الرجل الغريب

الفصل الاول
لاول مرة تشعر فيليبا بهذا التوتر و العصبية و كانت تلعب بخاتم يدها و هى لا تدرى ماذا تفعل بهاتين اليدين . و كان هالام فيلدينغ يجلس خلف مكتبه و يقرأ للمرة الثانية طلب التوظيف الذى ملاته بيب (فيليبا) و شرحت فيه موجزا عن مؤهلاتها العلمية و اخذت بيب تتأمله و كان طويلا شعره اسود عريض الجبين تم نظر اليها و احست بيب ان وجهها اصبح شاحبا و كانت تنتظر قراره ( بالنسبة لفتاة فى سنك , انسة ويستون , يبدو انك تجديين عملك ) (كنت اعمل عند السيدة نواكز لمدة عام تقريبا ) (بالنسبة الى سنك ,عام واحد بيدو طويلا , و لكن بالنسبة لى يبدو قصيرا ) ارادت بيب ان تعترض , لكنها تذكرت شروط العقد , فاذا لم تقبل بهذا العمل , فميلانى و سيمون بالمقابل لا يعرفان اين سيعيشان , و مع هذا تحصل على مسكن و هذة الفكرة دفعتها للسكوت و عادت الاسئلة تتزاحم فى رأسها لماذا اوقفت علوم التمريض؟ لماذا لم تتابع دروسها فى الجامعة ؟ و لكنهالم تترك مدرسة التمريض الا من اجل الاهتمام بوالدتها المريضة و كانت منذ صغرها تحب مهنة التمريض و بما انها لا تملك مسكنا فمن الطبيعى ان تبحث عن مكان للعيش فيه (انا لا احب ابدا المسكن الجماعى) قالت بيب لكن الدكتور لم يجب و كأنه غارق فى افكاره فاخذت بيب تتامل الكتب المكدسة على الرفوف و كانت تحب القرأة كثيرا و كانت ساعة الحائط تشير الى الخامسة و كان الطبيب تاخر على موعده معها لحالة طارئة و الخادمة التى اسقبلتها نصحتها بالقيام بجولة قصيرة لكن بيب خافت اذا خرجت ان تفقد شجاعتها و لا تعود و لان فكرة العمل مع جراح مشهور تشعرها بالخوف و الدكتور فيلدينغ يبحث عن شخص يساعده فى عيادته الخاصة و التى سيختارها ستكون ممرضته السيدة نورا عمته و سكرتيرته تنهدت بيب و هى تشعر بالخوف و لكن ماذا ستفعل ؟ فالسكن المؤمن و الاجر مناسب يغريها (هل تفكرين بالعودة الى الدراسة ؟) سالها و هو ينظر اليها مليا (اتمنى ذلك) و كانت بالفعل تفكر بذلك بعد ان تنتهى مشاكل ميلانى (كم من الوقت تعتقدين انكى ستبقين هنا ؟) (لست ادرى سيد فيلدينغ سنتين او ثلاثة فالامور صعبة هذة الايام ) ( هل هى مشاكل مع الحبيب ؟)سالها بشكل مفاجىء (ليس بالتحديد) عقد الطبيب حاجبيه و كانه غضب لانه لا يعرف سبب متاعبها ( كنت متاكدا ان هذا هو السبب و اراهن انه متزوج )و عاد ينظر فى طلب توظيفها و كادت بيب تصرخ نعم انه رجل متزوج و لكنه زوج اختها و المشاكل التى تواجهها هى مشاكل ميلانى و ليست مشاكلها هى و فهمت بيب ان د. فيلدينغ رجل قاس دون قلب و بدون رحمة و لولا خوفها على اختها لكانت قالت له رايها فيه بصراحة و لكن المسكن يجبرها الى السكوت (لقد تلقيت تسعة و عشرون ردا لاعلانى عن حاجتى لممرضة انسة وتسون )قال لها فجاة (اوه) و شعرت بالياس و الحزن فلابد ان بين هولاء المرشحين لهذا العمل من هم اكثر منها خبرة و كفاءة و لن يكون لديها اى امل و اخذت تتامل يديها المرتجفتين (و بينهن اربعة و عشرين لديهن طفل و اربعة اخرون مسنات ) (اذن يجب ان يكون العمل من نصيب احدهن , اقصد ............) (انا لا ادير مؤسسة خيرية انسة وتسون فكل ما اريده سكرتيره فاعلق ) لم تجرؤ بيب عل القول له انها ستنجح فى عملها و اعتقدت ان الدكتور اخذ قراره و انه يعتبرها غير مؤهلة لهذة المسئولية فلماذا لاينهى هذة المقابله بسرعة؟ فقط لو ان اختها ليست بحاجة اليها يجب ان تحصل على هذا المسكن من اجل اختها ميلانى التى تبلغ تسعة عشر من عمرها و هى هزيلة و شاحبة و شقراء و يائسة لقد تزوجت بسن مبكر و لديها طفلها سيمون و لقد انفصلت عن زوجها بيتر و لقد توسلت لبيب لكى تجد لها مكانا تستطيع فيه ان تستقبل اختها و ابنها و لم تستطع بيب ان تقاوم دموع ميلانى و تركت عملها عند السيدة العجوزة نواكز و اجابت على الاعلان الذى ناولته لها ميلانى و كان العرض مغريا الشقة المؤمنة و يقبل وجود ولد ........ (اعطينى سببا يدفعنى الى توظيفك ) قال لها الطبيب فجاة انتفضت بيب و التقت نظراتها بنظراته الزرقاء و فجاة تبدد خوفها و قررت ان لا تسمح له باساءة معاملتها (افضل ان تمنحنى شهر واحد) فابتسم الطبيب و لكن عيونه ظلت باردة ثم نهض من وراء مكتبه و جلس على الكنبة و مد ساقيهدون ان يبعد نظره عنها فتشجعت بيب و اقتنعت انها نجحت (حسنا لقد قبلت طلبك انسة ونستون و سامنحك شهرا فى البداية و اذا لم يعجبنى عملك سترحلين ) (سانجح بالتاكيد ) (اشك بذلك) اجابها بسخرية ( اشك بانك لن تكملى الشهر سنرى ) ثم نهض و تاملها (تعالى معى ساريك شقتك فمن اجل الحصول عليها اجبت على الاعلان اليس كذلك ؟ ) و دون ان ينتظرها خرج من المكتب بخطى سريعة فشعرت انه يحاول ان يظهر تفوقه عليها و لو لم تكن اختها و ابنها بحاجة اليها لكانت تخلت عن العمل معه و لكنها مضطرة لقبول هذا العمل و تفاجات بيب عندما دخل الى الكاراج و تساءلت هل هذا هو المسكن الذى وعد به.؟ و رات فيه سيارتين واحدة رولس ايز و الثانية سبور ( ان سائق المالكين القدامى يسكن هنا) قال لها ثم التفت نحو الدرج و صعد عليه بسرعة فتبعته و هى تعد الدرجات بتعب و ما ان فتح باب الشقة حتى صرخت بيب من الفرح (يا الهى كم هذا جميل ) ثم نسيت موقفها من رئيسها الجديد و اسرعت تنتقل بين الغرف الصغيرة و المريحة بنفس الوقت و فرحت لان سيمون سيتمكن من اللعب بحرية و لكنها عندما تذكرت سيمون انقبض قلبها فهى حتى الان لم تخبر الطبيب بامر الطفل و ستخبره فى الحال ؟ و كانت ميلانى اقترحت ان تقول ان سيمون ابنها هى و لكن بيب لم تكن تحب الكذب (هل اعجبتك الحقيقة ؟) (انا احب الزهور كثيرا ) (برافو الان اريد ان اريك المكاتب و لا تنسى انك هنا للعمل ايضا ) ثم نزل الدرج و كان قد وصل الى المنزل بينما بيب لاتزال تغلق باب الكاراج و عندما انضمت اليه كانت تلهث من السرعة (يجب على الممرضات ان تكن سريعات انسة وتسون هل نسيت ذلك ؟ (عند السيدة نواكز لم يكونوا يضطرونى الى الركض الا فى حالات الطوارىء
الفصل الثانى
فنظر اليها بحدة و كانه لا يصدق اذنيه ثم قتح بابا داخل المنزل ( هنا سيكون عملك) فوضعت بيب يدها على اله الطباعة الحديثة (لقد لاحظت فى رسالتك انك تجدين الكتابة )قال لها و ابتسم بلطف و لاحظت الفتاة الكتب الطبية و تساءلت متى ستعود الى دراستها ؟ (بامكانك قراءة كل هذة الكتب فى اوقات فراغك )فالتفتت اليه و لاحظت ابتسامته التى تزين وجهه ماذا به؟ اهو مجنون ؟ ما الذى دفعه لتوظيف هذة الفتاة فابتسم من جديد طائشة ام لا لقد عجبته و هى لا تملك الشروط المطلوبة و هو لا يريد الاعتراف و رغم كل شىء هذة الفتاة الشقراء تشبه لهيب الجحيم و ساحرة (ان عمتى نورا مسافرة حاليا و ستعود بعد يومين ) قال لها بلهجة غير مشجعة فارتعشت بيب و تمنت ان لا تكون عمته مثله(عمتك........) ( انها سيدة مسنة شرسة ) فاعتقدت بيب انه يبالغ (قد لا تكون غضوبه كما تقول انت فكيف يمكن لها ان تكون مشاكسة فى مثل هذا المنزل الجميل ؟) (ان عمتى نورا اسوأ من ذلك فحتى لو رضيت انا عن عملكن فانت لن تعجبيها يا ابنتى انت لن تسكنى هنا اكثر من شهر و اراهن على ذلك فعمتى تنين و انت لن تقاومى امامها ) ثم خرج و تركها تفكر بياس و لم تلاحظ بيب نظراته التى تضحك بمكر و جلست على الكرسى يا لها من عائلة ! و اخيرا جمعت شجاعتها و دخلت الى غرفة الفحص و كانت نظيفة و مؤدبة و حديثة التجهيز و راته يجلس على حافة مكتبه و يتامل مفكرته فاقتربت منه و انتظرت ....... (متى يمكنك ان تبداى بالعمل ؟) ( لقد تحسنت صحة السيدة نواكز التى كانت اعمل عندها و انا حرة تقريبا ) و ارتجف صوتها , لقد كانت تحب السيدة نواكز و لولا حاجة اختها للسكن معها لما قررت الرحيل عنها ( ايناسبك يوم الاحد القادم ؟) ( الاحد؟) ( الا تسمعين جيدا ؟ هذا يسمح لك بالانتقال و بالتعرف على عمتى الحبيبة كى تكونى مستعدة للعمل يوم الاثنين ؟) يجب ان تكلميه عن ميلانى و سيمون و لكن كيف ؟ (اقتربى اكثر , انا لا اريد ان اكلك بالنسبة للدوام و للراتب ........) لقد فوتت فرصة اخرى ! و كان الراتب مغريا و اكثر بكثير مما تقبضه ممرضة عادية , بدون شك هذا بسبب العمل الاضافى الذى تسببه العمة نورا و تمنت ان لا يكون وصفه له صحيحا , و بعد ان وقعت العقد رافقها الدكتور الى الباب و كان المطر ينزل بغرازة و الطقس بارد و مظلم و كانت قد فقدت مظلتها و استعارت معطف ميلانى الواقى من المطر يا له من يوم ! فتناولت من حقيبة يدها قبعة يستعملها مزينو الشعر فهذة افضل من لا شىء (المطر غزير جدا انسة ويستون اتعتقدين حقا ان هذة القطعة من البلاستيك ستحميك من المطر ؟) (هذا كل ما هو متوافر لى الان و لكن لا تقلق ) اجابته ضاحكة ( فانا لن اموت من الرشح من الان و حتى يوم الاحد ) و ركضت الى الخارج دون ان تلاحظ نظرات القلق فى عيونه و ما ان خرجت من ممر المنزل حتى سمعت زمور سيارة خلفها فالتفتت و رات الطبيب يركب سيارته السبور فاشارت له بيدها ثم تابعت طريقها تحت المطر و نحو موقف الاوتوبيس احنت راسها جيدا و هى تركض و نزلت نقط من المطر فى ظهرها فاخدت تاعن و تكيل الشتائم الى بيتر من المؤكد انه يشرب الان دون ان يفكر بشراء ملابس لزوجته ميلانى و اخيرا توقفت امامها السيارة السبور الخضراء ( لو انتظرت قليلا انسة ويستون لما كنت تبللت لهذة الدرجة اصعدى ! و الا ستموتى ) فتح لها الباب فركبت بيب بجانبه ( يبدو و كانك تفقدين حس المشاركة ) ما ذنبها اذا كانت لا تملك مظلة كما و ان ليس كل الناس يملكون سيارة رولس مثله ! كيف سيمكنها ان تتحمل رجلا مثله ؟ و بعد قليل ابتسم الدكتور لها و احست باب حملا ثقيلا انزاح عن كاهلها و لشدة دهشتها ابتسمت له ايضا يبدو ان هذا المستبد يملك قلبا و يا له من فرق عندما ابتسم ! ( اتمنى ان تسعدى بيننا ) قال لها مبتسما ( انا متاكدة من ذلك و لكن ........يا الهى ...........) ( ماذا؟ اهناك مشكلة ؟) (لا ..... نعم .........بالنسبة للاعلان ...اقصد , ان الاعلان يقول بانه يسمح للاطفال .....) (نعم لماذا ؟) (بسبب الصغير سيمون , و يبلغ السنتين من عمره و لا اعرف اين ساتركه ) و قررت ان تكلمه عن ميلانى (لست ادرى من اين ابدا ............ فكما ترى والده.......) (هذة القصة لا تهمنى ابدا ) قطاعها فجاة ( انسة ويستون , والده مشكلتك انت و ليست مشكلتى انا و اذا لم يكن لديك مكان اخر تتركيه فيه بامكانك احضاره معك ) و بدا عليه الغضب , ثم انحنى و فتح لها الباب و شعرت بيب بالخوف و بشىء اخر لم تتمكن من تحديده لابد انها مجنونة فهذا الرجل يقارب سن والدها و هى تكرهه ايضا ثم نزلت من السيارة و ما ان وطات قدماها الرصيف حتى انطلق بسيارتهبسرعة جنونية يا الهى ! ماذا فعلت لاغضابه ؟ اه ايعتقد ان سيمون هو ابنها هى ؟ انه ابن غير شرعى ؟ كيف يجرؤ ؟ و لكنها لم تشرح له و رغم البرد الشديد احست بالنيران تشتعل فى خديها ! يا لهمن رجل فظيع ! و لكن ستشرح له يوم الاحد كل شىء ( يا الهى بيب انه جميل ) قالت له ميلانى بدهشة و هى تتفقد الشقة و سيمون بين ذراعيها ( انه منزل مريح ) (كان بامكانه ان يؤجره و يكسب المال الوفير ) ( اعتقد اننى اعرف السبب ) اجابتها بيب ( انه طعم لمنع السكرتيرات من الهرب عند رؤية عمته نورا ) و ضحكتا معا لان بيب كانت قد تعرفت على هذة العمة و اخذ سيمون يركض خلفهما فخافت بيب ان يكسر شىء ( ميلانى يجب ان ننتبهه جيدا فهذا المنزل قد لا يبقى منزلنا لاكثر من شهر واحد ) ( بالتاكيد لا ! و الا ساحاول اغراء طبيبك الفظ هذا ) و ضحكتا من جديد و كانت ميلانى واثقة من نفسها و من جمالها و لكنها كانت انحف من بيب و تساءلت بيب اذا كان الدكتور يحب النحيفات ام لا و اذا قبل الام و ابنها و تركهما لاكثر من شهر فهذا كل ما تتمناه فقد يحب سيمون و هذا سيكون رائعا ( اوه نسيت ان اخبرك ميلانى ان الدكتور يعتقد انه ابنى انا و لم يترك لى الفرصة لاشرح لهحقيقة الموقف ) (عظيم , هذا رائع

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا