يعمل في صحيفة النيويورك بريس ، صدفة!" "واذا؟ انه يعمل في هذه الصحيفة ، في قسم الارشيف ... وماذا في الامر؟" بدا على كنت وكأنه يحاول خنق غضبه، لكن وجهه ظل قاسيا والشرر يتراقص في مقلتيه ... وبجهد كبير، كتم غضبه وابتعد دون ان يضيف اية كلمة اخرى. ظلت بيلي مسمرة مكانها تنظر اليه وهو يسير بخطوات عصبية، ثم تبادل البريد مع جو وعاد مباشرة الى غرفته، دون ان يكلمها ، لم تدر بيلي سبب تبدل مزاجه وعصبيته بلحظة واحدة، مالذي فعلته حتى انقلب بهذا الشكل؟.. هذه الرسالة؟ ولكن لا ، لا يمكنه ان يكون غيورا من رسالة ترسلها لصديق ... حتى ولو كان يظن انها على علاقة معه. فعلى كل حال ، حياتها الخاصة لاتعنيه ... وقد يكون يكره تلك الصحيفة . ولكن هذه مشكلته خو، كما وانه لم يلمح لاي شيء من هذا النوع ، لديه اسرار خطيرة يخفيها؟..منتديات ليلاس ---------------------------- الفصل العاشر: في الايام التالية، كان كنت يكرس كل وقته للكتابة، وللحقيقة، كانت بيلي مرتاحة، لم تكن ترغب برؤيته وافضل وسيلة لتتجنب لقائه ان لا تغادر مكتبها وغرفتها الا للقيام بنزهاته الطويلة، وفي الاماكن التي لايمكن ان تلتقيه فيها. وكان كنت يعمل احيانا طوال الليل، وقلما يمنح نفسه القليل من الراحة ، كما وانه دائم العبوس . وكل الاوراق التي تطبعها بيلي تعاد اليها مليئة بالملاحظات ام ممزقة، وكان مزاجه السيء يزداد كلما اضطر لمواجهتها، كان ينتقد عملها بدون رحمة ويتركها على وشك البكاء كما فعل اليوم. "بيلي ! اين انت؟" كانت بيلي تنشف جسدها بعد حمام سريع، فرفعت رأسها باتجاه الصراخ. "انا في الخارج!" " ادخلي ! فورا!". فعقدت المنشفة على نفسها بسرعة وصعدت وهي تتعثر، وادركت انها امام مواجهة حادة ... فتسلمت بكل شجاعتها ودفعت الباب. كان كنت واقفا امام آلة الطباعة. وامام قدمية سلة المهملات مقلوبة، وهو يجعلك ورقتين بين يديه، ومقلتيه تتطاير شررا. "اين هي الصفحة اربعمائة واثنان وعشرين؟" "اعذرني ، انها ليست معي". اجابته بسخرية. "انظري بنفسك... هذه الصفحة اربعمائة وواحد وعشرين، وهذه الاربعمائة وثلاثة وعشرين ، اين هي صفحة الوسط؟" "قد اكون اخأت بالترقيم...." "لا! لقد تأكدت من ذلك! هناك مشهد كامل مفقود، مشهد مهم عاطفي بين البطل وفتاة شابة. انا متأكد انني كتبته". "انت متأكد حقا؟ هذا غريب! لم اكن اتصور انك كاتب عاطفي، ولكن اليس هذا مشهد خصام؟" "البطلة التي وصفتها هي امرأة حقيقة". اجابها بجفاف." امرأة متقدة، متسامحة، تستحق الحب والـ ..." "كيف تجروء...." واجتاحتها ثورة من الغضب كبيرة، فرفعت يدها نحوه، لكن كنت امسك يدها بقوة ونظر اليها بحدة وكانه مستعد لان يخنقها، فاخفضت نظرها وشعرت بخوف كبير. رمى كنت الاوراق من يده ورفع ذقنها نحوه واجبرها على النظر اليه. لم يكن بامكان بيلي ان تلتقط انفاسها، شعرت كنت بها ترتجف وبدا عليه التردد .... فخفف قبضته عليها ، ثم ضمها الى صدره بحنان ، فحاولت بيأس ان تتخلص منه. "كنت .... لا....." لكنه كان يضمها بيديه القويتين، فأدركت انه يجذبها اليه كالمغناطيس وانه يقدم نفسه لها ايضا رغم عنه . ثم اطبق شفتيه على شفتيها بقبلة مثيرة . حاولت ان تلتقط انفاسها، وان تدفعه عنها لكن رفضها كان يزيد من ظمئه لها. فضمته اليها وتبدد كل غضبها واحاطت عنقه بذراعيها وذابا معا في قبلة حارة تعصف بالرغبة. فجأة، لم يعد هناك سوى الفراغ والصقيع.... ابعدها كنت عنه ، وامسك كتفيها ونظر الى شفتيها المرتجفتين ونظر اليها باحتقار شديد . "اريد هذه الورقة على مكتبي ، امامك خمس دقائق فقط." نظرت بيلي اليه مذهولة وهو يخرج ، انه يملك سلطة قوية عليها، ما ان يلمسها حتى ينعار كل شيء حولها. لن تتمكن من التظاهر بعد المبالاة بعد الان ، الرغبة المجنونة التي تجذبها نحوه تدفها للاستسلام. لكن عقلها ينصحها بالحفاظ على مسافة بينهما . والا ستتعذب في النهاية. هذا الرجل خطير.... واخذت تفكر بالامرأة المثالية حسب تعريف كنت لها. امرأة متقدة، متسامحة ، تستحق الحب ... والذة وعشيقة في نفس الوقت . وبالتأكيد لن تهمه امرأة غير خبيرة بريئة وبسيطة مثلها. انهمرت دموعها على خذيها وهي تبحث عن الورقة المفقودة ، وعندما عثرت عليها، حملتها الى مكتبه وخرجت بسرعة، احست بنظراته تحرق ظهرها. بعد ايام قليلة تكرر نفس هذا المشهد عندما كانت بيلي في المطبخ تعد القهوة، ودخل كنت كالثور الهائج. "منذ متى وانت كاتبة سيناريو ، انسة اندرز؟" "ماذا؟" " اسألك من سمح لك بالتغيير في نصي؟" "انا اطبع ماهو مكتوب فقط ولاشيء اخر ...." " حقا؟ اذا اشرحي لي ماهذا". صرخ بحدة وهو يهز ورقة بيدة. قررت بيلي ان تواجهه ببرود اعصاب. "انت على حق، كنت قد اعدت كتابة بعض الكلمات وشطبتها عدة مرات، وانا اخترت اسوأها... لكن ، انظر الى هذه الخربشة ، انا تحدى اي احد اخر ان يفسرها..." " اذا انت تعترفين بانك غيرت في نصي؟" " نعم، ولكن من دون قصد! وهذا يحصل مع الجميع..." ثم ادارت راسها لتخفي دموع الغضب التي تحرق عيونها. "ليس امامك سوى اصلاح هذه الكلمات ووضعها على مكتبي، سأعيد طبعها حالا! ولكن لا! انت تسرع كثيرا انت من النوع الذي لايخطئ، اليس كذالك؟ العبقري لا يخطئ ابدا! وانت ترغب باذلالي دائما" واتجهت نحو الباب لكنها التفتت نحوه مجددا. "كما وانك متعجرف متسلط، لم يعد بامكاني تحملك، انت ومزاجط السيء..." ولكن ما ان وصلت الى الباب حتى امسكها بيديه القويتين واجبرها على النظر اليه مهددا، وقرب وجهها من وجهه. "انا لا استطيع ان اسمح لنفسي اسير في حبائلك". "ماذا تقصد؟" كان قريبا جدا منها لدرجة انها احست بانفاسه الحارة على خدها... وكانت يداه القويتان تؤلمان كتفيها. " اما ان تكوني الامرأة الاكثر سذاجة التي التقيتها في حياتي، واما ان تكوني الممثلة الاكثر مهارة التي انجبتها الارض!" كانت يداه تؤلمانها لكنه لم يكن ينظر سوى الى شفتيها.... وكانت الشمس قد بدأت بالمغيب، وعيون بيلي تشرق ببريق لماع... انحنى كنت وطبع قبلة هادئة على جبينها. "بيلي .... اتعلمين قيمة قدراتك؟" وداعبت شفتاه وجهها وعنقها... وشيئا فشيئا فهمت بيلي انها تسمعه تنهداتها، وعقدت يديها خلف ظهره ، وفجأة رغبت في الاحساس بشفتيه، لم يكن بامكانها الانتظار اكثر... فرفعت وجهها نحوه متوسلة، فتناول شفتيها بحرارة وشوق كبيرين... توقف الوقت حولهما... وعندما ابتعد ، ظلت بيلي متعلقة بعنقه، فضمها اليه من جديد ، واحست بساقيه تضغطان عليها .... فارتعشت وابتعدت عنه مع انها احست باليتم والحرمان لاول مرة في حياتها ... امسك كنت وجهها بين يديه وتأملها قليلا بشوق ورغبة لم ترهما في عيونه من قبل ، كان يلتهمها بنظراته.... ثم طبع قبلة خفيفة على شفتيها وخرج....منتديات ليلاس -------------------------------------------------------------------------------- في صباح اليوم التالي، وجدته بيلي نائما على الكنبة في الصالون ، يدس وجهه في الوسادات الصغيرة.... فتأملت جسده الطويل وكان يرتدي بنطلون شورت قصير، وقد تدلت احدى قدميه خارج الكنبة. خرجت بيلي على مهل، وشعرت براحة كبيرة لانه وجد النوم اخيرا... ولكن لماذا تقلق عليه لهذه الدرجة؟ ماذا يمثل هو بالنسبة لها غير شيك في نهاية الشهر؟ ثم عادت الى الصالون، ودون ان تشعر، رمت شرشفا رقيقا على جسده النائم... بعد يومين ، اعلن كنت انهما بحاجة لاجازة, كانت بيلي في المطبخ تعد قهوة الصباح. " يالها من فكرة رائعة! سنأخذ اجازة ليوم كامل؟ سألته بحماس. "ولما لا؟ على كل حال يجب ان امر على مكتب البريد واشتري بعض الحاجيات.... وبعد ان تنتهي، بامكاننا استكشاف المدينة..." "رائع! كم اتمنى رؤية نيو برنسويك وجزيرة الامير ادوارد و...." "هاي هاي! لحظة.... انا قلت بأننا سنأخذ نهارا واحدا لاشهرا!" "نهار واحد، هذا افضل من لاشيء"اجابته ضاحكة "سأكون جاهزة بعد دقيقة واحدة!"كان كنت ينتظرها على الشرفة، "ارتدت ثوبا اصفر خفيفا، وتركت شعرها منسدلا على كتفيها وانتعلت حذاء رياضيا وحملت حقيبة يد جلدية، وقد ارتدى قميصا وبنطلونا انيقين وسرح شعره. "تبدين اليوم كازهار المرغريت البرية التي تنبت على الجزيرة". احمر وجه بيلي، تركته يمسك يدها وهما ينزلان نحو الشاطئ، شعرت بانها مراهقة في اول موعد غرامي لها ... كانت تشعر بنظرات كنت منصبة عليها لكنها تجاهلت ذلك. كان الهواء لطيفا يداعب شعرها الحريري فتطايرت خصلة من شعرها وضربت وجهه. "الهواء دائما قوي في هذه المنطقة" همس باذنها مبتسما ثم احاط كتفيها بذارعه " تعالي الى الامام، هناك يصل اشعاش الشمس..." تركته يقودها الى الامام، شعرت بسعادة لان هناك من يحميها ويهتم بها.... " عندما كنت صغيرة، كان جدي يصطحبني الى عيد القرية في شمال الولاية، هذه الرحلة تجعلني اشعر بأنني عدت سنوات الى الوراء! هل سبق لك ان ذهبت الى عيد القرية؟" "لا، لكن من خلال كلامك، اشعر بالندم لانني لم افعل ! ما ان انتهي من التسوق سنذهب لتناول الفطور في مكان على الساحل .... اعتقد انه سيعجبك". "لكن كيف سنذهب، سيرا على ااقدام؟" " لدي سيارة جيب اتركها دائما في الكراج لمثل هذه المناسبات ". تفاجأت بيلي بهذا الخبر الجديد، ولم يكن كنت قد لمح من قبل ابدا لهذه السيارة! بعد ان مرا على اليسوبر ماركت، دخل كنت الى مكتب البريد. "بيلي، بينما اهتم بالبريد، اطلبي رقم هاتف رينولدر ستنديش في كاليفورينا وقولي له انك سكرتيرتي، واطلبي منه ان ينتظرني دقيقتين ريثما اعود". تركها كنت تطلب الرقم , ولم تصدق بيلي نفسها انها تتكلم مع هذا المخرج المشهور, وعندما فتح الخط ناولت السماعة لكنت الذي عاد بسرعة. ثم ذهبا الى الكراج, واحضر كنت الجيب وصعدت بيلي الى جانبه وانطلق الى وسط المدينة, اسندت بيلي ظهرها على المقعد وتنفست الهواء بملئ رئتيها .... كل هذا جديد عليها.... اوقف كنت سيارته في وسط المدينة التجاري, وامسك يد بيلي واصطحبها الى مطعم تناولا فيه الافطار وشربا القهوة, وبعد هذا الفطور اللذيذ, قاما بجولة على المحلات. في محل لبيع البورسلان, اعجب كنت بطقم زجاجي للشاي ابيض ومذهب. "احذري بماذا يذكرني هذا ...." فانفجرا ضاحكين امام دهشة البائعة. "هل ستأخذه؟" "نعم" اجابها وهو ينظر اليها بطرف عينه. شعرت بيلي بأن قلبها سيتوقف .... فادارت وجهها كي تخفي انفعالها. ثم دخلا الي محل لبيع الالبسة بعد ان لاحظ كنت اعجابها بالوجهه , واثناء تنقلهما بين ارجاء المحل, مرا امام مانيكان بزي العروس, فرفع كنت الفوال ووضعه على شعر بيلي ... وانساب الدانتيل على كتفيها وزادها اشراقا, شعر كنت بانفاسه تتقطع امام هذا الجمال الطبيعي. "بيلي , انت رائعة, صورة عن السيدة العذراء حقيقة...." احست بيلي بالنيران ان تشتعل في خذيها واسرعت باعادة الفوال الدانتيل الى مكانه لتخفي ارتباكها. اصطحبها كنت الى مكتبة قديمة حيث اختارت كتابين, واختار هو ايضا ديواني شعر, ثم عادا الى السيارة وذراعاهما مليئة بالاكياس. اذا, هل اعجبتك المدينة؟" "اوه نعم" "كنت متاكد من ذلك, كنت كلما سمح لي الوقت اقضي فيها بعض الساعات, ولكن للاسف, لم يكن لدي متسع من الوقت في السنوات الاخيرة". كانت بيلي مرتاحة جدا, لا اثر لاي حقد بينهما, هذا النهار يبدو وكـأنه هدية من السماء ستحتفظ بها في قلبها كذكرى ثمينة الى الابد. قاد كنت الجيب وهو يصفر مرحا, فقط لو يمكنه ان يكون مرحا هذكذا دائما, لا اثر للهم عليه, وقد نسي لمرة واحدة عمله والمهلة الزمنية المحددة المرتبط بها, انه يبدو اليوم رجلا اخر, اصغر سنا, واكثر سحرا! احس كنت بنظراتها فابتسم لها , واعتقدت عندئذ انها ستذوب من الفرح... اوقف كنت سيارته الى يمين الطريق الساحلي بعد ان قطعا غابة صغيرة, وظهر امامها شاطئ رملي رائع وهو احد تلك الشواطئ التي يمكن رؤيتها من الفاري. كانت السعادة ظاهرة على وجه كنت بوضوح, فقطع الكونتاك وانحنى يخلع حذاءه. " ماذا تفعل؟" " اخلع هذا الحذاء الثقيل, هيا , تعالي نقوم بجولة على الشاطئ". خلعت بيلي حذاءها الرياضي وغرزت قدميها العاريتين في رمال الساخنة, بينما كان كنت قد وصل الى المياة وقد رفع بنطلونه حتى ركبتيه, كان كالولد الصغير يلملم الاصداف ويرميها على الامواج. -------------------------------- الفصل الحادي عشر: انضمت اليه بيلي ، ثم سارا معا يتمتعان بصوت الامواج وبزقزقة الطيور، ثم عادا الى السيارة وكنت يحيط كتفيها بذراعه، وبحركة طبيعية يضمها اليه.... وكانت لاتزال تحت تأثير سحر لطبيعة، فابتسمت له وهو يساعدا على الصعود الى السيارة. "هل سنعود الان؟" |ليس الان ، سأصطحبك لتناول العشاء، فانا اعرف فندقا يقدم طعاما شهيا." وكان النهار وقد مر وكأنه الحلم السريع. اصطحبها كنت الى فندق على الطراز الفرنسي، وسط غابة صغيرة وصعدا السلم يدا بيد واستقبلهما رجل متوسط العمر. "سيد تايلور؟ مساء الخير، كنا نتنظرك ، تفضلا واتبعاني...." نظرت بيلي الى كنت بدهشة، فابتسم لها وجذبها نحو الداخل، تقدمها الرجل الى غرفة طعام خاص حيث جلسا وحدهما حول طاولة مستديرة تلمع عليها الاواني الفضية، وقرب نافذة تطل على حديقة الفندق. قدم مدير المطعم القليل من الخمر لكنت، فتذوقه واشار الى الرجل براسه، عندئذ اقترب الخادم وسكب لهمما كأسين وابتعد بصمت مع مدير المطعم. "انهم يصنعون هنا النبيذ بانفسهم، اعتقد انه سيعجبك" كان النبيذ خفيفا، ولكن بيلي لم تكن معتادة على الشرب، لكن هذه التجربة تبدو لها عذبة اكثر من الخمر نفسه. بعد قليل، عاد الخادم ووضع امامها فاكهة البحر والشوربة الساخنة، ثم اتبعها بالسلطة. "انت طلبت كل هذا؟ كيف؟" سألته بيلي بدهشة. " لم افعل شيئا سوى انني اتصلت هاتفيا وحجزت طاولة وهم تكفلوا باعداد المائدة، انها عادتهم." ثم وصل الطبق التالي وكان مؤلفا من السمك مع النبيذ الابيض محاطا بالبطاطا والبصل، كان حقا طعاما شهيا، بينما كان كنت يلتهم طعامه، سأل بيلي عن طفولتها. " توفيت والدتي وانا في الخامسة من العمر، ثم تبعها والدي بعد عام واحد.... فاهتم جدي بتربيتي، لكنه كان يعلني الاعتماد على نفسي، والان فهمت السب، كان متاكدا انني سأجد نفسي وحيدة بسرعة، ويجب ان يعلمني الاستقلالية, حتى ولو عاملني بقسوة....لكني كنت واثقه انه يحبني كثيرا". "لقد تأقلمت بسرعة مع رتابة العيش في الجزيرة!" "نعم، انها مغامرة! بعد الحياة في صخب المدينة، تبدو الجزيرة مختلفة جدا و...." وتأملت يديها قليلا وكأنها تبحث عن الكلمة المناسبة ثم اضافت. "قضيت ثلاث ارباع وجودي اركض كي لا اتاخر، كنت اولا في المدرسة، ولكن ما ان بلغت الخامسة عشرة حتى بدأت بالعمل بالاضافة الى الدراسة، بائعة، نادلة في نطعم ... للحقيقة، بدأت اكسب عيشي بسن مبكرة، يبدو لي احيانا انني قضيت كل وقتي وانا اراقب جرس المنبة، وبالاسراع نحو الهاتف، وفي المدرسة التي كنت اعمل فيها كان العمل مرهقا، ومع ذلك تابعت دروسي في الجامعة... صدقني ، انا لست نادمة على اقامتي في جزيرتك المعزولة". "ولكن الا تشعرين قليلا بالوحدة على هذه الجزيرة بدون اي اتصال مع العالم؟" " وحيدة؟ ولكن كنت ، انا قضيت كل حياتي وحيدة.... كان جدي معي، ولكن ماعداه.... كما وان المرء يجد نفسه وحيدا دائما في نيويورك رغم الحركة والضجيج الذي يحيط به ، الوضع هنا مختلف ، اشعر بالارتياح، في جزيرتك يتعلم المرء ان يعيش على انغام الطبيعة وان يعرف نفسه اكثر... كما وان هذا العمل منحني فرصة للعودة الي ذاتي بعيدا عن فوضى الحياة اليوومية." ثم هزت راسها فتراقص شعرها الناعم، ولمعت عيونها، فاضافت. " احب الوحدة في جزيرتك، لم اشعر بالندم، كما وانك انت معي...." تأمل كنت وجهها قليلا. " احيانا وانا اعمل، كنت اراك من النافذة تلتقطين اشياء صغيرة وتجمعينها ، وكثيرا ما تساءلت عما يدفعك الى ذلك". " احب النزهات لانني اكتشف كنوزا كثيرة! اما هذه الاشياء الصغيرة...." وضحكت بكل براءة " فإنها ستظل ذكرى عن هذا الصيف الجميل، لايمكنك ان تعرف الى اية درجة انا سعيدة هنا، كنت في السنوات الماضية اقضي الصيف في مخيم وانواي ، صدقني، عندما يعيش المء شهرا واحدا مع العشرات الشياطين الصغار، فأنه سيفضل الوحدة وسيعرف قيمتها! كان بعضهم يشكو لي همومه كأني والدتهم او اختهم الكبيرة، والبعض الاخر كانوا شياطين، لقد حصل مرة ورموني في البحيرة، في منتصف الليل وانا في البيجاما". ضحك كنت كثيرا واعجب ببساطتها. " هنا كل شيء مختلف، لدي متسع من الوقت لنفسي، لنفسي فقط ولاول مرة في حياتي، بالتأكيد هناك العمل، وانا اوليه كل الاهتمام، لكن لاشيء يجبرني على الاستيقاظ في محدد، او على التسوق وحدي في شوارع المدينة ... انها كفترة اجازة..." "اذا ، كيف وجدت مفاجئتي؟" سألها وهو يشير الى هذه الغرفة الصغيرة المنزوية. " انها رائعة ، حقا!" واحمر وجهها ولمعت عيونها. نظر كنت اليها بحنان كبير واعجاب يصل الى حد الرغبة. "انك انت الرائعة .... بيلي...."وحاول ان يمسك يدها ويداعبها، ولكنها سحبتها بارتباك وازداد احمرار وجهها. دخل الخادم في هذه اللحظات ووضع امامها الحلوى بالفريز ، تناولت طبقها وكان قلبها يدق بسرعة لدرجة انها كانت تخشى ان يسمعها كنت ، ثم شربا القهوة، وعادا الى السيارة يترنحان، التفت كنت نحوها وقال مبتسما. " للاسف لم يكن هناك كرمس لادعوك لتناول البوظة او التفاح بالكراميل.... كل ما وجدته هذا الفندق" فرفعت نحوه وجهها المشرق. " لقد سبق لي ان اكلت التفاح بالكراميل، ولكن لم يسبق لاحد ان دعاني للعشاء في مثل هذا الفندق ، ولم يسبق لي ان شربت الخمر بكأس من الكريستال، كل شيء كان اليوم كالقصص الخرافية.... لن انسى ابدا هذا اليوم كنت." وانت ايضا ، لن انساك ابدا، قالت لنفسها.... وفي طريق العودة، قررت بيلي ان تطرح عليه السؤال الذي لم تجروء على طرحه من قبل. " انت لا تتكلم ابدا عن نفسك ، كنت .... اليس لديك عائلة، اخوة واخوات؟" "لا، ليس لدي اخ ولا اخت، والدي متوفى ، ووالدتي تعيش في بالم سبرينغز" اجابها بجفاف وكانه لايشعر بانه يتكلم عن نفسه.منتديات ليلاس --------------------------------- الفصل الثاني عشر: فتحت بيلي فمها من جديد ، لكنه اوقفها بحركة من يده. "انا لا احب الكلام عن نفسي" ولكن بيلي لم تكن من النوع الذي يستسلم بسهولة، وبعد قليل عادت لنفس الهجوم. "ماذا تفعل عندما لاتكون تكتب سيناريو؟" " اكتب شيئا اخر". لكن بيلي الحت من جديد. "ماذا؟" "لاشيء يهمك" اجابها بحده ليوقف سيل اسئلتها وعندما وصلا الى مرفأ الغين، اعادا الجيب الى الكراج، وطلب من جو العجوز ان يقلهما الى الجزيرة لانهما تأخرا على اخر رحللة. لكن بيلي رفضت الاستسلام، وقررت ان تعرف المزيد عن هذا الرجل الغريب، الكتوم. " اشعر بأن اسئلتي ازعجتك، كنت..." " انت لست بحاجة لمعرفة حياتي الخاصة! منذ متى والسكرتيرات تبحثن في حياة مستخدميها الخاصة؟" ذهلت بيلي من اجابته والتزممت الصمت...." " كم عمرك، بيلي؟" " ثلاثة وعشرون عاما" " انا ابلغ ضعف عمرك تقريبا، اسمعيني، ياصغيرتي، انا اعرف الحياة جيدا واعتدت عليها... هناك اناس يجدون لذة كبيرة في سحب اكبر عدد ممكن من المعلومات حول حياتك الخاصة، ويحورون كل شيء، وينشرونها بطريقة تجعل منك فاسقة فاجرة، هذا النوع من الحوادث حصل معي، وانا اعلم انها ليست المرة الاخيرة" قم قطع كلامه واشعل سيجارة واضاف. " بامكانك ان تسمي هذا وقاحة اذا شئت، انا اسميها الواقعية، اذا لم تكوني تعرفين شيئا عني ، فلن يتمكن احد على ارغامك على الكشف عن اشيئاء ستكون.... فلنقل مغلوطة، اذا توقفي عن طرح الاسئلة بيلي، سيكون هذا افضل". ففتحت فمها لتعترض، لكنه وضع يده على شفتيها. "لا ، بيل .... سأنزعج كثيرا اذا قرأت يوما عنوانا كبيرا: فصل الصيف الذي قضيته مع كنت تايلور، او قضيت الصيف بين ذراعي..."فابعدت يده عن فمها غاضبة لانه يعتقدها قادرة على مثل هذا العمل. "كيف يمكنك ان تتخيل بانني سأفعل شيئا مماثلا؟" وابتعدت عنه، لكنه امسك ذراعها وارغمها على النظر اليه. "لا تلعبي دور الملاك المهان، بيلي! في مهنتي هذا النوع من الاشياء شائع جدا! واذا عرض عليك احد مبلغا كبيرا لاتحلمين به؟ ستخترعين اي عذر لتقولي بانك كنت بامس الحاجة لهذا المال كي تعيشي" ثم تركها وحدها في الظلام ترتجف من اليأس والخيبة. "لاتقولي بانه لم يحذرك احد" اضاف بحدة وهو يبتعد " لن ينفعك عندئذ ان تزحفي على اقدامك، هذا حصل معي كثيرا لدرجة انني اعتمدت عليه... لن اعيرك اي اهتمام، لقد سبق ان قامت كثير من الصحف بهذا النوع من الاعلان لدرجة انني اصبحت عديم الانسانية!" "ولكنني لم اقرأ شيئا عنك! ومن سيهتم بحياة كاتب سيناريو مجهول الخاصة؟" ثم جلست على المقعد واغمضت عينيها، فرمى كنت سيجارته واحاط كتفيها بذراعه كي يهدأ غضبها، فأسندت رأسها على كتفه وشعرت ببعض الاطمئنان، وتمنت لو تطول الرحلة الى ما لا نهاية، لكن كان يبدو ان الجنيات الجيدات مشغولات لان رغم صلواتها توقف المركب..... فشكرا جو ونزلا الى الشاطئ. فتح كنت باب المنزل والتفت نحوها. "انت ترتجفين.... سأشعل النار" كانت بيلي تعلم انه يجب عليها الدخول الى غرفتها، لكنها تمنت ان تطيل هذا اليوم قدر الامكان... وجلست على الكنبة تراقبه وهو يشعل النار.... كانت ترغب في ان تجد نفسها بين ذراعيه، لكنها خافت ان يجرحها بكلمة تقضي على كل سعادتها... وعندما اقترب منها لاحظ الخوف على وجهها فابتسم بحنان. "لاتخشي شيئا بيلي... انا اشبه الكلاب لكني لا اعض". ثم امسك يديها ونظر الى عيونها ولاحظ انها ترتعش. " هل هل اعجبك يوم الاجازة هذا؟" سألها بصوت هامس. " كان نهارا رائعا ، كنت ...." وشعرت بنظراته العميقة فاضافت "سأتركك تعمل الان...." لكنه اوقفها ما ان وصلت الى باب غرفتها. "بيلي...." ناداها بحنان كبير. " تصبح على خير كنت". " ابقي قليلا...." " كان نهارا .... طويلا و ... انا متعبة...." متعبة! لا ، ولكن لمسة يده على ذراعها تحترق، قلبها يدق بسرعة تمزق صدرها. وعندما امسك كتفيها، ارتعشت للحظة ثم فكرت فجأة، لا يجب ان تضعف. " لا كنت، انا حقا متعبة، تصبح على خير". " هل كثير ان اطلب منك البقاء معي خمسة دقائق اخرى؟" لم تتمكن بيلي من الاعتراض، لانه تناول شفتيها والصق جسده بجسدها وقبلها قبلة عنيفة كادت تقطع انفاسها. حاولت بيلي ان تدفعه، لكن يديها غرقتا في فتحة قميصه.... كم من مرة ، يالهي، عندما كانت تنظر اليه وهو نائم، تمنت لو تداعب غابة شعر صدره الاشقر... وفقدت كل مقاومتها، وتركت يديها ترتفعان نحو كتفيه وفتحت فمها جيدا لتستقبل شفتيه. دون ان يتوقف عن تقبيلها ، دفع الباب بقدمه... ودون ان تدري كيف، وجدت بيلي نفسها على سريرها... وكل ثقل جسده فوقها، ثقل جسده الرائع... واندفع الدم يغلي في عروقها، وكاد قلبها ينفجر في صدرها، وفجأة ، لا شيء ... فتحت عيوننها وراته قد جلس على السرير يخلع قميصه، فنظرت الى صدره القوي ... وانتدت يد كنت تبحث عن ازرار ثوبها. " لا !" صرخت برعب شديد. ابتسم كنت وتابع فك ازرار ثوبها. فجلست ، وابعدت يديه عنها بحزم. "لا!" " لكن قبلاتك لا تقول لا" اجاب مبتسما بسخرية. "لم يكن يجب ... هذا لا يجب ان يتكرر! اخرج من غرفتي , كنت ارجوك لا اريد ... اخرج!" وهبت واقفه امامه ولم يعد بامكانها حبس دموعها التي سالت على وجهها. " بيلي..." ومسح دموعها ورفع ذقنها بيده فحاولت التهرب من نظراته وهي تجهش بالبكاء الصامت. " بيلي، لم اكن اعتقد بوجود فتيات مثلك...." فاغمضت عينيها كي لا ير الحب في نظراتها ولا الرغبة القوية التي تدفعها نحوه، والا ستهبه نفسها روحا وجسدا، وستكون سعيدة بالانتماء له.... لكن ارتعاشها لم يخف على كنت، فتركها وحدها وخرج وصفق الباب وراءه بحدة ---------------------------------- الفصل الثالث عشر: في اليوم التالي شعرت بيلي بتغير في علاقته معها. قضى كل وفته في الكتابة وعندما وجه اليها ملاحظة، وجهها بكل لطف، يبدوا ان نفسيته قد تحسنت. بعد مرور يومين، احضر له جو البريد وعدة مجلات وصحف اميركية فالقى كنت نظرة سريعة على العناوين ثم رماها على سريره كي يقرأها في المساء. عادت بيلي من نزهتها اليومية على الشاطئ، فوجدت كنت يقف امام المرأة في غرفتها ويحمل مقصا، وقد اختفت ذقنه تحت رغوة معجون الحلاقة، فابتسم لها عندما لاحظ دهشتها. "لاحظت انني اهمل نفسي كثيرا، وشعرت بالعار، لقد بدأت بهذه الذقن الطويلة، وقلت لنفسي بانه من الافضل ان اقص شعري قليلا، فجئت الى غرفتك لا ستعير مقصا ومرأة.." "تصرف وكأنك في غرفتك". قالت له ضاحكة :" ولكن يجب ان تنهي هذه الذقن اولا، اليس كذلك؟" " هذا صحيح. ايمكنني ان استعمل مغسلتك؟" ثم دخل الى الحمام، وتبعته بيلي، ولم تكن معتادة على رؤية رجل نصف عار في غرفتها. وعندما انهى حلاقة ذقنه، فاجأها في المرأة وهي تكاد تلتهمه بنظراتها, فارتبكت واحمر وجهها. " هل تملكين موهبة الكوافير؟" " لم يسبق لي ان قصصت شعر رجل" " ولكن لايمكنني ان اقص شعري من الخلف وحدي...." فوضعت المنشفة على كتفيه وابتسمت بمكر وناولت المقص من يده. " اتساءل كيف ستبدو ... اصلعا .... بامكاننا المحاولة؟ ضربة مقص من هنا، واخرى من هناك...."وامسكت خصلة من شعره. " اذا فعلت هذا، فالويل لك ". قال كنت ضاحكا. " لن تجرؤ". " حاولي وسترين بنفسك" بعد قليل سرحت له شعره وابتسمت بفخر. " مارأيك بهذه القصة؟" التقت نظراتهما للحظات، ولم تدر ماذا تقول وماذا تفعل. " انت رائعة بيلي، يجب ان احتفظ بك دائما الى جانبي، يبدو ان لديك مواهب كثيرة". " هذا لانني اقص شعري بيدي منذ طفولتي". نهض كنت ودس يديه في شعرها. "ستكون جريمة كبيرة بقص شعر بهذا الجمال، اسود كجناح الغراب، ناعم كالسمور المهر الولود حديثا...." ثم احنى راسه نحو فمها، فأحست بيلي بازدياد ضربات قلبها، وسقط المشط من يدها فرمت نفسها بين ذراعيه وخبأت وجهها في صدره ، فضمها اليه بقوة. "بيلي...." فورا عادت الى الواقع. لا ، لا! فكرت وهو يبحث عن شفتيها، فحاولت مقاومة رغبتها المجنونة التي ايقظها في كيانها واحست بتيارقوي يجرفها. واذا تركته يجرفها معه.... داعبت يدا كنت ظهرها بكل حنان.... ولكي تتمالك نفسها، حاولت ان تفكر ... ولكن بماذا؟ كل شيء يهتاج في داخلها، ولم يعد بامكانها المقاومة اكثر، فترنحت بين ذراعيه كأنها تطفو في عالم الاحلام. وناولته شفتيها ولم تعد تشعر سوى بالظمأ له .. انها بحاجة كبيرة له... فكيف تقاومه؟ بين ذراعيه، تشعر بأنها تعيش في الجنةداعبت شفاه كنت عنقها وشعر بنبضها السريع، فتشجع اكثر وداعب صدرها ، واحرقه بشفتيه فشعرت بلذة كبيرة واخذت تفكر دون ان تصدق نفسها. حملها كنت بخفة بين ذراعيه ومددها على سريره وتمدد بقربها. لا، هذا مستحيل ، يالهي ، يجب ان تقاوم.. ورغم ذلك احاطت عنقه بيديها وجذبته نحوها، ولم يعد بامكانها السيطرة على النيران التي تشتعل في كيانها،والتي لا يستطيع احد غيره اطفاءها ... هب هواء خفيف من النافذة رفع المجلات التي كان كنت قد تركها على سريره، جذب وجهها نحو وجهه، وقرأت في نظراته رسالة واضحة، انه يريدها، بكل احساسه وجسده هو ايضا كما تريد هي. كانت متأكدة انه يقرأ في مقلتيها نفس الرغبة، انها نفس الشعلة التي تحرقهما.... طارت ورقة احدى الصحف وحطت قرب وجهها. فحاول كنت ابعادها ، لكن شيء ... كلمة بدون شك ، لفتت انتباهه، وفجأة انحنى ليقرأ التتمة. " مابك ، كنت؟ مالذي لايسير على مايرام ؟" فرمقها بنظرات قاتلة:" اذا هكذا! انه صديقك الذي يعمل في النيويورك برس، في الارشيف كما تدعين؟" " ولكن ..."لشدة دهشتها لم تفهم شيئا. " كان يجب ان اشك بذلك، لماذا صدقت اكاذيبك؟" كانت تجلس على السرير عارية الصدر، وشعرها منفوش حول وجهها، فنظر اليها باحتقار. "انظري الى نفسك صورة حقيقة عن البراءة! كان يجب ان اتبع غريزتي واطردك في منتصف الليل ليلة وصولك!" كان صوته كالسوط يجلدها، نظراته كالسكين تقطعها. "لكنك لن تكسبي شيئا، بيلي.... لقد سبق وقلت لك انك ستكرهينني في النهاية.... صدقيني ، ستزحفين الان، اغربي عن وجهي ، وابتعدي عن حياتي الخاصة!" ثم امسك ذراعها ورماها خارج الغرفة. دخلت بيلي الى غرفتها والدموع تسيل على وجهها بغزارة. الكره والحقد في مقلتيه كان يقطع قلبها، فرمت نفسها في سريرها ولم تستطع ان تبعد نظراته الغاضبة عنها. وكلماته الجارحة كانت تعذبها، ماذا فعلت لتستحق كل هذا الاحتقار؟ ظلت مستيقظة طوال الليل ، وذكرى قبلاته واللذة التي عرفتها بين ذراعيه جعلتها تبكي بمرارة وياس ، ابدا لن تتمكن من نسيانه. لابد انه يضحك من سذاجتها، مسكينة بيلي، اي جنون جعلها تعتقد انه يمكن ان يكون لها مكان في حياة كنت. لو انه يدري كم تحبه وتتمنى ان تكون له وحده، لكن لاشيء مشترك بينهما سوى هذا السيناريو اللعين. وعندما سيعود الى هيوليود والى عشيقاته الكثيرات سينسى حتى اسمها. في الايام التالية،عاد كنت لعزلته وانكب على عمله، بينما حاولت بيلي تجنبه قدر الامكان، وتقريبا لم يتبادلا الحديث ابدا. بعد ظهر هذا اليوم، كانت بيلي تسبح عندما رأت الفاري تقترب من الجزيرة، وعندما توقفت نزلت منها امرأة شقراء شابة انيقة واتجهت نحو المنزل وهي تحمل حقائبها الثقيلة وكأنها تنوي الاقامة هنا طويلا. دخلت بيلي من الباب الخلفي ووصل الى مسامعها صوت تلك المرأة المغناج.منتديات ليلاس -------------------------------- الفصل الرابع عشر: "انت وسكرتيرك، رجل طبعا، وحدكما لقضاء الصيف! برافو، وانا يجب ان اكون صبورة والاازعج العبقري وهو يعمل. ولكن رينولدر ستنديش تعرف على صوت معاونتك الشابة الصغيرة.... ولكني لن اسمح لسكرتيرة صغيرة ان تمشي على ارضي الخاصة!" "اليك هذا التوضيح، اندري ، انا لست ملكا خاصا لاحد، هل صحيح ان ستدنديش صرخ فوق السطوح بانني وحدي مع امرأة شابة هنا؟" ثم سكت قليلا مفكرا واضاف:" الم اطلب منك ان لا تأتي الى هنا عندما اكون اعمل؟ سترحلين غدا بنفس الفاري". " ولكني ياعزيزي..." وبهذه اللحظة لمحت بيلي التي كانت تلف جسدها بمنشفة البحر وشعرها لايزال رطب، وهي بدون مكياج تبدو سخيفة جدا امام هذه الامرأة التي بكامل اناقتها. قام كنت بالتقديمات، ثم اعتذرت بيلي ودخلت غرفتها لتبدل ملابسها، لكنها سمعت اندري تقول بسخرية:" اوف، ياعزيزي ، لقد اطمأنيت الان! حتى على هذه الجزيرة المعزولة، لايمكن لرجل ان يجد فتاة بائسة كهذه تناسب ذوقه!" بائسة! ايتها الافعى الشريرة! ! وضبت السرير برجلها وبعد الدوش سرحت شعرها جيدا ولفته بالرول التي كانت قد نسيت انها احضرتها معها في قعر حقيبتها،ووضعت القليل من الماكياج الذي نسيت عادة استعماله. وعندما جف شعرها، ارتدت احد اثوابها التي ستجعل كنت يفقد عقله. ثم خرجت من غرفتها وهي ترفع رأسها عاليا، لكن صدمتها كانت كبيرة عندما وجدت رسالة لها في المطبخ. " لقد طرقت على باب غرفتك لكنك لم تجيبي، ذهبنا الى المدينة وسنعود في وقت متأخر" عادت الى غرفتها والحزن يملا قلبها، وخلعت ملابسها وازالت الماكياج عن وجهها وارتدت قميص نومها وتمددت في سريرها تتساءل الى اين اصطحبها كنت الى نفس الفندق الفرنسي؟ ولكن مايعنيها من امرهما. لا ، لا يهمها كيف غادرا الجزيرة ولا ماذا يفعلان الان. استيقظت في منتصف الليل على صوت المطر. ما هذا؟ لابد ان هذه الدخيلة اغضبت السماء عندما افسدت هدوء الجنة، وفجأة جلست في سريرها مذعورة.... هل حقا كانت تحلم بأن يدا داعبت وجهها، وانها سمعت همسا يناديها باسمها وبشفتين رقيقتين تقبلان جبينها؟ لا، انها لن تكن تحلم ، لان هذا الشرشف كان مطويا عندما نامت، وها هو الان يغطيها حتى ذقنها. لابد ان كنت دخل وغطاها، احمر وجهها وارتبكت . لابد انه رأى مقلتيها منتفخة من اثر البكاء. هل كانت اندري معه في هذه الغرفة؟ قد يكونان ضحكا كثيرا من سذاجتها. في الصباح التالي، فاجأها كنت تعد فطورها في المطبخ. "انا اسف بالنسبة لمساء الامس، بيلي، كنت اريدك ان تأتي معنا. لكنك كنت في الحمام، على كل حال، اندري امرأة لاتطاق، فقلت لنفسي انك قد لا ترغبين برفقتها". "لقد فعلت حسنا." "لقد اصرت اندري على الخروج، وكانت قد حجزت مركبا سلفا. كنت سأرفض، لكنني فكرت انها ستكون بعيدة وترتاحين منها..." " هذا لطف منك ان تفكر بفتاة بائسة مثلي، ولكن، قل لي، هل تعرف اندري كيف تثير رغباتك دون ان تثير غضبك عليها؟" وابتعدت لتغادر المطبخ، لكنه امسك يدها وحبسها خلف ظهرها. ارادت بيلي ان تدير وجهها كي لايرى دموعها. لكنه رفع وجهها نحوه واجبرها على النظر اليه. " هذه الجملة الاخيرة ليست جديرة بك ، بيلي." "حقا!؟" فنظر اليها بغضب شديد ، واحست بانفاسه على خدها، كان يبدو يقاوم ضد نفسه... وفجأة، انحنى وتناول شفتيها بعنف واجبرها على فتحهما لكنها ظلت كالحجر. وعندما رفع راسه نظرت اليه باحتقار، فابتسم، وعاد وانحنى نحوها، وقلبها هذه المرة قبلة هادئة حنونة، فحاولت ان لا تتأثر... ولكن جهودها ضاعت عندما بدأ يداعب جسدها بلمساته الرقيقة. فبادلته القبل واستسلمت لرغبتها وعانقته. ابتعد كنت وابتسامة النصر على وجهه، تحملت بيلي نظرته لحظة ثم هربت مسرعة الى غرفتها. بعد ساعة، كانت بيلي منحنية فوق آلة الطباعة عندما دخلت اندري الى مكتبها. "اذا، هنا انت تعملين؟ على الاقل احسن كنت باختيار هذا المكان كي تطبعين فيه بعيدا عنه..." رفعت بيلي رأسها قليلا. ذهلت باناقة هذه المرأة لكاليفورينة. "ليس كنت هو الذي اختار لي هذا المكان، بل انا اخترته بنفسي". " يرغب كنت في ان ترافقينا، سنقوم برحلة بحرية...." كادت بيلي ترفض، لكن كنت انضم اليهما. " استعدي ، بيلي، سيصل المركب بعد قليل". وكانت نظراته تأمرها بأن تطيع. فشعرت ان الوقت ليس مناسبا للنقاش، فاطاعته ودخلت الى غرفتها لتبدل ملابسها. دار المركب حول الجزيرة ، ثم اقترب من الشاطئ الصخري ظلت بيلي تستند الى حافة المركب تتمتع بالهواء الذي يلاعب شعرها، وفجأة رأت بيلي خليجا صغيرا شاطئه رملي، اليس هذا هو نفس الشاطئ الذي تنزهت عليه هي وكنت حافيي القدمين. " هل رايته؟" صوت كنت خلف اذنها جعلها تنتفض "رأيت ماذ؟" | شاطئنا..... الاتذكرينه؟" ايسخر منها عندما يصفه بأنه شاطئهما؟ لاحظ كنت ارتباكها، فوضع يده على كتفها. " انظري جيدا، انه شاطئنا". " مالذي يشغلكما انتما الاثنين؟" سألتهما اندري وقد اقتربت منهما. " انه خليج صغير جميل جدا" اجابها كنت بهدوء. تركتهما بيلي واتجهت الى مؤخرة المركب. بعد قليل، تناولوا الغذاء في خليج كارديغان، وكان كنت قد اصر على ان يشاركهم قبطان المركب الغذاء. في المطعم، كانت بيلي تجلس قرب كنت الذي يضغط بساقه على ساقها، فارتبكت ونظرت الى اندري، فوجدتها مشغولة بالثرثرة مع القبطان. " امن الضروري ان تكون قريبا جدا مني؟" سألته بصوت منخفض. لم يجبها كنت، بل ظل يسند كتفه على كتفها وساقه على ساقها، تنهدت بيلي، لماذا الطقس حار جدا هنا؟ كانت على قمة التوتر لاتعرف كيف تتخلص منه، وفي طريقهما الى المركب كادت تتعثر في سيرها، فأمسكها كنت بالوقت المناسب.منتديات ليلاس ---------------------------------- الفصل الخامس عشر: فأحست بيديه تحرقانها، وابتعدت عنه بسرعة، وعندما وصلا الى الجزيرة ، شعرت بيلي براحة كبيرة، واخيرا ستتمكن من الانفراد بنفسها بهدوء. ولكن في اليوم التالي بعد الظهر، دخل كنت الى غرفتها وامرها بأن تستعد للخروج لتناول لعشاء في المدينة، لكنها رفضت بشدة، ففتح خزانتها واخرج منها ثوبا للسهرة. " ارتدي هذا...." " لن اخرج معكما" " اذا لم تبدلي ملابسك بسرعة، سأمزق ثوبك هذا والبسك ثوب السهرة بنفسي...." "لن تجرؤ على ذلك!" لكن عندما رأته يستعد لتنفيذ تهديده تراجعت للوراء. " حسنا، كنت ، لقد ربحت، سأبدل ملابسي، اخرج الان" ابتسم كنت واندي والقبطان يشربون كاسا. "انظرا .... كم انت جميلة هذا المساء!" قالت لها اندري بلهجتها الساخرة. " كنت اروي قصة مثيرة للقبطان...." " ارجوك ، لاتقطعيها من اجلي". عادت اندري للحديث مع القبطان، فاقترب كنت من بيلي وقدم لها كأسا ، فتناولته بيد مرتجفة. "انت رائعة، هذا المساء بيلي". ابتسمت بيلي وكانت تعلم انه لامجال للمقارنة بينهما وبين هذه الامرأة الفاتنة الانيقة التي لم تشاهد مثلها في حياتها. في المطعم، كان الثلاثة يتحدثون بمرح، بينما ظلت بيلي بعيدة جدا عنهم تستند الى ظهر مقعدها شاردة الذهن تستمع الى اغنية يغنيها مطرب السهرة، وهي تتحدث عن القلب المحطم والحب الضائع ، كانت بيلي قد سمعتها مرات عديدة، لكنها لاول مرة تفهم معناها، وكأن كلمات هذه الاغنية كتبت خصيصا من اجلها. "اذا؟" "عفوا؟" انه كنت ، ماذا يريد منها ايضا؟ "انها المرة الثانية التي اسألها فيها اذا كنت ترغبين بالرقص معي، بماذا كنت تحلمين؟" "بالفعل، كنت بعيدة جدا". "تعالي" "لا". " دعها كنت لاحلامها".تدخلت اندري " سأرقص معك انا." " انها رائعة". قال القبطان المعجب وهو يتبع اندري بنظراته. " نعم ، بالفعل"، اجابته بيلي بدون حماس. "لقد روت لي كل حياتها، لم اكن اعلم انها مثلة مشهورة". تفاجأت بيلي بهذا الخبر، لكنها ادركت الان سر نظراتها وابتسامتها. " جاء دورك، الان، ايها القبطان". قالت له اندري وهي تقترب من الطاولة وكأنها تقدم خدمة كبير له. انحنى كنت امام بيلي ومد يده نحوها، فنهضت وتبعته الى حلبة الرقص. وعندما ضمها اليه، احست بالنيران تشتعل في جسدها... وضعت يدها على كتفه محاولة جهدها ان لا تلمسه ، وتجنبت النظر اليه كي لا يلاحظ مدى تأثير يديه عليها... رقصا على انغام الموسيقى الهادئة دون ان يتبالا الكلام ، وبيلي تركز نظرها في الفراغ غير قادرة على التفكير بشيء اخر غير انفاسه الحارة على جبينها. "هل اعجبك العشاء؟" كان رائعا...." اجابته بسرعة مع انها لم تكن تذكر انواع الطعام الذي قدم على المائدة. "كاذبة!" " كنت! ماذا تقصد...." " اخرسي" قاطعها واسند شفتيه على جبينها. " استرخي بين ذراعي وحاولي ان لاتفكري باي شيء"...وجذبها نحوه فأسندت رأسها على صدره وتركت يدها تنزلق الى كتفه، واحست بأن ساقيها لم تعودا قادرتين على حملها، اذا تابع هكذا،لن تتمكن من الصمود اكثر! ستنهار وسيضطر لحملها حتى مقعدها. ورغم ذلك، تمكنت من السيطرة على نفسها وتركته يقود حركتها على انغام الموسيقى. عندما انتهت الموسيقى، عادا الى طاولتهما دون ان يلفظا اية كلمة، كان القمر ينير السماء عندما صعدوا معا الى المنزل بعد ان شكروا القبطان، وقبل ان تستسلم للنوم، سمعت بيلي خطوات كنت في كل الاتجاهات، وفكرت بتبدل مزاجه الغريب، لن تتمكن ابدا من فهم هذا الرجل الغريب. تأملت بيلي تلة الاوراق المكدسة على مكتبها، يبدو ان كنت لم يتوقف عن الكتابة طوال الليل. انها بحاجة لاكثر من فنجان قهوة كي تجد الشجاعة لمواجهة هذا العمل الذي لن تتمكن من انهائه قبل حلول الظلام. ومن حسن الحظ، لم تقترب اندري حتى الظهر، وكانت ترتدي تيورا عاري الظهر من الحرير الازرق، بينما كانت بيلي تتابع الطبع، اخذت اندري تتصفح كل الاوراق التي تركها كنت للتصحيح. " ايمكنني ان افيدك بشيء ، اندري؟" " اوه ، لا.... اردت ان اقوم بجولة بانتظار كنت". "كنت؟ لابد انه نائم بعد ليلة طويلة من العمل! انظري لقد كتب خمسين صفحة!" " لكنني خرجت لتوي من غرفته، ذكرته بأن المركب سيصل بين لحظة واخرى" اجابتها اندري بدلال. " اي مركب؟" سألتها بيلي بدهشة. " اتعتقدين اننا سنقضي النهار كله هنا؟ لقد طلبت من فارسي الامس ان يمر لاصطاحبنا ... الن تنضمي الينا؟" سألتها بعد تردد. " الافضل ان ابق هنا.... يلزمني ساعات طويلة لانهي كل هذا...." لاحظت بيلي ابتسامة النصر على وجه اندري، في هذه اللحظات دخل كنت وهو على عادته لم يهتم كثيرا بأناقته. " هل سنذهب؟" سألته اندري بأبتسامة ودلال. "نحن لن نعود قبل حلول الليل، اليس كذلك يا عزيزي؟" " لست ادري، على ماذا اتفقت مع صديقك ذئب البحر؟" "اوه، ياعزيزي، اريد ان اكشف كل شيء في عالمك هذا كي اشعر بالقرب منك...." وامسكت ذراعه وجذبته نحو الباب ، لكن بيلي سمعتها تضيف "يا عزيزي ، الى متى ستبقى في هذه الجزيرة؟ الى ان تهرم....؟ انا متأكدة من ان سكرتيرتك الصغيرة ستعرف كيف تسلي نفسها اثناء غيابنا".منتديات ليلاس --------------------------------- الفصل السادس عشر" ثم سمعت ضحكاتها الماجنة وتساءلت كيف تنجح هذه المرأة باستمالة كل الرجال. وتساءلت ايضا لماذا لم يصر كنت على ان تغادر الجزيرة في اليوم التالي كما اعلن يوم وصولها، انه يترك عمله المقدس من اجل مرافقتها في النزهات البحرية، ترى مالذي حصل بينهما وجعله يغير رأيه؟ هل ادرك الى اية درجة وهو يفتقدها...؟ بالطبع ، اندري امرأة يتمنى كل الرجال رفقتها، وكنت مثل كل الرجال، يكفي ان تظهر اندري حتى ينسى عمله ويصبح دليلا لها، على كل حال، كنت ليس سوى كاتب سيناريو بدون شهرة.... وقد يكون اهتمامه باندري مدروسا اكثر منه عاطفيا. بعد ساعات، دفعت كرسيها الى الوراء، ونزلت للاستحمام بمياة البحر المنعشة، ثم تمددت على الرمال، تفكر بالمرة الاولى التي ضمها فيها كنت بين ذراعيه، وبتلك الليلة التي حملها فيها الى سريره وكادت فيها تنتمي اليه... تزاحمت الذكريات في رأسها فتنهدت ولاحظت ان الشمس بدأت تميل للغروب. لقد اوشك النهار على نهايته دون كنت ، ودون مزاجه المتقلب ولمسات يده الرائعة. ادركت الان الى اية درجة كل حياتها تتمحور حوله وحول عمله . انها متعلقة جدا بهدا الرجل العنيد والطموح وتخشى ان لا تتمكن من العيش بدونه.... حل المساء، فأشعلت الفتاة النار في المدفأة كي تخفف برودة المساء، ثم تناولت كتابا وتمددت على الكنبة ، لكن كان من المستحيل ان تركز انتباهها على ماتقرأه! لم يكن بامكانها ان تزيل كنت واندري من رأسها. نهضت ودخلت الى غرفتها وطال ارقها الى ان غلبها النعاس ونامت. ولم تستيقظ عندما عادا متأخرين. مع طلوع الفجر، استيقظت بيلي ، فجلست في سريرها تبحث عن وقع خطوات كنت، لكنها لم تسمع شيئا، لابد انه نائم، او قد يكون لايزال على اليابسة، نهضت لتشرب كوب ماء في المطبخ، ولدى عودتها الى غرفتها تفاجأت بكنت يقف امام النافذة في غرفة الطعام. " استيقظن؟" سألها بجفاف. " اوه، لقد ارعبتني!" واستندت على الحائط لتلتقط انفاسها. "لم اسمع خطواتك التي اصبحت عادة، فايقظني الصمت". " هناك مشهد في السيناريو يتعبني كثيرا، فجئت الى هنا لاتمتع بمنظر طلوع الفجر..." وتوقفت نظراته على قميص نومها الرقيق وقدميها الحافيتين. هربت بيلي بسرعة الى المطبخ كي تحاول تهدئة دقات قلبها المتسارعة وعندما مرت امام غرفة الطعام، كان كنت يشعل النار، فاقتربت منه بهدوء، مسح كنت يديه ببنطلونه وتقدم خطوة منها وتأملها قليلا وتوهج النار ينعكس في مقلتيها. عضت بيلي على شفتيها ، وكنت لايبعد نظره عنها. " هل ستعودين للنوم؟" "لا ، لقد هرب النوم من جفوني". ابعد كنت خصلة شعر عن وجهها، فابتسمت... كانت يد ناعمة جدا. والتقت نظراتهما من جديد، وكل واحد يبحث في نظرات الاخر عن جواب لتساؤلاته . وامتلا الجو بينهما بالكهرباء، دون اية كلمة، ضمها كنت بين ذراعيه، فاستسلمت له لاهثة ، وعندما التقت شفاههما ، احست بيلي بأن قلبها سيخرج من صدرها.... بدا وكأن الوقت توقف حولهما .... ولم تعد تشعر سوى بهذه اليدين القويتين الناعمتين اللتين تداعبان جسدها وتضمانها اكثر واكثر، احست بحراة جسده من خلال قماش قميص نومها الرقيق ، واصبح فم كنت الدافئ اكثر الحاحاً في تذوق فمها المنعش ... اجتاحتها موجة كبيرة من اللذة ، واحست تحت اصابعها بدقات قلبه القوية ... فأدركت عندئذ مدى تأثيرها عليه ، وجنون الانفعالات التي تولدها في كيانه ... ابتعد كنت لحظة ثم ضمها اليه بقوة اكبر ، احست بصدره يضغط على صدرها ، فضمت كتفيه وفتحت شفتيها من جديد لقبلاته ، لكن كنت ظل يقبل عنقها ويزيد من تأجيج نيرانها . تحولت كل مشاعر بيلي الى انفعالات بركانية ، شفاه كنت ، رائحة جسده ، نعومة صدره الذهبي ، واحست بدوار ولم تعد تقوى على الوقوف ، دس كنت وجهه في شعرها الطويل . " في المرة القادمة ، عندما تستيقظين باكراً "، قال بصوت مرتجف لاهث . " من الافضل ان تحبس نفسك في غرفتك وتقفلي الباب جيداً ..." ثم امسك وجهها بين يديه وتأمل شفتيها اللتين لا تزالين رطبتين ومنتفختين من اثر قبلاته وداعب خدها بحنان . " كنت ، انا ..." فأسكتها بوضع اصبعه على شفتيها ، كانت بيلي ترتعش بين ذراعيه . " لم يعد يكفيني ان اضمك فقط بين ذراعي ، بيلي . ادخلي الى غرفتك فوراً ، قبل ان نفعل ما نندم عليه ..." ودفعها باصرار نحو الباب ، لكنها ترددت قليلاً امام الباب والتفتت نحوه ، كان يستند الى المدفأة يحاول السيطرة على انفعالاته ، وكانت بيلي تعلم انها ليست بحاجة سوى لكلمة واحدة ، كي يضمها من جديد بين ذراعيه ... كانت ترغب كثيراً بذلك وهي متأكدة انه يرغب بها بنفس القوة ، بعد نظرة طويلة ، استطاعت ان تتخلص من سحر جسده عليها ، ودخلت غرفتها بهدوء . مرت الساعات ببطء قبل ان تشرق الشمس وبيلي لم تتوقف عن التفكير بكنت . كانا قد عاشا لحظات نادرة من اللذة علمت من خلالها انها تمثل بالنسبة له شيئاً آخر اكثر من مجرد مغامرة سينساها بسرعة . ابتسمت بيلي ، يبدو ان هذا النهار سيكون رائعاً فارتدت ملابسها وسرحت شعرها وتوجهت الى مكتبها . لكن المشهد الذي كان ينتظرها جعلها بدون صوت : كانت اندري جالسة على الكرسي وهي بكامل اناقتها تقرأ مخطوطات كنت . حاولت بيلي ان تسيطر على غضبها وقالت بصوت ارادته هادئاً :" ماذا تفعلين بالتحديد ، آنسة الان ؟" رفعت اندري رأسها نحوها بجفاف ثم تابعت قراءتها . " ماذا برأيك ؟ آخذ فكرة عن دوري ، بكل بساطة !" " دورك ..." ترددت بيلي بدهشة . " بالتأكيد ! انوي لعب الدور الرئيسي ، وارغب في ان يكون هذا افضل نص يكتب لي . لقد سبق ان حذرت كنت بأنني سأفعل المستحيل كي احصل على هذا الدور . هل فهمت ؟ اريد هذا الدور والآن ، ارغب بقراءة هذا السيناريو وحدي . ولكني اشعر ببعض الخيبة ، ليس في هذه الشخصية شيء مهم كدور البطل . وفور عودتي سأتصل بريندلز لاعلمه بما افكر به ..." بأي حق تسمح لنفسها بانتقاد عمل كنت ؟ فنظرت اليها بغضب شديد : " لن تفعلي ذلك ابداً ! انه سيناريو رائع ! واذا بكيت امام المخرج ، فانك قد تؤثرين على مستقبل كنت ." " اؤثر على مستقبل ! " رددت اندري بسخرية . " يالك من ساذجة ، يا عزيزتي ... اتعتقدين انني اهتم ؟ ان من يسمعك يعتقد ان كنت مبتدئ مسكين ..." " اندري ! ". تجمدت الكلمات على شفتيها ، كان كنت يقف خلف بيلي ، والشرر يتطاير من مقلتيه ، فاقترب منها بسرعة واخذ الاوراق من يدها مهدداً . " الافضل ان اخرج قبل ان انس انك امرأة ..." " هكذا اذاً ! قد يكون من الافضل ان تخرج قبل ان ... نفعل مانندم عليه ." قالت بسخرية محاولة ان تقلد صوت كنت عندما كان يكلم بيلي في ساعات الفجر الاولى عضت بيلي على شفتيها ، اذاً اندري سمعت ورأت كل شيء ! ولكن كيف ؟ اين كانت تختبئ !. كان كنت ينظر الى اندري وكأنه سيخنقها لشدة غضبها ، ولكن بجهد كبير ، استطاع ان ينجح في السيطرة على اعصابه ... " انت قادرة على القيام بأي عمل وضيع ، اندري ، اليس كذلك ؟" استفزته اندري بابتسامة ماكرة . " صحيح ، يا عزيزي ، ولقد اكتشفت شيئاً مهماً بخصوصك انت ... اتعتقد انك وجدته اخيراً ، كنت ، الحب الكبير الحقيقي ؟" رمقها كنت بنظرة احتقار ، انها لاتستحق الاجابة ، واتجه نحو الباب ، لكن اندري غرزت اظافرها المطلية بذراعه واستوقفته . "كيف يمكنك ان تعتقد للحظة واحدة انها تناسبك؟" فرفع يدها عنه بهدوء" هذا يكفي، اندري" " اوه لا، يجب ان تسمح الي ، ياعزيزي، انت مثالي والرجال الذين من نوعك ، انا اعرفهم: كتاب حالمون.... تعتقدون دائما انه يوجد في هذا العالم المنحط القذر امرأة مثالية لاتنظر الى سواكم! ولكن اذا كنت حقا تجدها امرأة كاملة، لماذا كذبت عليها لماذا لم تقل لها انك...." ارتبك كنت واعتقد بيلي انه سيضربها، لكنه ابتعد شاحبا كالاموات، الا ان اندري وجهت نحوه سهمها الاخير:" ستخدعك وتخونك كالاخريات، انا اقول لك هذا، وستعض اصابعك ...." لإ. خرج دونان يلتفت نحو بيلي وصفق الباب وراءه بعنف مما جعل النوافذ ترتج، وترك الامرأتين وجها لوجه. " انت انسانة كريهة ، اندري". " وانت ، انت صغيرة غبية! اتعتقدين حقا ان رجلا ككنت يهتم بفتاة مثلك؟ انا وحدي استطيع ان افهمه، نحن من نفس الجزر". " من نفس الجزر؟ اوه لا". " بل انا اعرفه اكثر منك، ايتها المسكينة الغبية! انه طموح جدا ، مثلي تماما، هدفنا الوحيد النجاح! كما وان له ضعف عمرك تقريبا. لست بالنسبة له سوى مغامرة عابرة تسلية في وحدته على هذه الجزيرة، رجل مرهف مثله لايمكنه البقاء طويلا بدون امرأة، اذا هو يأخذ ماتقع عليه يده...." ثم وقفت بدلال واضافت: " انت بلهاء، ياصغيرتي.... الافضل ان تحبسي نفسك في غرفتك وتقفلي على نفسك جيدا بالمفتاح...." كانت هذه الجملة الاخيرة كالصفعة القوية هذه الامرأة الفظيعة سمعت كل وارق همسات كنت! وشحب لون بيلي تحت تأثير الاهانة. "نعم انت فتاة صغيرة تريد ان تدخل في عالم الكبار، ولكن هذه لعبة البالغين! اتعتقدين حقا انه لك مكان صغير في عالم كنت؟ اتعلمين فقط ماهي حياته؟ اصدقاؤه ومعارفه كلهم من المشاهير الاثرياء، طفلة مثلك ستكون كرة بين يديه فقط!" لا، هذا كثير، اتجهت بيلي نحو الباب ، لكن صوت اندري تبعها: " انظري الى نفسك ايتها القديسة العذراء! ماذا لديك لتقدميه لرجل مثله؟" وخرجت بكل كبرياءها وتركت الفتاة منهارة في وسط الغرفة.... ماهي كذبة كنت، ماهي الحقيقة التي يخفيها عنها؟.. انها لاتفهم شيئا! مالذي يخشى البوح به؟لم تستطع بيلي ان تتخلص من القلق الذي يخنقها، وظلت كلمات اندري ترن في اذنيها: سخيفة ، صغيرة ساذجة، كيف استطاعت ان تعتقد للحظة انه بامكانه ان يحبها؟ وبذور الشك التي زرعتها اندري في رأسها كانت تعذبها وتخنق كل محاولة منها للتعقل.ايمكنها ان تأمل في التغلب على امرأة كأندري؟ المعركة خاسرة سلفا. ثم دخلت المطبخ واعدت الشاي، وفجأة ظهر كنت امام باب المطبخ "لقد اعددت الشاي، اتريد فنجانا؟" وحمدت الله الان صوتها لم يظهر توترها. "لاشكرا، انا بحاجة للقهوة". اجابها بجفاف وجلس على الكرسي مقابلها واخذ ينظر من النافذة . " هل سبق ان جئت الى هذه الجزيرة في الشتاء؟" "نعم". اجابها بإيجاز، واعتقد بيلي بأنه لايرغب بالكلام، لكنه اضاف بعد تردد:" انه المكان المثالي عندما اكون بحاجة للوحدة". "هل كانت سكرتيرتك ترافقك؟" " هيلين؟ لم يكن بامكاني اقناعها بالمجئ الى هذه الجزيرة في الشتاء. بالكاد كانت تتحمل شهرا في فصل الصيف! على كل حال، عندما لايكون لدي شيء لتطبعه، كنت افضل البقاء وحدي. انها تعيش في كاليفورينا. وعندما كنت احتاج اليها في نيويورك كانت لا تتوقف عن الشكوى." ارتاحت بيلي لموضوع الحديث، فليتكلم بأي شيء.... "الديك مكتب في نيويورك؟" " لا، انا اعمل هناك في شقة في شارع بارك افاني". " يالهي! انه ارقى شوارع نيويورك! لابد انه ينزل في شقة احد اصدقائه..." قالت في سرها. "وماذا تفعل هناك؟" فنظر اليها بدهشة" اقصد اي نوع من الحياة تعيشه؟ اتلتقي العديد من الفنانين والمخرجين؟" سألته من جديد. " نعم" اجابها بإيجاز. " وفي كاليفورينا؟ اتعرف ايضا اناسا مشاهير" تأملها كنت قليلا ثم سألها بهدوء. " الى اين تريدين الوصول بيلي؟" "ولا الى اي شيء". واحمر وجهها من الخجل. " الم اقل لك بانني لا احب الكلام عن نفسي؟" " ولكن يجب ان اعلم اكثر عنك!" واخفضت وجهها. " يجب؟" " نعم .... اريد ان اعرفك اكثر". ثم رفعت رأسها نحوه، والحنان الذي رأته في مقلتيه جعلها تشعر بالمثل والسعادة. مد يده فوق الطاولة، وامسك يدها بحنان كبير. فسرت في جسدها رعشة لذيذة. " حسنا، بيلي ، اطرحي علي كل اسئلتك، لقد تعبت من مقاومتك، قد تكون انجري على حق.... قد يكون من الخطأ ان لا اثق بك..." شعرت بيلي بأن قلبها يدق بسرعة جنونية... الثقة... انها بداية جيدة. " اريد ان اعرف كيف عشت طفولتك، وماذا تكتب عندما لا تكتب سيناريو. ومن هم المشاهير الذين تعرفهم في هيوليود..." لكن هدير محرك مركب جو قاطعها، فخرجا الى الشرفة: انه بالفعل جو يصعد نحو المنزل. " هالو! صباح الخير، سيد تايلور... انسة .... لدي رسالة لك، سيد تايلور، لقد وصلت لتوها من الولايات المتحدة، وتبدو مهمة لهذا السبب جئت فورا" وناوله مغلفا فتحه كنت فورا وشحب وجهه. " بيلي ، ولو سمحت قدمي القهوة لجو... سأعد حقيبتي، وسأكون جاهزا بعد خمسة دقائق" قال للبحار. " ايمكنك انتظاري؟" " وماذا هنالك، كنت؟" سألته بيلي بقلق شديد. " والدتي... انها مريضة يحب ان استقل الطائرة فورا الى بالم سبرينغ". " سأرافقك". قالت اندري التي دخلت لتوها. لا ، هذا ليس ضروريا"، اجابها دون ان ينظر اليها. " ولكن بلى! اتعتقد انه يمكنني البقاء هنا من دونك؟ سأكون جاهزة بلحظة واحدة". " كنت اعتقد ان رينولدز سيمر لاصطحابك في نهاية الاسبوع في طائرته الخاصة". "لا، لن انتظره، سأتصل به هاتفيا". واخيرا، فهمت بيلي طبيعة علاقتهما، وفهمت لماذا سمح لها كنت بالبقاء.... المخرج ستانديش وطائرته الخاصة هما تحت تصرف اندري، لهذا السبب يلاطفها كنت... اعدت بيلي القهوة لجو، وانضمت الى كنت في غرفته. "ايمكنني ان افعل شيئا لك؟" تأملها كنت قليلاً ثم تابع ثم تابع اقفال حقيبته . " سأخذ السيناريو معي . لم يبق لدي سوى تصحيح بعض المشاهد ..." " ايجب علي ان ارحل ؟ خاصة وانك ستغادر الجزيرة ؟" " لا!" اجابها بحزم ، ثم حاول السيطرة على اعصابه واضاف بهدوء . " لا ، لو سمحت ... افضل ان تبقي ، لست ادري ماذا ينتظرني هناك ، اذا كان كل شيء على مايرام ، سأعود بسرعة ولكن اذا كان الأمر خطيراً ... ولكني اتركك مع تلة كبيرة من الاوراق للطبع !" " لا بأس ، كنت ، سأتدبر أمري ". " انا واثق لامن ذلك ، ولكن هل ستخافين وحدك ؟" ورفع وجهها نحوه بلطف ، فابتسمت محاولة اطمئنانه . " لست ادري ، ولكن سبق لي ان وجدت نفسي وحيدة ، في ظروف اصعب ... سأخرج منها كالكبار ، كالعادة " داعب كنت شفتيها بحنان كبير . " بيلي ، هناك اشياء كثيرة ..." ثم ابتعد عنها فجأة " والآن اسمعيني جيداً ، بامكانك ان تستقلي الغاري في الصباح وتتصل بي في مرفأ الغين على هذا الرقم " وسجل رقم هاتف على ورقة واضاف . " غداً في الساعة الثانية عشر سأنتظرك على هذا الرقم ". " حسناً ، واذا لم استطع الاتصال بك ؟" " سأتصل انا واترك لك رسالة مع جو فيأتي فوراً لاخبارك ". " والتقت نظراتهما ، واخذت بيلي تصلي للسماء كي لا يقرأ في عيونها الحب الكبير الذي تكنه له . بعد دقيقتين ، كان ينزل هو واندي وجو يحمل الحقائب ، وقبل ان يصعد الى المركب ، التفت نحو بيلي وابتسم . " حظاً موفقاً كنت ". " شكراً ". وابتعد المركب ، ورغم حرارة الشمس ، اخذت بيلي ترتجف ، وظلت تنظر الى المركب حتى اختفى ، فعادت الى المنزل . كم كانت سعيدة في الصباح ... مليئة بالامل ، كان كنت على وشك الوثوق بها ، والآن هناك شعور غريب يثقل قلبها وكأن القدر يريد ان يفسد سعادتها الحديثة . على الطرف الآخر من الهاتف ، سمعت بيلي صوت كنت العميق . " آلوا ". " هذا انت ..." وغلبها الانفعال لدرجة انها نسيت ماكانت تستعد لقوله . " بيلي ... انا بغاية الشوق لسماع صوتك ، وكل شيء على مايرام ؟ نعم !" وبالفعل كان كل شيء على مايرام باستثناء الليلة الطويلة التي قضتها في الوحدة والرعب ... " سمعت في الراديو ان عاصفة ضربت نيو برنسويك ، هل وصلت الى الجزيرة ؟" " نعم ... ولقد انقطع التيار الكهربائي ، لكن الشركة اكدت بانه سيتم اصلاحه هذا اليوم ". وكانت العاصفة قوية لدرجة ان بيلي خافت على المنزل ، لكنها لم تشأ ان تزيد من قلقه ، وكانت قد اضطرت لتحسس خطواتها كالعمياء بحثاً عن الشموع ، واصطدمت بكل اثاث المنزل والجدران واسنانها تصطك ... كانت ليلة مرعبة حقاً حيث لا يسمع سوى صوت الهواء يكسر اغصان الاشجار ، لكن بيلي تشجعت على امل سماع صوت كنت . " ولكن قل لي ، كيف هي والدتك ؟" " لقد اجروا لها فحوصات في المستشفى ، ومن الممكن الا يحصلوا على النتائج قبل عدة ايام ، وحتى ذلك لست ادري ماذا ينتظرني ..." " أنا آسفة من اجل والدتك كنت ..." " بيلي ، ان ما يقلقني الآن ، هو انني تركتك ووحدك وسط تلك العاصفة ، انا اعلم كيف تكون في الجزيرة ، بيلي اذا لم يتم اصلاح الكهرباء لا ضرورة لبقائك على الجزيرة ، لا تنتظري الغاري ، اذهبي مع جو وتأكدي من الكهرباء ، واذا لم تكن قد عادت ، عودي مع جو الى مرفأ الغين ، هناك فندق مريح ستجدين فيه غرفة بالتأكيد". " حاضر سيدي ". اجابته ممازحة . " انا لا امزح بيلي ! لا اريد ان اعرف انك وحدك في الظلام على الجزيرة ... واذا لم اتمكن من العودة قبل ايام ..." " حسناً ، كنت لا تقلق ، سأتدبر الامر مع جو ". " بيلي ". : ماذا ، كنت ، اهناك تعليمات اخرى ؟" " لا ... لا ، هذا كل شيء ، اتصلي بي بعد غد في نفس الساعة ، سأكون بانتظارك ..." " الى اللقاء كنت ..." " الى اللقاء " ثم اقفل الخط . لكن بيلي لم تترك السماعة ... الهاتف كان الصلة الوحيدة بينهما ... ولكنه بعيد ... نزلت بيلي نحو الرصيف ، وحاولت تجنب الوحول التي تركتها عاصفة الامس ، وفجأة خطرت ببالها فكرة جعلتها تركض بسرعة ، يجب ان تر جزيرة هيدن كي تتأكد ان كل هذا حقيقة وليس حلماً ، وانها حقاً تعمل مع كنت ، بانه موجود وقد تلمست يداه جسدها ... كان جو العجوز يعمل على تنظيف المركب ، فقفزت بيلي الى المركب ، واقتربت منه بسرعة . " اذاً ، انت مستعدة للعودة الى جزيرتك ، آنسة ؟". " ارجوك " وكانت تتمنى لو ان هذه الجزيرة جزيرتها فعلاً ! مسح جو يديه بفوطة الى جانبه وابتسم لها . " هيا بنا ، سأعيدك ". وانطلق المركب ، ورغم الهواء الذي كان يعصف بشعرها ويحجب عنها الرؤية ، كانت بيلي تحاول رؤية حدود الجزيرة من بعيد ، وعندما وصلا ، ابتسمت وشعرت بسعادة كبيرة . صعدت نحو المنزل راكضة كي تتحقق من الكهرباء بينما تفحص جو اغصان الاشجار المحطمة ، سرت بيلي كثيراً برؤية التيار الكهربائي يعمل ، ثم نزلت وطمأنت جو الذي كان يجمع الاغصان في الحديقة . " عندما ستجف هذه الاغصان ، سيكون بامكانك استعمالها للتدفئة ". " شكراً لك ". " سأزورك كل يوم حتى عودة السيد تايلور ، الى الغد آنسة ".في اليوم التالي ، ركبت بيلي الغاري الى الجزيرة برنس ادوارد ، كانت السماء قد صفت ولا اثر للغيوم ، وكان جو مرحاً والسياح سعيدون ... لكن بيلي كانت تفتقد لكنت كثيراً ، بدونه كل شيء يبدو حزيناً بائساً ، ولا طعام للغداء الشهي الذي تناولته في قرية الصيادين . وفي اليوم التالي ، جاء جو العجوز لاصطحابها الى مركز البريد والهاتف ، فادارت قرص الهاتف وشعرت بسعادة كبيرة عندما سمعت صوته . " كنت ؟" لكنه لم يجب . " كنت ؟ ماهي اخبار والدتك ؟" " انها بخير ، ليس هناك مايثير القلق " اجابها بصوت بارد جاف . " انا سعيدة من اجلك ، متى ستعود ؟" وكاد قلبها يطير من الفرح ، سيعود ، اخيراً الى جزيرتهما ! لكن جوابه كان كضربة قوية ادمت قلبها . " لن اعود سأرسل رجلاً معتاد كل سنة على اقفال المنزل ، سيصل غداً ، اعدي حقائبك ، سترحلين صباح غد على متن الغاري ". ظلت بيلي لحظات لا تصدق ماسمعته ، وطال الصمت المزعج الثقيل . " ... كنت ، ولكن لماذا ؟" وبدأ نظرها يتشوش ، فأغمضت عينيها محاولة مقاومة دموعها . " انت تعرفين جيداً لماذا ، بيلي ، نحن لم نعد نلعب الآن " اجابها بحدة ، ثم اضاف بعد صمت جديد . " لو سمحت ، كفاك لعباً بي ..." " اللعب ؟ انا ؟ ماذا تعني بكل هذا ؟" " كفى ! كنت تعرفين منذ البداية ، اليس كذلك ؟" " ولكن ماذا ؟" صرخت بيأس . " عندما وصلت وادعيت انك جئت من اجل عمل السكرتيرة ... استعملت كل البراءة والاحتيال ، وادعيت انك لا تعرفينني ، لكنك كنت تعرفين جيداً من انا ... وصديقك المزعوم الذي يعمل في النيويورك برس ... لكنني صدقتك مع الاسف ! كنت اريد ان اصدقك ، بيلي ..." استندت بيلي على الحائط ، وكانت كلماته تقع كالمطرقة على رأسها . " وعندما حاولت جعلي اتكلم ، اتذكرين ؟ كنت اعلم بانك قادرة على تحوير كلماتي كي تغذي قذارتك وتنشريها في صفحات الفضائح ! ولكن لا ... كنت اعتقد انك مختلفة عن بقية الصحفيين !" " الصحفيين ؟" " وعندما رأيت المقال الاول في النيويورك برس ، علمت بانه لا يمكن ان يكون احد غيرك كتبه ، ولكنني مع الاسف ، استعدت ثقتي بك بكل غباء عندما جاءت اندري وقالت بان رينولدز ستنديش قال امام الجميع بانني مع سكرتيرة صغيرة مخملية الصوت ... وبأن أي احد يمكنه ان يخترع الاقاويل ..." بدأت بيلي ترى بوضوح ... اذاً هذا ما اغضبه تلك الليلة ... كان اسمه على صفحات الجرائد !. " ولكن المقال الذي نشر بالامس ، بيلي ! هذا كثير جداً ! عندما قرأت الاكاذيب التي نشرتها النيويورك برس والتي انتشرت في كل البلاد ! كيف تعتقدين انه كان شعوري عندما رأيت هذا العنوان : كنستون مارتن ، الناسك المتعبد في جزيرة الرعبة ! تصوري انهم يقولون بانني بعد ان قضيت الصيف مع عذراء صغيرة عدت ورميت نفسي في احضان الممثلة اندري الان ! وكل هذا تحت تعليق احكم انت ايها القارئ لم يسبق لي ان قرأت مقالاً كتب عني بمثل هذه القذارة !" " كستون مارتن ! كنت ، أهذا انت ؟" " يا الهي ! توقفي عن لعب دور البراءة ظلت بيلي بدون صوت ، اذهلها الخبر ، واخيراً تمزق القناع ... كنت هو الكاتب كنستون مارتن ! انه هو الكاذب المخادع ... " انت ... انت لا يمكنك ان تعتقد بانني انا ، هذا مستحيل !" قالت له بصوت مختنق . " احزمي حقائبك وارحلي ! امامك من اليوم حتى صباح الغد ، سترسل هيلين لك شيكاً الى عنوانك الوداع بيلي ، لقد انتهى عقد عملك ." واقفل السماعة في وجهها ... لكنها لم تقفل ، احست بان شريط الهاتف يخنقها ... لكن الهواء الذي دخل من النافذة ساعدها على العودة الى الواقع . هذا غير معقول ! مستحيل ! كنت ... اوكنستون مارتن ! ولكن الم يقل لها انه لا يكتب سوى سيناريوهات ؟ لا ، بل استنتجت ذلك من بعض كلماته التي كان يرميها صدفة ، لكنه لم يحاول تصحيح معلوماتها ... وجعلها تعتقد انه كاتب مبتدئ مهمل بينما هو اشهر كتاب جيله ... الرجل العابث الدون جوان ... الذي يلاحق كل الحسناوات ! ويتهمها الآن بتدمير سمعته ... اعمتها دموعها ، فأسرعت نحو الرصيف واعادها جو الى الجزيرة ، في الليلة السوداء التي قضتها لم تشعر بشيء ، ولا بالهواء ... كل ماكانت تفكر فيه هو ان كنت لن يعود ابداً ، انتهى كل شيء ، والصيف مات ابتداءً من هذا الصباح . قضت الليل وهي تدور في غرفتها كالحيوان الجريح ، اي اهانة ، اي ذل ! لماذا سخر منها ؟ آه ! لابد انه تسلى كثيراً بلعب دور الكاتب الصغير امامها ! كم كانت غبية ! ذلك الكاتب المشهور اللامع كان يضحك في قرارة نفسه منها ، كان بامكانه ان يقول لها الحقيقة ، ولكن لا ، فضل السكوت وتركها تتوهم ، ولكن كيف كان بامكانها ان تتكهن حقيقته بينما كان هو يهمل نفسه ويعيش منزوياً ؟. ولكن ... بما انه كنستون مارتن ، فهي تعرف ضحاياه من النساء اللواتي قرأت عنهن كثيراً ، ولا شيء يدهشها في خوفه من الصحفيين ! وهي التي كانت تعتقد انه يحبها ... يالها من ساذجة ! الحب! انه حتى يجهل معنى كلمة حب ، لقد كانت اندري على حق ، انهما لا يعيشان على نفس الكوكب ... بينما هي اندري رفيقة مناسبة له ، انهما الثنائي المثالي ، اوه ، فيأخذها ويتمتع بها فكلاهما من نفس النوع !. نهضت بيلي في الصباح الباكر واثار البكاء طوال الليل ظاهر على عيونها المنتفختين ، وبعد ان اعدت حقيبتها ، قامت بجولة اخيرة على المنزل ، و اليأس يملأ قلبها ، سيصل الرجل الذي سيرسله كنت بين لحظة واخرى . وقبل ان تغادر غرفتها ، القت نظرة اخيرة على السرير الذي قضت فيه ليال هادئة ، كانت التواليت قد اصبحت خالية ... والسرير مرتب ، ليس هنالك سوى الفراغ وكأنها لم تعش ههنا حقيقة ... ثم دخلت المطبخ ونظفت المكان ووقع نظرها على الفناجين المذهبة التي اشتراها كنت في يوم اجازتهما في المدينة ... وبحزن شديد ، اقلت خزانة المطبخ ... فقط لو كان بامكانها ان تقفل على ذكرياتها السعيدة القليلة . ثم قامت بجولة في الحديقة ، هل سيذكرها كنت عندما سيعود من جديد الى هذه الجزيرة ؟ وعندما نزلت الى الشاطئ ، القت نظرة اخيرة نحو المنزل ، لقد انتهى الحلم الجميل ، كنت تايلور ، المخادع الكاذب ... لقد قال لها ليلة وصولها بانها ستكرهه ، وهي التي جنت على نفسها واستحقت ذلك . وانتظرت امام حقائبها ... انها لاتنتمي الى هذا المكان ، لقد تبدد كل شيء ولم يبق سوى هذه الجزيرة ... واخيراً وصلت الغاري ، ونزل منها رجل في الخمسين من عمره وابتسم للفتاة . " آنسة اندرز ؟" ومد يده نحوها " جئت لاقفل المنزل ، كعادتي كل سنة ، هذه ليست اول مرة ". ظلت بيلي صامتة ، تحبس دموعها ، ونبتسم بشرود . " سأهتم بكل شيء ، لا تقلقي ، آنسة ، بامكانك الرحيل الآن ". " شكراً " وصعدت الى الغاري ، واستندت الى الحافة تتأمل جزيرة هيدن للمرة الاخيرة كم كانت غبية ، كانت على امل ان يعترف كنت بحبه لها في اللحظة الاخيرة ! لكن الحقيقة شيء آخر ، ابتعدت الغاري ، وكنت على بعد الاف الكيلومترات ، ولابد انه ازالها من فكره ... مسحت دموعها بعصبية ، لا ، لن تبكي ... لقد حذرها منذ البداية ، لكنها هي قبلت التحدي واضاعت نفسها وقلبها ، تنهدت بحسرة كبيرة ، فهي متأكدة انها لن تنسى كنت ونظراته المخادعة ابداً ، ستمضي سنوات طويلة قبل ان تتمكن من نسيان وجهه . حملت بيلي حقيبتها الى الكراج . " لقدجئت ، سيد غانون لآخذ سيارتي ". احضر السيد غانون لها المفاتيح وابتسم لها باعجاب . " حظاً موفقاً ، آنسة اندرز ، ستقودين سيارتك بحذر ، اليس كذلك ؟" شكرته بيلي ، وقادت سيارتها ببطء ، وكانت ترى من خلال المرآة الامامية كل شيء يختفي خلفها الى الابد . كان الهواء الخريف بارداً في شوارع نيويورك ، اوقفت بيلي سيارتها الجديدة امام البناية وصعدت الى شقتها ووضعت الاكياس امام الباب وفتحته ودخلت . بعد ساعة كانت قد ارتدت قميص نومها وجلست امام شاشة التلفزيون ، وفجأة جحظت عيونها لقد ظهرت اندري الان على الشاشة برفقة ممثل شاب فاتن ترقص في احد ملاهي المدينة وسط حشد من ابناء السينما . اطفأت بيلي التلفزيون بحركة عصبية يبدو ان العالم كله يستمر في دوارنه بدونها ... ورمت نفسها على الكنبة من جديد ، وكانت كل جهودها اليائسة في المحاولة لنسيان كنت قد باءت بالفشل ، وعادت الذكريات تؤرقها ، ولكن الى متى؟ كلما تأملت في النسيان يحصل شيء يذكرها بذلك الصيف وآلامه . ومنذ عودتها الى نيويورك لم يحاول كنت الاتصال بها ، وقد وصلها شيك موقعاً من سكرتيرته هيلي ، لكنه لم يرسل لها اية كلمة ، كما وان الصحف خرست مرة واحدة ولم تعد تتكلم عنه . وكان الروتين قد عاد بسرعة وتأقلمت من جديد مع جو فيرفيلد اكاديمي ، فحملت فنجان الشاي بيدها المرتجفة وتذكرت كل تفاصيل ذلك الصيف مع كنت ، انه لايستحق كل هذا العذاب الذي تعيشه ... لكنها لا تتمكن من طرده من افكارها ، يكفي ان تغمض عينيها حتى ترى قامته وابتسامته ، وتتذكر ذلك الارتعاش الذي كان يعتريها كلما لامستها يداه وشفاهه ... لا يمكن لرجل غيره ان يطفئ النار الذي اشعلها هو في كيانها ، كانت كل ليلة تعيش فيها تلك اللحظات السعيدة القليلة التي عاشتها معه ، كل لمسة كل قبلة كل لحظة حنان ... العذاب كبير جداً على قلبها الرقيق ، ولكن لماذا يجب على رجل مثله ان يدمر حياتها ؟ يجب ان تنساه وان تعيش حياتها فهي لا تزال شابة وجميلة والحياة امامها . فجأة رن جرس الباب فانتفضت وعادت الى الواقع لابد انها جارتها التي تزورها عندما يكون زوجها مسافراً . فتحت الباب وجحظت عيونها من شدة الدهشة . " انت !". كان كنت يقف امام الباب بقامته الطويلة لشدة غضبها ارادت ان تقفل الباب بوجهه لكنه منعها . " اخرج " صرخت بحدة ، وكان قلبها يدق دقات مؤلمة . " كما تشائين ، ولكن الجيران سيسمعون صوتي وانا اصرخ ..." " لن تجرؤ ابداً!" " حاولي اقفال الباب وسترين ..." نظرات عيونه ، والتصميم الذي بدا من كلامه ، جعلها تتفهم انه سينفذ كلامه ، وهي لا ترغب باثارة فضول الجيران ، فتراجعت وسمحت له بالدخول ، اقفل كنت الباب وراءه ووقف امامها يتأملها ، كان قريباً جداً فأحست بيلي بالدوار ... ولجأت الى طرف الغرفة الأخرى ، وكتفت يديها على صدرها كي تخفي ارتجافها كيف تمكنت من العثور علي ؟". " لا شيء اسهل من ذلك ، كان لدي عنوانك ..." وتأملها كم اصبحت نحيفة . " لقد نحفت كثيراً ". " ماذا ؟ هذا مثير حقاً ..." " كيف حالك بيلي ؟ منذ مدة طويلة ..." " انا بخير " قاطعته بحدة " لم اكن افضل من الآن ابداً ، وانت ؟" " انا بخير ايضاً ، أيزعجك ان اجلس ؟" اضاف وهو يجلس . " نعم ، يزعجني كثيراً ، قل لي ، ما الذي جاء بك ثم ارحل فوراً ". " ومن قال لك بانه يوجد سبب مميز ؟" " سيدهشني الامر كثيراً اذا كنت قد كلفت نفسك كل هذا العناء فقط لتحي الذكريات!" كانت على وشك البكاء هل كان يتوقع ان تقفز من الفرح عندما يزورها بعد اسابيع من الغياب ؟ كان هادئاً مسيطراً على نفسه وفاتناً جداً ... وهو الآن امامها على بعد خطوتين منها . " لقد ذكروا اسمك ..." " من ؟ ماهذا الذي تشير اليه ايضاً ؟" " مقال النيويورك برس ، الذي نقلته المجلات ، وانتقدته ... ذكر فيه اسمك الم تقرأيه؟" " بالطبع لا ! انا لم اقرأه !" " حقاً ؟ عموماً الناس يهتمون جداًبهذه المقالات ". احست بيلي بالغضب يشتعل في رأسها ، اذا كان قد جاء من اجل هذا ... " اذا كان هذا كل مالديك ، اخرج فوراً ". " اوه ! ولكن لا ! ليس بعد ". " اسمع كنت ، انا هنا في منزلي وآمرك بان تخرج حالاً ". واشارت بيدها نحو الباب لكنه هب واقفاً وامسك يدها ... فتسمرت مكانها ... وقد شعرت بتيار كهربائي غريب من تأثير ملامسة اصابعه ، كل شيء تزاحم في رأسها ، فتراجعت حتى الحائط ، وحاولت الابتعاد عنه ، لكن كنت اقترب ونظر اليها نظرة غريبة . " لماذا جئت الى هنا ؟" سألته بصوت مرتجف . " لدي مشكلة ، بيلي ... لم اتمكن من نسيان الفتاة التي قضت الصيف معي على الجزيرة ... انها تلاحقني ليلاً ونهاراً ، انها صورة عن البراءة ... جميلة جداً كالحلم ، اذاً لماذا لا يمكنني نسيانها ، طالما انها خانتني ؟" وداعب خدها بلطف ، وارتعشت بيلي ، فأمسك ذقنها ورفع وجهها نحوه ، لا ، هذا يفوق قدرتها على التحمل ، فجف حلقها ، وتسارعت انفاسها . " تقول اندري بانك لست سوى وصولية صغيرة تريد ان يتكلم الجميع عنها ". " وبالتأكيد انت صدقتها ." انه يصدق تلك الساحرة الشريرة ... ها ، اندري محقة ، انهما من نفس النوع بينما هي ، بيلي لم تكن سوى لعبة ... " على كل حال ، بامكانك ان تصدق من تشاء ، لا يهمني ذلك ". " ولكن اريد ان اصدقك انت ، بيلي ..." رقة صوته فاجأتها ، ولكن وجهه ظل بارداً كذلك الوجه الذي كان يواجهها احياناً في الجزيرة ، حتى ان بدلته السوداء الانيقة تجعله غريباً عنها ، انه ليس ذلك الرجل الذي كانت تعرفه هناك ، مهملاً لنفسه ، لا يكلف نفسه عناء حلق ذقنه وتسريح شعره ، لقد اختفى كنت وحل مكانه كنستون مارتن الكاتب الناجح . " من الافضل ان تخرج الان كنت ". " انت على حق ... ولكني اريد اولاً ان اطرح عليك سؤالاً ". " هل انت من كتب ذلك المقال ؟" كانت نظراته الحادة تخترقها ، وكأنه يريد ان يكتشف اعماق روحها ، حاولت بيلي بيأس ان تسيطر على ارتجافها لماذا انتظر كل هذه المدة ؟ كان بامكانه ان يطرح هذا السؤال على الهاتف قبل ان يتهمها ويطردها من حياته . " لست مجبرة على الاجابة ، سؤالك مرفوض " وشحب وجهها ونظرت اليه بتحدي. " كان امامك متسع من الوقت كي تطرح هذا السؤال ، كنت لقد استمعت جيداً لكلام اندري التي سرت كثيراً بزرع الشك في رأسك ، لم يكن من الصعب عليها اقناعك... والآن ، تشعر ببعض الندم والشك ، هذا ممكن ... لا اريد ان العب دور الغبية واتظاهر بانني لم افهم سبب مجيئك ، ولكن فات الاوان ، كنت ، اختف من حياتي ، لا اريد رؤيتك ". خرج كنت ، وظلت بيلي واقفة على وشك الانهيار ... واجتاحها الم كبير ، لم تكن تدري غير شيء واحد ، لن تراه ابداً ، هذه الزيارة زادت من عذابها وكأنها تتمزق وتتلاشى . دارت الارض بها فاستندت الى الكنبة ، كيف امكنه ان يشك بصدقها ويتهمها بالخيانة؟ لو كان يحبها يحبها حقاً ، لكان علم بانها غير قادرة على مثل هذا العمل ، لكنه خرج ! لمعت فجأة فكرة في رأسها ، الم تقع في نفس الفخ الذي وقع هو فيه ؟ قبلت وعيونها مغمضة بكل ادعاءات اندري عندما قالت لها بانه لا يمكنه ان يحب فتاة بسيطة مثلها ، الم تصدقها فوراً ؟. واذا كان هو قد داس على كبريائه وجاء لرؤيتها هذا المساء فهذا يعني انه مهتم بها ، ولو قليلاً ... كان الباب لا يزال مفتوحاً ... وبقفزة واحدة اصبحت بيلي على السلم ، لا احد ، كنت اصبح في الشارع يفتح باب سيارته الليموزين الفخمة والسائق ينتظره فيها . " كنت ! انتظر !" وركضت حافية القدمين والهواء البارد يضرب وجهها ، وما ان اقتربت من السيارة حتى دفعها كنت الى داخلها . " ايتها المجنونة ! الهواء بارد جداً في الخارج ". ثم اقفل الباب وكبس على زر الى جانبه ، فارتفع الزجاج الغامق الذي يفصلهما عن السائق . تأملها كنت قليلاً بحذر وريبة . : بماذا تلعبين الآن ، بيلي ؟" " اطرح علي سؤالك من جديد ؟" " ماذا ؟" " اطرح علي السؤال الذي طرحته منذ لحظات ... " ظل كنت ينظر اليها قليلاً ثم قال. " هل انت من كتب ذلك المقال ؟" كان الجو قد اصبح مشحوناً بينهما ... وتلألأت الدموع في عيون بيلي . " اوه كنت! فقط لو انك بدأت من هذه النقطة ... لكن علمت بانه يستحيل علي ان اخونك ... كيف يمكنني ذلك وانا احبك كثيراً ؟". لم يقل كنت شيئاً ، ظل عاقد الحاجبين وكأنه لا يفهم ... " لست ادري منذ متى بدأت احبك بالتحديد ، بدون شك منذ البداية ... وعندما غادرت جزيرة هيدن ، اعتقدت انني سأموت ثم اقنعت نفسي بأنني اكرهك لانك رميتني بكل تلك الفظاعة ، كنت اقول لنفسي بانه لو كان يحبني لما صدقها هي ... ولكن عندما خرجت الآن من شقتي اعتقدت ان العالم كله انتهى ، وفتحت اخيراً عيوني ، انا احبك اكثر من كل شيء في الوجود ، ولكن هذا لم يمنعني انا ايضاً من الشك ... لقد صدقت اندري ، وفقدت ثقتي ... وفجأة قلت لنفسي قد يكون اصابك ما اصابني ..." ظل ينظر اليها بصمت وحذر ... يال الهي ، الا يعلم كم تتعذب ؟ واجهشت بالبكاء المرير ... " كم انا غبية ! اعتقدت انك جئت لتعقد السلام ، لتعرف الحقيقة ! كان يجب ان اعلم بانك جئت للانتقام ، جئت تنتقم مني ، اليس كذلك ، كي تزيد من عذابي ..." كفى بيلي ..." فرفعت نحوها عيونها المليئة بالدموع ... وفجأة ، فقد كنت السيطرة على نفسه ، وترك قناعه يقع ، ولمعت عيونه بالحنان . " اوه بيلي ، انا احبك كثيراً ! اوه كم تعذبت ..." وضمها بين ذراعيه وكأنه يخشى ان يفقدها من جديد . " بيلي ، انا احبك ، هل تصدقينني يا حبيبتي الصغيرة ؟". " اصدقك ، ولكن لماذا ، لماذا انتظرت كل هذه المدة ...؟". فرفع وجهها نحوه وقبلها بكل حب وحنان . " لأنني كنت عنيداً كالصخر ! لم اكن اريد ان اعترف بانني اهيم بفتاة مثلك !" ثم قبلها بعنف قبلة قطعتها هي بالضحك . " تقول اندري بانني لست مناسبة لك ". "دعينا من هذا الكلام بيلي . انا بحاجة لك ، لك وحدك ، ستكون حياتي جحيماً اذا تخليت عني ... لا ازال اذكر تلك الليلة التي وصلت فيها مبللة من المطر ... وعندما اعرتك روب حمامي وكنت ترتجفين منهكة ، عندئذ استطعت ان تسلبيني عقلي ! في تلك الليلة ، بدأت احبك ، بعمق ، ولدرجة الجنون ، منذ ان دخلت حياتي " اعترف كنت وهو يطبع قبلة على جبينها " لم اعد قادراً على تمالك نفسي ... لم يسبق لي ان التقيت بامرأة مثلك ، وعندما فهمت ما يحصل لي ، قاومت كثيراً كي لا انجرف اكثر في حبك ، لم اكن اريد ان اجرحك ، ولكن سلاحي الوحيد كان مزاجي السيء ، لانني كنت اعرف بانك لن تتأخري كثيراً في اكتشاف مشاعري ... لكنني لم انجح في جعلك تكرهينني ... انت الفتاة الوحيدة التي ملكت قلبي !" " لو تعلم كيف اصبحت عندما اعتقدت انني فقدتك الى الابد !" " الى الابد ... يالها من كلمة رائعة ، يا حبيبتي الصغيرة ! هل تقبلين ان تصبحي امرأتي الى الابد؟ زوجتي ، عشيقتي ، والدة اطفالي ، صديقتي رفيقتي ..." " طباختي " اضافت بيلي ضاحكة : " انت بحاجة لطباخة ". " هذا صحيح، طباختي ، ولكن فوق كل هذا بيلي ، اريد ان اقضي ماتبقى لي من الحياة معك ، احبك وتحبينني ". " كنت ! هذا كل ما اريده من الحياة ! " ورمت نفسها بين ذراعيه تحلم بالسعادة . " والسمعة السيئة التي يتهمونني بها الا تزعجك ؟" " كنت انا لايهمني عملك ، و لانجاحك ولا شهرتك ، انك انت من احب ، لا الكاتب الذي يتصدر اسمه صفحات الفضائح ، احب الرجل الذي قضيت الصيف معه ". " انتظرت طويلاً لاسمع هذا الكلام ... بيلي حبيبتي اختاري المكان الذي سنعيش فيه، كل ما املكه هو لك ، شاليه في سويسرا ، شقة في باريس فيلا في كاليفورنيا ، منزل في نيويورك ؟ اختاري ! اين تفضلين ان نمضي شهر العسل ؟". وانزلقت شفاهه تحرقان عنقها . " ولكن انت تعلمين " اضاف مبتسماً " لا تتوقعي ان نقوم بالكثير من السياحة ، لدي مشاريع اخرى ..." ونظر اليها بمكر . " اوه ! كنت ، انا احبك ..." والتقت شفاههما ... الحياة امامهما ليكتشفا السعادة ليعيشا الحب ... ولكن بيلي ارادت ان يبدأ شهر عسلهما في تلك الجزيرة المعزولة حيث لن يكون هناك احد غيرهما .
تمت