لن أطلب الرحمة

لن أطلب الرحمة
تأليف : آن هامبسون
الملخص
اعلن تمرده علي أوامرها ورفض الخضوع لمشئتها وثار عليها رافعا يافطات الأحتجاج في شوارع لياليها وايامها. فقلب سكينتها صخبا..ووحدتها صراخا ومزق كل ما كتبت من عهود وأحلام وامنيات وغير كل المقاييس والمواصفات واشعل في مخيلتها نار لانهائيه كيف تقاوم ساره مافرضه عليها قلبها بالقوه? الي اين تهرب من ذاتها? رالف كان قريب من القلب فسمع جميع قصائده المتمرده فما هي نهايه صراع ساره مع مروضها?
** 1- أين الحب ياساره ؟؟ **
وقفت الفتاتان في منطقه الأثارات في سانت هيلدا قرب الصخور الشاهقه التي تشرف علي الشاطئ .كانت الشمس المشرقه تلفحهما والنسيم البارد يداعبهما.ساره شعرها ذهبي لامع يحيط كالهاله بوجهها الصغير البيضاوي الشكل والواضح اللامح وجسمها متناسق وعيناها زرقاوان واسعتان تلمعان بكبرياء وعجرفه وتضيقان وقت الخطر او التحدى..ونادرا ماتتدفق منهما الدموع كبقيه النساء.
عاشت عائلتها آل مافرن في يور كشاير منذ أكثر من مئه سنه وهم يتحدرون من أصل برودر القرصان المغير والغازي المرعب 0 قلبها بارد قاسي كجدودها الذين سلخوا وأحرقوا ووزعوا أبشع الأنتقام علي أعدائهم وجيرانهم0 وقفت ساره مالفرن منتصبة رأسها مرفوعه الي الخلف وشعرها يداعبه الهواء وجسمها النحيل يميل وهي تشير الي الحقول حيث يرى في وسطها زنار من العشب في مناطق معينه. قالت ساره وهي تشير بيدها لصديقتها فاليري: - هذا العشب هو بقايا الأسوار أو التخوم التي كانت تفصل الأراضي بعضها عن بعض في السابق. فاليري سمراء عذبه تقطر أنوثه وتعود صداقتها مع ساره الي أيام الدراسه . أكملت ساره شرحها: - هل تتصورين الفلاحين ينكشون ويزرعون ويعملون نصف أيام الأسبوع في خدمه الأقطاعيين مقابل استئجارهم قطعه أرض صغيره? لن أقبل أن أكون عبدة لأحد من أجل أن أعيش فقط . كنت أقتل نفسي وانتقم من المستبد المالك. اجابتها فاليري بتعقل: - ولكنني لا أرى الفائده التي سيحصل عليها المالك من موتك. لا أفهم أنتقامك! حتما سيكون هناك عبيد غيرك يعملون عنده بدلا منك مقابل ايجار أرضه. - أنت علي خطأ. كان عدد السكان في ذلك الزمن قليلا جدا . العامل ثروة لا تعوض. ولهذا السبب ارتقى الفلاحون في مراكزهم بعد الموت الأسود الطاعون. هزت فاليري كتفها أستهجانا. لم تكن تهتم للتاريخ ولا تعرف نتائج الطاعون وتأثيره علي العمال منذ مئات السنين. كانت ساره تحفظ التاريخ لارتباطه الوثيق بتاريخ عائلتها آل مالفرن وهيا أحدي أهم عائلتين في منطقه نورثمبرلند . والعائله الثانيه هي آل لينغارد التي انتقلت أيضا الي يوركشاير بعد أن ورثت املاكا واسعه في المنطقه. العائلتان في خصام متواصل منذ القدم وقد انتقل خصامهما الي يوركشاير.ومع مرور الزمن بدأت حده الخصام تتغير تدريجيا. كانت فاليري واثقه من أن صديقتها الحميمه ساره تفضل الموت علي أن تخضع لحكم شخص آخر .تذكرت ماحصل مع ساره يوم فسخت خطوبتها. قالت فاليري: - أخبرني صديقي بول فاريتي انه استلم رساله من اليكس. سألت ساره: - هل مازال في نيوزلندا واستراليا. - نعم لديه صديقه جديده ولكنه لم يذكر في رسالته اذا كان يرغب الزواج منها. - أتمنى لهذه الفتاة حظا سعيدا معه. ابتسمت ساره ابتسامه تنم عن الخبث والمكر. فقالت فاليري: - بعض الفتيات وربما أغلبهن يفضلن الرجال الأقوياء... - هراء. لقد انتهت هذه العقليه منذ أيام جدتي لحسن الحظ. أنا لن يحكمني رجل أبدا. ولست نادمه علي فسخ خطوبتي من أليكس لينغارد. لقد وجدت بديلا يناسبني . وهو سهل الأنقياد وأستطيع أن افرض رأيي عليه. أنني مسروره مع رودي شاين. رودي يحب ساره حبا اعمى . لو طلبت منه أن يتمدد أرضا لتدوسه بقدميها لفعل. وكانت ساره واثقه بأن زواجها منه سيدوم طويلا علي عكس زيجات صديقاتها اللواتي سيتحطم زواجهن فوق الصخور. لأنه لا يرتكز علي أساس متين مثل زواجها. سألت فاليري: -معادلتك في الزواج تناسبك بلا شك. وكن كيف ستكون ردة الفعل عند رودي المسكين من جراء تصرفاتك? - لماذا رودي المسكين! اعترضت ساره علي نعته بالمسكين. رودي يعتبر نفسه الأوفر حظا في يور كشاير. كانت ساره تنظر الي المراكب والسفن التي تدخل المرفأ وتظهر بوضوح من موقفهما المرتفع فوق الشاطئ . وتذكرت منذ سنة تقريبا وفي يوم عيد ميلادها الثامن عشر. حين أخبرت اليكس أن خطوبتهما أنتهت. حاول اليكس ان يقاوم بكبرياء .ثم تبخر غضبه وبدأ يستعطفها. استمعت اليه ساره مسرورة وهو يشرح لها خيبه أمله ويأسه. وبأن ليس له أي شئ يعيش من أجله بعد أن خسرها.ثم تذكرت كلماته. قال أليكس : - سيقضي هذا النبأ علي والدتي. أنه اهانة , بل تحد من عائله مالفرن لعائله لينغارد. - أنا لن أدمر حياتي من أجل والدتك! - كل هذا فقط لأنني... ولم يكمل اليكس حديثه. - لماذا لاتقولها بصراحة... لقد حاولت اغتصابي قبل موعد الزواج . أنا من آل مالفرن ولا أقبل بهذه المعاملة ... هذا جزاء فعلتك. ابتسم اليكس بالرغم من تعاسته وقال: -انيابك حادة وسامة كالحيه. يوما ما ستنشبينها في شئ قاس وتنكسر. قالت ساره متحدية وهي ترفع رأسها بكبرياء. - أبدا... - لاتتركيني ياساره. أذا كنت قد تصرفت بطريقه غير مهذبه ولائقه فهذا فقط لأنك مثيرة جدا... - أنت لا تقبل الرفض! قال اليكس مبررا فعلته : - ولكننا سنتزوج خلال اسبوعين. - كان عليك ان تنتظر يوم الزواج. تصرفاتك فتحت عيني واقنعتني بأننا لو تزوجنا فستكون زوجا مستبدا مسيطرا. - علي الزوج أن يكون أقوى من الزوجة . - هذه صفات آل لينغارد. الحمد لله لقد اكتشفتها قبل فوات الأوان. كلكم متساوون منذ أقدم العصور. دائما تريدون السيطرة علي جيرانكم. ثم وقفت وقفة تحد واكملت: - لكن آل مالفرن لن يخضعوا لأل لينغارد ابدا . جدودي علقوا جدودك علي المشانق. أجابها اليكس بتحد: - جدودي قطعوا رؤوس أجدادك وطافت فوق النهر بالدزينات. فكرت ساره بهذه الخصومه التاريخيه التي وجدت اليوم مايحرك كوامنها. دام الخصام بين العائلتين مئات السنين وارتكبت الفظائع العديدة من كلا الطرفين. الجيل الجديد لا يرغب في استمرار هذه الخصومه. وخطوبه ساره واليكس كانت موضع ترحيب من العائلتين اما الآن وبعد فسخ الخطوبه قبل اسبوعين من حفلة الزفاف... كان التبرير الذي قاله آل مالفرن لآل لينغارد: - لم يناسبا بعضهما. ورد آل لينغارد علي آل مالفرن: - كان علي ساره ان تكتشف ذلك بوقت أسرع وليس قبل الزفاف بأيام. اقنعت ساره اهلها بعدم جدوى هذا الزواج. وأخبرتهم ان اليكس بتصرفاته يحاول اخضاعها. وبالطبع وافقوها رأيها وبقيت الخصومه وفسخت الخطوبه. كل عائله كانت تتجاهل الأخرى أحس آل لينغارد بالأهانه وهم ينتظرون الفرصه المؤاتية ليثأروا . لو حصل ذلك قديما لجرى الدم انهارا من كلا الطرفين... قالت ساره لفاليري: - لو تزوجت اليكس لامضينا العمر نتقاتل كان يصر على أنه السيد المستبد ولن أقبل أنا بذلك. الرجل الذي سيمتلكني لم يخلق بعد. ثم تابعت ساره حديثها عن اليكس : ماذا قال أيضا في رسالته? هل سيعود ? هل سيستقر هناك? - لم يذكر أي شئ من هذا القبيل في رسالته. أعتقد انه سيعود في النهاية شأنه شأن شباب لينغارد. يسوحون قليلا ثم يعودون ألى عشهم . كلهم ماعدا رالف. اليكس سافر لينسى خطوبته الفاشله وسيعود مع زوجته بعد أن ينسى. سألت ساره: - لماذا لم يحضر جنارة والدته كما فعل رالف? - لا أظن اليكس يهتم لوالدته والا لم يتركها مع همومها بعد أن فسخت الخطوبة. - كانت والدته مهمومة وغاضبه لأنني خذلت ابنها البار ورفضته. الجميع يلومونني أنا. قال لي اليكس ان الصدمة ستقتلها! كانت في امه في الثانية والسبعين من عمرها والناس يموتون عندما ينتهي أجلهم. - هل صحيح مايقوله الناس عنكم? انكم من سلاله قبيلة من الأوغاد لا تعرف الخوف من الموت. لأن الموت شئ لامفر منه? - نعم. كانت ساره لاتخاف أي شئ حتى الموت . رأسها شامخه بكبرياء وهي تنظر الى آثار الهيكل القديم وأعمدته. أكملت فاليري حديثها قائله: - رالف يحب والدته. لقد عاد لحضور جنازتها وكان حزينا اكثر من أولادها الاربعه الموجودين وقت الموت. قالت ساره كأن موضوع حزنه علي وفاة والدته لا يعنيها: - انا لا أذكر شكله لقد رحل عندما كنت طفلة . هو اجمل شباب آل لينغارد. انه من سلالة متشردين ويحمل بعض دم يوناني أيضا. سألت فاليري: - يوناني? من أين? - كل آل لينغارد يحملون بعض الدم اليوناني. أحد اجدادهم تزوج من يونانية. حاولت ساره ان تتذكر شكله عبثا. أنه أسمر. كانت تخافه وهي طفلة. عندما تلقاه علي الشاطئ كان يمشي باتجاهها لاتهزه الرياح يمر بها ساكنا صامتا ويغمرها بطوله الفارع . كانت تخاف ان يحملها ويرميها فوق الصخور الشاهقه قرب الشاطئ وكأنها لعبه صغيره بين يديه. هذه هي اللحظات الوحيدة في حياتها التي عرفت فيها الخوف. نعم كانت تخافه وكم كان سرورها عظيما حين ورث أملاكا في اليونان ورحل الي هناك واستقر فمنذ ذلك الحين أصبحت نزهاتها علي الشاطئ اكثر أمانا وغاب خوفها. سألت ساره: - لم يعد رالف الي اليونان بعد هذا ماقيل لي. لماذا بقى هنا ياترى ? لقد مضى شهر علي وفاة والدته. - ربما من أجل الوصيه أو عليه بعض التصفيات الضرورية. هل هو اكبر اخوته? - لا.كولين كبيرهم وهو في الاربعين من عمره. رالف بين وليم ومالفين ويبلغ الثانية والثلاثين تقريبا. قالت فاليري: - رالف هو العازب الوحيد بينهم بعد أن تزوج اليكس في نيوزلندا. - ربما لم يجد امرأه ترضى به...ام انه لا يميل الي اليونانيات! سألت فاليري: ايي يعيش في اليونان? قالت ساره متهكمه : - اوليمبيا. تصوري بأنه يعيش في مقام لرمز وثني وهو من آل لينغارد. أجابتها فاليري ساخره: - انتم آل مالفرن. تحبون جيرانكم بدأ الهواء البارد يلفحهما فاقترحت ساره ان تعودا الي المدينه حيث تركتا السيارة وقفتا تراقبان السفن في حوض المرفأ وقالت ساره: - هذا المركب يدخل المرفأ انظري كم هو جميل. ردت فاليري: - لقد رأيته في المرفأ عدة مرات من قبل. اعتقد أنه معد للايجار. رأيت أشخاص مختلفين علي متنه يملكه رجل يستثمره في الأيجار. هزت ساره كتفها بدون اكتراث ثم اخرجت مفاتيح سيارتها من حقيبه يدها: - لايوجد علي متنه ركاب الأن. أدارت ساره محرك سيارتها وتوجهت عائده الي المديننه برفقه فاليري. فتحت فاليري موضوع زواج ساره بعد ثلاثة أسابيع. فقالت ساره: - لماذا نتحدث في موضوع زواجي أنا ولا نتكلم في موضوع زواجك وهو الاقرب. بقى اسبوع واحد علي موعد زواجك اذا ما رغبت في تغيير رأيك. قالت فاليري: - لن أغير رأيي أبدا . سأكون سعيده وأنا اقوم بكل الأعمال التي تكرهين القيام بها . أعمال المنزل وغسيل فوط الأطفال... فردت ساره بمرح: - وأيضا حاضرة لارضاء رغبات زوجك متى يشاء. -وأنت ياساره لماذا ستتزوجين رودي? - لدى أسباب عديدة وآخرها انني سأغنم لقبا رفيعا .كان لآل مالفرن لقب رفيع في قديم الزمان ولم يكن لآل لينغارد أي لقب... ساصبح الليدي ساره. يحف بي الخدم والحشم ويتراكضون لتنفيذ أوامري وطلباتي. - وأين الحب ياساره? - الحب ياعزيزتي يسجنك. الحب للمرأه يميتها تعطى وتعطى ثم تعطى وبدون ان تدري تصبح المرأه خاضعه للرجل بارادتها. وعلي ماذا تحصل بالمقابل? لم ترد فاليري علي سؤالها فأكملت: سأقول لك ستكون سجينة رهن اشاره زوجها . تلبي له رغباته متي أراد هو. هذه الحياه ليست لي يافاليري أرغب في حياة أفضل من ذلك وقد وجدت لنفسي رجلا لين العريكه سهل الانقياد وغنيا. لن أحتاج للقيام بأعمال المنزل ولا غسيل فوط اطفال...هذا اذا وجد اطفال. أما بشأن رغباته عندما أرغب أنا سيحضر رودي لعندي وليس حين تصيبه النوبه العاطفيه. - تقولين ياساره أغرب الأشياء. اي نوع من الزواج هذا? حتى المسكين رودي لن يتحمله. - لن يكون لرودي أي خيار. لقد وجدت لنفسي رجلا أستطيع قيادته. مشت فاليري تتأبط ذراع والدها فخوره مسروره اليوم يوم عرسها. احمرت وجنتاها حين وصلت الي عريسها الذي كان ينتظرها بفارغ الصبر. راقبت ساره وجه غراهام الرصين بالرغم من صغر سنه لن تستطيع فاليري أن تبدي رأيا في حياتها. بدأت ساره تفكر في عرسها بعد أسبوعين فقط. سيكون عرس الموسم بلا منازع وستحضره كل الشخصيات المهمه في البلد. آل لينغارد سيقرأون عن العرس ويسمعون عنه ولن يحضرون سيتمنون لها كل الشر والأذي بدون شك. الزواج رابطه قوية وقسم ووعود والزوجان يقسمان بكل جدية علي ربط حياتهما برباط أبدي. تمنت ساره لفاليري ان تسير أمور الزواج معهما علي مايرام حتى لايندم احد من الزوجين علي هذا القسم ولا علي هذا اليوم المشهود. تلى الزفاف حفلة استقبال في فندق رويال. سافر العروسان بعدها لقضاء شهر العسل. ولكن الحفله استمرت وستبقى لمنتصف الليل. كانت ساره أنيقه وجميلة في ثوب أشبينه العروس المصنوع من المخمل الأزرق بلون عينيها. بدت مرحة وجذابة يحيط بها المعجبون ولايضايقها غياب خطيبها رودي عن الحفله لانشغاله بيخته والتحضير للسباق في صباح الغد. بدأ المدعوون ينسحبون في فترات متقطعه أفرادا وجماعات. وكانت ساره في حلبه الرقص حين سمعت أحدهم يقول لها: - وصل شقيقك ويطلب منك أن توافيه الي الخارج حيث ينتظرك! عبست ساره ونظرت الي ساعتها انها الحادية عشرة لقد طلبت من باري شقيقها أن يحضر ليأخذها الي المنزل في الثانية عشرة اعتذرت لزميلها في الرقص قائله: - علي أن اذهب الآن. وصل شقيقي ولا أستطيع أن اتركه ينتظر. - شقيقك ينتظرك أمام الباب الخلفي للفندق. قال خادم الاستقبال حين شاهدها تفتش في المدخل عن أخيها. عبست ساره من جديد لأن البرد قارس وليس معها شال. كانت العتمة تغطي المدخل الخلفي للفندق مشت ساره الي حيث أشار لها خادم الفندق ورأت شبح سيارة متوقفه لم تتبينها في الظلام. - ما الخطب لماذا حضرت من مدخل الفندق الخلفي? وبدون انذار أحست يدا قويه تمسك بها وتدفعها الي المقعد الخلفي للسياره وبسرعة وقبل أن تتمكن من الأتيان بأية حركه أو صوت دارت السيارة وخرجت الي الشارع العام. كانت ساره مذهولة من المفاجأه.لم تعرف اذا كان ما تشعر به هو الخوف أم الغضب . من يعاملها هكذا...يمسكها بقسوة ويرميها داخل السيارة كأنها كيس من البطاطا! من يجرؤ أن يفعل بها هذا الفعل? لابد أنه يعرفها.. سألته: - من أنت? - ألا تذكرينني? صوت هادئ بنبرة مؤنبة عاتبة: هل مازلت تتجمعين كالفأرة الصغيرة حين ترين رجلا من آل لينغارد? - هكذا... ارتاحت ساره في مقعدها وتفحصت الرأس الأسود الفخور فوق المنكبين العريضين المتعجرفين. أنه شقيق اليكس. لقد نجحت في تصرفاتها مع اليكس وسوف تنجح في تصرفاتها مع شقيقه اذا احتاج الأمر. قالت ساره بهدؤ: - حسنا يمكنك يا لوغنفار ان تدير السيارة الآن وتعيدني الي الفندق فورا. ضحك ضحكة رنانة وهو يشعر بغبطة فائقة: - لقد اخطأت في معرفتي وفاتتك الحقيقه جرت العادة أن تخطف العروس يوم الزفاف اما أنا فأخطفك مسبقا. اخطفك قبل اسبوعين من الزفاف. ثم لوغنفار خطف امرأه يحبها والعكس صحيح هنا. قالت: - الكراهية متبادلة .وهل تسمح وتدير وجهك لأعرفك? - وأذا لم أفعل? - سأفتح النافذه وأصرخ طلبا للنجدة. - خيبت أملي فيك. لايا آنسه مالفرن. أنا لم أتكبد كل هذه المشقة كي أدير السيارة الآن وأعيدك. افتحي النافذة ان اردت! مرت ساره بيديها علي الباب فوجدت أن مسكات النوافذ قد رفعت. - لقد قللت من قدراتك . أعتذر لك. ضحك ضحكة انتصار وقال: - انت زبونة باردة. لقد أخذت حذري ورفعت جميع مسكات الأبواب لأنني أرغب لحظه الثأر منك أن تنجح وبالطبع أنت تقدرين ظروفي.! قالت بتحد: - حتما. ولكن أدر وجهك ياسيد لينغارد لأتعرف اليك.والا سأدير هذا المقود الذي يسير السيارة بين يديك! - سيكون هذا مميت لكلينا. وأنت لاتريدين أن تموتي بعد? - أنا اعني ما أقول. زاد من سرعة السيارة وأهمل وعيدها. اخذت ساره نفسا كأن صبرها قد نفد وقالت: - سيد لينغارد اني أنذرك... قال ببرود.: - يمكنك مناداتي برالف. سنمضي هذه الليلة سوية. مدت يدها الي مقود السيارة لتديره . امسك برسغها بقبضته القوية فصرخت ساره متألمة: - ابعد يدك عني! ولما لم يستمع لندائها كررت بغضب واضح: - اترك يدي! قلت لك. قال ساخرا: - ياالهي كم انت امرأه مشاكسه. ترك يدها قائلا: لا أعرف ما الذي وجده شقيقي فيك! جلست في المقعد تفرك يدها من أثر قبضته وفي عينيها عاصفه. من المفروض ان ترتعد خوفا منه ولكنها كانت مرتبكه يغلفها الغضب والكراهيه بدون بقية الأحاسيس. وصمتت قليلا ثم قالت: - هل هذا الثأر الذي صممت وخططت له هو سبب عدم رجوعك الي اليونان? - نعم أجلت عودتي الي اليونان كي أنفذ خطة الانتقام منك لأهانتك عائلتي. وصل بسيارته الي موقف السيارات قرب رصيف الميناء وخفف سيره. - كل خططك ستفشل ولن تصيب الهدف. ربما تعتقد أنني أنثي ضعيفه لاحول لها ولا قوة ولكنني اؤكد لك أنني أستطيع حماية نفسي منك ومن أمثالك. - انت انثي ضعيفه? هذا آخر مايخطر ببالي. وأدار وجهه نحوها وهو يضحك مسرورا ثم أضاف: - هل تستطيعين حمايه شرفك? لنرى...ثم دخل الموقف وهو يردد: يالغروركم يا آل مالفرن. أنت حتما تضخمين رأيك بقدرتك. ماذا يعني رالف? هل أخطأت ساره في تقدير خطته? لماذا خطفها? كانت ضربات قلبها غير منتظمة بعد ان اوقف السيارة قرب رصيف المرفأ. سألته بهدوء مصطنع: - الي أين تأخذني? قال رالف وقد غمر قلبه السواد. - سنمضي الليلة سوية في السفينه. وبعدها سيرميك خطيبك ويهجرك...ستعرفين كيف يشعر الانسان اذا نبذه حبيبه قبل أسبوعين من الزواج. ستشعر عائلتك بالاهانة التي لحقت بعائلتي والدك العجوز سيعرف ماقاسته والدتي من مرارة قبل وفاتها . قيل لي انك ابنته المفضلة كما اليكس بالنسبة الي والدته. يأمل والدك باللقب الرفيع الذي ستنالينه من زواجك المرتقب والذي ستخسرينه حتما. وسيتحطم قلب والدك كما تحطمت والدتي قهرا. ارتعدت ساره وقالت: - لم أصل بعد الي السفينه! - سأفعل. لايخامرك أي أمل في الهروب. مسأله أمتار قليلة ونصل الي السفينة. يمكنك أن تصرخي طلبا للنجدة ولكنك توافقيني ان المكان خال تماما ولا أمل في وصول أي نجدة اليك. حتي لو حاولت ان تصرخي سأرميك في الماء وأغرقك. كان يمزح لكن ساره كانت واثقة بأنه يعني مايقول فقالت بتعجب: - ستغرقني? نحن نعيش في القرن العشرين? - سألتقطك فورا. لاتجربي هذه اللعبة معي. أعدك يا آنسه ساره مالفرن بأنك ستندمين علي هذا العمل. ونزل من السياره وفتح بابها بمفتاح خاص قائلا: قبل أن تصعدي الي السفينه عليك ان تتصلي بوالدك من مركز الهاتف العمومي هذا. اطلبيه وقولي له انك ستمضين الليلة مع صديقة... حاولت ساره أن تركض هاربة ولكنه التقطها بين ذراعيه القويتين وهزها بعنف. وقبل ان تستعيف وعيها كانت قد أصبحت داخل غرفة التلفون الضيقه وهو بقربها . فقالت تستفزه: - لابأس. سأطلبه واصرخ بسرعة طالبة النجدة.. - اذا حاولت ذلك سأقطع خط التلفون فورا. حاولت ساره ان تبتعد عن جسمه ولكن الغرفه ضيقة جدا. - انت عنيدة وأنا أعرف بأنك تحبين والدك. ترأفي بقلبه الضعيف أنا واثق بأنك تفهمين ما أقول. صحيح. هي تفهم الوضع. حين يسمع والدها نداء النجدة. سيسمع كذلك صوت رجل يهددها قبل أن يقطع الخط.. ستقتله الصدمه. وتمتمت ساره: سيطلب شقيقي نجدة الشرطة . كانت واثقه بأنها لن تتحداه. - سأشعل عود ثقاب وتطلبين رقم هاتفك. كاد يسحقها بجسمه وهو يحاول اخراج علبة الثقاب من جيب سترته. ترددت ساره قليلا ثم رفعت سماعة الهاتف وطلبت الرقم: تقبل والدها كلامها بدون أن يخامره أدنى شك. كان معتادا علي مبيت ابنته خارج المنزل. سألته اذا كان شقيقها قد ترك المنزل لاصطحابها فأجابها بالنفي. أمسكها رالف بذراعيه بسرعة وحملها وهي تناضل بعنف. وبأقل من نصف دقيقة كانت قد اصبحت علي ظهر السفينة. وعندما بدأ ينزل وأياها السلالم. صرخت: - اتركني! تجاهل أوامرها. كانت تنزل السلالم المظلمة وهي واثقة بأنها لن تقع أو تنزلق. وان حدث ذلك ستقع بين يدي رالف القويتين !!
** 2- سفينة الكراهية! **
وصل رالف وساره الي غرفة الاستقبال في السفينة. اضاء النور ووقفت ساره قرب الطاولة في وسط الغرفة لم تشعر بالخوف بل بالكآبة. كان ينظر اليها ويتفحصها كأنه يراها لأول مرة نسيت للحظات الخطر الذي يحيق بها تفحصته ايضا عن كثب. كان شعره اسود وعظام وجنتيه بارزة وقساوته واضحة في ملامح وجهه. سمرته الشديده ورثها عن اجداده اليونانيين. في باطنه براكين متأججة تحت سطح هادئ يشبه بشكله تمثالا منحوتا من الحجارة. عبست ساره . هل سيكون هذا الرجل سهل الانقياد مثل شقيقه? تذكرت خوفها منه وهي طفلة صغيرة تلهو علي الشاطئ.. شعرت بلهيب الغضب في داخلها يوازي خوفها منه. وتذكرت. لن تخاف من اي رجل.! - اخبرني عن خطتك المعقدة التي صممتها. قالت وهي تجلس علي الأريكة وتضع حقيبة السهرة فوق الطاولة قربها. ام تفضل ان تفاجئني بها? - لا ابدا. جلس رالف علي طرف الطاولة ولف رجليه وهو يراقبها عن كثب. لم يكتم تعجبه من هدوئها الذي استقبلت به الوضع الراهن. فأجاب: - الخطة ليست معقدة. انها ابسط مايمكن. الاتعتقدين ان الخطه البسيطة تكون اكثر فعالية? لم تجبه ساره ولكنها هزت رأسها موافقة. - ستبقين برفقتي هنا هذه الليلة. في الصباح الباكر سيحضر حبيبك ذو اللقب الرفيع ويجدك معي. ستكون النتيجة ان لا يحصل زواج بعد اسبوعين. قال ذلك وقلب جريدته وبدأ يتصفحها بفضول كأن وجود ساره لايهمه. - وكيف يعرف حبيبي ذو اللقب الرفيع اين انا? - لقد اوقفت هذه السفينة ( حسناء المحيط) قرب يخت خطيبك. غدا مثل كل المتسابقين سيحضر باكرا... ولا أعتقد انك بحاجة لأشرح لك ماسيحصل? طبعا لا لزوم. في السادسة صباحا سيكون رصيف المرفأ كخلية النحل مكتظا بالناس ككل يوم أحد.بعضهم سيحضر لمشاهدة السباق وبعضهم لممارسة هواية الصيد والأبحار في نهاية الأسبوع. الجو مريح وبسيط تسوده روح الالفة والحرية واصحاب اليخوت يتزاورون لشرب القهوة او الفطور. قالت مستنتجة: - من الواضح انك قابلت رودي. - التقيته صدفة منذ يومين. سألته: - صدفة? - حزرت. انتظرته حتى حضر. تحادثنا قليلا عن السفن والسباق ثم دعوته لتناول الفطور معي غدا صباحا. سألته بفضول: - وهل عرفته بأسمك? - طبعا. لقد عرفته بنفسي. لم يكن يعلم بخطوبتك السابقة لشقيقي. لم تجب ساره عن سؤاله هي لم تذكر خطوبتها السابقة الي رودي لأن هذا الأمر لايعنيه .ثم أخبرت رالف بأن عائله رودي قد انتقلت مؤخرا الي وثبي. سألها: -اذن انت لاتعرفين رودي الا منذ فترة قصيرة? اجابته باختصار: - فقط منذ ثلاثة اشهر. - كان غراما عاصفا بينكما. للأسف سينتهي كل شئ. قال ذلك ثم عاود النظر الي جريدته وركز انتباهه عليها. - اعتقد ان عليك ان تقدم لرودي البرهان علي انني امضيت الليل كله معك علي متن السفينة. - هذا صحيح. - ماشكل هذا البرهان? -هذا سيكون مفاجأه لك. لم تحاول ساره ان تستفسر عن الطريقة بل قالت له ببرود مزيف بأنها ستخبر رودي بأنها خطفت...وهو سيصدقها. - لا أعتقد. أن رودي عاشق غيور.سيتصرف اولا ثم يفكر. قالت مؤكدة: -بل سيصدقني ويذهب الي البوليس ان طلبت منه ذلك. - ولكنك لن تطلبي منه ذلك. ثم تثاءب ونظر الي ساعته. - ماالذي يجعلك واثقا من انني لن اطلب منه الذهاب الي البوليس? - رأفة بوالدك العجوز المريض بالقلب. اليست هذه نقطة الضعف لديك? صحة والدك تهمك اكثر بكثير من اي اجراء تتخذينه ضدي. -انت داهية ياسيد لينغارد. نعم والدي يهمني اكثر من الانتقام. - اسمحي لي ان اسجل اعجابي باعترافك. كنت اعتقد انه ربما تحاولين المراوغة. هل انت قوية حقا كما تحاولين ان تظهري. هل عواطفك متحجرة وقلبك قطعة من الثلج? - بل قلبي من صوان شأن قلبك. اخبرني ياسيد لينغارد لماذا انتظرت سنة كاملة لتبدأ في تنفيذ خطة الانتقام? نزل عن الطاولة ووقف امامها كالمارد.تذكرت خوفها منه وهي طفلة تجلس علي الشاطئ كان عليها ان تركض ان تركض خوفا منه قال: - كنت اعيش بعيدا ولم ار في قصاصك مايوازي تعبي وعذابي. ومع مرور الزمن سمعت من الأهل ماكابدته والدتي من الم وعذاب. لم تنس جرح اليكس وحزنه يوم غادرها لينسى صدمته واهانته. لقد حطمتها الصدمة. - لا أظن اليكس قد جرح بهذا العمق. لديه الآن زوجة حميمة. - كنت تنتظرين ان يأكل الحزن قلبه من أجلك? وأضاف مبتغيا أذلالها: - اعتقد انه لحسن حظه ان زواجه منك لم يتم. - ولحسن حظي ايضا. انك تلومني لموت والدتك! هز رالف رأسه نفيا. لقد فاجأه سؤالها. ثم قال: - الناس يموتون عندما ينتهي اجلهم اذا كانوا في الثامنة عشر او الثمانين. انا لا الومك علي موتها ولكنني الومك لتسببك في التعاسة التي عاشتها في آخر حياتها. بدأت عندئذ افكر بالانتقام ولم أحدد الوسيله وحين عدت الي هذه البلاد وعلمت بزواجك المرتقب اردت ان اجرعك من الكأس التي سقيتها لشقيقي. نظرت اليه محدقة. تذكرت ماقالته عن تحدره من سلالة المتشردين وقطاع الطرق وعن اجداده القساة. ابتسمت وهي تستغرق بتأملاتها. حتما لا يمكنه ان يكون من سلالة الرموز اليونانيين لانهم لا ورعون ويعرفون الرحمة. ثم قالت: - تود قصاصي من أجل ما قاست والدتك? - وهل تطلبين الرأفة? قالت تتحداه: - انا لن اطلب الرأفة من أي رجل وبالأخص من أحد رجال آل لينغارد! - من حسن حظك اننا نعيش في القرن العشرين. كنت أود ان اسحق روحك الوحشية. لو التقينا في الزمن الغابر لما كنت حظيت بهذه المعامله اللينة. معاملة لينة.. لقد خطفها ورماها علي المقعد الخلفي للسيارة...سيدفع ثمنها مع الفائدة حين تسنح الفرصة. وجال بنظره من رأسها حتي اخمص قدميها وهز رأسه مستغربا: - شئ مضجر. ما الذي رآه فيك شقيقي? ماالذي اعجبه فيك? -اهاناتك المتكررة لشكلي الخارجي وعدم تمتعي بأي جمال تسعدني. انا اكره ان انال اعجاب رجل مثلك. وكان رده المؤلم السريع: - لو كنت تعجبينني لكنت الآن في ورطة مخزية تجعلك من النادمين.. - قلت لك سابقا انني قادرة علي حماية نفسي. - اتعتقدين ذلك! انا اشك في قدرتك. وضحك مازحا بينما كان ينظر اليها بنهم: - ربما اكون مخطئا.. انا واثق انه سيسرني ان احملك معي الي اليونان واروضك هناك. نعم اعتقد ان ذلك سيكون ممتعا للغاية. من المؤسف ان يكون ذلك غير ممكن.. جبال اركاديان الوحشية تناسب اخلاقك. - علي العكس انا أحب رفاهية المدينة الحديثة. لن احتمل الحياة البدائية في جبال اوليميبيا. - اوليميبيا ليست منطقة جبلية مع ان منطقة كرفيون ترتفع فوقها.المناظر الطبيعية هناك خلابة... وشرد بأفكاره بعيدا عنها ثم غاب في تأملاته ولانت قساوة نظراته وهو يتكلم عن منزله في اليونان. ساد الصمت فترة ثم كسرت ساره طوقه وهي تتعجب لان خصامهما قد هدأ. وسألته: - هل تعيش في قرية اوليميبيا? - اعيش فوق تلة صغيرة خارج القرية. جبال اركاديان ليست بعيدة. نظر أليها جادا وقال: - نعم. اعتقد انه سيكون ممتعا ومسليا ترويضك... ولكنني لا ارغبك. جمالك لايروق لي ان ذوقي في النساء فريد ودقيق علي عكس ذوق شقيقي. احمر وجه ساره وامسكت بحقيبتها بعصبية وقالت: - اذا انتهيت من أهانتي ربما ترشدني الي غرفة نومي وجودك قربي يجعلني اشعر بالتقيؤ. قال يستفزها: - كم انت باردة الأعصاب .اللعنة علي أذا لم تعجبني شجاعتك. الا يهمك ان زواجك قد انتهي? وأنك خسرت اللقب الرفيع الذي كنت تحلمين بالحصول عليه? سألته مسرورة: - ماالذي يجعلك واثقا مما تقول? - اعتقد ان اي زواج ينتهي أذا امضت الخطيبة ليلة مع رجل آخر بأرادتها... - كيف يكون بأرادتي? - لايمكنك ان تقولي انني خطفتك. فقالب بأصرار: - طبعا استطيع ذلك. فسألها: - حسنا . اترغبين الآن في النوم? هزت ساره موافقة وارشدها الي غرفتها . المركب اكبر مما توقعت لقد عرفت فيما بعد ان فيه سبع غرف. - هذه غرفتك. وفتح لها الباب وانتظرها لتدخل: اتمني أن تكون مريحة. الحمام خارج الغرفة. الماء الساخن متوفر دائما. اتمني لك نوما هادئا غرفتها نظيفة ومريحة. يوجد فوق طاولة الزينة اسفنجة جديدة للحمام وكل مايمكن ان يلزمها من ادوات التواليت. خلف الباب روب زهري اللون مبطن يلبس فوق قميص النوم وخفين .تذكرت ساره لفورها رجليها المتعبتين. خلعت حذاءها ولبست الخف. نظرت الي الباب من الداخل فوجدت قفلا جديدا وضع للباب من الداخل. حتما هذا القفل الجديد وضعه رالف. انه رجل غريب الاطوار لقد فعلما بوسعه كي تمضي ليلتها في راحة تامة بالرغم من الظروف التي تعيشها لكنه نسي أن يحضر قميص النوم بعد تفكير عميق قررت انها لن تستفيد أذا بقيت مستيقظه كل الليل وضعت ما يلزمها في حقيبه الحمام وذهبت لتأخذ دوشا ملأت ساره المغطس بالماء الساخن واغتسلت وعادت الي غرفتها وأقفلت الباب من الداخل نامت في تنورتها الداخليه التي تشبه قميص نوم استفاقت باكرا في صباح اليوم التالي نظرت الي الساعه الموضوعة علي طاولة الزينه فوجدت انها تشير الي الخامسه والنصف بقيت تتقلب في فراشها كانت تشعر بعصبيه وقلق ولا تعرف ماالذي يزعجها رودي يحبها كثيرا وسيصدق كل ما تقوله له ثقته بها كبيرة عليها فقط ان تطلب منه ان يبقي الأمر سرا بينهما حتي لا يعرف والدها بالأمر فوالدها سينهار ان عرف أن أحدا من آل لينغارد اجبرها علي أن تمضي الليله معه عبست من الحقيقه المرة فكرامتها قد هدرت ربما كان عليها ان تقاومه وتجعله يحس بحدة اسنانها كما حصل مع شقيقه من قبل لكن رالف يختلف عن اليكس كليا ربما كان اغرقها في الماء كما قال ضاق صدرها بأفكارها وشعورها المتزايد بالقلق وفكرت ان تهرب لكنها عدلت عن فكرتها رالف لن يترك لها فرصة للهرب والخطة قد شارفت علي نهايتها لو صعدت السلالم لوجدته بانتظارها نهضت من سريرها لبست الروب الزهري فوق تنورتها الداخليه ودخلت الحمام وبعد أن ملأت المغطس بالماء الساخن واغتسلت شعرت بنشاط كبير وقالت لنفسها ليفعل رالف ما يريد فهي مستعدة للنضال سوف يقع هو في الفخ الذي نصبه لها حين تشرح لخطيبها حقيقة ما حصل سيرى رالف بنفسه كم يثق بها رودي لم تكن ساره مستعدة للمفاجأه التي أعدها لها رالف لقد تركت باب غرفتها مفتوحا حين دخلت الحمام أما الآن فالباب موصد ولا تستطيع فتحه - هل استطيع مساعدتك؟ فوجئت ساره به يقف خلفها وهو يلبس معطفا احمر واسود وقد طوى ذراعيه فوق صدره ينظر اليها مسرورا - الباب مغلق ولا أستطيع فتحه تركته مفتوحا قبل أن أدخل الحمام وبدأت ساره تفهم ما جرى فقالت بعصبيه : افتح الباب بسرعة - ياعزيزتي ساره ! استعملي عقلك انا اقفلته ولا مجال لفتحه يجب ان يراك خطيبك علي هذا النحو الآن لا يمكنك ان تقولي انك أجبرت علي البقاء بل بقيت الليل بأرادتك - ان لم تفتح الباب سأصرخ وسيسمعني كل من في المدينة ! - افتحي فمك هيا اصرخي وأضاف منذرا: بحق السماء ستندمين ان فعلت كنت ساره غاضبه من تصرفها لأنها لم تعمل اى حساب لتصرفه هذا كم كان الأمر سهلا تساءلت في نسها : ماذا كان سيفعل لو انها لم تترك غرفتها وثيابها بهذه السهوله - كانت تصرفاتك طبيعيه وكما أنتظرت تماما ولو انك قررت ان تبقي في ثيابك كنت سأضطر كارها ان أجبرك علي خلعها - وكيف ستجبرني ؟ كنت سأهدد بأن أخلع عنك ثيابك بنفسي طريقتك ابسط واسهل نسيت واجباتي كمضيف يا ساره ولم أقدم لك شاي الصباح لقد فات الوقت لأن زائرنا سيحضر عما قريب هل تساعدينني في تحضير الفطور؟ نظرت اليه ساره بغضب اول مرة في حياتها لا تجد ما تقوله كانت تفكر بالقيام بأعمال عديدة ولكنها كانت تعرف ايضا ان أي عنف من جانبها سينتهي بالمزيد من الأهانة فهذا الرجل يضحك منها ويسعده ان يراها تفقد صوابها ستخيب ظنه وسألته: - اعتقد انك تنتظر ان أفقد رباطة جأشي أليس كذلك ؟ قال ببرود: - بل أريد ان أراك تبكين - ذلك يحتاج لرجل ذي أرادة قوية ليحملني علي البكاء ضحكت ضحكة مزيفة فجمد في مكانه ثم قال بهدؤ: - هناك رجال ذو أرادة قويه حولك يا ساره - وهل هو أنت ؟ قالتها بطريقة ساخرة جعلت الدم الأسود يصعد الي وجنتيه هذه اول مرة يتأثر لجملة قالتها انحني فوقها وجعل وجهه مقابل وجهها وهو يتفرسها ظنت ساره انه سيحاول عناقها وبسرعة تنحت الي الوراء وقالت : - أياك ان تعانقني أذا لمستني سأصفعك ! - أنا أعانقك ؟ هذه المرة كان هو الساخر : اخبرتك الليلة الماضية ان ذوقي في النساء فريد وخاص وانا اعني ما أقول اضطربت لكلماته الموجعة بالرغم من طبيعتها المتوحشه الا انها امرأه ربما كانت ستجد ملامسته لها مقرفة ولكنه ساءها ان تتأكد من انه لا يرغب مطلقا في عناقها سألها برقة ولطف زائدين وهو يبتسم : - هل ستساعدينني في تحضير الفطور ؟ - لا وتركته ودخلت غرفة الأستقبال وصلتها رائحة البيض المقلي كان يحمص الخبز ايضا ويصنع القهوة دخل غرفة الأستقبال ليحضر طاولة الطعام كانت تراقبه في عمله وتذكرت مرة ثانية خوفها منه حين كانت طفلة صغيرة تلهو علي الشاطئ لم تحلم يومها ان هذا الرجل سيريها الويل ويجرح كبرياءها قال : - سيحضر زائرنا خلال دقائق لقد قلت له في السابعة مرت خمس دقائق اخرى جلست ساره علي الأريكه تنظر الي الخف الكبير في رجليها وشكلها المقرف كان الروب اقصر من تنورتها وشعرها مبلل بدون تمشيط او ترتيب - كم انت هادئه من الواضح انك لا تحبين خطيبك ولكنني كنت اعتقد انك ستثورين لخسارتك اللقب الرفيع اجابته بدون اكتراث : - هناك رجال آخرون يحملون الألقاب الرفيعة - ربما حظك في الزواج في المرة الثالثة يكون افضل من المرتين السابقتين لابد من مجنون ضائع يعرض عليك الزواج من جديد وبعد برهة سمعا وقع أقدام بأتجاههما توقفا عن الكلام ونظرا لبعضهما كان صوت رودي وهو يقول : - هل أدخل ؟ كانت ساره هادئه ولكن صوت ضربات قلبها يصم اذنيها الفرح قريب , دقائق وتنتهي المهزلة مسكين رودي , حضر للفطور سيتحطم قلبه ولن يأكل شهرا آخرا - تفضل ادخل الفطور جاهز ابتسم راضيا عن خطته التي كملت فصولها , ودخل رودي ثم وقف مشدوها كأن لسانه قد عقد كانت ساره تنتظر ثورة غضبه كل لحظه نظر رودي الي ساره بلباسها الداخلي ثم نظر الي رالف الذي قال مخاطبا رودي : - هل هناك أي خطأ؟ كأنك ترى شبحا يا صديقي ارادت ساره ان تتكلم , ولكن ماذا ستقول ؟ كان رالف علي صواب , لو تكلمت الي رودي عن خطفها لبدت مجنونة لأنها تجلس بلباس النوم كأنها استفاقت لتوها - شبحا ؟ ما الذي يحدث هنا ؟ لماذا انت هنا يا ساره؟ كان صوت رودي منفعلا ووجهه رماديا وقال مخاطبا رالف : هذه خطيبتي جال ببصره بين ساره ورالف من جديد كأنه لا يصدق ما يرى بقيت ساره صامتة تغيرت تعابير وجهها الي الدهشة لماذا لم يصرخ رودي ويثور ؟ ألأنه يثق بها ؟ هل يفكر بأن هناك تفسيرا معقولا لما يحدث ؟ العزيز رودي سهل الأنقياد لو فتشت سنين عديدة لم تكن لتعثر علي رجل مثله يناسب طبيعتها الخاصة - خطيبتك ؟ لا يمكن ذلك! لدقيقة بقي رودي صامتا يحدق مشدوها مما يرى قال : - انها خطيبتي سارهلماذا لا تجيبين عن اسئلتي ماذا تفعلين هنا ؟ يبدو انك أمضيت الليلة عنده - نعم يارودي اعترفت ونظرت الي رالف المسؤول عن وضعها المخزى واكملت : لقد نمت هنا في السفينة - ولكن ارتبك رودي واحمر وجهه خجلا نظرت اليه ساره ثم نظرت الي رالف الواقف فوقها كالبرج وبدأ رالف يؤنب ساره بقساوة : - ساره ايتها الفتاة العابثة لماذا لم تخبريني ؟ ونظر رالف الي رودي يحاول الأعتذار والتأسف وقال له : - لم أكن اعرف اعني ثم هز كتفه بدون اكتراث واكمل : - ومهما يكن انها الموضه الشائعة في هذه الأيام ثم ضحك واضاف : ارجو ان لا تحمل لي أي شعور كريه ؟ تعال ننسي الموضوع ونأكل فطورنا قبل ان يتلف استفاق رودي من ذهوله وغيبوبته تجاهل الدعوة للفطور وقال: بعد أن تملكه قليل من الغضب : - هي الموضة! ربما يكون ذلك صحيحا بالنسبة الي رجل مثلك , ولكن هذا العمل غير مقبول ضمن دائرة معارفي واهلي ! - نحن أحسن منكم خرجت كلمات رالف بعد ذلك موجهة الي ساره : عليك ان تغيري طريقتك يا عزيزتي ساره بعد ان تتزوجي رجلا من عليه القوم صاحب شرف رفيع قال رودي : - ستغيرين تصرفاتك بحق السماء يا ساره اتمني ان لا تفعلي ذلك بعد زواجنا ؟ ماهو عذرك ؟ هل شربت الكثير البارحة في حفلة الزفاف؟ صرخة تعبر عن الدهشة خرجت من شفتي رالف بدون ارادته , نظرت اليه ساره ولم تفهم ماذا يقصد ,نظرت ساره يعد ذلك الي رودي وقد برد غضبه واكتسي وجهه الما مكان الغضب وسألته : - هل تصدق يا رودي انني امضيت الليل في السفينة مع رالف ؟ اجابها رودي بأقتناع : - هذا واضح ولا يحتاج لسؤال ! - انت تعرف انني ورالف لم تستطع صياغة كلمات سؤالها من الخجل قال رالف بلهجة واثقة لا يعتريها أي شك: - لماذا الخجل ؟ لم تكوني خجلة الليلة الماضية رودي يعرف اننا امضينا الليلة سوية انه ليس مخبولا كي تقنعيه ان كلا منا نام في غرفة منفردة ؟ سألته ساره : - هل تصدق ذلك يا رودي ومستعد ان تتغاضي عما فعلت ؟ اجابها رودي : - وهل تركت لي أي خيار آخر ؟ لقد خذلتني يا ساره انا اعرف مدى الأنحلال الأخلاقي في هذه الأيام وكنت اعتقد انك تختلفين عن الفتيات الأخريات قالت: - والآن اكتشفت انني لا أختلف عنهن وما زلت ترغب في الزواج بي ؟ هل خاب ظن رالف بهذه النهاية غير المتوقعة؟ كان ينظر الي رودي بأستغراب - أي خيار لي ؟ ردد رودي كلامه مرة ثانية : حفلة الزفاف مقررة بعد أسبوعين وانا أحبك حبا شديدا ولا أستطيع ان أعيش بدونك تراجعت ساره في مجلسها فوق الأريكة الي الوراء واسندت شعرها الأشقر فةق المساند السوداء وهي تنظر الي رودي كأنها تراه للمرة الأولي, ماذا كانت تنتظر ؟ كانت تنتظر شيئا مخالفا تماما لما حصل تنتظر انفجارا , عنفا , غضبا شديدا, تهديدا واللذي حدث كان بعض الحزن في عينيه وبعض التخاذل نظرت ساره الي رالف ,لم يخف عليها كيف كان سيتصرف لو كان الأمر معكوسا - العاشق المتسامح قال رالف مخاطبا ساره : لقد شلت خطتي كما توقعت لها منذ البداية , كنت علي حق اللقب الرفيع من نصيبك بالرغم مما تكبدتة من مشقة قال رودي : - ماذا تقول انا لا أفهم شيئا قالت ساره مخاطبة رالف وهي عابسة : - لقد فشلت خطتك ولكن ليس كما ترغب سألها رالف مع انه كان يعرف تماما مالذي تقوله : - وكيف ؟ - كما قلت اللقب ما يزال من نصيبي ولكنني غيرت رأيي واكتشفت الآن انني لا اريده وكما ترى يا سيد رالف لينغارد انك لم تنجح في قصاصي ابدا طأطأ رالف رأسه معترفا بفشله وعلي فمه ابتسامة الرضى ولم يدل بأي تعليق السيد مالفرن العجوز مريض في فراشه شفتاه زرقاوان ووجهه متعب ويتنفس بصعوبة رأسه فوق الوسادة يحدّق بأبنته ساره بعينيه الصفراوين الضعيفتين الحزن يغمرهما وربما بقايا دمع قد جف - كيف تفعلين بي هذا ؟ تكلم بضعف وصعوبة , أخذ نفسا ثم أكمل : تمضين ليلة مع أحد ابناء لينغارد في سفينة , كنت دائما أقلق من مغامراتك في السابق ولكنها في معظمها كانت مغامرات بريئه ,أما هذه ؟ لقد جلبت العار للعائلة و انت ابنتي المفضلة جلبت العار لنا الي الأبد , توقف من جديد ليسترد انفاسه , لقد نال منك آل لينغارد فقط قبل اسبوعين من زفافك فقد وزعت دعوة زفافك , وزعت قالت ساره: - هذه رواية رودي عن الحادث , اذا كان يرضيك فأنا التي نبذته , انا التي فسخت الخطوبة - لماذا تكذبين علينا ؟ هل تظنين ان أحدا يصدقك قال والدها هذا وتابع يلومها علي فعلتها التي جلبت الفضيحة والعار لآل مالفرن جميعا اصفر وجه ساره وهي تسمع المزيد من اللوم من والدتها وهي تبكي كانت تمسك بيد زوجها تهدئ من روعه وتوافقه علي قوله بل تزيد قائلة : - فتاة من هذه العائلة تعاشر رجلا من آل لينغارد قالت ساره تذكر والدتها باليكس: - كنت سأتزوج أحدهم ولم تتذمري - لقد فسخت الخطوبة لأنه حاول أغتصابك مع أنه كانينوى الزواج مالذي دهاك لتعاشريه بدون أي ارتباط ؟ الزواج يختلف انه رابطة شريفة لكن بتصرفك هذا لطخت سمعة العائله الآن آل لينغارد يشمتون بنا لانتصارهم الكبير في الحاق العار بنا مسحت والدتها دموعها المتساقطة من عينيها : آ ه يا ساره , كيف تلحقين بنا هذا العار انظري الي والدك المسكين أنت سبب مرضه نظرت ساره الي الحقول الخضراء المحيطةبالمنزل لم يخطر ببالها أن رودي سينشر خبر مغامرتها المزعومة فوق السفينة بهذه السرعة كانت تظن انه سيصمت من أجل سمعته وسمعة عائلته العريقة ولكنه جرح في قلبه وكبريائه0 كان يحبها كثيرا وقد جرح جرحا عميقا حين نبذته رودي لا يستطيع أن يخفي شعوره , كان يروج قصتها ليبرر للجميع أنه هو الذي نبذها وفسخ الخطوبة لتصرفاتها المشينة تساءلت ساره في نفسها : ال أي عمق كان حب رودي لها؟ هزت كتفيها في عدم اكتراث ولا فرق الآن, لديها أمور اكثر جدية لتعالجها حين سمع والدها نبأ مغامرتها فوق السفينة من أحد اصدقائه كاد ان ينهار , داهمته نوبة قلب وقال الطبيب انها الأسوأ واذا حالفه الحظ يشفي منها ويكمل حياته كالسابق هل تخبر ساره أهلها القصة الحقيقيه؟ لا الحقيقة أسوأ من رواية رودي أنهم يؤمنون الآن أنها ذهبت مع رالف لينغارد بأرادتها أما أذا أخبرتهم أنه خطفها ورماها علي المقعد الخلفي للسيارة وعاملها معاملة سيئه سيموت والدها قهرا ولكن لماذا حقد رودي عليها ؟ لم تكن تعتقد أنه حقود , كان دائما سهل الأنقياد , ولم تلحظ عليه مرة أنه خالف لها طلبا كان ينفذ لها كل رغباتها بدون تردد لكنه تغير كليا حين أخبرته انها تنوى فسخ خطوبتهما تحول الي منتقم وتوعدها بأن يفضح اسم عائلتها ويمرغها بالوحل تساءلت ساره : لو أنها ترجته ان لا يفعل ولكن هي لن تترجي أي رجل أبدا قالت والدتها : - حان وقت الدواء يا عزيزي سأجلب لك الماء لتشربها قال والدها بصوته الضعيف : - لا أريد أي دواء لا أريد أن أعيش قالت والدتها بخوف: -كلا التفتت ساره اليه وقد انخطف لونها خوفا عليه وأقتربت من سريره قائلة: - عليك ان تتناولها يا والدي قال الرجل العجوز وهو ينظر أليها نظره عتب : - كي أبقى علي قيد الحياة ؟ ولماذا؟ ارتجفت ساره كان والدها يحبها ويقضلها علي أخوتها ولا يرد لها طلبا مهما كان ويسامحها علي كل أخطائها لا يمكنه الآن أن يسامحها علي زلتها هذه قال : - أنا لست جبانا ولكنني لا أستطيع أن أرفع رأسي من العار فعلتك مشينة وكون شريكك من آل لينغارد , هذه فضيحة طنانة انهم يتشدقون فرحين بمصيبتنا - قل لي ماذا أفعل ؟ قالت ساره مخاطبة والدها وقد نفد صبرها: صدقني انا لا أستطيع أن أسكت تهكمهم قال والدها بعد جهد: - بل هناك طريقة عبست ساره وهي تفكر : - كيف ؟ سأفعل كما تقول - عليه أن يتزوجك قال ببطء شديد : هذا يخفف من شماتتهم ويوقف الأشاعات لو كان يملك ذرة من الشرف سيوافق علي الزواج منك - يتزوجني ؟ ستجبرني علي الزواج من رالف؟ لماذا؟ نحن نكره بعضنا خرجت الكلمات من فمها بدون أن تشعر نظرت الي الحقول خارج الغرفة لأنها لم تعد تحتمل نظرات والديها المخزية نحوها سألها والدها : - تكرهان بعضكما؟ رفع رأسه عن الوسادة بجهد : تمضين الليل معه وانت تكرهينه كنت ستتزوجين خلال اسبوعين كان عليك ان تنتظري قليلا - لا يمكن ان تكرهيه قالت والدتها وقد أفزعها اعتراف ساره : لا يمكن ان تكون ابنتي مستهترة وخليعة ؟ - هل تفعلين ذلك كنزوة وبمزاج ؟ سألها والدها : الشباب اليوم يفعلون ذلك ولكن ابنتي ! تعب والدها من التفكير أرجع رأسه الي الوراء فوق وسادته مد يده ليمسك بيد زوجته عله يستمد منها العزاء والراحة شعرت ساره بكراهيتها لرالف تتأجج كأن شرايينها قد تمزقت لو مات والدها الآن سيقع اللوم علي رالف تذكرت ما قاله عن والدها وعبست لقد أراد أن يحطمه مقابل ما قاست والدته في آخر سنة من عمرها كانت واثقة ان رالف يريد لوالدها أن يتألم لا أن يموت ! نظرت الي والدها الذي تحبه كثيرا وهو أقوى حب عرفته في حياتها ,بل حبها الأوحد , يجب ان لا يموت قبل أن ينتهي أجله لا لن يموت! قالت ساره تدافع عن نفسها : - لا يا والديس أنا لم أفعل ذلك كنزوة وأنا لست مستهترة كما قالت والدتي اشرق وجه والدها قليلا كما ارتفع صوته عن السابق حين تكلم: - وهذه الكراهية التي تحدثت عنها هل هي كلام فقط؟ لحسن حظها أنه لم ينتظر جوابها بل أكمل حديثه وطلب منها ان تتصل برالف وتتفق معه علي الزواج من الواضح أنه كان يعتقد أن رابطة عاطفية تجمعهما - وهل ستتناول حبوب الدواء الآن تمتمت ساره :هل أجلب لك الماء سألها والدها : - هل تعديني برؤية رالف من أجل امكانية اتمام الزواج؟ كلماته كانت بمثابة انذار أخير لها سحبت ساره نفسها بصعوبة وأجابت : - أنا آسفة ياوالدي لا أستطيع الزواج من رالف - أذن لن أطيل حياتي أو أعمل أي جهد لأعيش فترة أطول - يا عزيزي قالت زوجته وقد بدأت نوبة بكاء أخفت ساره وجهها بيديها تحاول ان لا ترى المشهد المؤثر الحزين وبدأ الثلج يذوب في قلبها , تملكها غضب شديد لو تستطيع ان تجعل رالف يتألم من أجل ما فعله معها ؟ كيف ؟ - عليك ان تتزوجيه يا ساره قالت والدتها كيف تتركين والدك يموت؟ - أمي لا مجال للزواج حتي او رضيت به هو لن يرضى بي قال والدها وقد أخفى وجهه بوسادته كأنه لا يريد أن يراها: - أذن أمضيت الليلة هناك من أجل مزاجك تشعرين بالملل ؟ حضر الطبيب وتكلم مع ساره وهو خارج: - عليك ان تستعدي لما هو أسوأ أنه يرفض الدواء وبدونه لن يعيش , مثل جميع مرضى القلب كان والدك يتناول الحبوب بأنتظام لسنين ونغير له نوعها من وقت لآخر أو نزيد من حجم الجرعه , وكنا سنصل يوما ما لوقت لا نستطيع معه فعل شئ مع العناية الطبية يمنكه أن يعيش سنين أخرى , كان دائما راغبا في الحياة واليوم هو محطم لا يريد العيش ويرفض تناول الدواء لا أعرف ما الذي جرى له لن يعيش طويلا بدون حبوب الدواء - كم سيعيش يا دكتور؟ - حوالى الأسبوعين وربما اقل قال الطبيب ورماها بنظرة استغراب أغلقت ساره الباب خلفه وتساءلت في نفسها ما اذا كان قد وصل الي سمعه أنباء مغامرتها المخجلة وتصرفاتها الفاضحة من المؤكد انه سنع بها فرودي أذاع الخبر ونشره بين كل معارفها خيبة الأمل من ضعفها وغليان في نفسها من عدم قدرتها في ان تنتقم من رالف جعل ساره تجوب الحديقة أكثر من ساعةوهي تفكر في حل لمشكلتها والدها سيموت حياته قد اختصرت بفضل رالف وخطة انتقامه الفاشلة , يريد أن ينتقم منها لشئ فعلته ضمن حقوقها المشروعة تذكرت مرة ثانية رالف وهو يؤكد لها انه يرغب في ان يجعل والدها يتألم كما تألمت والدته قبل موتها هل يملك رالف ضميرا؟ تساءلت في نفسها اذا كان لديه ضمير سيتألم معها لموت والدها لأنه تسبب في موته وستحمله وزر عمله وصلت ساره الي المرفأ فتشت عن السفينة (حسناء المحيط) لم تجدها لقد رحلت ويالخيبه أملها, لا بد أن شخصا آخر قد استأجرها هل رحل رالف بعد ان تكللت مهمته الأنتقامية بالنجاح؟ دخلت غرفة التلفون الصغيرة قرب رصيف المرفأ طلبت بيته وانتظرت طويلا رد عليها خادم , فسألته عن رالف وبأقل من نصف دقيقة كان يقول : - رالف يتكلم -أنا ساره مالفرن أريد رؤيتك لأمر بالغ الأهمية عملت جهدها ان يبقى صوتها هادئا صمت - لا أستطيع رؤيتك حتى المساء - لا بأس سأنتظرك توعدا علي اللقاء في آثار دير الراهبات القديم وصلت ساره قبله واحتمت تحت قنطرة قديمة تنتظره الهواء بارد يلفح وجهها ورجليها ويرسل شعرها الذهبي علي وجهها بشكل عشوائي ما تزال الشمس مشرقة كانت تقف وعيناها باتجاه السلالم حيث سيحضر رالف انتظرته طويلا ثم وصل أخيرا يتهادى وجهه الأسمر وشعره الأسود وجسمه الفارع وهو يمشى بهدؤ فوق العشب كانت تنظر اليه بأهتمام ومتأكده بأن تأخره مقصود وتعلم أنه لن يعتذر لانه متعجرف ومتكبر كم يسرها أن تراه مسحوقا ولكن ذلك غير ممكن وقفت تستقبله , كان ينظر اليها مشدوها مأخوذا بجمالها وقد علت وجهه ايتسامة مرحة - أهكذا كان شكل نساء مالفرن المتوحشات في الزمن الغابر ؟ بدأيسخر منها : ولكنك لم تطلبي الأجتماع في شهر آب لتستمعي الي مديحي ماذا تريدين؟ - والدي يموت وأنت المسؤول كانت ساره تراقبه لترى تأثير كلماتها عليه - لا أعتقد أنني أفهم ما تقولين - قلت أنك تريده أن يتألم و وقد تم لك ما تريد والآن يتعذر شفاؤه لقد أمهله الطبيب فترة اسبوعين فقط ليعيش - هل الصدمة من فسخ خطوبتك ستميته؟ - لهذا السبب اردت مقابلتك , اريدك ان تحمل ضميرك وزر موته لآخر حياتك , اذا كان لديك ضمير؟ اعتقد ان لديك ضميرا وانا استغرب الأمر - لا أعتقد أن الصدمة من فسخ الخطوبة ستقتل والدك , هناك سبب أهم عليك ان تشرحيه لي شرحت ساره له مشهد والدها المريض فوق سريره وقبل ان تنتهي من شرحها زفر زفرة تعجب وغضب قال : - هذا حدث لأن رودي أعلن للجميع أنه هو الذي فسخ الخطوبة, لماذا لم تعترضي وتدحضي قوله وتنشري الحقيقة الدامغة؟ ذكرته قائله: - ولكن هذه كانت رغبتك انتقامك كان يرتكز علي أن ينبذني رودي - انا لا أهتم بخطتي بعد الآن أنا انظر اليها الآن من وجهه نظرك, لقد فشلت خطتي السابقة , لماذا لم تستغلي فشلها؟ - قلت لوالدي انني انا التي فسخت الخطوبة ولكنه لم يصدقني - بدأت أفهم والدك يعتقد انك امضيت الليلة معي للتسلية ؟ توقف يمعن النظر اليها ساخرا : وهل يؤمن الآن بأنك فتاة عابثة؟ - لو كنت مكانه الا تفكر مثله؟ الظاهر ان هذا الحديث معه لم يؤت ثماره لأن رالف لم يكن مستعدا ليقبل اتهامها له لما وصلت اليه حالة والدها قال : - ولماذا لم تخبري والدك بالحقيقة وبأنك خطفت وأجبرت علي المبيت في المركب؟ - انني خطفت ومن قبل أحد ابناء لينغارد؟ لم تكن ساره تحتاج لقول المزيد , عبس رالف وقال بخشونة : - كم المحبة مفقودة بين عائلتينا ! اذن ان مغامرتك المزعومة هي التي تزعجه - انه اكثر من منزعج ويرفض رفضا قاطعا أن يعيش ليوجه العار والفضيحة لن يأخذ الدواء وهذا يعني أنه لن يعيش - لم يكن لدي أي شك بأن أحد آل مالفرن جبان - والدي ليس جبانا , انه عجوز مريض جدا, كيف تجرؤ ان تقول عنه ذلك! - حسنا حسنا كم انت سريعة الغضب ! لنبقى هادئين ونفكر سويا في حل - ليس هناك ما نستطيع ان نفعله , فقط رغبت أن تعرف الوضع قبل أن ترحل , اريدك أن تعيش مثقل الضمير الي نهاية عمركنتيجة عملك الفظيع - اصمتي يا فتاة , لابد من ان نفعل شيئا ما , لنفكر بصمت وكفي عن هذه الثرثرة لقد قلت سابقا واكرر الآن لا اعرف بحق السماء مالذي رآه فيك شقيقي واعجبه كان رالف يرتدي بدلة من التويد , خطوط وجهه قاسية لا تلين وبه ما يوحي انه رجل خارج علي القانون مثل بقية شباب آل لينغارد - هل صرح والدك بأنه يرغب في الموت؟ - بالتحديد وهو دائما يعني ما يقول - لا أظن والدك يفعل ذلك ويحملك مسؤولية موته يا ساره بدون أن يذكر لك خيارا آخر , هل اقترح عليك أن تجعلي خطيبك رودي يغير رأيه ويتزوجك؟ - ابدا - هل انت واثقة؟ انا اعرف انك لا تحبين الشاب وهو ايضا لا يحبك -نعم انه يحبني قالت بسرعة والشرر يتطاير من عينيها: كان حبه عميقا وقويا ولهذا السبب تألم كثيرا حين نبذته - هراء ! أي نوع من الرجال هو هذا الحبيب الذي لا ينفجر ويثور غضبا حين يعلم ان خطيبته قد امتلكها رجل غيره اسود وجه رالف واحتقن : كنت أخنقك ببطء لتتألمي اكثر وتطلبي مني الرحمة بالرغم من قوة ارادتها الا انها ارتجفت كانت وحيدة معه,الحقول خلفها والصخور الشاهقة المشرفة علي البحر أمامها مرة ثانية تذكرت خوفها منه وهي طفلة صغيرة تلعب علي الشاطئ حين كان يأتي بأتجاهها كانت تركض هاربة مذعورة منه - يجب أن أعود الآن -قالت وهي تتمني لو أنها لم تحضر للقائه , خطتها للأنتقام منه قد فشلت وهي تشعر بخيبة أمل جديدة - الي أين تذهبين لم نتوصل لأي حل للمشكلة التي أتيت من أجلها مازلت لا أستطيع أن اتصالح مع آل مالفرن أعتقد أنك تكذبين حين تقولين انه لم يعطك خيارا آخر , انا واثق من كراهيتك لخطيبك ولكنني أعتقد أن والدك يرضي لو حاولت أن تقنعي رودي ان يتزوجك , هل انا علي حق ؟ - لا لا , انت علي خطأ تذكرت والدها وخياره الآخر , أحمرت وجنتاها أدارت وجهها لتخفيه عن رالف لكنه لاحظ احملرار وجنتيها امسك بذقنها وأجبرها علي النظر الي عينيه القاسيتين وقال: - أنت تخادعين ابتعدت عنه ولكنه امسك بذراعها من جديد أحست أصابعه تغرز في لحمها - دعني اتركني اذهب حاولت الأفلات من قبضته بدون جدوى - اجيبيني والا هززتك هزا عنيفا حتي تصطك اسنانك علي ان أعيش مثقل الضمير بموته اليس كذلك؟ هزها من جديد أجيبي ! ألم يطلب منك والدك أن تتزوجي رودي كي يتابع تناول حبوب ادويته -لا لا لم يقل ذلك أذا أردت أن تعرف فقد قال عليك انت ان تتزوجني تلاشي الضغط ببطء من فوق ذراعها ثم افلتها وقفا يحدقان ببعضهما في صمت رهيب ثم ضحك رالف ضحكه مجلجلة سمع صداها في خراب الدير كله - أنا أتزوج قطة وحشية مثلك؟ هذا أغرب ماسمعته منذ مدة طويله, لا , شكرا أنا أحب أمرأتي أن تموء لا أن تزمجر , لن أتزوجك حتي ولو لم تبق علي وجه الأرض امرأة غيرك - شئ غريب , وهل طلبت منك أن تتزوجني؟ احمر وجه ساره لماذا كشفت له كل أوراقها , هاهي الأن تتلقى اهاناته الكريهة , انها تكرهه كرها شديدا حاولت من جديد أن تثير مساله ضميره - انت مسؤول عن موت والدي , الخيار الذي كنت تفتش عنه لا يقدم ولا يؤخر, انه يدخلك في صلب الموضوع ويضاعف من جريمتك لو كان عندك ضمير فأنا اتمني من كل قلبي أن يتعبك لنهاية عمرك قالت تنهي ما عندها من كلام وهي واثقة بأن لا فائده من كلامها ولكن لدهشتها , غابت السخرية عن وجهه وحل محلها العبوس الثقيل كأنه بدأ يحس بجريمته , تأكدت ساره من وجود ضميره الحي وسرت لذلك سرورا عظيما , لقد انتصرت بان في عينيها الأنتصار ولاحظ رالف ذلك فزاد عبوسه , وكان يسره لو يمعن في ضربها لكنه تكلم أخيرا بصوت منخفض ليس فيه قساوة - هي الحقيقه اذن والدك يريد أن أتزوجك لماذا انا بحق السماء؟ -لأنني أمضيت ليلة معك والدي عجوز وتفكيره رجعي في هذه الأمور سألها ساخرا متهكما: - لماذا ؟هل نساء آل مالفرن طاهرات عفيفات ؟ قالت ترد التحية بأحسن منها: - أنت لا تصدق ذلك ولكنها الحقيقة تستطيع أن تقول الشئ نفسه عن نساء آل لينغارد فرح رالف بتصريحها , وكان لا يزال يفكر بجدية: - لنعلن هدنة مؤقتة بيننا والدك لا يمانع في سفرك للسكن في اليونان - بما أن أمكانية سكني في اليونان ليست واردة لماذا نضيع وقتنا في بحث هذا الأمر - لم تجيبي علي سؤالي ؟ والدك يريدك أن تتزوجيني وهو يعرف ماذا يعني ذلك هل يتركك ترحلين عن حياته وربما لا تعودين الي هذا البلد من جديد هزت رأسها ايجابا وهي تتذكر والدها وهو يدير وجهه الي وسادته حتي لا يراها تملكها شعور رقيق جعلها تبدو أكثر أنوثة من أي وقت مضى تملكها خجل الأنثي وهي تصرخ بأنها ستعيش مع زوجها أينما وجد رأي رالف ساره بحلتها الجديدة , أتسعت عيناه وهو يراها علي هذا الحال الجذاب خامره شعور لذيذ كأنه يرى أعجوبه تحدث في خراب الدير قال لدهشتها ودهشته : - زواجنا يصلح كل الأمور وسيعيش والدك - زواجنا ؟ هل جننت؟ قال بلطف مقنع: -أنا واثق من كراهيتك الشديدة لي , ولكنني لا أريد أن أحمل ضميري وزر موت أبيك أنا أعرض عليك الزواج بي يا ساره , أذا قبلت يعيش والدك , وأذا رفضت يموت حياته بين يديك الأن وليس بين يدى تعجبت ساره , أين ذهبت قساوته وسخريته , لقد أصبح شخصا آخر مغايرا للشخص الذي خطفها ورماها علي المقعد الخلفي في السيارة وهدد بأغراقها في البحر كان ينتظر جوابها نظرت ساره الي الأمواج المتلاطمه الصاخبة وهي تضرب الصخور قرب الشاطئ , البحر هائج اليوم وكذلك ضربات قلبها تتجاوب مع البحر , كانت قادرة علي ان تصارع الأمواج لو أقتضى الأمر ولكن لا يمكنها أن تصارع غريزة حب البقاء لوالدها , حياته أصبحت بين يديها هي , لم تضع في حسابها امكانية أن يعرض عليها لرالف الزواج لقد دارت الدائرة عليها مرة جديدة وأصبح الحل بين يديها , أذا مات والدها ستحمل هي المسؤولية وليس هو دارت لتوجهه وأذا الريح تلف ثوبها وترفعه فوق رأسها بدأت تصارع الريح في محاولة لأنزال فستانها وهو ينظر أليها مسرورا أحست بالدفء واحمّر وجهها خجلا حين استطاعت أخيرا أن تعيده الي سابق عهده - كنت أريد أن أساعدك ولكنني خفت أن تفسري تصرفي بأنه غير شريف ضحك وأمسك بذراعها وقادها الي مكان أقل عرضة للهواء ثم أضاف: - حسنا هل توصلت الي قرار يا ساره ؟ هل ستحملين ضميرك موت والدك لنهاية العمر؟ قالت بلهجة مرتبكة : - يبدو أنك تريد أن تتزوجني - كما قلت لن أحمل مسؤولية ما سيحصل لوالدك , أنا صادق وأعترف أنني لو تزوجتك فأنا أخالف ارادتي وعقلي لأنني لا أعرف ماذا سأفعل بزوجة لست معجبا بها هل ترضين بأن تدخلي معي مؤسسة الزواج وفق هذه الشروط ؟ هل تروقك هذه الحياة؟ - أنا لم أوافق علي الزواج منك كان صوتها همسا تبدو صفراء شاحبة وقد أختفى اللون من شفتيها ولكنه اقنعها حين قال: - ولكنك ستقبلين بي لأنك تحبين والدك حبا جما - سنتقاتل كل الوقت وافقها علي الفور ذكرته بأنه قال , لن يتزوج بها لو كانت آخر امرأه علي وجه الأرض فقال يدافع عن نفسه: - لم أكن أعرف الحقائق كلها كما انني أكره الزواج بأمرأه من طرازك ولكن ذلك أفضل من ان أقتل شخصا بريئا لم يؤذني - من المؤسف أنك لم تخطط بتأن ولكنك أردت أن تحطم والدي - أحطمه كما تحطمت والدتي , لكنني لا أريد ان أقتله لم يخطر ببالي أنه سينتحر قال وهو يهز كتفيه بدون أكتراث واعاد سؤاله اذا ما وصلت لقرار كررت قولها: - منذ قليل قلت أنك لا تستطيع الزواج من قطه متوحشة قال ببرود: - أنا أعني ما أقول , ولا اظنني سأهتم بترويضك ربما أجرب في وقت من الأوقات أذا شعرت بالملل , هل ستتزوجينني يا ساره؟ أجابته بعد أن شبكت يديها ببعضهما : - سأكره كل دقيقة من حياتي معك - أوه لا أعرف سنتقاتل ولكن اذا تصرفت جيدا وبتعقل ربما أتركك تعيشين علي هواك , وأنا أعيش كما يحلو لي هل تعجبك هذه الحياة؟ - تماما , في هذه الظروف لن يكون بيننا أي علاقة أخرى قال علي الفور: - أوافق بدأت الشمس تغيب الأثارمليئه بالظلال كان رالف خبيثا وشريرا حاولت ان تتخيل منزله وحياته تذكرت شيئا آخرا قاله:انه يحب امرأته أن تموء كالقطة الأليفة هل لديه نساء في حياته؟مؤكد هذا يساعده علي الزواج من أمرأه لا يكن لها أي حب وهذا يناسبها ألم تصرّح دائما بأنها لن تعيش لترضي الرجل لن تنتظره مطيعة رهن أشارته - أظن أننا مخطوبان الآن , علي أن أقابل والدك , لنذهب علي الفور لأن المطر سيهطل عما قريب حفلة الزواج كانت عائلية, قرر رالف العودة الي اليونان قبل نهاية الأسبوع لا ثوب زفاف أبيض لا مصورين ولا حفلة استقبال تلت مراسم الزفاف شعر رالف بما خسرت ساره من جراء سرعته في اتمام مراسم الزفاف ليلة السفر كانت أيضا ليلة الزفاف أخذها رالف الي مطعم فخم يدعى مطعم الزرع وهو بيت أثري جميل لا يؤمه الا الأغنياء طرازه اسباني وعلي جدرانه صور مصارعي الثيران في براويز كبيرة مطلية بالذهب الأنارة خافته والنباتات المعرشه تتدلي هنا وهناك في طرف المطعم مرقص صغير أرضه مفروشة بالزجاج الصغير وغير متوازي الشكل والأنوار الخضراء تطل من وسط حجارة صخرية ونباتات بحرية تحيط بجوانب المرقص يشبه المرقص بركة ماء مزخرفة رؤية الخدم من الشبان الأسبان تبعث السرور في النفس وضعت ساره معطفها ودخلت لتجد رالف في أنتظارها استقبلها بترحاب ولطف خالجها شعور لذيذ بأنه يختلف اليوم تماما عما تعرفه بدا في لباس السهرة مفرط الترتيب , لكن شيئا في نظراته يشبه الخارجين عن القانون حمل شرابهما الي طاولة جانبية قادهما اليها أحد الخدم جلسا هادئين وكل منهما غارق في تفكيره طلبا الطعام النور الخافت ينساب اليهما من فوق كانا كأنهما يجلسان في الظلام وتصل اليهما انغام الموسيقى الحالمة من أقصى المطعم حيث يتمايل زوجان شابان علي انغامهما في المرقص كانا متماسكين يشدان بعضهما كأنهما متلاصقان وهما يتهامسان برقة كانت ساره تراقبهما , فقال لها رالف : - كلي يا صغيرتي لم تتذوقي طعامك بعد منحته ابتسامة شاحبة لم تكن تشعر بالجوع ولكنه اظهر رقة متناهية واهتماما شديدا بها , مما جعلها تحاول أن تتذوق طعامها لتوهمه أنها تتمتع بمشاركته الطعام كانت أفكارها موزعة بين والديها وراحة بالهما لزواجها من رالف , وبين رودي وخطوبتهما القصيرة التي لم تدم وهذا الرجل زوجها هل ستتركه حين يموت والدها؟ أم تتابع حياتها كرفيقة وليس كزوجة كل منهما يعيش حياته علي هواه وماذا لو قابلت رجلا آخرا وأحبته؟ لا لن تحب أحدا الحب للمرأه هو سجن وخضوع وهو ليس لها أما أذا أحب رالف امرأة أخرى ورغب في الأنفصال؟ يتنتهي عندئذ كل مشاكلها سألها رالف: - بماذا تفكرين؟ هيا سأجعلك تخبرينني يجعلها! عبست ساره من تعبيره الآمر كانت تأمل ان لا يمرس لهجة الأمر والسيادة معها حتي لا تحدث مشاكل بنهما منذ البدايه تجاهلت قوله هذا ورغبت في التحدث معه لتستطلع رأيه في هذا الموضوع قالت: - كنت اتساءل ما أذا كان سيأتي اليوم الذي ترغب فيه بحريتك من هذا الزواج ربما تقع في الحب ؟ -صحيح ربما أحب عندئذ سيكون زواجي عقبة في طريق قلبي , ولكنني رجعي وتقليدي في هذا الأمر وسأبقي عليه زواجنا يا ساره أبدي علينا أن نمارس الحذر الشديد حتي لا نقع في أي حب يمكننا أن نتمتع بالحياة بدون حب خجلت ساره من تصريحه هل نسى ما قالته عن عفة نساء مالفرن التقليديه سألته بفضول: - هل لديك نساء في حياتك؟ - نساء بالجملة؟ في بعض الأحيان نعم , انا أؤمن أن الحياة يجب أن تعاش ولكنني لا اتنقل من أمرأه الي أخرىهل أظهر لك بهذا المظهر ؟ حضر الخادم ومعه الطبق الثاني من الطعام صمتا قليلا ثم سألته مستفسرة: - هل هناك أمرأه خاصه؟ اجابها ببرود: - حاليا نعم لدي أمرأه خاصة كانت ساره تلعب بشوكتها في صحنها حثها رالف علي الأكل من جديد سألته بخجل: - هل هي جميلة؟ - أعتقد ذلك - هل هي شقراء أم سمراء؟ - هي سمراء بقدر ما انت شقراء - الا ترغب في الزواج منها؟ - من الواضح انني لن أتزوجها والاكنت تزوجتها من قبل - كم يبلغ عمرها؟ - هي في الثامنة والعشرين تقريبا لقد أتمت عيد ميلادها الثامن والعشرين منذ أسابيع هي أطول منك بقليل وأكثر امتلاء عيناها سوداوان كلون شعرها انفها مروس هل لديك مزيد من الأسئلة عنها؟ امتلأ وجه ساره احمرارا من سخريته بقيت ذقنها مرفوعة وكذلك رأسها وفي عينيها شرارة من نار قالت: - آسفه كنت أحاول أن أبدي بعض الأهتمام اللائق , ولا أرغب في التدخل في شؤون امرأتك - كم أنت ذكية يا صغيرتي , عليك أن تتعلمي منذ البداية أنني لا أحتمل أي تدخل في شؤوني الخاصة أذا تدخلت ستندمين أشد الندم ساد الصمت من جديد شعرت ساره برغبة قوية في أن تمسك أي شئ علي الطاولة وتضربه به لو أستمر مهددا ومتوعدافي حديثه معها بعد دقيقة أو أقل عاد الي لطفه ورقته السابقة وسألها أن تراقصه في لهجة حنونة , كأنه يعتذر عن صدامهما في علاقتهما ليلة الزفاف تذكرت نفورها منه حين حشرها في غرفة التلفون الصغيرة أرادت أن تعتذر له, ولكنها غيرت رأيها بعد ما أصبح واقفا أمامها فرحت ساره عندما توقفت الموسيقى وعادا الي طاولتهما كانت لمسة يده فوق ذراعها وكتفها مقرفة لا طعم لها ووجدت صعوبة في الأبتعاد عنه في المرقص لاحظت صمته بعد عودتهما تساءلت في نفسها ك هل شعر بكرهها له حين لامسها , وهل أحس بأرتياحها حين أنتهت الرقصة , من الواضح أنه أحس بكل ما تشعر به لأنه لم يراقصها مرة ثانية واكتفى بالحديث الخفيف والثرثرة كانت تسأله وهو يجيبها عن بيته وعمله وحياته عمله متقطع في فترات موسميه انه رجل ثري وبأستطاعته ان يوكل الي موظفين عنده القيام بالأعمال عنه , لديه مكتب في أثينا ويمضي اياما عديدة هناك في زمن المواسم حيث يبقي في ضيافة أصدقاء يملكون شاليه لا تبعد كثيرا عن الشاطئ في كليفادا شرح لها بالتفصيل عن بيته كانت تستمتع اليه بأهتمام وتتساءل : هل هناك زوجان صرفا ليلة زفافهما مثلهما , يتحدثان بأدب وتهذيب لتمضية الوقت حتي يحين موعد اقلاع الطائرة في الثانية عشرة والنصف ستكون الرحلة مماثلة لجلستهما هنا يمضيان الوقت في الحديث الممل غمرها قلق شديد وشعرت بالبرد ينخر عظامها وهي تتذكر ما قاله رالف : زواجنا أبدي زواج يرتكز علي الكراهية أي مستقبل ينتظره هذه هي البداية ! لم تكن ساره تدخل الحب في حسابها كعنصر أساسي للزواج , ولكنها كانت دائما تعول النفس علي رجل يحبها والا كيف ستسيطر عليه وتقوده حسب رغبتها؟ حان الوقت للتوجه الي المطار غادرا المطعم الي حياة مظلمة , لا نجوم فيها ولا قمر ساره تجيد الصراع فهي من آل مالفرن لن يفسد حياتها رجل من آل لينغارد قال رالف انها تستطيع أن تحيا حياتها علي هواها وهكذا ستفعل وأذا بدل رأيه بهذا الشأن وبدأ يتدخل في حياتها فالويل له! **لا تكوني غبية** يقع منزل رالف في واد ملئ بأشجار الصنوبر ويشرف علي نهر كلادوس في هذا الوادي كانت تقام الألعاب الأولمبية منذ ألف سنة , الضاحية هادئه ومليئه بأشجار توفر الخشب من جبل كرونيو ومحاذيه لمنطقة ألتيس المزروعة بأشجار الزيتون نظرة الي ساحة الملعب ترى الأعمده الرخامية منتشرة هنا وهناك تذكّر بأيام العز هنا كانت تقام الألعاب الرياضية المختلفة ويحضر الشباب من كل أقسام الدولة الهيلينيه ليتنافسوا منافسة شريفة علي البطولة الرياضية تعتبر الفترة الزمنية التي تقام بها الألعاب الأولمبية هدنة بين المدن اليونانية تتوقف خلالها جميع نزاعاتهما الداخلية والخارجية وصلت ساره الي منزلها الجديد مع الفجر كان قرص الشمس الذهبي قد بدأ يتصاعد في كبد السماء من خلف جبال اركاديان وترسل أشعتها الي أشجارالزيتون وحقول القطن وعرائش العنب في الوادي الأرض مكسوة بسجادة زرقاء من السوسن وشقائق النعمان قد بدأت تذبل في أول فصل الصيف وعل ضفتي نهر ألفوس بدأت الدفل تزهر المنزل يقع في المثلث المكون من ملتقى النهرين , وجبال الصنوبر الضخمة كانها برج شاهق يشرف علي بقايا ملاعب الأولمبياد هناك هيكل قديم لزيوس كبير الرموز عند اليونان القدماء صرخت ساره صرخة أعجاب , ونظرت نظرة أمتنان الي الرجل الذي حملها معه الي هذه الجنة الأرضية وقالت: -- انتظرت أن يكون المكان أكثر وحشية , انه آيه في الجمال - قلت لك ان البلاد رقيقة ويختلف المكان عن النسر المكشر المتوحش في دلفي هذا المكان آمن كانت اولمبيا مكانا محرما علي المقاتلين , هنا ينبذون أحقادهم وصراعاتهم ويمارسون مختلف أنواع الرياضة البدنية في منافسة شريفة كان رالف يرمي الي المعني المبطن في حديثه فهمت ساره قصده وقالت: - ولكننا لم نحضر الي هنا في سلام ووئام الخصومة بيننا أبدية ولا تعرف الهدنة بالرغم من تصريحها الا أنها شعرت بالأمان والسلام البيئه الهادئه تطغى عليها روح المصالحة لقد عرف اليونانيون القدماء أين يختارون مكانا لألعابهم, فالمكان محمي من الرياح الباردة والحارة ونسائم البحر الناعمة الرطبة تغطي وادي الفوس لجهه الغرب هز رالف كتفيه بدون أكتراث وهو يساعد سائق التاكسي في نقل الحقائب لحقت بهما ساره ومشت تحت قنطرة حجرية تفضي الى حديقة جميله جدا هناك عريشة كبيرة تحمي من أشعة الشمس المحرقة , مزروعات فنية منوعة تحيط بها حجارة بشكل فني ونوافير المياه ترسل رذاذ الماء الي الزهور اليانعة في كل مكان من الحديقة المنزل مربع ومطلي بالدهان الأبيض وبه غرف واسعة في الطابق العلوي تدخلها الشمس , وقد فرشت بأحدث الأثاث وأثمنه , مرتا بستوس مدبرة المنزل أخذت ساره لتريها غرفتها مرتا وزوجها جورج يعملان عند رالف في تدبير شؤون المنزل والحديقة نظرا الي ساره بدهشة واستغراب عندما عرفهما رالف بها نظراتهما المعبرة تملأ كتابا كانا ولا شك يتساءلان عما ستقوله المرأه الأخرى عنها وتاقت ساره لتتعرف الي المرأه ألأخرى صديقة زوجها الحميمة غرفتها تشرف علي الحديقة وعلي ملاعب اولمبيا وجبل كرنيون الذي تكسوه اشجار الصنوبر -منظر ساحر قالت ساره مخاطبة مرتا : هل هناك حمام؟ - نعم يا سيدة لينغارد هذا هو الحمام أشارت مرتا الي غرفة ملاصقة عبست ساره وهي تسمع اسمها الجديد لأول مرة كانت تكره هذه التسمية ولكنها ستعتادها مع الأيام, وأقسمت بأنها لو أتيحت لها فرصة الأنتقام من زوجها فلن تتردد وكانت واثقة أن هذه الفرصة لن تتاح لها أبدا أن رالف رجل قاس ولا شئ يؤلمه أو يجرحه , هل كان سيشعر بأن عبئا ثقيلا قد أزيح عن كاهله لو رفضت الزواج منه؟ وهل سيشعر بوخز ضميره؟ لا لن يشعر بأية مسؤولية عن حالة والدها الصحية بعدما حمّلها المسؤولية بمكر وحنكة قال لها انه في حال وفاة والدها فهي الملومة وليس هو اخبرتها مرتا ان الطعام سيكون جاهزا خلال نصف ساعه , لقد أمر رالف جورج بتحضير الوجبة وستذهب مرتا لمساعدته طلبت مرتا منها ان تهيئ نفسها للعشاء بقيت سلره وحدها في غرفتها تتعرف اليها في الغرفة سرير مزدوج وأثاث مريح ومرآة واحدة فوق طاولة الزينة وهناك فرشاة للشعر في صينية فوق طاولة الزينة, فتحت درجا في الطاولة ولمحت ثيابا رجالية داخلية أجفلت وأغلقت الدرج بسرعة - ماذا تفعلين هنا؟ كان رالف يقف في الغرفة وينظر الي حقيبة ساره التي حملتها بنفسها - آسف طلبت من مرتا أخذك الي غرفتك ولم أحدد لها المكان,كان من الطبيعي أن تحضرك الي هنا , فأرجو ان لا أسبب لك المزيد من الأزعاج كانت لهجته ساخرة, رمقته ساره بنظرة حادة لم يأبه لها قالت وهي تحمل حقيبتها بيدها: - ربما تتكرم وتريني غرفتي كانت غرفتها تشرف علي المناظر نفسها التي تشرف غرفته عليها , وكذلك حمامها يشبه حمامه , ولكن السرير في غرفتها كان سريرا منفردا , ابتسمت ساره وهي تتساءل : ماذا ستفكر مرتا في هذا الوضع الغريب؟ قال رالف: - أعتقد انك متعبة , يمكنك الأستراحة بعد الطعام اذا رغبت ثم نزل الي غرفة الجلوس ولحقت به ساره جلس رالف يتصفح مجلة ويرفع رأسه من وقت لآخر ليرمقها بنظرة ثم يعود الي مجلته كانت ساره تنظر أليه وتتساءل: متي سيزور فتاته؟ لقد غاب عنها خمسة أسابيع هل ستتقبل نبأ زواجه بهدوء؟ جلس رالف هادئا وقد أخفى غضبه وخيبة أمله وندمه عن كل عين كان مشغولا بالقراءه ولا يعيرها أدنى أهتمام , وبدأ غضبها يتفاقم لم يسبق أن تجاهل وجودها أي رجل من قبل دائما كانت موضع اهتمام الجنس الآخر, فقررت ساره ان تجعله ينظر اليها ويترك مجلته, سألته: - هل ستتأخر الوجبة؟ - وكيف لي أن أعرف؟ اسألي مرتا اجابها رالف بدون أن ينظر اليها وأكمل قراءته أمتعضت ساره من معاملة رالف لها , صرخت : - أنت تجهل مبادئ حسن الضيافة؟ - اعتقدت اننا متفاهمان ؟ تعيشين هنا وتفعلين ما يحلو لك بحق السماء لا تنتظري مني ان أسليك لدي اشياء اكثر فائدة أفعلها - لقد اعتدت اهاناتك لي قبل وقت طويل ستندم علي هذه المعاملة السيئه لي انظر الي أين أوصلتنا خططك الفذة؟ - انا أتمتع بروح رياضية وأعترف بخسارتي فهمت ساره اهانته الجديدة وازداد احمرار وجهها من الخجل : - تبدو آسفا علي زواجك منذ الآن - بالطبع أنا آسف لأنني أجبرت علي هذا الزواج , ولكن لو قدّر لي مرة ثانية أن أعيش الماضي لأعدت الكرّة من جديد , أنا لا أندم أبدا علي ما أفعل , قلت لك لا أريد أن أحمل ضميري الشعور بالذنب لآخر حياتي - لماذا حاولت الأنتقام مني؟ - الأنتقام من تقاليد آل لينغارد الموروثة - وماذا ربحت؟ - ربحت زوجة , ضحك , وأية زوجه! - كفى أعرف أنني لا أروقك , وانت كذلك لا تروقني , ولكنني لا أكرر ذلك علي مسمعك , وأكون شاكرة لو تلجم لسانك أيضا عن تكرار ذلك - لماذا يا ساره أنت مستاءه؟ النساء مغرورات ويؤلمهن قول الحقيقة , هل يؤلمك أن أقول انك لست جذابة؟ - أنا لست جذابة بالنسبة اليك لقد خطبت مرتين , اليس ذلك دليلا واضحا علي جاذبيتي؟ طوى مجلته ونظر اليها بفضول وسألها: -- وهل رودي رجل ؟ أي حياة كنت تتوقعين ان تعيشي معه؟ - حياة سعيدة أنا أريد رجلا أستطيع قيادته قال مستغربا: - ولماذا خطبت لأخي ؟ لن تستطيعي قيادته بسهولة! - ولهذا تخليت عنه وفسخت الخطوبة - ألهذا السبب حطمت قلبه؟ كل آل لينغارد أشرار لن تفيد ساره من ذكرياتها السابقة مع اليكس وشعرت أن زوجها يلذ له الحديث عن تصرفات شقيقه كان اليكس يجدها جذابة لا تقاوم , وحاول أغتصابها قبل موعد الزواج كم يسرها أن رالف لا يجدها جذابة والا تصرف معها كشقيقه ولن تستطيع ردعه ولا سيما وهو يملك حق امتلاكها الشرعي قالت له : - أذا لم يكن الزوج مستسلما لزوجته فستكون المرأة خاضعة لزوجها أجابها رالف: -اليس هناك حل وسط , شراكه مثلا - اذا سمح للرجل ان يكون الأقوى خسرت المراة أملها واصبحت خاضعة لسلطة زوجها 0 وهل تتصور أنني اتحمل ذلك؟ - لا لن تتحملي هذه الحياة ولكن هل تعتقدين أنك ستكونين سعيدة اذا تزوجت برجل تديرينه حسب مشيئتك كأنه خاتم في بنصرك؟ - نعم أكون سعيدة وراضية - ولماذا لم تتزوجي رودي؟ كنت تستطيعين قيادته بسهولة وتتمتعين بلقب رفيع؟ لماذا تركت هذه الفرصة تفوتك؟ انها فرصتك الذهبية للحصول علي السعادة لم تجبه تذكرت رودي وهو يتفحصها مشدوها يوم الحادث المشؤوم كانت في ملابس النوم , أحمر وجهها وهي تتذكر قالت عابسة: - لا أعرف لماذا غيرت رأيي! - خيبت أملي فيك يا ساره كنت أظنك صريحة وصادقة سأقول لك أنا السبب , لأن رودي لم يثر ويغضب حين رآك معي في السفينة كان ضعيف الشخصية ولا عامود فقري لديه فتاة حرة مثلك لن ترضى برجل خنوع مثله - هل تريد أن تقول انني أريد رجلا قويا؟ -أنا لا أقول ماذاتريدين بل ماذا تحتاجين سألته بنزق: - أوه ماذا أحتاج؟ -تحتاجين لرجل يسحق قليلا من كبريائك ويروّضك تذكرت ساره قول رالف : سأروضك حين أشعر بالملل لو قرر رالف ترويضها سيكتشف ن هذا العمل أشق مما يستطيع ان يتحمل مر الوقت في أولمبيا ببطء بدأت ساره تشعر بالملل مع شهر تموز (يوليو) وبدأت تتساءل اذا كان يأستطاعتها ان تكمل مشوار حياتها معه حياتها السابقة كانت دعوات وحفلات تنصّب عليها من كل صوب وحدب كان رودي قربها دائما ومستعدا لتلبية جميع رغباتها لو أرادت الذهاب الي المسرح كان خطيبها يحجز لها افضل المقاعد حتي لو لم يرغب هو في رؤية العرض اذا رغبت في حفلة راقصة كان رودي يقوم بجميع الترتيبات للحفلة بدون أي أعتراض والآن زفرت زفرة مشحونة بالغضب , أين رالف ؟كان غائبا منذ أسبوع ربما في أثينا أو ربما في قرية لنغاديا حيث تسكن صديقته أديل بودان كانت ساره تتشمس في الحديقة تحاول تقييم حياتها في اليونان هيأت ساره نفسها لكره أديل في أول أجتماع لهما , حتي قبل أن تلقاها كانت صدمة لساره يوم قابلتها أديل تفيض بالأنوثة شعرها أسود وكذلك عيناها لديها جاذبية محببة وتصرفاتها لائقة مهذبة تروق للرجل أنها تموء قالت ساره في نفسها قطة أليفة جدا , كما يرغب رالف في نسائه أرادت ساره أن تكرهها ولكنها لم تستطع فشعرت بخيبة أمل تعجبت من شعورها الغريب ولم تعرف له تفسيرا تركت هذه المسألة بدون ان تتوصل الي حل لها وتركت الأيام المقبلة تكشف لها هذا السر الغامض في شعورها نحو أديل حضرت أديل برفقة رالف , حين عاد من أثينا , وعرّفها الي زوجته كانت أديل باردة العواطف , ولكنها لم تكن عدائية الظاهر انها تتفهم وضع حبيبها وزواجه لابد وأن رالف قد أخبرها القصة بحذافيرها وأكد لأديل ان مركزها لن يتزعزع بدخول زوجته الي المنزل زوجة لا تزال للآن غريبة عنه ولم يعاشرها , ومن الغريب جدا ان ساره لم تشعر بأي كراهية نحو أديل موقف أديل كان اللقوى لأن رالف كان يعمل لها ألف حساب , ويتكلم معها بحنان وذراع تحيط بكتفيها وتعابيره راضية سعيدة وهو ينظر اليها لم تكن ساره تصدق ما ترى سألتها ساره بعد أن غادر رالف الغرفة الي الكاراج ليعاين مع جورج تصليح سيارته: - هل ستتعشين معنا؟ - لا أعتقد ذلك سأذهب برفقة رالف للسهرة كانت أديل تتكلم بلهجة المتفوقة بينهما أخذ رالف أديل مساء وحين عاد طلبت اليه ساره ان لا يحضرها مرة ثانية الي البيت حاولت ان تتكلم بهدوء واقناع وحدق رالف بها ساخطا وأخبرها بأن أديل قد أعتادت الحضور لهذا البيت , ولن يتغير هذا الواقع ابد قال رالف يذكرها: - لا يربطنا أي رابط, حتي الأحترام مفقود بيننا , وتزوجتك لأنقذ حياة والدك فقط ولم أتعهد بتقديم أي شئ لك - أنا أعرف ذلك , ولكن وجود مرتا وجورج بيننا ربما هما يسخران الآن مني -دعيهما يضحكان,انت لا يهمك رأيهما فأنت مغرورة بنفسك ومتكبرة أخبرتك عن حياتك معي وطلبت منك أن لا تتدخلي في شؤوني الخاصة - ألا يمكنك , علي الأقل , ابعادها عن المنزل فقط ! قال آمرا: - أنا لاأنوي ذلك افهمي , أنت لا تعنين لي أي شئ علي عكس أديل , وأرجو أن لا تتدخلي بعد اليوم في أموري ! نظرت اليه بوجه شاحب وتعابير تكابد الأسي وسألته: - ماذا لو جلبت أنا أيضا رفاقي الرجال الي البيت؟ - وهل لديك رفاق رجال؟ لماذا أنتظرت كل هذه الأسابيع؟ احضريهم الي البيت ولكن واحدا واحدا أذكّرك بأنني أرغب ان تتستري في علاقاتك , انني حساس واتمتع باللياقة في معاملة أصحابك اجلبي واحدا منهم هذا المساء وأنا أجلب أديل ونصبح أربعة مسحت ساره خدها بيدها بوحشية لتمحو لمسته تذكرت قوله: سنصبح أربعة كانت ستختنق من شدّة غيضها وهو يعرف معرفة جيدة ان لا أصدقاء لديهاوحتي لو كان لديها صديق فرالف لا يهتم لهذا الأمر الأمر يختلف معها حين كانت تخرج مع اليكسأو رودي كانا دائما موضع حسد من بقية الرجال فهي جميلة ولكن جمالها مع رالف لا ينفعها لا يجذبه ولا يوجد رجال ينافسونه عليها, زوجها لا يهتم بها ابدا ولا مانع لديه في ان تحضر للمنزل رفاقها كم هو متعجرف ومتكبر لن تحتمل لمساته المقرفة, ومع ذلك بقيت تشعر بحنان لمسته فوق خدها لفترة طويلة وتشعر أيضا أن علاقته بأديل تختلف عما يزعم كان يؤمن بأن الحياة يجب ان تعاش مما يوحيلها بأنهما عاشقان ولكن ذلك غير صحيح, أديل تشبه الملائكة في تصرفاتها الرزينة لا يمكنهما قطعا ان يكونا عاشقين؟ ضاق صدرها لكثرة ما فكرت هزّت كتفيها بدون اكتراث , لماذا تهتم بعلاقة زوجها مع أديل! كانت تتمني ان يقيم علاقاته الحميمة خارج المنزل بعيدا عن نظرها وقفت سيارة في المدخل ودخل رالف من تحت القنطرة الي الحديقة ووقف ينظر اليها بشغف كان يحمل حقيبة اعماله مما يوحي بأنه أمضى الأسبوع الفائت في أثينا - ستحرقين جلدك بالشمس, لا يمكنك ان تمضي النهار كله تتشمسين - ماذا أفعل ؟ غطت نفسها بمنشفتها وقالت معاتبة:لو كنت اصطحبتني معك لأثينا؟ - انا لم أكن في أثينا وحتى لو كنت هناك لماذا اصطحبك معي؟ قالت بخجل: - لم أقصد أن تصطحبني كما فهمت سألها بنزق: - وكيف أذن ؟ ماذا كنت تقصدين؟ - كرفيقة أرافقك الي أثينا وتتركني أسرح في الأسواق وأتسلي ثم نعود سوية عندما تفرغ من عملك الي البيت - ولكنني لم أكن في أثينا ومسألة اصطحابك معي غير واردة - ظننتك بأثينا, لأنك تأخرت أسبوعا كاملا - وهل تسألينني أين كنت ؟ - - بالطبع لا هذا الأمر لا يهمني ؟ - حقا لا شئ أفعله يجب أن يهمك دائما تذكري ذلك, فنكمل مشوار حياتنا علي أحسن ما يرام, لن أخرج بعد الظهر ولا مساء من البيت سرت ساره من كلامه معها واستعادت كبرياءها المهدورة قالت ساخرة: - وماذا أفعل ؟ هل تمنحني امتيازا , علي أن أشكر تواضعك لبقائك برفقتي نظر رالف اليها نظرة قاسية وقد أمسك بحقيبة أعماله بعصبية وحين تكلم من جديد كان قد استعاد هدوءه قال يرد علي سخريتها بأشد منها : - أنا لا أفرض عليك رفقتي , بالحقيقة لا شئ أكثر مللا من تمضية أمسية برفقتك قالت بتحد: - لماذا تخالف عاداتك؟ لماذا لا تسهر معها؟ - ماذا يا ساره؟ ماذا تقولين عن أديل ؟ انني أكن لها الود الكبير رفعت رأسها عالياوذكرته انه هو الذي اعترف بأنه وأديل اكثر من صديقين حميمين - صحيح انا أعترفت بتلك الحقيقة ولكن هذا لا يعطيك الحق في انتقادها امامي انها امرأه افضل مما يمكن ان تكوني - لماذا لا تذهب اليها؟ ستكون امسيتك أكثر متعة من بقائك معي - بدون شك, ولكن يناسبني ان ابقى اليوم في البيت - الحمد لله البيت كبير ويمكنني ان اتحاشى رفقتك قامت من مجلسها في الحديقة وامسكت بالكتاب قربها واكملت : سأختفي في غرفة أخرى - هذا يناسبني قال ذلك وتبعها الي داخل المنزل حين وصلت الي غرفتها كانت ساره تمشي في الغرفة وهي تغلي من الغيظ وتحاول ان تتجاهل اهاناته لها هذا الشعور يحيرها ! لماذا تهتم لرأيه بها؟ لماذا يقارنها بأديل دائما؟ هذا العمل من سوء تصرفه وقلة تهذيبه , أليس ذلك صفة مميزة لآل لينغارد لو تعرف كيف تسدد له ضرباته القاسية بمثلها؟ لو تستطيع ان تثير غيرته كما يثير غيرتها كانت تحاول جهدها ان تجد لنفسها صديقا ما, ولكن ذلك لن يجد نفعا معه لن تستطيع ان تجعله يغار لأنه لا يحبها , وهو لا يطالبها بأي شئ , ولا يسألها كيف تقضي وقتها , ولا يتدخل في تحركاتها أو أعمالها ولا يجبرها علي تنفيذ طلباته, وهي حرة تماما وقفت ساره في غرفتها أمام المرآة, انعكس غضبها علي وجهها وقد غاب لونه لقد أقسمت ان تفعل ما تريد ولن تترك زوجا يتحكم بها ولكن رالف يتحكم بها ويتدخل في حياتها بطريقة جهنمية كان مصمما , بطريقة غير مباشرة ان يدير حياتها حسب رغبته هل يخطط رالف لذلك وينفذ خططه؟ انها متأكده من انه يفعل ذلك انه لا يهتم بها كأمرأه بل كزوجة مطيعة عليها ان تنفذ ارادة زوجها رضيت بذلك ام لم ترض نفد صبرها , فدخلت الحمام وتركت لأفكارها العنان حياتها ترسمها الظروف فقط وليس لرالف أي تقرير مسبق لها لم يبد رالف اهتماما في تحركاتها ولا مرة واحدة لم يسألها أين تذهب ؟ عاش حياته كما تعودها يخرج ويدخل علي هواه وكان لا يراها لأيام, ولا يهتم ان بقيت علي قيد الحياة ام لا لماذا توصلت الي فكرة انه يخطط لها حياتها؟ لقد أعتادت علي نمط معين من الحياة يختلف عن حياتها السابقة ولن تستطيع تغييره الفكرة تضحكها لديها قناعة بأنها نعرضة لحساب دقيق اذا غيرت نمط حياتها الجديد الم يصّرح رالف مرارا انه سيروضها يوما حين يشعر بالملل كانت ما تزال في قمة غضبها حين خلعت ملابسها ودخلت الحمام الحمام روتين يومي اعتادته الحمام يخرجها من الملل القاتل الذي سيخنقها, حياتها فارغة لا يمكنها ان تصدق ذلك زادت كراهيتها لرالف , مصيرها كله قد قرره لها يوم خطفها ألم يقل لها ان الأنتقام من صفات آل لينغارد هل رأى رالف نتيجة انتقامه منها ؟انه يدفع الثمن غاليا فهو يتحمل الآن عبء زوجة لا يريدها سرت لهذه الفكرة , ولكن رالف لا يقلقه وجودها ابدا لأنه لم يغير نمط حياته نتيجة لهذا الزواج بنظره الزواج كأنه لم يكن يتجاهلها ويعاملها بدون أهتمام ذلك لا يحتمل ! ماذا ستفعل ؟لم يسبق لأي كائن , رجل او امرأة أن جعلها تشعر بضعفها كما تشعر مع رالف , منذ أول لقائها به جعلها تشعر بضعفها , بدأ غضبها يفور وبدأت تهرش ظهرها وكتفيها بليفة الحمام بدون وعي بدأ الجلد فوق كتفها ينسلخ كم هي غبية لتفكر به وتفقد هدوء اعصابها كان التفكير بزوجها يخرج من داخلها كل شئ بغيض ولا تستطيع بعد ذلك كبح جماح غضبها لقد تحركت غريزة الهجوم في نفسها كانت تشد بالليفة علي جسمها وكتفها بدون هوادة وتود لو تسلخ جلده هو أيضا بدأ الدم يتصبب من كتفها , لم تستطع ان تلبس ثيابها فجلست متدثرة بالمنشفة قررت ان تنادي مرتا لتساعدها ببعض الأدوية والدهون, فتحت باب غرفتها وهي تنتظر ان ترى مرتا او جورج كان رالف أمامها فقال بخبث: - أهلا هل تنتظرينني ؟ - أن أنا أريد مرتا أريد بعض الدهون - لأي شئ ؟ - جلدي ينسلخ - حروق شمس , ألم أحذرك؟ - نعم ولكن بعد ان أحترقت - لدي بعض الدهون في غرفتي سأجلبها فورا دخلت ساره الي غرفتها وما لبث ان ظهر رالف من جديد ودخل غرفتها وقال لها مبتسما بعد ما وضع أنبوب الدهون وبعض الشاش واللزق: - هل أساعدك أين السلخ؟ - شكرا أستطيع ان أقوم بذلك لوحدي - أين السلخ ؟ لا أمانع في مساعدتك ربما لا تستطيعين الوصول اليه لوحدك - أخرج من غرفتي بدأ ينظر أليها بتحد من رأسها لأخمص قدميها , أختفت نظرة السرور من عينيه , فتح قبضته ثم أغلقها كأنه يريد ان يضربها - ساره ! اذا رغبت في تنظيف جرحك ودهنه سأفعل! - حاول وسترى ما سأفعل وتبخرت كلماتها قبل ان تخرج من شفتيها , لا تستطيع ردعه كما فعلت بأخيه سابقا ربما لو لم تكن بالمنشفة لاستطاعت ان تجعل أسنانها تعلّم في لحمه سألها بلهجة قاسية: - هل تتحديني؟ بدأت ساره ترتجف لدقيقة واحدة من التردد مع قليل من التحدي ثم قالت : - لا لا أتحدى - أنت فتاة عاقلة ربما لحظ ارتعاشها , فأصبح صوته لطيفا رقيقا وهو يسألها من جديد عن مكان السلخ اجابته: - في كتفي بدأ السرور من جديد يغمر عينيه - كيف تستطيعين دهن كتفك لوحدك؟ امسك بالمعجون وفتحه: دعيني ارى السلخ قالت وقد تذكرت لمسته الكريهة: - أستطيع ذلك ولن يكون صعبا علي قال بعصبية: - أبعدي المنشفة لا تكوني غبية قالت غاضبة :لا أريد مساعدتك! دائما ينتصر عليها في مناسبات مؤاتية له, حيث تظهر هي بضعفها كأن لا حول لها ولا قوة وتذعن في النهاية لمشيئته قال بتحد: - هل تبعدين المنشفة عن كتفك أم أبعدها أنا ؟ رمته بنظرة قاسية ثم حسرت المنشفة عن كتفها وأدارت له ظهرها وقد تمسكت بالمنشفة جيدا لم يضيع رالف وقته وبسرعة أعمل أصابعه برقة فوق جروحها , شعرت بالدهون تداعب جروحها وتبردها يده قوية ولكنها لطيفة في لمساتها فوق جروحها وضع الشاش واللزقة فوقها - انتهيت ربما لا تجلسين تحت أشعة الشمس الا لفترات قصيرة بعد اليوم رفع المنشفة من جديد فوق كتفها وأدارها لينظر في عينيها كانت ملامحه قاسية: - اللهجة التي طلبت مني فيها ان أترك غرفتك لا أريد أن أسنعها مرة ثانية يا ساره , أحذرك ربما لا أتصرف بهدوء في المرة المقبلة قال ذلك وترك الغرفة بدون ان ينتظر جوابها تركها وحدها تنظر الي الباب الذي أوصده خلفه شعورها مختلط ! تشعر بالغضب , ولكن غضبها لم يكن وليد كرهها لزوجها بل من الأحساس الذي ولدته لمساته الرقيقة فوق كتفها المجروحة
**ادخلي سجني بسلام**
كانت ساره تشتعل بالغضب كنمرة في قفص زوجها رالف يتغدى مع صديقته أديل في بيتها , بينما هي حبيسة المنزل لا تجد من تتكلم معه سيى مرتا وجورج - ليتني لم أتزوجه! صرخت من غضبها, ولكنها لا تستطيع ان تتصرف خلافا لذلك والدها مريض وزواجها كان الحل لأنقاذ حياته وقفت ساره أمام النافذة تمتع ناظريها بالمناظر الخلابة, التلة تكسوها الأشجار وضفة النهر الخضراء حيث ترعى الخيول قرب ملاعب الألعاب الأولمبيه هنا تختفي كل الضغائن والخصومات بين المدن اليونانية خلال فترة الألعاب, خمسة أسابيع كاملة ويسود السلام شرد ذهنها وتبخر غضبها وهي تتذكر منذ أسبوع حين داوى لها رالف كتفها من حروق الشمس غصبا عنها لقد هددت وتوعدت عبثا, وتذكرت مؤخرا حين تناولت الشاي برفقته في الحديقة , كيف كانا يتناحران بألسنتهما بطريقة طريفة وبعد ذلك تناولا العشاء سوية كان رالف رقيقا مهذبا في تصرفه مثله في ليلة الزفاف كأنه يواسيها ويحاول ان يعوض عليها ما فاتها تمشيا بعد العشاء قليلا وحين دخلت ساره معه بوابة هيكل حيرا شعرت ان كل غضبها قد مات كان رالف يشرح لها عن بقية الأثارات , البريتانيوم حيث يجلس مدعو الشرف , وحيث كان يقام العشاء الأحتفالي في ختام الدورة , وتعلن اسماء الفائزين ويتسلمون جوائزهم الفيليبيون وهو مركز الأدارة المالية ويتضمن ايضا الملاعب المخصصة للتمارين اليومية هناك باحات كبيرة يتمرن فيها اللاعبون لأسابيع عديدة قبل يوم المباريات وجميع هذه الباحات مسحتها مياه نهر كلاديوس كان النهر يفيض بفعل الأمطار الغزيرة وتجرف المياه كل ما تجده في طريقها وتسبب الأضرار ألفادحة تمشيا في آثار هيكل حيرا الذي بني منذ حوالي 3 آلاف سنة ثم دخلا عبر قنطرة تؤدي الي الأستاد الكبير حيث كانت تقام معظم المباريات تناولل عشاءهما باكرا قبل القيام بهذه النزهة وحين وصلا الي منطقة الأثار كانت الشمس تملأ المكان وبقي علي موعد مغيبها حوالي الساعة هنا وهناك بقايا الأعمدة المحطمه فوق الأرض , اعمدة كلسية بيضاء تعكس اشعة الشمس وتزيد الشعور بالهدوء والسلام الجو ساكن ومنعش وتعطره رائحه اشجار التنوب والصنوبر التي تحيط ببساتين منطقة التيس , الأزهار البرية تساهم كذلك بروائحها المختلفة ولا تسمع سوى اصوات الحشرات التي تطير حولهما وبعض العصافير تعود الي أعشاشها في اشجار منحدرات جبال كرونيون المرتفعة فوق الأثار, قطع رالف الصمت قائلا: - افضل مكان في العالم للتآخي , هل تشعرين يا ساره بالسلام ام انت قوية ولا يؤثر فيك هذا الجو؟ لقد تأثرت ساره بهذا الجو الشاعر ولذلك لم ترغب في ان تجرحه بكلماتها اللاذعة هذه البقعة في اليونان هي رمز الهدوء والسلام تذكرت حياتها الصاخبة في يوركشاير, ومرحها مع حشد الشباب في الحفلات التي تمتد الي آخر الليل, اشتاقت لحياتها السابقة ولكن بدأت الشمس تميل الي المغيب وجه زوجها في الغسق الذهبي اخذ طابعا لينا , وقد شعرت نحوه بأنجذاب قوي, كانا يقفان وسط أثار هيكل زيوس ومن بعيد وصل اليهما عزف مزمار لأحد الرعاة ابتسمت ساره ومع صوت المزمار اكتمل المنظر الخلاب لجبال اركاديان حيث الحوريات كأنها تراقص الرعاة علي موسيقي بان رمز الغابات والمراعي عند الأغريق - لم تجيبي علي سؤالي يا ساره؟ هل أثر فيك هذا الهدوء ؟ هل تمنعك كبرياءك من الأعتراف بضعفك حياله؟ عبست ساره وأحست بالألم يعصف بها, لم تدر مالذي يوجعها؟ لا يمكن ان يكون شيئا تفوه به رالف لأن كلامه لم يعد يجرحها او يؤثر فيها - انه هادئ اعترفت له , وسمعته يزفر زفرة ارتياح وارتسمت علي وجهه علامات الرضى والأنتصار وفي عينيه تعبير غريب ينم عن السخرية بدأ الظلام يخيم فوقهما والقمر يلون السماء بنوره البنفسجي تحيط به بقية النجوم بنورها الخفيف وتزيد المكان سحرا وشاعرية لأول مرة شعرت ساره ان الضغينة قد اختفت تماما في علاقتهما وقال رالف: - لقد أثرت فينا الهدنة لم نرم بعضنا ولا بحجر واحد منذ أكثر من ساعة ونصف ساعة ونصف هو أقصى ما يستطيعان من هدنة لأنه قبل انتهاء الأمسية دارت معركة كلامية بينهما , ومنذ ذلك الوقت عاد رالف يعاملها كسابق عهده, لا يهتم لأمرها ولا يتكلم معها الا عند الضرورة القصوى, او ليقول لها مساء الخير اكثر الأحيان يبقى خارج المنزل وبصحبة أديل واذا بقي في المنزل تحضر أديل اليه ويتصرف تجاهها هي بعدم اكتراث وببرودة اذا انفردت بأديل تبدي نحوها الأخيرة كل خشونة وتحد عن تعمد لم تشأ ساره ان تعاملها بالمثل ولكن صبرها بدأ ينفد وستنشب معركة عما قريب بينهما واذا حصل نزاع بينهما , جانب من سيأخذ رالف؟ لا شك انه يحب أديل كثيرا عبست وهي تفكر بهذا الوضع المحرج وفكرت اذا كان رالف يحب أديل فلماذا لم يتزوجها من قبل؟ ولكن شقيقه اليكس قد اخبرها ان رالف لا يؤمن بمؤسسه الزواج مع انه يحب النساء وله علاقاته لقد اخبرها اليكس بأن رالف لن يتزوج ولكن الظروف قد اجبرته علي تغيير رأي تركت ساره النافذه ونظرت الى فستانها الموضوع فوق السرير،انه اجمل اثوابها لماذا اخرجته من خزانتها؟هل يعقل انها تفكر في ان تلفت نظر رالف اليها , سوف يخيب ظنها اذا لحظها واعجب بها سيكون كريها اعجابه او اهتمامه بها ولن تشعر بالاطمئنان اليه وبدون وعي لمست ساره كتفها حيث الجرح الذي داواه لها رالف وقد شفي تماما , ونظرت مجددا الي ثوبها الأزرق بلون عينيها يعكس لونه فوق بشرتها الشاحبة العاجية ويزيدها جمالا وخلعت ثوبها واعادته الي مكانه في الخزانة, فهي لا تريد ان تلفت انتباهه اليها كانت ساره تعتقد ان رالف باق في المنزل , اذ امضى بعد الظهر مستريحا يتشمس في الحديقة , يلبس بنطلونا قصيرا وخفا مريحا جلست تقرأ وهي مسرورة يغمرها شعور الأطمئنان تناولا الشاي سوية وعاد رالف لغرفته ليبدل ثيابه وكذلك فعلت ساره دخلت غرفتها وأخذت دوشا وبدأت تغيير ملابسها سمعته ينزل السلالم ثم تحركت السيارة خارجة من البوابة لم يذكر الي اين هو ذاهب ولكن ساره كانت تعرف لا يهمه ان يتركها تمضي الليل وحدها , انه لا يعرف معني الوحدة , ماذا يعني ان تبقي وحيدة في المنزل وتأكل طعامها وحيدة وتكاد تختنق بها اختنقت بالغضب , لماذا أختار لها هذه الطريقة في للأنتقام منها؟ لو تركها وشأنها لكانت الآن متزوجة سعيدة مع رودي تركت هذه الفكرة سريعا وعادت بذاكرتها الي جلستها الهادئة مع رالف بعد الظهر في الحديقة لم يتكلما تقريبا ولكنها كانت تحس وجوده قربها وشعورها اليوم يختلف عن المرات السابقة حين كانت تجلس منفردة بنفسها كانت تمني نفسها بتمضية السهرة برفقته, فصحبته افضل من بقائها لوحدها , ولكنه خرج ولم يذكر الي أين لبست بنطلونا وبلوزة وخرجت تتمشي لا يمكنها ان تبقي وحيدة في المنزل وتأكل عشاءها وحيدة , ستذهب الي الصرح حيث اثار الملاعب الأولمبية وربما تتمشي علي ضفة النهر وستمضي الوقت بالمشي بدلا من المكوث في المنزل تتضجر وتتذمر غمرها شعور بالأسف الشديد لحالها لاحظت ساره ان المكان يغص بالجموع الغفيره في هذه الأمسية , مشت ضمن البساتين ومن الغريب كيف يزيد شعور المرء بالوحدة حين يكون ضمن جمع غفير تمنت لو يختفي الجميع من حولها وتبقي وحدها في هذا المكان تمشت علي مهل وهي تشعر بأن الجميع يراقبونها جلست فوق بقايا عامود وسرحت بأفكارها لماذا أحضرها رالف هنا في ليلة سابقة ؟ كل شئ بهيج في هذا المكان , ربما هو يحاول ان يذيقها طعم السرور ولو جرعة صغيرة ثم يتركها عطشى تطلب المزيد , بعد تلك الأمسية عاد رالف يعاملها كسابق عهده من البرودة وعدم الأكتراث , اليوم وبعد أسبوع واحد من مشواره معها بقي بجانبها ورفع من معنوياتها ثم عاد في المساء وتركها للضجر, هزت رأسها بعد أن نفذ صبرها , وبخت نفسها علي غبائها , في المناسبتين بقي رالف في المنزل لأنه كان يرغب في ذلك ولا يهمه ابدا ان يزيل عنها ضجرها او يسليها , الم يوضح لها علاقته بها منذ البداية , بأنه لا يهتم بها قطعيا؟ - ليتني لم أتزوجه! قالت ذلك وكررت جملتها مرة ثانية للتأكيد ولكن , لا مجال للتصرف بغير ذلك وضعت يديها علي وجهها لتمنع دموعها من ان تسيل من مآقيها وارتجفت قائلة : لن أبكي ! ليس هناك أي رجل يجعلني ابكي ! الم أقسم علي ذلك منذ زمن بعيد ؟ زفرت ساره زفرة الم واذا بسيدة تتكلم معها بلغة لا تعرفها ولكنها فهمتها الت ساره تكلم السيدة بقربها: - انني بخير لم تفهم المرأة لغتها ايضا مر بها زوجان شابان قالت الزوجة الشابة تخاطبها: - هل انت مريضة هل تريدين مساعدة؟ - شكرا جزيلا انني بخير قالت ساره بتهذيب حضر شاب وسيم وانضم الي الزوجين وسأل ما الخبر؟قالت اتلزوجة الشابة: - اعتقدنا انها مريضة ولكنها تؤكد انها بصحة جيدة هل وجدت قناة جر المياة القديمة التي كنت تبحث عنها؟ هز الشاب الوسيم رأسه ايجابا بدون وعي كان مأخوذا بجمال ساره قال: - هل انت متأكدة بأنك لست مريضة ؟ وجهك شاحب كذبت ساره : - لدي صداع بسيط - ربما حرارة الجو الجو شديد الحرارة اليوم هل انت في عطلة؟ - لا انا اسكن هنا - هنا في اولمبيا؟ كم انت محظوظة , شقيقتي تعيش هنا ايضا نظرت ساره الي الزوجين الشابين كان الزوج يونانيا اسمر جميلا ذا شعر اسود ويبدو اكبر من الفتاة لابد انه زوجها سألت ساره بأدب: - وأين تعيشين انت؟ - فوق التلة اشارت ساره بيدها الي منزل زوجها ثم اكملت: هل انتما في عطلة؟ - انا فقط ازور شقيقتي وصهري مرتين في السنة كان شابا وسيما عليه امارات التهذيب وقد ظهر علي وجهه اعجابه الشديد بساره سألها: - هل تعيشين وحدك ؟ يبدو انك وحيدة - انا وحدي هنا لم تكمل حديثها كأن انفاسها قد اختنقت سألها الوسيم : - هل كنت تمشين وحدك؟ يبدو انه نسي الزوجين الشابين قربه نظرت ساره الي الزوجة ورأتها تبتسم هل شقيقها شاب عابث؟ قالت ساره: - الجو لطيف في المساء اردت ان امشي قليلا سأعود للمنزل الآن قال الشاب الوسيم: - لماذا تعودين ؟ تعالي معنا اذا اردت ثم نظر الي شقيقته وزوجها وقال: - لن يضايقكما ذلك ! قالت الشقيقة: - لا ابدا شعرت ساره بحمرة الخجل تكسو وجهها تمنت ان لا يعتقد مرافقوها انها فتاة عابثة - هل ستأتين برفقتنا قولي نعم شقيقتي وزوجها مازالا عاشقين بعد زواج ثلاث سنوات اشعر كأنني اقف بينهما عزولا رقيبا قالت الزوجة الشابة تخاطب ساره : - لا تهتمي لما يقول هذا عذره دائما ليتعرف الي الفتيات في مثل هذا الظرف , لديه العديد من الصديقات احذرك تكلم الزوج بعد ذلك برصانة وجدية وقال: - اذا رغبت في الانضمام الينا سنكون سعداء برفقتك لقد انتقلت وزوجتي الي اولمبيا منذ ستة اشهر فقط ولا نعرف العديد من السكان ويسرنا ان نتعرف الي قالت ساره بلباقة: - شكرا يسرني ان امشي معكم قال الشاب الوسيم وهو يمشي قربها: - حسنا وضعت ساره يدها في جيبها رغبت بعض التغيير في حياتها اذ لن تؤذي بتصرفها احدا زوجها لا يهتم لو كان لديها نصف دزينة من الرفاق ساره التقت دنكان في اليوم التالي وذهبت برفقته في سياره صهره وشقيقته الي طرابلس بدأو في الصباح الباكر لأن المشوار طويل والمسافة حوال المئة وستين ميلا ذهابا وايابا كان الصباح جميلا والشمس مشرقة والسماء زرقاء صافية , تعرف دنكان الي منزلها في المساء الفائت ورتب معها مشوار اليوم قال دنكان يخاطب ساره قبل ان يتركها: - ستأتين معنا غدا لن تخذليني! وعدته صادقة وقالت: ـ احب ان آتي معكم جلست ساره قربه في سيارة صهره ارادت ان تستفيد من نزهة هذا اليوم وتعيشها كما يجب , فهذه فرصة ارسلتها لها السماء لتبعد عنها الضجر والملل تركت خاتم زواجها في البيت ولم تشعر بتأنيب الضمير لتركها خاتم زواجها لأنه لا يعني لها أي شئ من الأفضل في ظروفها الحالية ان لا تظهر حقيقة زواجها تركا اولمبيا التي تقع في سفح جبل كرونيون وساروا وسط البساتين الخضراء في الضواحي الهادئة , بدأو في الصعود وسط مناظر خلابة كان نهر لادن ينساب في سهل رملي عند سفح الجبل, اكملوا صعودهم في طريق اكثر ارتفاعا ودخلوا جبال اركاديان حيث المناظر اكثر وحشية توقفوا مرات عديدة في طريقهم ليتأملوا المناظر الخلابّة توقفوا في لنغاديا وجلسوا في مقهي صغير ليستريحوا تناولوا عصير البرتقال المثلج وتحادثوا اهتمام دنكان كان محصورا بساره واهتمام صهره بزوجته قال دنكان بعد مغادرة الأستراحة - انها مدينة غريبة مبنية علي الطراز القديم , الأبنية مرعبة ترتفع مئات الأقدام وقد طوقتها الأعمدة الحديدية القوية تذكرت ساره ان أديل تسكن هنا في لنغاديا حاولت ان تنسى أديل انها في نزهة لتتمتع لا يحق لا لزوجها ولا لصديقته ان يعكرا عليها صفو يومها سألها دنكان: - هل ترغبين في شراء بعض التذكارات هناك وسائد وسجادات محاكة باليد وفخاريات جميلة وفضيّة مصنوعة باليد - لا لا أعتقد وأنت؟ الن تأخذ معك بعض التذكارات - سآخذ هل تساعدينني؟ اريد شيئا لوالدتي وآخر لعمتها العجوز ثم لجدتي ربما يكون دنكان من الشباب العابث ولكنه لطيف ساعدته في انتقاء التذكارات وهي تذكره ان الأسعار المعروضة تفوق بكثير ثمنها الحقيقي ويمكنه ان يساوم تجار اليونان متفاءلون ولا تضيرهم أي مساومة بين الزبون والتاجر قالت: - أنهم فقراء لا تخفض الثمن كثيرا! ثم ناولته حقيبة يد مطرزة انتقتها لوالدته اكملوا مشوارهم مناظر بديعة في ضواحي هادئة عبر غابات التنوب , والأراضي المثلمة المزروعة والشمس حادة فوق الطريق الخالية من الظلال انتهوا الي طريق مستقيمة تختلف عن الطريق الجبلية الوعرة ووصلوا طرابلس وقت الظهر في موعد الغداء كانت ساره تريد ان تكمل مشوارها الي سبارطة ولكن القيادة في الطرقات الجبلية متعبة ثم هناك طريق العودة منذ فترة لم يكن يهمها اذا كان رفيقها في النزهة يشعر بالتعب ام لا اذا رغبت في أي شئ, كانت طلباتها تنفذ كأنها اوامر تطاع بدون جدل،لقد اصبحت ساره ارق في معاملتها . من المؤكد ان رودي كان سهل القياده وكذلك اليكس...اليكس طباعه مخيفه فهو من ال لينغارد. كان يخطط لأخضاعها بعد الزواج ليريها انه السيد في المنزل الزوجي , ولكنها أكتشفت طبيعته الحقيقية ونواياه قبل فوات الأوان كانت ساره دائما تصرح انه لا يمكن ان يخضعها أي رجل بعد الغداء تجولوا في مدينة طرابلس وتفرجوا علي الواجهات واشتروا بعض الهدايا للأقرباء سألها دنكان بفضول: - لمن تشترين؟ حاولت ساره ان تتملص من الأجابة غيرت الموضوع عليها ان لا تتحدث في موضوع حياتها الخاصة لأن الموضوع خطر أحبت المدينة وبقيت فيها مدة قصيرة قبل البدء في طريق العودة الي اولمبيا عن طريق لنغاديا اقترح دنكان عليهم العشاء في مكان علي الطريق سألها دنكان: - لماذا لا ننهي هذا اليوم سوية, سنتأخر في العودة وانا لا يهمني ذلك وانت؟ هل تستطيعين التأخر؟ - لا يهمني , أستطيع العودة متي أردت قالت حزينة لا أحد ينتظرني حتي لو عدت صباحا قال دنكان بعد ان جلسوا في مقهى صغير : - عليك بتناول المازات مع الشراب يا ساره ثم طلب لهم الكأس الثانية من الشراب لا تتناولي الشراب بدون طعام انه مضر للمعدة الخاوية - انا لست جائعة قالت تشارك مرافقيها الشراب وهي مقتنعة بأنه لن يؤذيها وصلوا عند منتصف الليل الي اولمبيا طلبت منه ساره ان ينزلها قرب المنزل كان صوته مازحا حين قال: - الوقت متأخر , علي ان اوصلك الي بيتك ما الأمر , الا توافق والدتك علي خروجك مع غريب؟ - أنا لا أعيش مع والدتي يمكنك ان توصلني الي البيت سأدلك علي الطريق كانت تشير الي طريق بيتها بدون ان تتكلم مع أحد سألها : - مع من تعيشين اذن يا ساره؟ هل تعيشين مع اقرباء؟ - نعم أجابته وهي تضحك لا يمكن لرالف ان يكون قريبا لها ! - مع من؟ أصر علي ان يعرف الحقيقة أخبرته تعجب كثيرا وقال : زوجك؟ لا يمكن ان تكوني متزوجة! - نعم انا متزوجة كان علي ان أخبرك - ولكنك لا تلبسين خاتم زواج هز رأسه مذهولا : لا يمكنك ان تكوني متزوجه منذ زمن كم يبلغ عمرك بحق السماء ؟ - حوالي العشرين سنة سألها: - وكم مضى من الوقت علي زواجك؟ - ثلاثة أشهر - فقط ! وترافقينني هذا اليوم؟ هذا جنون منذ ثلاثة أشهر الن يغضب زوجك؟ هل هو مسافر؟هل يعمل خارج المدينة؟ - علي مهلك يا دنكان لقد وصلنا البيت اوقف السيارة الي جانب الطريق واضاء النور الداخلي للسيارة - هل زوجك يعمل خارج المدينة؟ - لا انه يعمل هنا في المدينة ولكن لايهمه اذا خرجت مع صديق لي لا تصعق نحن نعيش علي الطريقة الحديثة و انا وزوجي متفاهمان هو لديه صديقاته وانا لدي اصدقائي لن يمانع زوجي في حضورك الي المنزل للعشاء معنا متي أردت صمت دنكان كان يفكر لم يجد كلمات ليقولها القمر يغمر الوادي بنوره بقيت ساره صامتة لفترة وهي تنظر الي الأثار في الهيكل والجبال الهادئة غمرها السلام والهدوء من الغريب كيف يؤثر فيها هذه الأماكن الأثرية ترى هل تؤثر علي الأخرين بالطريقة نفسها؟ لقد وفق اليونانيون القدماء بأختيار هذه المنطقة لألعابهم الأولمبية انها تختلف كثيرا عن الأماكن الوحشية في ابوللو في دلفي , كما أخبرها رالف المناطق التي تقع تحت سيطرة ابوللو المتعجرف المتكبر الذي يمثل الرجولة اما هذه المناطق الرقيقة فهي تمثل الأنوثة انها حيرا زوجة الرمز زيوس منطقة خضراء بين البساتين , ترمز وتجسم رأي اليوناني بالمرأة وكيف يجب ان تكون شعرت ساره بأختناق في حنجرتها وهي تتذكر شعورها حين زارت هيكل حيرا برفقة رالف وتذكرت اسئلته لهاوهو لا يخفي سخريته حين قال: - هل أثر فيك هذا المكان؟ هل تمنعك كبرياؤك من الأعتراف بضعفك؟ تذكرت ساره كيف أحست كأن الحرية دخلت قلبها لماذا اخذها الي الهيكل؟ هل أراد ان يذكرها بأنوثتها ؟ هل رغب ان يعرفها كيف يجب ان تكون المرأة الحقيقية رقيقة وهادئة, نفد صبرها وطوت افكارها جانبا في الفترة الأخيرة اصبحت معتادة علي السرحان في أفكارها, خيالاتها تستوعب قسما كبيرا من حياتها اليومية ترى هل خطط رالف لزيارتها للهيكل لأنه يهتم بها؟ لا, لا يمكن كان دائما يفهمها عدم اهتمامه بها كأمرأة او كزوجة لا تهمه تحركاتها ولا سلوكها , قطع دنكان افكارها قائلا: - يجب ان اعترف الآن انني شعرت بشئ غريب معك لقد أمضينا اليوم بطوله سوية , وكنا سعداء برفقة بعضنا ولكنك لم تخبريني أي شئ عن نفسك - وانت ايضا لم تخبرني أي شئ ! - تعرفت الي شقيقتي وصهري , وعرفت انني اعيش مع والدتي لماذا أخفيت خاتم زواجك؟ قالت حزينة: - ظننت انك لا ترحب بمرافقتي لو علمت انني متزوجة - هذا صحيح , ربما اكون عابثا ولكنني ابتعد دائما عن المرأه المتزوجة - ولكننا امضينا يوما جميلا بالرغم من ذلك , لو لم اترك خاتم زواجي في البيت لافتقدنا كلانا متعة هذا اليوم هز رأسه مذهولا لا تعليق لديه علي قولها لكنه عاد وسألها: -هل تقولين الحقيقة؟ زوجك لا يمانع في اختلاطك برجال آخرين ؟ أي نوع من الرجال هو؟ - انا لا اذهب مع الرجال, هذه اول مرة اخرج فيها مع رجل آخر لقد قبلت الخروج معك لوجود صهرك وشقيقتك من ضجري - ضجرت بعد ثلاثة اشهر من الزواج ساره أشعر وكأنني وقعت في فخ قالت بصوت خفيض: - لا لاشئ من هذا القبيل يصعب علي التفسير انك رجل غريب وسوف لن أراك مرة ثانية - ولكنني أريد ان أراك مرة ثانية يا ساره بالرغم من كل ذلك انا اعرف الضجر ايضا حين اتعرف الي فتاة يتبدد ضجري انا صادق عندما قلت ان هايلي شقيقتي ومانولي زوجها يحبان بعضهما كثيرا وانا بينهما كالعزول , الآن نحن أربعة حين نخرج و ارجوك يا ساره لا تقولي انك لن تريني مرة ثاني اذا كان زوجك كما تقولين لا يهمه ياألهي ! ساره انا لا أصدق انت جميلة وفاتنة ولطيفة سأجن من الغيرة لو كنت زوجتي انا لا أحتمل ذلك! أي نوع من الرجال هو زوجك؟ هل هو غير كفء احمر وجهه خجلا ثم اعتذر لا أستطيع ان أقول ذلك لأنه من الواضح انك تحملين له بعض المحبة - هل تسألني ان كنت أحبه؟ - لا يمكنك والا لما خرجت بصحبتي , هناك بعض الغموض, اليس كذلك؟ هل أكتشفت ان زواجك غلطة ؟ هل انت غير سعيدة؟ - قلت لك انه يصعب علي شرح هذا الأمر يا دنكان قالت بلهجة قاطعة لا يمكنني ان اتكلم عن هذا الموضوع عليك ان تنساه كليا, عنيت ما قلته بشأن دعوتك الي العشاء عندي في المنزل , سأخرج معك حين تكون هنا في عطلتك واذا كان الوضع لا يعجبك نودع بعضنا الآن - لا لا أستطيع ابتسمت ساره كل الرجال لديهم كرامة وكبرياء ولا يمكن خداعهم, ولكنهم أكثر خداعا من المرأة كاد دنكان يخبرها انه يحبها, زواجها كان ضربة غير متوقعة له , هي تفهم انه يعبث معها وسينساها حين تنتهي عطلته ويرحل وسينساها كما نسي العديدات قبلها انه شاب وسيم ولطيف, وسيكون زوجا صالحا لأمرأة أخرى غيرها وبعد الزواج سيعاود مغامراته السابقة وعبثه مع الجنس الآخر بينما تبقي زوجته سجينة المنزل والأطفال وأعمال البيت المضجرة متي تتعلم المرأة؟ سألته: - حسنا يادنكان ماهو موقفك؟ - كم أعصابك باردة, لا اعرف بماذا أجيب - هكذا يقول زوجي عني ضحكت ببرود ماهو رأيك؟ - سنخرج سوية طوال مدة بقائي وهي ثلاثة اسابيع ولكنني اقبل دعوتك لنا للعشاء , انا فضولي واريد ان اتعرف الي زوجك الغريب الأطوار اتفقا علي ان يتقابلا في التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي لف ذراعه حولها وقربها اله وقرب وجهه من وجهها ثم ترتجع وقال: - انت تعرفين يا ساره ان في خروجك معي وقاحة وجرأة ولكني خائف من عناقك اتعجب اذا كنت ستصفعين وجهي لو فعلت؟ فتحت باب السيارة وخرجت مسرعة: - عليك ان تنتظر الي الغد لتكتشف ذلك ضحكت واغلقت الباب خلفها وركضت الي مدخل البيت وقد شعرت بدوار خفيف في رأسها وبعض الجمود كان رالف يجلس في غرفة الجلوس لم يلتفت اليها حين دخلت , وجهها أحمر ونفسها مقطوع , تجاهله لدخولها جعل غضبها يشتد قالت: - كنت في الخارج جلست علي كرسي امام الأريكة لم يبد رالف أية ملاحظة كررت قولها بصوت مرتفع قال بهدوء: - سمعتك من المرة الأولى - الا تريد ان تعرف اين كنت؟ - لا لاأعتقد لا يهمني - عملت بنصيحتك ووجدت لنفسي صديقا! قال وهويتفحص وجهها الممتقع: - هذا سيجعل الحياة اكثر راحة لك هل انت مريضة؟ لمعت عيناها شررا واختنقت بالغضب وخيبة الأمل هو لا يهتم لما تفعل وهي تفضل ذلك - لا انا بصحة جيدة, سأخرج معه غدا وسنمضي اليوم بكامله في الخارج - حسنا صفق لها: التغيير ينفعك وضع يده علي فمه وهو يتثاءب: سأذهب لأنام ضحك وقال: مساء الخيريا ساره نامي جيدا هل اطلب من مرتا ان توقظك باكرا ام تستيقظين لوحدك؟ قال ذلك وخرج رمقته ساره بنظرة قاسية ثم ركضت خلفه وقالت بغضب: - طلبت منه أن يزورني في البيت وسيحضر للعشاء غدا بدأت تتمسك بالكرسي لأن رجليها بدأتا ترتجفان لابد انه تأثير الشراب عليها - أهلا وسهلا سأجلب أديل , انتظري , لقد عملت معها ترتيبات أخرى في كل حال أسأليه أن يحضر في ليلة أخرى وأخبريني قبل الوقت المحدد - ألا يهمك أنني أخرج مع رجل غيرك؟ - أنا لا أهتم ولماذا أهتم ؟ أنت لا تعنين لي أي شئ, ما أغرب ما تقولين يا ساره ظننت أننا متفاهمان في مواقفنا هذه انت لك طريقك , وأنا لي طريقي كنت سعيد في حياتي قبلك ولا أنوي أن أغير من نمط حياتي الآن - ولكننا متزوجان شعرت كأن رأسها ينخلع كل شئ يدورحولها: نحن متزوجان كررت قولها وضربت الأرض برجلها : هل تسمع؟ شعرت انها ستبكي , لابد وأن هذا الشراب اللعين يجعلها كئيبة ولاحظت اهتمامه بها الآن بدأ يتفحصها بتمعن كأنه ينتظر أن يحدث لها شئ ما, سوف لن يرى دموعها , لقد هددها بأنه سيجعلها تبكي لا لن يفعل! كان رالف ينتظر ويضحك لانتصاره عليها ليتشفي منها, ستخيّب أمله - نعم نحن متزوجان قال بهدوء : متزوجان بحكم الضرورة والظروف زواجنا لا يعني أي شئ لنا أنا لدي أديل , وكما كررت لك انها أفضل منك بكثير كان رالف لا يزال يقف وقفة انتظار ينتظر حدوث شئ ما لها,ربما ينتظر تأثير كلماته الجارحة عليها - أنا أكرهك قالت يحزم كأنها تتمتم : وسأظل أكرهك طول العمر أمسكت الكرسي بيدها خوفا من الوقوع سألها بغضب: - أين خاتم زواجك؟ قالت: - خلعته هو لا يعني لي أي شئ تلا كلماتها هذه صمت غريب -نعم وافقها رالف : نعم يا ساره انه لا يعني أي شئ بقيت ساره وحدها وقد ملأت الدموع مآقيها وهي تسمعه يغلق باب غرفة نومه **زوجك رجل مجنون** فتحت ساره عينيها في صباح اليوم التالي وأعادت اغلاقهما - رأسي سينفجر ضغط كبير فوق رأسها, أدارت رأسها فوق الوسادة تحاول ان تخفف الضغط عن رأسها,لم تشعر براحة جلست في فراشها ووضعت يدها علي عنقها قال لها دنكان ان لا تشرب بدون طعام ولكنها لم تعتقد ان كأسين فقط من الشراب سيتعبانها بهذا الشكل الفظيع كم من الوقت ؟ انها الثامنة والنصف , لا تستطيع الذهاب لموعدها مع دنكان , كيف ستخبره بقرارها ؟ مشت الي الحمام غسلت رأسها بالماء البارد لم يتحسن الوجع الا قليلا نزلت الي غرفة الطعام حوالي التاسعة صباحا كان رالف قد انتهى من الفطور ولكنه ما زال يجلس الي الطاولة يقرأ رسالة نظر اليها ببرود وقال: صباح الخير كان مهذبا ولم يلتفت اليها بل أكمل قراءة رسالته, بعد فترة قصيرة عاد ينظر اليها بتفحص وسألها: -هل رأسك ثقيل؟ -نعم لقد شربت البارحة جلست الي الطاولة ولم تتناول شراب البرتقال الموضوع امامها - كم كأسا شربت؟ - أثنين فقط كرر سؤاله: - لا تكوني سخيفة , كم كأسا؟ - قلت لك أثنين ولكنني لم اتناول أي طعام مع الشراب - كيف تفعلين ذلك؟ كيف تركك صديقك العابث ان تفعلي ذلك ؟ بدأت تشتعل بالغضب حين اشار الي دنكان بدون اكتراث وهو يصب لنفسه فنجانا من القهوة بدون ان يعرض عليها لو كانت أديل أمامه لكان اهتم بصب فنجان من القهوة لها - لقد نصحني بتناول الطعام مع الشراب, هل لك ان تناولني ابريق القهوة؟ - تفضلي وانصحك ان تبتعدي من الآن فصاعدا عن الشراب انه لا يناسبك اعطاها ابريق القهوة صبت لنفسها نصف فنجان وسألها: - هل ستخرجين اليوم؟ قالت بلهجة متحدية: -نعم سأخرج قال يحذرها: - انتبهي لا تخاطبيني بمثل تلك اللهجة لقد أنذرتك من قبل كونك زوجتي لا يضمن لك الأمان في مخاطبتي بهذه الطريقة بل علي العكس عيناه السوداوان تقدحان شررا اكثر من بريق عينيها كلماته لم تؤثر بها اطلاقا بل علي العكس اثارت غضبها لدرجة انها تمنت لو تصفعه بيدها اكمل قوله: - اتمني ان تكوني قد غيرت رأيك بشأن الخروج وانصحك بأن تعودي لفراشك لساعة أو أثنتين - شكرا لنصيحتك ولكنني سأخرج كانت ساره قد غيرت رأيها بالخروج, ولكنه استفزها لتتصرف عكس ما نصحها -انا حرة في ان افعل ما اريد قال بهدوء وحزم: - اذا قررت ان تبقي في الفراش فستبقين قالت: - ولكن انت لا يهمك ان خرجت او بقيت! - قلت انك حرة التصرف تفعلين ما تشائين شرط ان تكوني متسترة تناولك الشراب ليس عملا متسترا, هل نسيت ما قلت لي الليلة الماضية تذكري احمرت وجنتاها خجلا خفضت عينيها كانت تتمنى لو ينسى ماقالته له, لقد ذكرته بأنهما زوجان وسألته ما اذا كان يهتم لوجود صديق في حياتها شعرت بالذل وهي تنظر الي عينيه لو انها لم تشرب ؟لن تشرب مرة ثانية حتى لا تتلفظ بأشياء مخجلة فتصرفها جعل زوجها يظن بأنها تحاول ان تجعله يغار عليها , وهذا ما لا ترغب فيه ابدا,قالت: - شربت كأسين فقط - هذا أكثر مما تتحملين لا اريد ان تحضر زوجتي الي البيت بهذه الحالة , انتبهي في المستقبل كان يتكلم بكبرياء وأنفة طريقته الباردة في تجاهلها قد اختفت كليا, ويبدو عليه بعض الأضطراب هل من الممكن ان يكون مهتما بما فعلت؟ ولكن لماذا يهتم ؟ وجودها في حياته لا يزيد عن وجود مرتا أو حتى أقل , ان مرتا تشتغل مقابل معيشتها - لماذا ؟ الم تقل لي انني استطيع ان افعل ما اريد وهذا ما سأفعل - قلت ذلك اذا كنت متسترة بأفعالك لا أسمح لك ان تتحديني يا ساره - انت لا تسمح لا تستعمل هذه اللفظة معي قالت غاضبة: لن يكلمني أي رجل يهذه اللغة اظنك تعرفني جيدا فأنا لا أحتمل أي سيطرة من أي رجل ولو كان زوجي بدأ فمه يرتجف وينذر بالويل كانت مستعدة للمعركة ولكن وجع الرأس والتشنج في عنقها جعلها ترتبك وضعت يدها فوق رأسها بعفوية ثم تذكرت موعدها مع دنكان خارج المتحف راقب رالف حركتها وبدلا من الكلام الجارح الذي كان يتبادله معها نصحها مجددا في ان تعود لفراشها لتستريح ساعة او اكثر عنيدة ومشاكسة, بالرغم من ألمها اخبرته انها ستخرج لموعدها ولن تأخذ بنصيحته قال بحزم: - حسنا ستبقين في المنزل اليوم ولن تخرجي لأنني أنا أقول ذلك رفت عيناها قليلا حدقت فيه كان جسمها يرتجف غضباحدّق رالف بها بوحشية مما اضطرها ان تخفض عينيها قليلا لم تغلب بعد قالت: - لا أعتقد ذلك لدي موعد وسأحافظ علي موعدي - سوف نرى طوى رالف رسالته ونظر اليها متحديا - وكيف تقترح ان تبقيني رفعت رأسها تسأله ولكن الألم كان موجعا - سأقفل علي ثيابك هي ليست فكرة جديدة, لقد نفذتها سابقاانها طريقة بسيطة ولكنها فعالة فأنا أحب الخطط البسيطة - في المرة السابقة لم أكن مستعدة فاجأتني! -الآن انا انذرتك مسبقا كيف ستتصرفين ؟ - هل تعتقد انك تستطيع ان تبقيني في البيت؟ - اذهبي الي الفراش قبل ان أفقد السيطرة علي أعصابي بدأت الغرفة تدور بساره وضعت يدها مرة ثانية علي رأسها بدون وعي ما أبشع ما تشعر به , ليس لديها النية في الخروج ولكن كيف ستقنع رالف بأنها باقية بأرادتها وليس لأنه اجبرها ماتزال تعارك , وقف رالف مهددا: - انك تصرين علي امتحان صبري منذ اول عراك لنا أجبرتك علي تنفيذ أوامري , ماالذي يجعلك تعتقدين انك تستطيعين مقاومتي الآن؟ قلت لك بأنك ستبقين في الفراش وهذا ما ستفعلين اذهبي فورا قبل أن أحملك بنفسي - ستكون مهمتك صعبة! - بدون شك ولكن هل تعتقدين ان قوتك تعادل قوتي؟ لم تجبه شعرت بضعفها حتي علي الكلام لم تعد تهتم لأي شئ وكل ما كانت ترغب فيه هو الفراش وحبوب مهدئة ليذهب عنها ألمه تمتمت بضعف وتركت الطاولة وقالت: - سأصعد لغرفتي وهي في فراشها, كان رالف يحمل لها حبة الدواء المهدئة مع الماء قالت بترج: - هل تخبردنكان بمرضي؟ انه ينتظرني خارج المتحف - سأرسل جورج فورا حاولي ان ترتاحي وانتبهي لنفسك في المرة المقبلة لم تلاحظ اختلاف لهجته كانت تنظر اليه بأستكانة بدا وسيما بالرغم من قساوته الموروثة , في ملامح وجهه وفي عينيه نظرة المتشرد الخارج علي القانون كان صوتها ضعيفا طفوليا وهي تقول له : - لا بد وانك تهتم بي قليلا بالرغم مما تقول - لماذا؟ وهل ذلك ضروري؟ -انك تهتم بي تريدني ان ارتاح واشفى من المي واوجاعي - من أجل ذلك وصلت الي هذه النتيجة ,انني مهتم بك, اعتذر لأنني سأخيب املك لكنني لا أهتم بك أكثر من اهتمامي بك يوم تزوجتك يا ساره , لقد جعلتك تبقين في الفراش فقط لأنفذ أوامري , وافرض سيطرتي عليك , انك دائما تطلبين مني اخضاعك طباعك المتعجرفة والمتحدية تجعلني مستبدا انا لن أكون كخطيبك رودي بدون عامود فقري , لن أسمح لك بتنفيذ رغباتك قبل رغباتي , واذا تماديت في تحدياتك ستنتظرين مني دائما ان ارد لك التحدي بأكثر منه هز رالف رأسه مسرورا: انا لا أهتم لما تفعلينه ما دمت تحترمين سيادتي عليك هذا ما لم تتعلميه بالرغم من الدروس المكررة حياتك ستكون ابهج عندما تتعلمين ان تحترمي سيادتي اغمضت ساره عينيها, ارادت ان ترد له الصاع صاعين ولكن قواها خارت وقالت: - هل تطلب من جورج ان يدعو دنكان للعشاء الليلة؟ انا لا ارغب في العشاء لوحدي -سأهتم بأيصال هذه الرسالة له ذهب رالف الي النافذة واغلق الستائر حتي لا تدخل الغرفة اشعة الشمس ثم ترك الغرفة بصمت كان الحر شديدا والسماء خالية من الغيوم ورالف يجلس في الحديقة تحت ظل العريشة وكذلك ساره ومعها اشغال الصوف تتسلى بها احضر جورج لها عصير الفاكهه المثلج شربت العصير وهي تسمع أزيز الحصاد وازيز النحل المتطاير حولها وسط الأزهار والعليق اخبرت ساره رالف انها تنوي دعوة اصدقائها الجدد للعشاء في الليلة المقبلة رفع رالف نظاراته الشمسية عن عينيه ونظر اليها متعجبا سألها: - هل هم ثلاثة؟ اجابته: - نعم دنكان وشقيقته هايلي وزوجها مانولي, هو يوناني وهي اجنبية , حضرا للسكن في اولمبيا مؤخرا, دنكان في عطلة لثلاثة أسابيع فقط نحن نخرج سوية قال وقد اتسعت عيناه سرورا: - انتم سوية!اعتقدت انك تخرجين مع دنكان منفردين , لماذا لم تذكري الآخرين - انهم طيبون , ستحبهم حين تتعرف اليهم غدا مساء كانت ساره نادرا ما تجد الفرصة للتكلم معه , فغالبا ما يكون مشغولا بمكتبه او في الخارج - ماهو تفسيرك للعلاقة التي تربطنا ؟ لابد انهم تعجبوا كيف اسمح لك بأن تعاشري رجالا غيري -لماذا تستعمل هذه اللفظة , هذا لا ينطبق علينا انت لا تسمح لي بل انا افعل ما اريد - لأنني اسمح لك انا بذلك قال مسرورا: حالما تتقبلين الوضع علي حقيقته ستشعرين بالراحة والسرور اذا قررت انني لا اريدك ان تخرجي مع غيريعندئذ لن تخرجي , يمكنك ان تهزي رأسك قدر ما تشائين ولكنك في داخلك تعرفين انني انا الذي افعل ما اريد ولست انت أنا سيد البيت ازداد غضبها ولكنها رغبت الصمت , فهي لا ترغب في تعكير صفو هذه الساعة , علي التلة اطفال يلعبون ويضحكون يجمعون الزهور لبرية ويتصايحون وتذكرت اشغالها الصوفية التي تحيكها وبدأت تعد الأدوار -لو سمعك والدي , وانت من آل لينغارد, تخاطبني بهذه اللهجه سيصر علي ان اتركك - هذه الخصومة بين العائلتين ! الا تعتقدين ان الوقت قد حان لننساها ؟ انا نسيتها - من المؤسف انك لم تكن تؤمن بذلك قبل ثلاثة اشهر كنا كلانا بوضع افضل - اوافقك الرأي ولكننا لا نستطيع الآن ان نفعل أي شئ , علينا ان نعتاد الوضع الجديد سألته وقد بانت خيبة املها: - لن تستطيع البقاء مساء الغد للعشاء؟ قال بلهجة قاطعة: - لدي مشاريع أخرى كان يراقب ردة فعلها ويتفحص وجهها كأنه يفتش عن شئ هزت رأسها قليلا مالذي يفتش عنه زوجها , ستعرف يوما ما بدأت تحيك الصوف وشعرت بنظرة رالف الضاحكة وحبست انفاسها كان شكله جذابا - أذا مر بنا غريب , سيقول اننا زوجان سعيدان كم المظاهر غشاشة ! لقد حاولت ان تفهميني انك لا تحبين انجاب الأطفال - هذاليس لي انا لست متلهفة لأنجاب الأطفال, هذا الثوب الصغير هو لصديقتي فاليري , التقيتك يوم زفافها قال مسرورا: - كم تدهشينني دائما يا ساره! - لماذا اعتقدت انك تفهمني جيدا بعد هذه العشرة - انا اتعلم القليل مما ارى لم اكن اصدق انك تتعبين نفسك في الحياكة اليدوية من أجلها علي العكس كنت أظنك ستذهبين لأكبر المخازن وتشترين لها أغلى الهدايا لهااي انك تتبنين اسهل الطرق - افعل ذلك مع بعض الصديقات ولكن ليس مع صديقتي المخلصة فاليري , انها عاطفية ورومانسية وجميع ملابس طفلها مصنوعة باليد - وانت؟ هل ستحيكين لاطفالك؟ راقب الأحمرار يعلو وجنتيها - ليس هناك الآن اي امكانية لأنجاب الأطفال لذا لا استطيع ان ابحث هذا الأمر - انت علي حق , لا لزوم لهذا السؤال غير رالف الموضوع واشار الي العشاء غدا اذا كانت ترغب في الطبخ بنفسها للضيوف ام ستترك الأمر لمرتا وجورج قال: - لا أستطيع ان اراك توسخين يديك بأعمال المنزل - ربما اقوم بتنسيق الزهور قالت بلطف وربما ارتب الطاولة للعشاء بقي رالف للعشاء, وذهب باكرا بعد الظهر واحضر أديل معه احتارت ساره بأمرها, ماذا سيظن المدعوون بهذا الوضع الشاذ لم تزعجها ردة فعل دنكان ولا شقيقته ولكن مانولي كان مرتابا ومزدريا لفكرة دعوة صديقة رالف للعشاء معهم , كانت ساره واثقة من ان احدا لن يحزر من تكون اديل بالنسبة الى رالف وان قلقها بدون اساس كانت اديل جميلة للغاية في فستان قطني ابيض بدون اكمام وقبتة عالية ,شعرها الأسود يلمع كالحرير فوق كتفيها دخلت وسلمت علي ساره ثم مشت مع رالف الي الحديقة وجلسا في زاوية منعزلة تحت ظل الأشجار ولم ترهما ساره الا وقت الشاي تناول الثلاثة الشاي حول طاولة صغيرة في ظل العريشة وكانت ساره تحاول ان لا تبقى خارج الحديث بينهما او تبدو كأنها دخيلة عليهما, تتحدث وتثرثر وتحاول جاهدة ان تبدو طبيعية ورالف يبدي كل اهتمامه بأديل صمتت ساره في النهاية وبدأ الغضب يملأ كيانها كانت أديل لبقة ومهذبة في معاملتها لحبيبها , تصرفاتها طبيعية لا اصطناع فيها وحاولت ساره ان تفتش عن أسباب غضبها عبثا تصرفت اديل في البداية بكياسة مع ساره , وبعد قليل اصبحت باردة لدرجة الوقاحة ووجدت ساره نفسها مهملة لأن اديل كانت تتمتع بكل اهتمام رالف الذي بدأ كأنه يحبها وكان رالف راضيا عن معاملة اديل لزوجته مما زاد في غضب ساره التي شعرت بأنه عليها ان تجد الفرصة الملائمة لتتركهما بدون ان يبدو كأنهما جعلاها تترك, استأذنت ساره, بعد قليل,ودخلت البيت يوما ما , ستنفرد بأديل وستريها من تكون ! كانت ساره تتوعدها وهي تفور وتغلي من شدة غضبها وصل دنكان وشقيقته وصهره باكرا نظرت هايلي الى اديل وصرخت مدهوشة ومسرورة انهما صديقتان حميمتان من قبل ان تتزوج هايلي , كانتا تعملا سوية في مكتب للشحن في أثينا التقت هايلي بمانولي هناك وبعد أشهر قليلةتزوجا ورحلت هايلي لتسكن مع زوجها في بيريه , تراسلت الصديقتان لفترة وجيزة بعد زواج هايلي ثم انقطعت الأخبار بينهما - أوه هذا مدهش! صرخت هايلي فرحة وهي تعانق اديل مانولي عزيزي هل تذكر صديقتي اديل؟ ثم عرفتها ايضا بشقيقها دنكان الذي امسك بيدها وشد عليها لفترة طويلة تبسم مانولي لأديل وانحنى لها بأدب وهو يقول انه سعيد بلقائها مرة ثانية وتابعت هايلي: - تصوري ان القاك هنا! لم تستطع هايلي ان تكتم سرورها للقاء صديقتها الحميمة ساره لماذا لم تذكري لنا اديل من قبل؟ قلت انك لم تعثري علي صديقة بعد! - انها ليست صديقتي, اديل ابعد ما تكون عن صديقتي كانت ساره غير مسرورة لهذا اللقاءبين الصديقتين يبدو ان اديل ستكون محط اهتمام الجميع هذه الليلة بمن فيهم رالف عضت ساره علي شفتيها وهي تتذكر حالها في السابق , حين كانت هي موضع اهتمام الجميع في اية حفلة , قبل حضورها الى اليونان, كانت تتمتع بشعبية كبيرة والكل يرغب بصداقتها او وجودها في الحفلات والسهرات التقت عيناها رالف وقرأت رضاه عن الوضع, فأحست ان غضبها يتضاعف هل هي نادمة؟ ليس تماما , كراهيتها لأديل لا وجود لها لكن لماذا تشعر نحوها بالعداوة؟ عداوتها لأديل تعود فقط لأن الفتاة التي تكبرها هي صديقة رالف زوجها , ولا يحق لها ان تعادي هذه الصداقةبينهما كانت الصداقة تجمعهما قبل ان تلتقي هي رالف وهي صداقة متينة مبنية علي الحب بينما علاقتها بزوجها رالف مبنية علي الكراهية وقلة الأحترام والأزدراء لقد عرض رالف عليها الزواج لينقذ والدهامن الموت او ربما ليطيل عمره وهي تضحية قام بها رالف , اثقل نفسه بهذا الزواج وتخلى عن حريته لكنه المسؤول عما حدث , لو لم يتدخل في حياتها لما حدث ما حدث انحسر غضبها تدريجيا , تأملاتها اليومية تؤثر فيها وتجعلها اكثر تهذيبا ولينا, هل بدأت بالفعل تلين؟ لا لا يمكن , ليس هي ؟ وبالتأكيد هناك بعض التغيير في طباعها احست ساره بعيني دنكان تحدقان بها ثم حول نظره لناحية رالف لقد تفاجأ , كان ينتظر زوجا ضعيف الشخصية لا يستطيع ان يتحكم بتصرفات زوجته ابتسمت له ساره ثم التقت نظراتها بنظرات رالف , كان يبتسم ايضا ضحكا سويا لقد تفاهما لأول مرة قال رالف هامسا: - هل حاولت ان تخدعيه عن قصد وتقولي له انني اشبه رودي؟ هزت ساره رأسها نفيا: انا لست مقتنعا ربما سأقصصك وامنعك من العبث معه من جديد أجابته باسمة: - عندئذ سأعترض انا علي غرامياتك - اعترضي علي كيفك , اذا كان ذلك يسعدك قال ضاحكا : حسنا يا ساره لو لم اكن اعرفك جيدا لقلت اني اشتم بعض الغيرة من كلماتك الغيرة ! كانت ساره تفكر بأن ترد له كيده ولكن اديل ارادت ان تحول انتباه رالف اليها ورمت ساره بنظرة توبيخية كأنها تقول لها ان رالف ملكي لوحدي حول مائده الطعام انهمك رالف بالحديث مع مانولي كانا يعلرفان بعضهما بالشكل وهما متشابهان في الميول والعمل يعمل مانولي في تصنيع الزيتون وبساتينه لا تبعد عن بساتين رالف في سهل ماسينيا حيث ينمو الزيتون الأسود وبعض الثمار الأخرى كان العشاء ناجحا لم تشك هايلي ولا زوجها مانولي في العلاقة التي تربط رالف مع اديل وكان دنكان يراقب الجميع طوال السهرة متعجبا لاحظت ساره عليه العبوس عدة مرات ربما رالف يتصرف مع اديل بحذر شديد,وهايلي لا تصدق ابدا ان صديقتها اديل تعيش مغامرة غير شرعية بعد رحيل دنكان وصهره وشقيقته ركز رالف اهتمامه علي اديل, قررت ساره ان تذهب لغرفتها , فتمنت لهما ليلة سعيدة وأستأذنت كانت قد وصلت الي الباب حين سمعت اديل تطلب من رالف ان يحضر لها حقيبتها من السيارة نظرت ساره اليهما وهي لا تصدق ما سمعت, وجدت صعوبة في الكلام سألت: - أديل ستنام الليلة هنا؟ قال رالف بوضوح: - طبعا الوقت متأخر كي اوصلها لمنزلها - لكن لم تستطع ساره ان تكمل كلامها كانت تفهم العلاقة التي تربطهما , واحست بأنها الغريبة بينهما هذه المغامرة تبدو غير حقيقية ولكنها لم تستطع ان تتخيل ما يجري حقيقة بينهمابقاء اديل لتمضي الليلة هنا اعطى هذه العلاقة نوعا من التأكيد علي حقيقتها, ولماذا تهتم ان بقيت اديل؟ هل كانت تبقى في مناسبات سابقة؟ بلا شك - نعم يا ساره ماذا كنت تقولين؟ وضع رالف ذراعه حول خصر اديل كأنه ينتظر خروجها كي يتعانقا -لالا شئ بقيت ضحكة اديل ترن في اذن ساره وهي تخرج من الغرفة وبقي صداها في اذنيها طوال الليل لقد جافاها النوم وبقيت تتقلب فوق الفراش بدون ان يغمض لها جفن ماذا سيظن بها جورج او زوجته مرتا ؟ هما يعرفان علاقة رالف بأديل هل كانت اديل تنام هنا في المنزل من قبل؟ حاولت الأجابة عن هذه الأسئلة بدون جدوى , ما أغرب هذا الموقف هي تنام في غرفتها وحدها وزوجها ينام مع اديل تلركت ساره غرفتها في الصباح ونزلت لتشرب قهوتها لماذا تهتم؟ هل من المعقول انها تريد رالف لنفسها, لا , لتأخذه اديل لا فرق لديها , لكن شعورها بالخزي والعار هو الذي يزعجها , موقف الزوجة المهانة لن تحتمل اكثر, وستخبره بنفسها , لن يستطيع ان يذلها اكثر كان رالف واديل يتناولان فطورهما حين دخلت ساره واخذت مكانها الي الطاولة - صباح الخير - صباح الخير يا ساره قالت اديل بدون أي شعور بالخجل هل اساعدك في تناول أي شئ؟ تجاهلتها ساره وهي تشعر بالمذلة تغمرها لا بد وانهما محرجان من وضعهما , كانا يضحكان ويثرثران ولم ينزعجا من دخولها هما وقحان دون ذرة لياقة! شعرت ساره بالمرض ولم تستطع تناول أي طعام , تركتهما لشأنهما ووقفت مسرعة بدون ان تترك لرالف مجالا لأي سؤال وهي في طريقها لغرفتها مرت بالغرفة الأضافية, كان بابها مفتوحا , نظرت الي داخل الغرفة ورأت مرتا تبدل شراشف السرير سألتها مستغربة: - ماذا تفعلين هنا؟ - انا اغير شراشف السرير - وهل نامت الآنسة اديل هنا؟ قالت مرتا: - نعم يا سيدتي سألت ساره مترددة: -هل كانت اللآنسة اديل تنام هنا من قبل؟ - لا ياسيدتي, لم يكن هناك زوجة , ذلك غير معقول ولا مقبول! تنهدت ساره بأرتياح دخلت غرفتها واحضرت حقيبة يدها ونظاراتها الشمسية, ستخرج لتلتقي دنكان بعد نصف ساعة خارج المتحف , سترتب واياه كيفية تمضية النهار - ملنولي وهايلي يستريحان اليوم قال دنكان حين التقاها: نحن وحدنا هل لديك أي مانع؟ - لا ابدا سارا الى السيارة قررا ان يقوما بنزهة الي الشاطئ الغربي ويتعرفا الى المدن هناك الطريق مزدحمة حيث موسم السياحة في أوجه مرا بطريق جميلة عبر البولوبرنيز توقفا في القرى الصغيرة واحيانا تمشيا بدون سيارة في ظل الأشجار الوارفة - انظر الرجال يركبون الحمير والنساء يمشين وفوق رؤوسهن السلال الثقيلة هذا المشهد يجعلني اثور لماذا تتحمل النساء هذه الحياة القاسية؟ - هذه طريقتهم في الحياة لا أظن ان النسوة يمانعن - لكن الرجال هم الأقوى بين الجنسين , لماذا لا يحملون عنهم هذا العبء - لا الومهم اذا استطاعوا ان يتهربوا من هذا العمل الشاق سأل دنكان وهو يمشي قربها هل نتوقف لنشرب شيئا منعشا؟ - لا بأس شرط ان يكون خفيفا ومنعشا وليس كالسابق الذي يحتاج الي طعام ذاك الشراب لن اذوقه ابدا جلسا تحت ظل شجرة وارفة يشربان القهوة ويراقبان المارة هناك الحمير والمعز ثم العربات المليئة بالفاكهة والقش او حتى بعض العصي طرقات القرية غير معبدة وهناك ثور أسود مربوط علي شجرة قريبة الدجاج يسرح في الطرقات يفتش عن طعامه , بطتان اقتربتا منهما ثم غيرتا رأيهما وانضمتا الى مجموعة الدجاج امرأة عجوز تجلس على عتبة بيتها وفي يدها هاون نحاسي تدق فيه نظرت ساره اليها ترثي لحالها ثم رفعت رأسها عاليا كما فعلت في آثار سانت هيلدا في منطقة وثبي حيث كانت تحدث صديقتها فاليري قائلة: انها تفضل الموت على ان تقبل ان تكون سجينة لرجل كتلك المرأه - ماهذه الحياة لماذا تعيش هذه المرأة ؟ زوجها يشرب ويأكل في البيت مع اصدقائه جميع رجال اليونان لا يعملون , بل يمضون النهار في الراحة والأستجمام قال دنكان مسرورا: - لماذا انت مهتمة جدا بوضعهم الأجتماعي , انا اراهنك انهن قانعات بحياتهن - لأنهن لا يعرفن سوى هذه الحياة! - وضعهن يشابه ما كانت عليه المرأة في انكلترا في فترة زمنية سابقة - المرأة لا تتعلم لماذا تترك نفسها ترتبط بالأرض كثيرا , حتى لو ولدت في اليونان لن أقبل هذا الوضع وسيعلم زوجي انني استطيع ان أحكم نفسي! سألها بفضول: - وهل ترين زوجك الآن انك تستطيعين ان تحكمي نفسك ؟ لا اعتقد ذلك يا ساره فوجئت حين تعرفت اليه, لماذا يتركك على هواك؟ الا يحبك ابدا؟ - ماذا تقصد؟ - من الواضح انه ليس متيما بحبك والا لما كنت برفقتي اليوم التفتت ساره الى المرأة العجوز تابع دنكان حديثه: هل تحبينه يا ساره؟ - هذا سؤال شخصي قلت لك انه يصعب علي شرح هذا الموضوع - زواجك ليس طبيعيا هذا واضح - نعم يادنكان انه ليس زواجا طبيعيا - هل هي اديل مادورها؟ لقد أخبرتني ان لك اصدقاء ولزوجك صديقات وعلى هذا الأساسافترض ان اديل هي صديقة زوجك هناك نتيجة واحدة نستخلصها عندما تتعلق امرأة متزوجة برجل متزوج فوجئت ساره بما قاله دنكان حدقت اليه بدون كلام ثم سألته متلهفة لأخباره: - أديل متزوجة ؟ كيف عرفت؟ -اخبرتني شقيقتي هايلي , لقد تزوجت اديل وهي صغيرة جدا هي الآن منفصلة عن زوجها منذ اكثر من سنة لهذا السبب لم يتزوجا !رالف لم يتزوجها لأنها متزوجة وليس لأنه لا يؤمن بمؤسسة الزواج تنهدت ساره من الأنباء الجديدة , كانت تفكر ان رالف سيضجر يوما من اديل ويهجرها و لأن حبه لها ليس حبا قويا يجعله يتزوج منها الآن اختلف الوضعو رالف لن يضجر ابدا من اديل , حبه لها عميقا انها بدأت ترى لماذا لم يمانع في الزواج منها والتخلي عن حريته حريته لا تعني له أي شئ ففتاته مرتبطة بزواج ولن يستطيع ان يتزوج بها ابدا , خيبة املها كبيرة ولكنها لا تحب رالف الذي يحاول اخضاعها وترويضها , هي لا تحبه ولن تحبه ابدا وهو ايضا لن يحبها بل يكرهها ويمقتها ويشعر نحوها بالأزدراء لماذا فكرت انه يوما سيهجر اديل وينسى حبه لها ويعود بعواطفه لزوجته؟ لا لا تريده ان يفعل , لماذا تتعب نفسها بهذا التفكير العقيم حين وصلا في المساء دعت ساره دنكان لتناول بعض الشراب عندها في المنزل , قدم جورج الشراب لهما وهو ينظر بطرف خفي الي دنكان - جورج لا يوافق قال دنكان وهو يمسك كأسه : يعتقد انه يحق لسيد البيت ان يعيشمغامرة مع الجنس الآخر ولا يحق لسيدة البيت ذلك قالت بكبرياء: - لا أعلم لماذا تعتقد ان رالف يعيش مغامرة مع اديل سألها: - هل انجرحت كبرياؤك؟ انت تعرفين يا ساره ماالذي يدور بينهما؟ لقد قلت انكما متزوجان منذ ثلاثة اشهر هل كان يعرفها قبل زواجكما؟ هزت ساره رأسها أيجابا لقد غمرها شعور بالخزي لماذا تزوجت رالف وهي تعرف بعلاقته بأديل ؟ هل كانت تتمنى في قرارة نفسها لو انها كانت المرأة الوحيدة في حياته ؟ لا الم يقل لها اليكس ان رالف له علاقات عديدة ؟ ماهذه السخافة الم تتفق معه على ان لها طريقها وله طريقه الم تكن دائما راغبة في زوج لا يحاسبها على اعمالها وتصرفاتها هي المسؤولة عن حياتها الم تصرح انها لن تلبي رغبات زوجها بل هو الذي سيلبي رغباتها, وقالت: - نعم كان رالف يعرفها قبل ان التقيه - ولماذا رضيت الزواج منه؟ - لا يمكنني ان أجيب على هذا السؤال - هل تكملين حياتك على هذا النمط ؟ انك رقيقة وحساسة ومن الخطأ ان لا تكوني سعيدة في حياتك رقيقة وحساسة لا يمكن لرالف ان يصفها هكذا بل هي قاسية وثورية هي محاربة من آل مالفرن, محاربة تستطيع الصمود والتحدي , ولكن لم تصمد مع رالف , صراعاتهمامعه دائما كانت خاسرة - ولكنني لست تعيسة سألها: - لماذا وافقت على الخروج معي؟ - انه ليس عبثا! ضحك كثيرا ثم هز كتفه: - سنه ما شئت انه تسلية تخرجك من حياة الملل والضجر - انت ماكر وداهية - لا يحتاج الأنسان للذكاء ليحزر مشى من كرسيه وجلس في مكان قربها فوق الأريكة: الا يمكننا ان نتابع مداعباتنا؟ تمتم وهو يلفها بذراعيه : لماذا نقف عند حدود العناق؟ سألته: - قل لي ما الذي نستفيد منه لو تمادينا في تسليتنا؟ - لا نخسر شيئا ونعيش الوقت - الرجال يحيرونني تسليتنا مؤقتة ستتحول الى ذكرى ذكرى اليمة - انت لا تحبين الممالقة كيف تعرفين انها لن تكون ذكرى محببة؟ ضحكت بالرغم من تفكيرها الجدي الرجال لغز هذه التسلية البريئة في نظرهم , هي أحساس بالذنب بل يؤمنون ان الوقت يجب ان يعاش وتمر التجربة وينسى الرجل الموضوع برمتة قالت تخاطبه: - مازلت لا ارى فائدة من ذلك؟ - الفائده لا تتماشى مع العقل , بالطبع لا من يرغب بالعقل في ساعة كهذه ! ضحك شعرت بيده تنزلق من كتفها الى ذراعها : انت امرأة غامضة يا ساره انت حرة وتؤمنين بالحياة العصرية ومع ذلك تعيشين بطريقة رجعية , زوجك غريب الأطوار وبدون عقل لانه لم يكتشف حسناتك , انه جذاب ووسيم الا تشعرين برغبة اليه ؟ الا تغارين من اديل؟ انه لا يهمني , قالت في نفسها , ولكنها شعرت بأنقباض وضعت كأسها قربها على الطاولة امسك دنكان بها بين ذراعيه , لم تدفعه ولم تقاومه , عانقها بشدّه , تجاوبت معه ففرح دنكان لانتصاره واصبح خذلا , قال مؤكدا قدرته على غوايتها : - كنت اعرف انني سأنتصر عليك يا ساره انت جميلة جدا سحبت نفسها من بين ذراعيه ووقفت تنظر اليه , لقد اختلف شعورها نحوه الآن اذ هي تشفق عليه ضحك دنكان ثم جذبها اليه مرة ثانية قبل ان يودعها وقال: - تصبحين على خير يا ساره مازلت اعتقد انك فتاة عظيمة وان زوجك رجل مجنون **نهار قرب الحبيب** لم ترافق ساره دنكان الى الخارج , كانت لا تزال واقفة في منتصف الغرفة حين دخل زوجها ما الخطب ؟ ان مزاجه معكر ولم تراه على هذا الشكل من قبل وجهه يرتسم فوقه الغضب والجنون -كيف تسمحين لهذا الرجل ان يعانقك؟ بحق الشيطان كانت عيناه تقدحان شررا وهو يسرع نحوها كالعاصفة , وهنا في مواجهة النافذه وتحت بصر كل الناس ! تراجعت ساره الى الوراء ولكنه امسك برسغها : -اترك يدي ! بدأت تصارع ولكن قبضتة احكمت الشد على يدها بوحشيه , رفعت يدها الأخرى كأنها تريد ان تضربه ولكنه بسرعة امسكها واسقطها وقد ازداد غضبه -: لماذا يهمك ما افعل؟ انا اتسلى اليس هذا ما اتفقنا عليه نقلت بصرها الى النافذة المنفرجة حيث النسيم يدخلا الغرفة عبر الستائر المفتوحة الظلام يخيم خارج الغرفة: - ليس هناك أحد في الخارج ليرى قال متحديا: -انا سمعتكما ورأيتكما! - ماالذي سمعته؟ لم نقل شئ نخجل منه! - لأنك لا تعرفين الخجل , اعتقد ان أقناعه لك لم يكن في الوقت المناسب لأنك كنت تنتظرين عودتي الى المنزل في أي وقت ارتفعن يد ساره من جديد في محاولة صفعه اصبح وجه رالفممتقعا من الغضب حدق بها بقساوة وزمجر لقد تمكن منه غضب آل لينغارد ووحشيتهم امسك بذراعها وهزها بعصبية مرات عديدة حتي انقطع نفسه - أياك ان ترفعي يدك مرة ثانية في وجههي هددها وهو لا يزال ممسكا بذراعها: اياك ان تعيدي ما فعلت مع هذا الرجل مرة ثانية لن تريه بعد اليوم -سأراه! كانت تتحداه وهي ترتجف من رأسها لأخمص قدميها وتذكرت يوم اخبرها انه لو كان مكان رودي فوق السفينة لقتلها بدون ان يفكر بالعواقب - هل خفت اخيرا؟ لقد أنذرتك ستنالين اكثر من ذلك في المرة المقبلة - انت لا تخيفني ابدا انا لا اخاف من أي رجل , ولن يقول لي أي رجل ماذا افعل , انا افعل ما اريد , وسأرى دنكان متى ارغب - لا , ليس عندما اكون انا زوجك , لن تريه هدأ صوته وقد امسك بزمام اعصابه: - هذه رغبتي لن تريه مرة ثانية وستحترمين ارادتي افلتت ساره من قبضته كانت صامته لا تتكلم تحاول ان تتفحص العلامات التي تركتها اصابعه فوق رسغها , احد ابناء لينغارد يفعل بها ذلك ! لو عرف والدها ستكتب له وتخبره وسيصر عليها ان تتركه وتعود الى المنزل بعيدا عن هذا البغيض المتشرد من سلالة العصابات حدقت به وقد خنقها غضبها ولجمها عن الكلام ذكر رالف شيئين مهمين في حديثه , كان ينتظر ردة فعلها , اسلوبه في الأنتظار يحيرها ثم انه لأول مرة يذكرها بأنه زوجها , هذه اول مرة يستعمل فيها هذه الكلمه في حديثه معها ولكنه لا يعني أي شئ لماذا يذكر الزواج الآن ؟ ولماذا اشتد غضبه عندما رآها بين ذراعي دنكان ؟ لماذا يكشف عن شعوره نحوها وقد اتفقا ان يسير كل منهما في طريقه؟ هل هناك علاقة بين غضبه وبين كونه زوجها؟ هدأ غضبها وسكنت نفسها بدون سبب تفهمه , سلام غريب دخل نفسها , لم تعد المحاربه ساره مالفرن بل انها ساره زوجه رالف لينغارد كانت عيناها تشعان برقة وحنان وهي تنظر اليه نسيت اديل وخلافاتها السابقه معه - رالف اذا وعدتك بأن لا أراه ثانية -- لا اريد انذارات منك يتبتعدين عنه لأنني آمرك بذلك هو يأمرها بالرغم من شعورها الرقيق نحوه الا ان الغضب تملهكها - انا لا افهم سببا لغضبك قلت انني استطيع ان اصادق من اشاءهل لأنك لم تستطع صياغة سؤالها قاطعها بلهجة قاسيةكالحديد: -هل علي ان اذكرك بأن تكوني متستره بعلاقاتك ؟ لم تتستري سألته: -هل هذا هو سبب غضبك؟ - نعم , ليس هناك اسباب أخرى هذا الأستبداد لا يمكنها ان تتحمله خيبة املها في جوابه زاد من غضبها لفترة وجيزة اعتقدت انهما ربما يتفاهما وشعرت انه يرغب في ان يسود التفاهم علاقتهما وهي بل شك مجنونة في موافقتها علي عدم رؤية دنكان فهو لن يرضى الا بخضوعها تماما,كل آل لينغارد هكذا , كلهم من طينّة واحدة وهي مجنونة لتعتقدانها تستطيع ان تعيش معه بسلام - اذا كنت تسمح لنفسك ان تعيش مع اديل , كذلك انا استطيع ان اعيش مع دنكان فترة بقائه هنا ! قالت ورأسها مرفوعة تتحداه بعينيها : تستطيع ان تفعل بي اكثر مما فعلت ولكنني سأعيش على هواي - ستدفعين الثمن غاليا, لقد انذرتك, لا تخالفي رغباتي اما بشأن اديل فاتركيها خارج صراعاتنا ثم تركها وغادر كان رالف واثقا من نتيجة تهديداته, ولكنه كان ينتظر بعض محاولات التحدي من ساره بقي رالف في المنزل في اليوم التالي , لبست ساره ثيابها استعدادا للخروج ونزلت الى الطابق الأرضي, كان رالف بأنتظارها ودارت بنهما معركة كلامية , هددها رالف باستعمال القوة اذا حاولت ان تتحرك خارج البيت فقالت له: بأنها ستخرج حين يخرج, ولكنه لم يخرج جاء دنكان ليرى ما الذي حصل فاستقبله رالف على الباب وطرده بأدب وحزم, وطلب منه ان لا يحضر الى هذا البيت مرة ثانية كانت ساره بركانا من الغضب ولكنها تجنبت مواجهة رالف امام دنكان لانها تعرف انها ستكون الخاسرة وسيثبت رالف ارادته لكنها لم ترغب في خسارة صداقة هايلي تركت ساره دنكان يذهب بدون ترتيب موعد آخر بنهما, ولكن رالف دعا الجميع للعشاء قبل رحيل دنكان بيوم واحد وكان العشاء فاخرا ثم اوصل رالف اديل لمنزلها بعد العشاء هذه المرة ولم تبق لتنام في المنزل اثناء العشاء , حاول دنكان ان يهمس باذن ساره ليسألها ما الخطب - لقد رآنا وسمه حديثنا من النافذة - يا آلهي هل تشاجرتما؟ - بالطبع تشاجرنا -قالت ذلك وارتجفت وهي تتذكر ما حدث - هل امرك بعدم رؤيتي ؟ - نعم - عليك ان تشكريني لأنني جعلته يغار عليك - لم تكن غيرته, لقد غضب لأنني تركت النافذة مفتوحة - لا ياساره انها الغيرة هل اخبرك بشئ هايلي لا تؤمن بأن علاقة غير شريفة تربط اديل ورالف - وهل قلت لها ان هناك علاقة تربط بينهما؟ كان عليك ان لا تخبرها بذلك - لم يكن لدي خيار , كانت تريد ان تعرف اسباب خروجك معي كل الوقت بدون اعتراض زوجك فقلت لها ان لك اصدقاءك وله صديقاته, ون الواضح بعد دعوة العشاء عندكم ان اديل هي صديقة رالف فقفزت هايلي تريد ان تخنقني وهي تؤكد لي ان اديل ليست من هذا النوع من الفتيات توقف دنكان وهو يرى رالف يراقبهما ثم تابع بعد قليل : - هناك بعض الغموض يلف هذه القضية ولن تعرفي الحقيقة من هايلي , انها كتومه على الأسرار التي تؤتمن عليها , ولن تخبر هذا السر لأي شخص سألته بالحاح: - الم تقل لك اي شئ آخر فقط ان اديل متزوجة؟ - هايلي لم تخبرني أي شئ وانت ايضا كتومه لا تذكرين لي اسباب زواجك من رالف ويلفني الفضول وخيبة الأمل في حل هذا اللغز , رغم انني اعتقدت دائما ان النساء ثرثارات تمتمت ساره: - ربما تخبرني هايلي اسرار اديل في المستقبل - لا تحلمي اختي كتومة وامينة علي السر وهي محافظة في علاقاتها اقترحت اديل سماع الموسيقى الراقصه شرعت بأبعاد الأثاث الى قرب الحائط تساعدها هايلي دخل مانولي برفقة هايلي حلبة الرقص يتمايلان ببطء وحنان قال دنكان يخاطب ساره ويشير الى شقيقته وصهرهوهما يرقصان: - غرامهما كالمرض كانت ساره تراقب رالف وتنتظره ان يطلبها للرقص - هل نرقص يا ساره؟ وبدون ان يسمع جوابها, امسك بيدها وجذبها نحوه لاحظت ساره غمزة خفيفة من طرف عين دنكان , سلمت ساره نفسها لرالف وسمحت للموسيقى ان تحركها على انغامها الهادئة وصلت رسالة لساره من صديقتها فاليري وصفت فيها مباهج الحياة الزوجية, وبيتها الجديد وغرفة الطفل المنتظر والأدوات الصغيرة التي اشترتها وشرحت لساره لون ورق الجدران وجميع التفاصيل الصغيرة وذكرت سرير الطفل الذي باشر غراهام زوجها في صنعه بنفسه قالت : لن نشتري لطفلنا سرير من الأسواق كانت ساره مغتبطة لسرور فاليري وسعادتها في حياتها الزوجية وكل ما شرحته فاليري لساره في رسالتها كان مملا بالنسبه اليها ساره لن ترضى ان تعيش هذه الحياة الرتيبة , رسالة فاليري الجديدة تشبه الرسائل السابقة التي ارسلتها ولكن ساره قرأتها بنهم وهي تحس خسارة السعادة في حياتها الزوجية بالمقارنة مع فاليري اعادت قراءه الرسالة وهي تتناول فطورها ثم تذكرت صديقتها هايلي هي ايضا سعيدة في حياتها الزوجية بعد سفر دنكان باسبوعين عادت ساره الى روتين حياتها الممل الذي كانت تتبعه قبل تعرفها الى دنكان وهايلي هايلي اصبحت صديقتها وكانت تزورها ساره مرتين في الأسبوع تتمشى واياها وتتغدى بصحبتها في قهوة صغيرة في القرية هذا التغيير البسيط في حياتها قد جلب بعض السرور والراحة لها بدأت ساره تتغير كليا هل اليونان ومدينة اولمبياهي سبب هذا التغيير ؟ لم تكن تلذها العيشة البسيطة ولكنها الآن تجد متعة كبيرة وسعادة في الحياة البسيطة وقد زاد سرورها وجود هايلي قربها بعد ان كادت تفقد الأمل في ايجاد صديقة زوجها مانوليمهذب ومنطو وكثير التفكير , وكان لا يوافق كثيرا على تصرفات ساره كأن خروجها مع دنكانشئ مقرف وغير طبيعي انها متزوجة من يوناني وهذا لا يصح ابدا في مجتمعهم فمن غير اللائق ان تخرج مع غير زوجها هايلي كانت مغرمة به وخاضعة له كليا عبست ساره قليلا , مانولي يسيطر على زوجته بشكل غير ملحوظ وهو حاذق ولا يظهر سيطرته عليها وهايلي خاضعة ومتفانية له وتعطيه بدون مقابل , هل هذا هو الزواج الصحيح ؟ ان هيلي سعيدة سعادة حقيقية نظرت ساره الى رالف الذي حضر وجلس قبالتها واخرجها من تأملاتها - صباح الخير يا ساره هل نمت جيدا؟ هزت راسها موافقة وهي عابسة لماذا يتكلم معها عن النوم ؟ انه يسألها السؤال نفسه منذ اسابيع - هل تخبرني متى ستكون في البيت لانني اريد دعوة هايلي ومانولي الى العشاء - لا يهم فقط اخبريني قبل يومين كي استطيع دعوة اديل ايضا اعملي كل الترتيبات لذلك - هل يجب عليك ان تدعو اديل ؟ - نعم الا تحبينها؟ - لا أكرهها قالت وهي تنظر اليه بحزن: من غير المناسب ان تحضرها دائما الى البيت ماذا سيقول جورج ومرتا؟ - انا لا اهتم لرأيهما اذن انت لا تكرهينها , ياللغرابة - قلت لك سابقا انني لا اكرهها في وقت من الأوقات رغبت في معركة معها ولكنسألها مستغربا: - حقا؟ وماذا كنت تنتظرين ان تكون ردة فعلي؟ - اعتقد انك ستنضم الى جانبها ولكنني رغبت في المعركة معها حين نكون منفردتين - ارجو ان لا تستعملي معها القوة الجسدية اعتقد ان آل مالفرن تمدنوا قليلا خجلت ساره واحمرت وجنتاها تمالكت اعصابها , انه يستفزها في الكلام الجاف والنقد الاذع لعائلتها , دائما يحاول ان يجعلها تفقد رباطة جأشها - لا اعرف لماذا تستفزني دائما هل يسعدك ان افقد رباطو جأشي كان صوتها منخفضا ولكن غضبها في اوجه ويشع شررا من عينيها , وهي لا ترغب في معركة معه ,ولكن رالف دائما يخطط لمعركة معها ويحاول استفزازها , وتجد صعوبة في التغاضي عن استفزازه لها - هل يسعدني غضبك؟ ابدا علي العكس انني اجد ذلك مقرفا واعتبره ضعفا حين تخسر المرأة رباطة جأشها - انت الملام الأول لما وصلنا اليه -بل انت الملومة لسبب اجهله وقع شقيقي في حبك وقد وافقت علي الزواج منه ثم رفضته ودست علي قلبه بدون شفقة او رحمة قبل موعد الزفاف باسبوعين لم تهتمي لشعوره نحوك ولا الى قلبه الذي تحطم - هراء لا يمكن لرجل ان يتألم اذا تحطم قلبه , لقد قلت لك ان لديه امرأة اخرى يحبها - دست عليه ورفضته لأنه يتمتع برجولة حقة - كان يريد امتلاكي وانا لا اتحمل ذلك من أي رجل , وخاصة من احد ابناء آل لينغارد ضحكت من جديد عيناها الزرقاوان تلمعان في تحد وهي تنظر الى عيني زوجها - انا من آل لينغارد يا ساره اذا رغبت في امتلاكك فلن يكون لديك الخيار عليك عندئذ الخضوع ضحكت بصوت مرتفع كانت تتمنى ان تنتهي العداوة بينهما الى الأبد - وهل تعتقد انني اخضع لك بدون ان احارب؟ - لا طبعا ليس بدون محاربة ولكنك في النهاية ستخضعين وعقلي السليم جعلني اقبل التحدي كي اروضك - انا لا اعرف لماذا استمع اليك ولماذا اجعل الحديث بيننا يسير في هذا الأتجاه انا واثقة انك ترغب في اثارة غضبي واستفزازي - اتعتقدين ذلك ؟ لا يا ساره ليس هذا ما اريده - ماذا تريد اذن؟ - قلت لك سابقا اريدك ان تبكي ومازلت اريد ذلك اوه صحيح تذكرت , قلت , احتاج لرجل عنده ارادة قوية ليجعلني ابكي - وقد تأكدت الآن انني رجل عنده ارادة قوية - صحيح! ولكنك لم تجعلني ابكي , ولن تجعلني ابدا - سنرى, استطيع ان اجعلك تبكين متى اريد, الآن لو اردت قالت ساخرة: - حقا ؟ -- استعملي خيالك يا فتاة! - حتى لوعذبتني , فلن ابكي - وتعتقدين انه من الممكن ان اعذبك؟ - سأحاربك استطيع محاربتك - لم تقاومي حين دفعتك الى مؤخرة السيارة - لقد أخذتني على غفلة من امري. - وحين اجبرتك على استعمال الهاتف في غرفة الهاتف, وحين حملتك على ظهر الباخرة. - لقد هددتني بأغراقي في البحر .كان ذلك تهديدا جبانا من رجل الى أمرأة... شرع رالف يضحك منتصرا . شعرت ان الحديث اصبح هزليا. كان يسخر وهو يذكرها بمواقف ضعفها المتكررة. - الآن تعترفين ولأول مرة انك من الجنس اللطيف. الجنس الضعيف? كذلك تعترفين بأنك خضعت لتهديداتي. تقدم نحوها ولدهشتها وضع يده برقة فوق يدها وقال: من أجل خضوعك علي ان اكافئك, سنعلن هدنة مؤقتة , اليوم سنخرج ونمضي النهار سوية. - ولكن... فكرت بالأعتراض اوا لرفض, ولكن قلبها طار من الفرح. تعابير وجه رالف كانت حنونة, ماالذي قالته واحدث في تعابيره كل هذه التغييرات? كانت ضحكته تحمل معنى الأنتصار ? هل هو فعلا يرغب في الترفيه عنها? سيمضي برفقتها يوما كاملا فسألته: - أنا...وأنت? -نعم. وأذا فتحت فمك للجدال او الأعتراض سأريك جانبا من طباعي السيئه . كانت لهجته مازحة ورقيقة كلمسة يده فوق يدها. - تستطيعين أختيار المكان الذي سنقصده . سألها رالف بعد نصف ساعة حين استقرا في السيارة: هل تفضلين الساحل ام الجبل? - أحب ان أزور سبارطة. ربما يكون المشوار متعبا وبعيدا? -لابأس . سنذهب الى سبارطة كما تشائين. المناظر خلابة ونستطيع ان نتوقف على الطريق لنرتاح. المناظر بين طرابلس وسبارطة جديدة عليها تراها لأول مرة. ثم بدأة الطريق تضيق صعودا الى التلة. اصبحت الطريق متعبة وملتوية كالحية. حين وصلا الى قمة الجبل قال رالف وهو يتابع صعوده في السيارة: -بدأنا نصل الي مناظر اكثر وحشية. الجبال وحشية وقممها عالية حادة , سبارطة مدينة مبنية في لحف جبل تاغيتوس العالي ويسقيها نهر يوروتاس الذي ينساب في الوادي الملئ ببساتين الزيتون واشجار الليمون. نزلت السيارة بعد ذلك الى سفح الجبل حيث المدينة القديمة تعلن عن استقبال الوافدين في لوحة اعلامية تقول: اهلا وسهلا بكم في سبارطة. شعرت ساره بخيبة امل بعد ان دخلت المدينة ,منظر المحاربين الأشداء الأقوياء قد طواه الزمن , والمدينة القديمة التي تمتد على جانبي طريق قديم حيث كان يجري سباق العربات, مليئة بالفنادق الحديثة, والشوارع العريضة اخذت مكان معالم المدينة الأثرية ولم يبق منها الا القليل, حزنت لرؤية المدينة على هذا الشكل. وجد رالف مكانا لسيارته واوقفها وفتش عن فندق ليتناولا طعام الغداء . قالت ساره وهي تنتظر طعامها: - لم انتظر ان اراها على هذا النحو. - وماذا كنت تنتظرين? كانت نظرته غريبة , تعجبت ساره من مزاجه الجديد. هل يتصرف على طبيعته ام يتصنع. - لا أعرف. ولكن لم اتخيلها هكذا. سألها بفضول : - وهل تعتقدين ان الرحلة كانت مضيعة للوقت? - لا لقد تمتعت بكل دقيقة من الرحلة كان كلامها يضفي عليها جمالا فقد بدأت راضية جدا لأن رالف يهتم بها ويعيرها انتباهه واسئلته وحديثه: - ولكنك كنت تعرف انها على هذه الحال لماذا لم تخبرني ؟ - وهل كنت تفضلين عندئذ زيارة مكان آخر؟ - طبعا كنا انتقينا مكانا آخر كانت ساره تود ان تجعل من هذا اليوم ذكرى لا تنسى معه - لا تحزني لدي مفاجأة احتفظ لك بها هل تحبين زيارة بعض الآثار؟ - اوه , نعم , اين سنذهب؟ اهتمامها كان جليا ابتسم رالف مسرورا لسرورها وقال: - سنذهب الى ميسترا فهي تبعد اربعة اميال فقط , مدينة مهجورة لا يعيش فيها احد - مدينة مهجورة ؟ عظيم بدأ يشرح لها عن مدينة ميسترا القديمة وعن تارلايخها وموقعها الحصين فوق قمة تاغيتوس تجولا نصف ساعة في سبارطة بعد الغداء ثم ركبا السيارة واكملا سيرهما على مهل فوق طريق رملية وسط ظلال الأشجار الى مدينة ميسترا القديمة رأت بعض النساء يغزلن وهن راكبات ظهور الحمير قالت ساره وقد سحرها عملهن الدؤوب وطريقة غزلهن فوق ظهور الحمير: - انهن لا يضيعن الوقت -المرأة اليونانية تعمل بنشاط واجتهاد قال رالف ثم اضاف ضاحكا : هي محكومة من زوجها لم تحرك فيها جملته الأخيرة أي ساكن على عكس ما كان ينتظر,قالت ان العلم سيدخل اليونان وسيتساوى الجنسان قريبا - لا اعتقد ذلك لأن الأجانب الذين يعيشون في اليونان فضلوا ان يغيروا طريقة حياتهم لتصبح كحياة الفلاح اليوناني- ماذا تعني بذلك؟ -اذا كان الزوج الأمريكي يساعد زوجته في اعمال المنزل كالغسيل وخلافه , فأن سكان اليونان يرفضون عشرته ويشعرونه بعدم رضاهم عن تصرفاته ويعيرونه برجولته فأذا كان يملك بعضا من الذكاء , كان يقتبس طريقتهم وعاداتهم فورا قالت متعجبة: - انا لا اصدقك! - ولكنها الحقيقة مال بالسيارة ليتفادى عنزة ضلت طريقها : آسف لأزعاجك كان دافئا في كلامه واهتمامه بها - لا انا بخير سرحت بنظرها عبر المناظر الخلابة التي كانت تمر بها كان اليوم شديد الحرارة ولكن الطريق مليئة بأشجار الاكوالبتوس اوقف رالف السيارة بعد قليل وفتح الباب وخرج قائلا: هل ترغبين في القاء نظرة علي المناظر الخلابة هنا تبعته ساره صامتة وقفا جنبا الى جنب يتفحصان الوادي المزروع بأشجار الليمون والزيتون وعرائش العنب التي يسقيها نهر يوروتاس الذي يتغذي بمياة الثلوج الذائبة من جبل تاغيتوس عادا الى السيارة وتابعا طريقهما الى المدينة المهجورة , انها مركز للحضارة البيزنطية مبنية على كتف الجبل وابنيتها قديمه متصدعة ومتداعية, نعطي شوارعها الأعشاب والازهارالبرية ذات الروائح الغريبة والألوان المتعددة بدا منظرها غير واقعي , فالحشرات المختفة تدب في النوافذ المفتوحة والاشجار قد تطاولت وظهرت من وسط البيوت الخالية من السقوف قالت ساره : - شكلها مدهش هل يمكنك تخيلها في عزها - اعتقد ان ذلك صعب ان المدينة حزينة لا احد يعيش فيها - لماذا ؟ لال يحضرها السواح؟ ارى بعض المشاة ولكنني كنت انتظر جماهير غفيرة تؤم المدينة لتتفرج على الأثار - يحصرون الى هنا ولكن ليس مثل الحضور الى اولمبيا امسك رالف بذراعها فأحست بالدفء يسري في جسمها يرافقه شعور بالراحة والسلام انها تتمتع بهذه الرحلة ضمن الاثار على عكس طبيعتها السابقة حين كانت لا تجد الراحة والسرور الا بالحياة الصاخبة والحفلات التي تمتد الى ما بعد منتصف الليل سألها: - هل نذهب لزيارة اماكن اخرى؟ أمضيا بعد الظهر يتجولان بين الأثار والمباني الضخمة المتداعية كل الأماكن مهجورة تماما الا من بعض المتفرجين كانا احيانا يبقيان منفردين وحدهما لا يرافقهما الا السحليات التي تزحفوسط العشب الاخضر معظم الابنية خربة ولكن بعضها محفوظة نوعا ما هناك دير برفيلبتوس منحوت في داخل الصخور واشعة الشمس تنعكس على زجاجه الملون كقوس قزح - كيف تحفظ هذه الأبنية سألت ساره متعجبة , وحاولت ان تتخيلها ايام عزها والناس تفدها ابان عظمة المدينة زمن البيزنطيين - شكل البناء يجعل الانسان يشعر بصغره وعدم اهميته , اليس كذلك ؟ - نعم هو كذلك اشعر انني صغيرة جدا وتافهه سر رالف بجوابها وشد على ذراعها بعفوية وبدأت تجوالها برفقة رالف دخلوا حجرات حيث الجدران مطلية باللون الأبيض والأشغال اليدوية تكسو الكراسي والأسرة تأملوا الزيتيات الزجاجية والوانها المتناسقة والتي كانت تعتبر غير مألوفة في القرون الوسطى , اطلو من الشرفة الى الوادي وتأملوا المناظر البديعة وهم يرشفون قهوتهم - هل نعود؟ سألها رالف , هزت ساره رأسها موافقة , كانت تفضل ان تبقى تتأمل , لقد أثر فيها هذا المكان كثيرا , الهدوء والسلام سكنا روعها وشعرت انها اقتربت من رالف بقوة سحرية عجيبة وحتى ولو تشاجرت معه في المستقبل فستذكر انسجامهما في هذا المكان لأخر العمر نزلا من البناء ثم مرا داخل المدينة ذات الألفى بيت وجميعها مهجورة تسكنها الأعشاب البرية , مدينة تقفز فيها الأشباح من فوق الصخور المرصوفة الى الساحة العامة وصلا الى مدينة ميسترا الحديثة توقف رالف ونزل مع ساره الى المدينة يتجولان في شوارعها قبل العودة الى سبارطة دعاها للعشاء في سبارطة , جلسا في مكان هادئ وشربا الليمون المثلج وهما يراقبان صخب المدينة حولهما سألها رالف: - هل سررت؟ - كان يوما ممتعا شكرا يا رالف ابتسمت ابتسامة ساحرة: انني مسرورة لأختياري مدينة سبارطة -كنت واثقا بأن املك سيخيب فيها الجميع يسرون في زيارة ميسترا - انا اوافقك الرأي كانت رحلة ممتعة واتمنى ان نحضر الى هنا مرة ثانية في يوم ما - سنعود يا ساره وعدها رالف وقفا ليغادرا المكان امسك بيدها وقال: - كانت الهدنة بيننا موفقة علينا ان ندعو الى هدنة ثانية في القريب العاجل لن يحبني ابدا كان رالف يجلس مع ساره في الحديقة في ظل العريشة , ساره تحمل دفترا وقلما بينا جلس رالف مرتاحا في كرسيه قربها - هل يجب علي ان ادعو خمسة اشخاص للعشاء؟ قالت ساره بخبث وهي تحاول ان تفهمه قصدها , رفع رالف حاجبيه مستغربا: - نعم نحن خمسة اليس كذلك؟ - وهل يجب ان تدعو اديل ؟ - ظننتك تحبينها ! - قلت انني لا اكرهها ومع ذلك ليس من الضروري ان تحضر الى هنا - هي تحضر الى هنا لأنني اريدها ان تحضر - ماذا سيعتقد الناس؟ كانت تنتظر منه بعض التغيير في معاملتها بعد ان امضيا يوما في ميسترا , لكنه عاد لسابق عهده في معاملتها بدون اكتراث - الناس ؟ - نعم هايلي ومانولي , ربما يعتقدان انك تعيش مغامرة عاطفية مع اديل - ماذا تقصدين؟ اعتقد ان هايلي ومانولي يتمتعان ببعض الذكاء صمتت ساره ثم اخذت نفسا عميقا وقالت : - هل تحبها؟ حدق فيها مليا واجاب : اعتقد ان لديك ذكاء وافيا ايضا ثم اكمل حديثه بسرعه : انا لا احب ان نبحث امرها على هذا الشكل , لا اليوم ولا بعد اليوم -لا انا افهمك , لقد امضينا يوما ممتعا - نعم كان ممتعا جدا, انا لا افهمك يا ساره ارجو ان لا تعلقي امالا كبيرة على يوم واحد امضيناه سوية ؟ كما قلت لك كان اليوم ممتعا للغاية وعلينا ان نكررة مرة ثانية ولكن لا تعلقي عليه الأمال الكبيرهنظرت ساره الى دفترها من جديد ثم لاذت بالصمت , لقد اهانها بكلماته ولا يمكنها ان تتابع الحديث معه سرحت بأفكارها , ما الذي يفعله هذا الرجل معها ؟ لقد اذاقها طعم السرور قليلا وعاد ليمنعها من أي متعه عاد الى معاملته الباردة تجاهها بعد عودتهما من الرحلة كان يتثاءب من وقت لآخر كأنه قد ضجر من رفقتها ماذا تنتظر منه؟ او بالأحرى ماذا تريد منه ؟ بدأت ساره تكتب لائحة طعام العشاء لغد , ركزت تفكيرها على هذه المهمة ولكن بدون ارادتها عادت بأفكارها الى زوجها والى اليوم الهائل الذي امضته برفقته , تذكرت الهدوء والسلام والسرور الذي غمرها وتذكرت شعورها بالوفاق في علاقتها مع زوجها ربما هي احلامها التي جعلتها تتخيل اشياء لا وجود لها ومن المؤكد ان رالف لم يتأثر بالمكان مثلها, فمنذ الصباح التالي عاد يتناحر معها من جديد ويتجادل واياها بعداوة وبغض وكراهيه كأن نظراتها احرقته ففتح عينيه بدأ دمها يغلي غضبا, كم هو متكبر ومتعجرف, انكسر القلم بين اصابعها , حرك عينيه بينها وبين القلم المكسور ولكنه لم يعلق بأي شئ أحست ساره انه فهم شعورها نحوه , قالت وهي ترتجف: - لا اظنني سأدعوهم طوت دفترها ووضعته جانبا : سأعتذر لهم بأي عذر ! - لماذا؟ لأنني اصر على دعوة اديل ؟ جلس في كرسيه وانحنى بجانبها وتابع حديثه: - افهمي كل ما نسيت هذه السخافة حول اديل يكون ذلك افضل لك , لآخر مرة اقول لك انني اعيش حياتي كما احب وكما عشتها قبل الزواج , لن تقول لي أي امرأه ماذا سأفعل , انا قدمت لك خدمة حين تزوجتك - ايه خدمة ؟لقد تزوجتني لتهرب من تأنيب ضميرك - تقريبا ومع ذلك قدمت لك خدمة؟ حياتي ستبقى على وضعها السابق , ولن اقبل منك أي تدخل اما من اجل نوبات الغضب عندك , لقد ضاق صدري بها انتبهي , سوف افعل شيئا لأتخلص من نوبات غضبك تلك انت سليطة اللسان يا ساره , وكلما اعترفت بهذة الحقيقة كلما بدأت في محاولة لتحسين طباعك قررت ساره ان تتغاضى عن هذه الكلمات القاسية - مهما كانت اسباب زواجنا , فأنا اليوم زوجتك , لماذا تنسى هذه الحقيقة لم تعرف ساره لماذا قالت له ذلك مع انها ليست زوجته بالحقيقة ولا هي تهمه - دعينا لا ندخل بهذا الجدل من جديد , هل تحاولين ان ترمي بنفسك علي - انا ارمي بنفسي عليك؟ انا اكرهك ملأت دموع الغضب مآقيها حاولت جاهدة ان تخفي غضبها ودموعها كان مسرورا لأنه اثار غضبها واخرجها عن طبيعتها وحرك عصبيتها , وقامت بعمل جبار في اخفاء دموعها عنه وارتاحت لانتصارها على نفسها في كظم غيضها نظر اليها رالف مرتاحا واغلق عينيه وتجاهلها من جديد بقي رالف يتجاهلها عدة اسابيع اخرى ثم عاد منجديد واعلن هدنة مؤقتة ثانية حيث قاما بزيارة عدة قرى جبلية فوق الشاطئ خلال هذا الأسابيع توطدت الصداقة بينها وبين هايلي واصبحت معتادة ان تزورها مرتين في الأسبوع تتمشى معها اوتزور المتحف برفقتها كانت ساره تحاول من وقت لآخر فتح موضوع اديل معها , ولكنها اكتشفت ان دنكان كان على حق حين اكد لها ان هايلي لا تحب الثرثرة وتحافظ على السر ساره نفسها كانت لا تؤمن بأي علاقة تربط زوجها بأديل وايمانها ليس مبنيا على سبب معين لكن ما الذي يهمها اذا كان هناك فعلا علاقة بنهما؟ ذكرت هايلي مرة امامها ان دنكان يرغب في الكتابة لها , قالت هايلي: - لقد طلبت من دنكان ان لا يكتب لك , دنكان شاب عابث ولا اعرف متى سيعقل ويستقر , انا شخصيا لن اوافق على زوج من طرازه ولا انا , فكرت ساره تذكرت خطيبها اليكس وكذلك رودي تعجبت من من نفسها ماالذي اعجبها في كل منهما رودي سهل القيادة وهو يمثل بالنسبة اليها ماتريده من زوج المستقبل الحياة برفقته بسيطة وغير معقدة, لو لم يتدخل رالف في حياتها ! ولكن هل هذه الحياة التي تريد ان تعيشها؟ سرحت ساره بأفكارها عبر النافذة في غرفة الجلوس تحلم نظرت الى الحديقة المليئه بالزهار الملونة , ثم انتقلت بنظرها الى منحدرات كرونيون الخضراء حيث ترعى المعز العشب الأخضر في اسفل الجبل هناك فلاحات يراقبن المعز من بعيد هذا المكان الهادئ دليل على عبقرية اليونان في اختيار مكان الالعاب الاولمبية كانت تعتقد ان بلاد اليونان بلاد جبلية متوحشة وقممها شاهقة ولكنها وجدت في اولمبيا المناظر الرقيقة الهادئة تنهدت ساره وهي تحس التغيير الذي انتابها في داخل نفسها , اصبحت تعرف جيدا ان اليكس لم يكن يعني لها أي شئ وكذلك رودي لم تخسر شيئا منهما ولكنها استعاضت عن معدن غير اصيل ببريق الذهب الخالص تنهدت ونهضت من مكانها , لو ان زوجها يرق ويلين لو انه لا يلتقي اديل ولا يحبها وصلتها رسالة من اهلها في لندن فتحتها ساره بيد ترتجف , كان رالف يراقبها وهو يقرأ بريده سألها باهتمام: -ماهي الاخبار؟اخبار سيئه؟ - ليس تماما اصابت والدي نوبة قلبية اخرى صمتت قليلا ثم اكملت : لقد عرف اخيرا انه كان قاسيا في حكمه علي يوم اصر على زواجي منك - هل تعنين انه ندم قال بقساوة: لقد تأخر قليلا! - تقول والدتي انه يتآكل قلقا علي قال رالف يخاطبها بجفاء اسلوبه في الكلام اثار غضبها: - دعيه يقلق , لا نستطيع ان نفعل له أي شئ لقد تزوجنا وهذه حقيقة باقية - من الواضح ان زواجنا لا يهمك في شئ - لا تكوني سخيفة , لماذا يصر رجل على الارتباط بأمرأة لا يحبها ولا يجذبه اليها أي شئ؟ قالت وقد كظمت غيظها حتى لا يبدو عليها أي انفعال : - ليس من الرجولة ان تقول ذلك لم يعلق على كلامها بشئ ولكنه عاد بانتباهه الى الرسالة التي في يدها : - ماذا تقول والدتك ايضا؟ - تقول , ربما نؤكد له سعادتنا الزوجيه اذا قمنا بزيارة لهم في انكلترت - نحن نذهب لمنزلكم ونمثل عليهم دور العاشقين؟ قال مسرورا: - زيارتنا لهم ستزيد الامر سوءا قالت ساره وقد شحب لونها: - اعتقد ذلك حاولت والدتها ان تخفي خطورة مرض والدها عنها ولكنها اكتشفت الحقيقة بين السطور: الا تعتقد اننا نستطيع ان نتظاهر بالسعادة؟ - بالحقيقة سا ساره انا لا استطيع ان اراك الزوجة المحبة المطيعة - هل كان عليك استخدام المطيعة؟ - حسنا الزوجة المحبة هز رالف رأسه ثم اضاف : لن نستطيع ان نتظاهر - نحاول لن نبقى اكثر من اسبوع واحد فقط - اسبوع ؟ نحن لا نكف عن الجدال يوما واحدا! - لكننا استطعنا ذلك يوم خرجنا سوية الى سبارطة - لو لم اعرفك جيدا لاعتقدت انك تحملين ذلك اليوم شعورا وعاطفة لاعتقدت انك عاطفية هل انت كذلك يا عزيزتي؟ هزت رأسها نفيا كانت ردة الفعل على سؤاله تلقائية عفوية كأنها تعطيه الجواب الذي ينتظره منها - ارجوك يا رالف من اجل والدي نستطيع ان نقنعه بسعادتنا لو جربنا - استعملي عقلك يا ساره قليلا لو لاحظ والدك كراهيتنا لبعضنا لازداد شعوره بالذنب عشرة اضعاف - انت لم تعط هذا الموضوع تفكيرك الكامل , من الممكن ان نخدعهم وكما قلت لك نستطيع ان نجرب - ما الذي سأفعله؟ اخذك بين ذراعي واقبلك امامهم ؟ فكري اكثر بالموضوع علا الحمرار وجنتيها ولكنه صممت على ان لا تفقد رباطة جأشها واعصابها , نهضت لتغادر غرفة الطعام بدون ان تتناول فطورها كانت قد وصلت الى الباب حين ناداها رالف بأسمها التفتت اليه ولم تلحظ ارتعاشها ولا السرور في عينيه السوداوين - انت تحبين والدك كثيرا يا ساره اليس كذلك؟ - انت تعرف ذلك جيدا كادت الدموع تنهمر من مآقيها من التأثر مسحت دموعها بسرعة وادارت له ظهرها كي لا يرى دموعها امرها: - عودي وتناولي فطورك وقفت مكانها وهزت رأسها نفيا طلب اليها مرة ثانية ان تعود لتتناول فطور الصباح - انا لست جائعة - لا اعرف لماذا اتحملك؟ اجلسي وتناولي طعامك! ولدهشتها فعلت ساره ما امرها بدون معارضة ربما لأن حزنها على والدها كان يشغل بالها عن أي شئ آخر,راقبها وهي تتناول فطورها بصمت ثم قال بهدوء: - متى ترغبين في السفر لزيارة أهلك? نظرت اليه بذهول وكأنها لاتصدق ماتسمع. - ستزورهم? اخذت نفسا عميقا وشعرت براحة بعد القلق, هل ستحاول ان تمثل عليهم بأنك سعيد? صحح لها قولها: - سنحاول سوية ان نجعلهم يصدقون اننا سعداء. بعد ان اتخذ رالن قراره لم يضيع الوقت بل سافرا على الفور, ووصلا انكلترا بعد يومين من القرار. وصلا منزل والديها وقت العشاء وكان والدها لايزال صاحيا وقد بدأ اكثر شحوبا ونحولا منذ رأته ساره آخر مرة. كان مسرورا لرؤيتها وقد ارتسم تعبير غريب على وجه رالف وهو يراقب لقاءها مع والدها المريض, ضم الرجل العجوز ابنته اليه بوهن ولا مست هي وجهه برقة وحنان ثم قبلته وبعد ذلك سلمت على والدتها وقبلتها. والدتها لاتحب المظاهر, قدمب لساره خدها لتقبلها, ونظرت ساره من جديد لوالدها. - ماالذي جعلكما تقرارن الحضور? اراد والدها ان يعرف: كنت متشوقا لاخباركما اريد ان اعرف اذا كنتما سعيدين. وارى الآن بنفسي سعادتكما ولا لزوم لأن اقلق, كم تناسبك الحياة الزوجية يا عزيزتي, اجلسي واخبريني كل شئ عن منزلك الجديد. اجلسي قربي هنا على السرير ياحبيبتي. -دعهما يرتاحان اولا من عناء السفر قالت والدتها : كانت رحلتهما شاقة وطويلة . ثم التفتت الى ساره وقالت: كنت اريد ان انزلك في غرفتك القديمة ولكننا اغلقنا ذلك الجزء من المنزل , اصبحنا ثلاثة فقط, وضعتكما في الغرفة فوقنا. حقائبكما اصبحت فوق. ربما تأخذين رالف الى الغرفة يا عزيزتي بينما اكمل تحضير العشاء . الوجبة جاهزة وتحتاج بضعة دقائق, سأناديكما متى يجهز العشاء. لم تجرؤ ساره على النظر الى رالف لأنها كانت واثقة بأن رفيف قلبها لن تخفى اسبابه عليه. نظرت ساره الى والدتها متشاغلة, كانت متحمسة جدا لزيارة اهلها حتى انها نسيت ان تعير مسألة نومهما اي انتباه وحتى لو فكرت بالأمر فشقتها واسعة وهناك غرفة للثياب مجاورة لغرفة نومها وبها اريكة كبيرة مريحة. - هل هناك اي مشكلة ? سألها والدها وهو ينظر اليها متعجبا: يبدو عليك الشحوب. اجابته وهي تحاول ان تخفي قلقها: - لا. ليس هناك اي مشكلة . ثم خاطبت رالف قائلة : هل تأتي معي? بقيت ساره تتجنب النظر اليه, كان رالف مسرورا جدا ينظر اليها يقيم تصرفاتها, هل فكر هو بهذا الأمر? ربما. لكنه لم يذكر لها اي شئ من هذا القبيل. مشت امامه كأنها في غيبوبة, صعدت السلالم العريضه ودخلت الغرفة, ثم التفتت اليه قائلة: - لم اعتقد اننا سننام هنا سوية, ماذا سنفعل? جميع الغرف الأخرى مغلقة. وهذا يعني ان الغبار يكسوها والاسرة غير مفروشة ولا استطيع ان اتسلل في ظلام الليل الى غرفة ثانية, ماذا ستفعل? ثم التفتت اليه بأرتباك: هل لديك اقتراح؟ - نعم قال عابسا : ولكن اقتراحي لا يوافقنا سأبقيه لنفسي علا الأحمرار وجهها ثم قالت انها ستحضر العديدمن الحرامات الصوفية الموجودة في الطابق العلوي ومن السهل احضارها الى هذه الغرفة قال رالف مستفسرا: - وما نفع الحرامات بدون سرير او فراش؟ قالت بحماس : - سأصنع لك فراشا منها فوق الأرض قال ساخرا: - تنتظرين مني ان انام على الأرض , من الواضح ان آل مالفرن لا يعرفون شيئا عن اصول الضيافة - عليك ان تقبل بالأمر الواقع, انها الضرورة التي تقتضيها الظروف الحاضرة ولا شأن لها بأصول الضيافة هز رالف رأسه بأنه غير موافق كان شكله ينذر بعاصفة وبأن امام ساره مهمة مستحيلة عليها مواجهتها - أي نوع من الرجال تعتقدينني ؟ انا لست رودي ! لا يا ساره اذا كان لا بد من النوم على الأرض فأنت التي ستنامين هناك - ستتركني انام علي الأرض؟ وانت ستنام فوق السرير؟ - طبعا حمل حقيبته ووضعها فوق السرير وشرع يخرج اشياءه منها , لا تنتظري اعمال فروسية من آل لينغارد فأنت تعرفينهم جيدا وبهدوء اخرج حاجياته وهو ينظر اليها مبتهجا اخرج البيجاما والروب ووضعهما فوق السرير بدت ساره ضعيفة لا حول لها ولا قوة صعدت الى الطابق العلوي واحضرت مجموعة من الحرامات الصوفية ووضعتها فوق طرف السرير , لو رأته والدتها تحملها ستقول لها انها تخاف البرد القارس في انكلترا بعد ان اعتادت دفء بلاد اليونان كان رالف متنبها في معاملة ساره ومجاملتها خلال العشاء , اخرج لها الكرسي وانحنى ليقبلها على خدها برقة امام الجميع , علت حمرة الخجل خديها كان والدها يراقب المشهد موافقا و مسرورا واحس بعد العشاء كأنه استعاد عشرة اعوام من عمره سألها رالف بلطف: - هل اصب لك كأس ماء ياحبيبتي ؟ ثم اكمل : اسرعي قليلا في طعامك فأنت بطيئة جدا يا عزيزتي تعجبت ساره من تصرفاته هل كان عليه ان بقوم امامهم بهذه التمثيلية ؟ نظرت الى والدها كان مرتاحا تماما للوضع يبتسم برضى وهو يرى زوجها يخدمها - كنت اتمنى ان اراكما سوية انها مفاجأة لي يا ساره بدأت اقلق عليكما وانا افكر اني اجبرتكما على الزواج ,الآن ارتحت كثيرا فمن الواضح ان زوجك يحبك كثيرا يا ساره وانت يابني , الست فخورا بابنتي ؟ انها اجمل فتاة في يوركشاير الا توافق؟ هز رالف رأسه موافقا ثم نظر الى عيني زوجته , ازداد احمرارها وارتباكها كانت ساره تفكر بوالدها لو عرف ان جمالها لا يروق لرالف ابدا - يجب علي ان انام باكر كان يوما متعبا بالنسبة لي منذ اخبرتني والدتك بحضوركما وانا اترقب وصولكما بحماس وقلق , وانتما يا ولدي , لا تتأخرا في السهر , كانت رحلتكما متعبة وطويلة وعليكما ان ترتاحا قبلته ساره ووعدته بأن تحضر لغرفته بعد قليل , بقيا يثرثران قليلا مع والدتها التي اعتذرت أيضا لتذهب للنم لأنها متعبة دخلت ساره غرفة والدها كما وعدته , وجلست معه تخبره عن مدينة اولمبياوتجيب عن كل اسئلته - اعلم انك كنت ترسلين لنا الرسائل بأنتظام ياعزيزتي وتشرحين لنا كل هذه الأمور ولكن السمع افضل من القراءة الواضح انك الآن مستقرة وانا اشعر بالرضى وضميري مرتاح رأيتك بنفسي وخبرت سعادتك الحقيقية عندما وصلت ساره الى غرفة النوم كان رالف لا يزال في الحمام بدأت تفرش البطابيات فوق الأرض لتهيء لنفسها فراشا منه كان الغضب يتملكها ستنام على الأرض ي بيت اهلها بينما يتمتع زوجها بفراش وثير هذه اهانة كبيرة لها ! وماذا ستفعل ؟ فكرت في ان تنام في غرفة الجلوس فوق الاريكه ولكنها غيرت رأيها لأن شقيقها باري يحضر من حفلاته متأخرا كل يوم, ثم هناك الخدم سيكون موقفها مدعاة للهزء والسخرية وستصل هذه الأنباء لوالدها وسيعرف زيف علاقتها بزوجها لا مجال امامها سوى الرضوخ , ستنام على الأرض وكانت لا تزال جاثية على ركبتيها ترتب الحرامات فوق بعضها حين خرج رالف من الحمام يبدو عليه السرور يلبس البيجاما ويضع فوقها الروب وقد انتشرت في الغرفة رائحة كريم الحلاقة المنعش , شعره مبتل نوعا ما ومصقول وقد تدلت خصلة صغيرة فوق جبينه - اتمنى لك الراحة هناك قال ذلك ومشى الى رف الكتب ليختار كتابا انهى مهمته بسرعة اخرجت ساره قميص نومها وروبها ودخلت الحمام واقفلت الباب خلفها , وحين عادت كان رالف متمددا في سريره يطالع كتابه وقفت ساره في باب الحمام , كانت جميلة ونحيلة تلبس ثوبا للنوم مثيرا وقد عقدت حول عنقها ربطة صغيرة , يتدلى الثوب الى كاحلها وهو مصنوع من قماش ناعم رقيق وقد زين بزهور صغيرة فوق طرفه شعرها الأشقر النظيف يتدلى فوق كتفيها بأغراء وعيناها الزرقاوان تشعان بريقا فوق بشرتها انفرجت شفتاها عن ابتسامة مغرية , نظرت في المرآة الكبيرة وبدت راضية عن شكلها,لماذا تتأكد من جمالها وتضيع وقتها سدى ؟ احس رالف بوجودها , ترك كتابه ونظر اليها نظرة سريعة ثم اعاد نظره الى كتابه من جديد , بقيت ساره تنتظر جالت ببصرها في الفراغ قرب رالف في السرير وفي كومة البطانيات فوق الأرض تعجب رالف من ترددها رفع بصرهوسألها: - هل هناك مشكلة جديدة؟ لن تخبره ساره عن سبب انزعاجها , الوضع يغضبها وليس يزعجها فقط بخبث اطفأت النور في الغرفة وخلعت روبها واستلقت فوق فراشها , سألها بعد دقيقة: -هل استطيع ان اعيد النور الى الغرفة الآن؟ - انتظر منك دائما ان تفعل ما تريد ؟ قال بعد ان اضاء النور: - هل ازعجك؟ لم تجبه , رفعت الأغطية الى فوق رأسها محاولة ان تستعد للنوم , الأرض قاسية تحتها وبقيت الليل بطوله تتقلب من جنب الى جنب وقد جافاها النوم كليا ستبقى على هذا الحال اسبوعا بكامله مما سيجعل في جسمها كدمات ليس الفراش القاسي وحده ازعجها واغضبها انما ما لحق بها من اهانة في اية حال لو حاول مغازلتها لصدته كالقطة البرية لو حاول ولكنه لم يحاول وقد انجرحت كبرياؤها وشعرت بالأهانة استفاق رالف في اليوم التالي كانت ساره قد سبقته واغتسلت وارتدت ثيابها وجلست تتأمل سألها وهو يراقب حركة يديها ونرفزتها الظاهرة: - لقد استفقت باكرا لم تستطيعي النوم ؟ - سنتناوب النوم فوق السرير قالت وهي تحاول ان تضبط اعصابها : انا سأنام هذه الليلة في السرير قال ببرود: - لم اقل انك تستطيعين - هذا منزلي ذكرته بعصبية : لا يلزم ان اسألك - بل عليك ان تسألي , وتسألي بلطف ايضا قام من الفراش ولبس معطفه فوق البيجاما : حتى لو سألت بأدب , لست متأكدا من انني سأسمح لك بذلك بقيت ساره محافظة على رباطة جأشها ولكنها كانت تتمنى ان تضربه بأي شئ قربها - لن اسألك يارالف , سأحضر بكرا وانام قبلك في السرير , انا لن انام على الأرض اسبوعا - ستنامين في الفراش؟ حاولي ؟ اقترب من كرسيها : لو سألت كنت سأفكر في طلبك بجدية ولكن كما هو الوضع الآن يمكنك ان تنامي في السرير وانا ايضا لن انام على الأرض ابدا قال مسرورا ودخل الحمام وتركها تجلس وحدها تتأمل بما قال تحاول ان تضبط اعصابها قدر المستطاع بعد وصولهما انكلترا بثلاثة ايام اقترح رالف ان يزور واياها منزل اهله , والداه توفيا منذ فترة وهي لا تهتم لزيارة اشقائه وزوجاتهم رفضت ساره مرافقته اجابته : - لينغارد واحد يكفيني تضايق رالف من خشونة الفاظها ولكنه وافقها وانحنى يسألها بأدب كيف تنوي ان تقضي هذا النهار - سأزور صديقتي فاليري وآخرين غيرها - اصدقاء ام صديقات؟ - هذا من شأني! تعجبت ساره من سؤاله واحست برعشة خفيفة في قلبها قال: - نتقابل علي العشاء مساء كانت فاليري سعيدة بلقاء ساره وسعادتها واضحة في منزلها الزوجي تغسل اكوام الغسيل وقد وضعت الغسالة الكهربائية في وسط المطبخ في عملية روتينية - سأعمل قهوتنا اجلسي ان وجدت مكانا فارغا اخبريني عنك اخبريني كل شئ هل رالف يعاملك معاملة حسنة ؟ كيف حصل وتزوجت من آل لينغارد بعد ان اقسمت ان لا تتزوجي الا من رجل سهل القياد كنت تعترفين ان رالف اسوأ اخوته خلقا, وعندما كتبت لي انك تزوجته كانت مفاجأة لي بل صدمة لم انتظرهاانتظري قليلا سأجلب الحليب خرجت فاليري وادخلت ثلاث زجاجات من الحليب الطازج من امام باب المنزل:ماذا كنت اقول ؟ اوه كنت اتكلم عن زواجك السريع كان رودي يخبر عنك ابشع القصص لم اصدق كلمة مما قال عنك ثم انتقلت فاليري الى موضوع آخر وقالت : لم تخبريني عن هذه القصه في رسائلك , كتبت فقط عن منزلك الجديد وعن صديقتك هايلي - لا اعرف من اين ابدأ انت تسألين عدة اسئلة مع بعض -اعرف ذلك لأنني متحمسة جدا لرؤيتك , لم اكن اظن انك تتزوجين وترحلين بعيدا ربما نزورك انا وغراهام عندما يكبر الأولاد سألتها ساره: - الأولاد؟ - نرغب في انجاب اثنين او ثلاثة ولن نجعل مسافة زمنية طويله بين الولد وأخيه سننتظر عدة سنوات قبل ان نأخذ اجازة ولكننا سنزورك في اليونان يوما ما بدأت تحضر القهوة - هل انت سعيدة يا ساره؟ هل تحبينه؟ ذكرتها ساره: - قلت سابقا انني لن اتزوج عن حب - وايضا قلت انك لم تتزوجي رجلا تستطيعين قيادته , لا يا ساره لا تقولي انك تقودين رالف لأنني لن اصدقك ! - انت لا تعرفينه ولم تلتقيه - ولكنني اعرف شهرة آل لينغارد وانت بنفسك قلت انه اشرسهم هل تزوجته عن حب؟ - لا سألتها فاليري بالحاح: - اذن لماذا ؟ هل تخبر ساره صديقتها فاليري بالحقيقة؟ من المؤكد انها ستخبر زوجها غراهام بالأمر لابأس لن تنتقلقصتها ابعد من ذلك, اخبرت ساره فاليري قصه خطفها وتفاصيلها وكانت تضحك ولا تصدق ما حصل معها استغربت فاليري : - ولكن في هذه الأيام لا تحدث مثل هذه الأشياء - صحيح ولكنها حصلت لي , والنتيجة انني غير سعيدة مع رالف انه يكره زواجه مني لم تذكر ساره أي شئ عن اديل لا تستطيع ذكرهاحتى مع صديقتها فاليري - كان بامكانك الزواج من رودي لماذا لم تفعلي؟ هو سهل القيادة؟ - هو لقد خذلني شعرت بخجل كبير من تصرفاته - لانه لم يفك رقبتك او شيئا من هذا القبيل ظ وافقت ساره لقد تغيرت ساره كثيرا في اليونان - لنقل انه لم يقم بأي محاولة لفك رقبتي رالف كان قتلني على الفور شع بريق سرور في عيني فاليري ولكنها لم تعلق بأي كلمة, كانتا مشغولتين بصنع القهوة والحليب لفترة جلستا سوية حول طاولة صغيرة في المطبخ وقالت فاليري بنبرة غريبة - هذا اعتراف خطير صادر عنك - أي اعتراف؟ - تقولين رالف يقتلك من فترة زمنية قصيرة كنت تقيمين الأرض والسماء لفكرة كتلك كنت لا تسمحين له بان يضع اصبعا عليك صبت القهوة : لقد تغيرت كثيرا يا ساره , انت لست ساره التي اعرفها من قبل - كيف تغيرت؟ - اصبحت شخصا آخر هل هو رالف ؟ قلت انه لايحب زواجه منك - هذا صحيح هو لا يحب زواجه مني ولا يهتم بي ولا يجدني جذابة ابدا - انها ليست المرة الأولى التي يجرح فيها رجل كبرياء امرأة بعد اكتراثه بها - انا لست مستاءه ! اكتشفت ساره بالنهاية انها غاضبه من نفسها لانها تحبه ضحكت وقالت : هل تعتقدين يا فاليري انني احب رالف؟ تعجبت فاليري: - وانت لا تصدقين؟ - سيكون ذلك بغيضا سيجعلني ملكا له - تتكلمين عن الملكية وماذا عن بقية الاشياء الممتعة !كل شئ مع الحب ممتع قالت فاليري وهي تشير الى الفوضى حولها : حتى هذا جزء من الحب ولا اهتم له لأنني انتهي من عملية الغسيل في وقت قصير وبعد ذلك اتمتع بالأشياء الأخرى الجميلة كانت فاليري تتكلم بصدق عن سعادتها وبدأت ساره تحسدها على ذلك تذكرت اديل وشحب وجهها - انت لا تفهمين رالف لا ينظر الي مرتين - انا لا اعرف السبب انك جميلة وغراهام يراك جميلة ايضا احمرت وجنتا ساره وهزت رأسها بأنها غير موافقة - انت اجمل يافاليري - هراء انني انسانه عاديه جدا بالقياس اليك - اعني جمالك الداخلي رشفت ساره من قهوتها : ان داخل المرأة اهم بكثير من شكلها الخارجي انا لست كذلك - وانت ايضا جميلة من الداخل بالرغم من مضهرك الخارجي كنت احس جمالك الباطني دائما لقد تغيرت كثيرا الآن , هل ستكونين سعيده لو احبك رالف؟ - نعم نعم يا فاليري سأكون سعيده جدا كانت ساره مدهوشة من اعترافها ابتسمت فاليري بذكاء - لن يحبني شربت ساره قهوتها واختنقت وهي تبلعها : لن يحبني رالف ابدا **دمعة واحدة لا تكفي!** بعد ان تركت ساره فاليري زارت صديقة اخرىوتغدت معها , ثم انتقلت لزيارة صديقتين وقبل الرابعة بعد الظهر قررت ان تزور أثار الدير, العزلة هناك ووحشية الصخور المرتفعة والهواء البارد يناسب مزاجها الحالي , منذ اعترافها لفاليري وعقلها في دوامة من التأملات , كانت تعرف حقيقة مشاعرها منذ فترة ولكنها كانت تحارب هذه الحقيقة في داخلها, والأن اعترفت ولا يمكنها النكران الريح عاتية وباردة , كان شعرها يتطاير في الهواء وكذلك ثوبها , انفردت بنفسها بين الأثار ووصلت الى طرف الصخور الشديدة الأنحدار , نظرت الى اسفل حيث الأمواج تتصارع على الشاطئ ابتعدت قليلا ليس من الخوف ولكن الريح شديدة وتنخر العظام, لفت ساره نفسها جيدا بمعطفها وجلست فوق احجاره , كانت تفكر وتتأمل , لماذا زج لرالف نفسه في حياتها ؟لماذا يحب فتاة غيرها ؟ أي حياة تنتظر معه؟ تذكرت فراشها القاسي الذي تنام عليه , يا للذل لو كان رالف زوجها حقا انه اناني ومستبد ولا قلب له , لن تستطيع عراكه او الأنتصار عليه , اعترفت , الأن لم تعد سيدة نفسها كالسابق , ماذا ستفعل لو كان زواجها عاديا وطبيعيا ؟ لن يكون طبيعيا ابدا , لن تحتمل معاملته لها , انها حقا محظوظة لأن الزواج بينهما ليس عاديا مالت الشمس للمغيب وقامت ساره لتنزل السلالم , شعرت انها تنزل الف درجة وصلت اخيرا لنهاية السلالم , كانت تقطع الطريق عندما التقت رودي , لقد نسي كليا الطريقة التي افترقا بها اوالأسباب , حياها بحماس وأمسك يديها وهو يكلمها - ساره ! هل هذه انت؟ كيف حضرت الى هنا؟ ماذا تفعلين؟ هل أنت في زيارة؟ لماذا انت وحدك التفت حوله ثم صمت قليلا , هل تركته وعدت لبيت اهلك؟ افلتت سره يديها من قبضته وابتسمت له رودي لا يستطيع ان يتغلب على ضعفه هذه طبيعته - لا يارودي لم اترك رالف ونحن هنا في زيارة للأهل سنبقى ليوم او اثنين نظر حوله مرة ثانية مستغربا وقال: - ولكنك وحدك؟ - رالف يزور اهله وانا ازور فاليري وبقية الصديقات , افترقنا هذا اليوم , وسأعود الأن للبيت لقد وعدت بالعودة قبل العشاء كان الهواء باردا , لفت ساره نفسها في معطفها , ولاحظ رودي ذلك وقال لها: تعالي معي نتناول الشاي يا ساره لم يحن وقت العشاء بعد سأوصلك بسيارتي لمنزلك قبل موعد العشاء - لا اعتقد ذلك - نذهب الى مكانك المفضل , تعالي ياساره تحتاجين لفنجان من الشاي , انك ترتجفين من البرد - نعم اشعر بالبرد, اعترف - اذن تأتين معي؟ كان صوته يقطر محبة أمسك بذراعها بلطف ورقة يداعبها بحنان لم تكن ساره متحمسة لمرافقته ومع ذلك وافقت , كان ملحا في طلبه, وهذا ما تحتاجه لمداواة كبرياؤها المجروحة رودي يعطيها الثقة بنفسها وبأنها مرغوبة على عكس زوجها الذي يصر على انها تفتقر لأي جاذبية او جمال جلسا في مقهى صغير . أحست ساره بدفء نظرات رودي وقد امطرها بعبارات المديح والأطراء, مر الوقت سريعا انضم اليهما بعض المعارف والاصدقاء وضج المكان بالضحك والمزاح... كالسابق. تذكرت ساره حياة الحرية والمرح قبل ان يدخل رالف حياتها ويعقدها...بل ويوجع قلبها. شعرب ساره بكره لحياتها في اليونان, انها تأنفها لمرارتها . لماذا انتقم منها رالف? كان حق من حقوقها المشروعة ان ترفض اليكس, ستخبر رالف القصة يوما ما وسيعرف عندئذ انها لا تستحق الانتقام وربما سيندم على مافعله معها . يندم بمرارة, لا... هو لا يعرف معنى الندم في حياته. - قولي نعم ياساره. زوجك لن يمانع, مرة واحدة فقط. كان احد افراد الشلة يخاطبها وهي سارحة في تأملاتها كعادتها. سألت واحد منهم: - ماذا? - استفيقي . قال رودي يحاول استفزازها: انت تحلمين في النهار, سنذهب الى العشاء في مطعم الزرع, الشلة كلها تريدك, تعيد ذكريات الماضي. - لا أستطيع, وعدت ان أعود قبل العشاء سيخيب أمل والدي. قال رودي وهو ينظر اليها عن كثب: - ظننت انك وعدت زوجك للعشاء. -نعم يارودي, وعدته ولن استطيع ان ارافقكم. لقد تذكرت ساره هذا المطعم الذي أخذها اليه رالف ليلة زواجهما , تذكرت ان رالف أخبرها عن اديل هناك. لاتربطها بهذا المطعم أي روابط عاطفية تريد ان تتذكرها. قال احد افراد الشلة ملحا: - تعالي, انها مرة واحدة سنخرج فيها معك, نمرح ونستعيد ذكرياتنا. - لا أعرف, الأمر صعب جدا. كانت تفكر ساره بوالدها.ماذا سيقول لو بقيت علي العشاء مع اصحابها بدون رالف? - لا شئ صعب عليك. قال رودي يحمسها: سأصحبك للبيت الآن ثم امر عليك بعد ان تبدلي ثيابك. بقيت ساره تصر على الرفض والشلة بأكملها تقنعها, أحست بأنها مرغوبه وهو أحساس مثير لم تعرفه منذ تزوجت. - لا أعدكم ولكنني سأرى ردة فعل والدي, اذا كان لا يوافق فلن احضر. -حسنا. قال رودي: الن يمانع زوجك? - لا. لن يمانع ابدا. أوصلها رودي الى البيت ووعد بأن يمر عليها في المساء. - لن اعدك, ولكن سأحاول جهدي مع والدي, اذا فشلت سأتصل بك هاتفيا معتذرة. كلمت ساره والدها بأمر العشاء مع اصدقائها القدامى ولدهشتها تفهم الوضع ولم ير ان هناك أي مشكلة او خطأ في تصرفاتها, انها امسية واحدة ستمضيها مع اصحابها القدامى. - انت لم تريهم منذ فترة طويلة, سيكون ذلك مسليا لك. ورالف لن يرغب في مرافقتك لأنه لايعرف احد منهم, هو جدي ورصين وأكبر سنا منهم, طباعه تختلف عن طباعهم. -وانت ياوالدي, هل انت متأكد بأنك لاتمانع في عدم مشاركتي لكم عشاءكم. - نعم ياعزيزتي, اذهبي وتمتعي بوقتك, فرصة ان تجتمعي بهم مرة قبل سفرك. استعدت ساره للعشاء اخرجت فستانا كانت تركته في انكلترا و لم تحمله معها الى اولمبيا. لأن رالف لايوافقها على ارتداءه, كان مفتوحا عند العنق وقصير جدا. ارتدته بسرعة وهي خائفه ان يحضر زوجها ويراها على هذا الشكل قبل ان تغادر, حضر رودي لحسن حظها قبل رالف وضعت ساره حول عنقها فراء ثمينا وركبت السيارة قربه وانطلقت مسرعه بها. خلال العشاء اقترح أحد افراد الشلة ان يكملوا السهرة في منزل رودي حيث تقام حفلة كبرى. تحمس الجميع لهذة الفكرة , قامت ساره تتصل بوالدها لتخبره أنها ستتأخر في الحفلة ولن تعود الا في الساعات الأولى من الصباح , قال والدها: - لا بأس يا عزيزتي , كنت دائما تسهرين في السابق معهم وتتأخرين , انا افهم ولكن ما رأي رالف بالأمر ؟ هل يمانع؟ - لا اظنه يمانع انه لطيف ولن يرضى ان يزعجني او يمنعني من التمتع بسهرتي مع اصحابي , لن يهتم حتى لو بقيت الليل بطوله خارج البيت - حسنا , سنراك وقت الفطور غدا صباحا - نعم اعتقد ذلك, اين رالف؟ - انه يلعب البليارد مع شقيقك باري فوق تناولنا عشاءنا باكرا وهما يمضيان الوقت باللعب- اوه تنهدت ساره فرحة من حظها ان زوجها بعيدا عن التلفون: مساء الخير انتبه لنفسك يا والدي - وانت يا عزيزتي انتبهي لنفسك مساء الخير خلال السهرة وجدت ساره ان الحفلة لا تروقها , لم تكن كما انتظرت الوقت يمر ببطء وبدأ الملل يتسرب لنفسها , سألت رودي ان يوصلها الى البيت لانها غيرت رأيها ولن تذهب الى منزله لتكمل الحفلة مع الشلة هناك - تعودين للمنزل في هذا الوقت المبكر , يا الهي ماذا حصل لك يا ساره كي تتخلفي عن حضور مثل هذه الحفلة؟ كان اغلب اصحابها في حلبة الرقص , الجو خانق وسحب الدخان تزيد المكان تلوثا , تذكرت ساره هواء اولمبيا النقي ورائحة الحور الذكية كان عليها ان لا تحضر معهم اذ لم تعد هذه الحياة تعجبها, كان لابدمن تذوق طعم الحياة الماضية مرة ثانية لتتأكد من انها لا ترغب فيها ابدا , الآن تعرف جيد الحياة التي تريدها والتي تعجبها , حياتها الجديدة ليست ملكها بعد اليوم , بلعت ريقها بصعوبة - يجب ان اعود الى البيت يارودي انني متعبة ولا استطيع ان اكمل السهرة معكم في منزلك يدأ رودي يتأفف بطريقة وقحة, أراد ان يجرها اليه بقوة , لكنهاابتعدت عنه ماذا كانت تحب فيه؟ بدأت تتفحص شكله الشاحب وذقنه الطويل ولون عينيه , كيف كانت ستمضي العمر برفقته؟ ارتجفت لهذه الفكرة , نعم كانت ستكون هي الآمرة في علاقتهما ولكن فجأة احست انها ممتنة لرالف لأنه انقذها من الزواج برودي انها مدينة لرالف بهذا الفعل , نعم لقد انقذها منه ! ابتسمت وهي تتذكر رالف تتذكر اهانته لها يوم خطفها , يومها تمنت ان تفلت من اسره وكانت تجهل ان اليوم سيأتي حين تشكره لما فعله معها يوم اجبرها على تمضية الليلة برفقته على متن السفينة( حسناء المحيط) خذني على فورا الى البيت يارودي , تسمرت في المرقص, لقد اكتفيت عدت لا احتمل المزيد قال رودي : - حسنا ياالهي ماذا يريد هذا الرجل ؟ كان يتلمس فكه الذي كاد ينخلع من وجهه بعد ان سدد له رالف ضربة قوية, التفتت ساره والتقت عيني زوجها السوداوين والشرر يتطاير منهما كان رالف يقف في وسط المرقص قربها تذكرت انها لو لم تكن واقفة هناك لكان تقدم وجرها من مقعدها بنفسه , خافت وتقدمت منه , نسيت ما حل برودي ونسيت كذلك بقية الشلة - والدي هل حدث له مكروه ؟ شحب لونها قلبها يضرب بشدة وسرعة: - هل مات؟ -قال رالف غاضبا: - لا اجلبي سترتك بسرعة! - والدي نوبة - هو ينام في فراشه اجلبي سترتك! كانت كلماته تخرج من بين اسنانه ,كان برجا من الغضب , لماذا؟حتما ليس لأنها ترقص مع رودي والأصحاب فهو لا يهمه ما تفعل, لا يكترث لها ولا مرة سألها اين تذهب او مع من كان صوتها يرتجف: - لماذا حضرت؟ - هل تحضرين سترتك ام نذهب بدونها؟ صوته خشن يثير الرعب , تذكرت خوفها منه يوم كانت طفلة تلهو على الشاطئ ,كان يتقدم باتجاهها فتركض خائفة منه ولا تقف الا عندما تبتعد عنه مسافة كبيرة كانت تخافه وتعتقد انه يسر لخوفها لا تستطيع الآن ان تهرب منه , وقفت ساره تتحداه بعد ان تأكدت ان لا مكروه قد حصل لوالدها لماذا اقتحم السهرة , لماذا أراد ان يظهر استبداده لها امام رفاقها , لن تتحمله, لقد حضر حتما لاهانتها امام اصحابها وشلتها - لن اخرج الآن سنذهب من هنا للسهرة في منزل رودي , لا اعرف متى اعود للبيت! كانت واثقة ان بعض الناس حولها بدأوا يهتمون للمشهد , بعض رفاقها تجمعوا حولها, كذلك حضر بعض الخدم ومعهم شخص ضخم الجثة ينتظرون ان يطرد رالف خارج الفندق اذا اقتضى الأمر - هل ستحضرين ؟ أم أجرك الى الخارج! كانت ساره تعرف جيدا انه يعني ما يقول, لقد غلبت على امرها مرة ثانية , عليها ان ترضخ للأمر الواقع , لا يمكنها ان تثير فضيحة امام الناس ستشعر بالأهانة حتما نظرت الى رودي وودعته وهي تؤكد له بأنها ستراه مرة ثانية , لم تودع الأخرين لأن رالف نفد صبره بدون شك خافت ان يتفذ تهديداته ويجرها خلفه جرا استعار رالف سياره باري ركبت السيارة قربه - ماذا تقصد بعملك هذا ؟ تعاملني هكذا مام أصدقائي , انا حرة أفعل ما اريد , لا يحق لك ان تتدخل في حياتي؟ - لي كل الحق انا زوجك - انا لا اتدخل في حياتك, قلت لي انني استطيع ان افعل ما اشاء - غيرت رأيي انطلقت السيارة في الطريق العام ثم انعطفت الى طريق جانبية وجد رالف مكانا واسعا فأوقف السيارة وقال: - الآن سنتشاجر هنا, لا نستطيع ان نوقظ كل اهل البيت على صراخنا - انا لا ارغب في الشجار معك, ولكنني اريد ان اعرف السبب الذي جعلك تلحق بي هل لحقت بي لأهانتي أمام اصدقائي؟ - وانا ايضا اريد ان اعرف لماذا قلت لوالدك انني لا اهتم اذا امضيت الليل كله خارج البيت؟ سألته: -أليس هذا صحيحا ؟ - لا ليس هذا صحيحا؟ هدأغضب ساره قليلا, اعتقدت انه يغار عليها , ربما هي مخطئة هو لا يريد ان يثبت سلطته عليها او يشعرها بقوته, فقد برهن لها مرارا عن سلطته وقوته في السابق , هل يعني انه بدا يهتم لما تفعل؟ انه ولا شك يهتم بها ليحضر في الليل ويعيدها للبيت نظرت اليه بعفوية وقالت بحنان: - رالف لماذا اتيت خلفي هذه الليلة ؟ كان صوتها يرتجف مثل رفيف قلبها : لم تأت لأهانتي؟ تكلم رالف اخيرا بعد ان ذهب الغضب عنه ولكن صوته مازال قاسيا: - لن أصرف وقتي في التدخل بتصرفاتك البذيئة حضرت لأنني لا اريد ان اظهر كأنني رودي آخر أي نوع من الرجال انا كي اسمح لزوجتي بالبقاء خارج البيت ؟ لا احب ان يعتفد آل مالفرن بأن ابنتهم تديرني باصبعها وتتصرف على هواها قالت ساره وقد تملكتها خيبة الامل : - اذن حضرت لتحمي ماء وجهك من اجل المظاهر! ألقت برأسها الى الوراء لماذا سمحت لهذه الأفكار ان ترد لذهنها ؟ لماذا تأملت انه ربما بدأ يهتم بها بل يغار عليها , فهي تعرف بأنه لا يحبها بل يكرهها بشدة لقد تغيرت كثيرا وظهرت على حقيقتها لطيفة وحساسة ومحبة الآن مهما حاولت معه من جديد فلن تستطيع ان تغير أي شئ في حياتها معه تعجبت من اهتمامه المفاجئ بها ونسيت وجود اديل في حياته حتى لو أحبها رالف ستشاركها اديل في حبه دائما - لا احتاج لانقاذ ماء وجهي , الجميع بمن فيهم آل مالفرن يعرفون أنني استطيع قيادة زوجتي حسب رغبتي ثم أضاف بلطف وحزم : هذا يعني انك ستنفذين أوامري بحذافيرها لنهاية زيارتنا عند أهلك اذا خرجت فستخرجين برفقتي , واذا بقيت في المنزل فستبقين معي قال باري يخاطبها وينتظر منها الشرح الوافي : - كيف كانت الليلة الماضية ؟ انتظرت ان تصرخي طلبا للنجدة نظرت ساره اليه عابسة : - ماذا تقصد؟ - رالف كان كالشيطان من شده غضبه حين ترك المنزل , أويت انا الى فراشي , لم ارغب ان اشاهد الشجار الذي سيحدث بينكما ماذا قال؟ أحمرت وجنتا ساره ثم هزت كتفها بدون اكتراث وسألت: - لماذا تأخر في الحضور؟ لقد اتصلت بوالدي قبل ذلك الوقت بكثير بقينا نلعب البليارد لفترة حين نزلنا كان والدي على وشك النوم , اخبره ان لا ينتظرك قبل ساعات الصباح الأولى لأنك ستذهبين لحضور حفلة مع رفاقك في منزل رودي , ياالهي , تعابير وجه زوجك أصبحت مخيفة , كنت انتظر فعلا ان تستدعيني لحمايتك منه سألته : - وهل كنت تستطيع حمايتي ؟ - هل تراهنين ! لن اترك أحد ابناء آل لينغارد يضرب شقيقتي! ضحكت ساره من قوله وقالت: - لن يضربني يا باري , لا تنزعج لهذا الأمرمرة ثانية - لست متأكدا وهو على تلك الحالة من الغضب والهيجان ربما هدأ غضبه حين وصل الى المطعم كنت أخاف ان تكون الشلة قد انتقلت الى منزل رودي فرالف سيكون مجبرا على اللحاق بك الى هناك , هل تتصورين منظر الزوج الغاضب يجر زوجته من منزل خطيبها السابق؟ تنهدت ساره ورضخت لطلبه وأخبرته ما حصل بأقتضاب , نظر اليها باري وسألها بفضول : - كم مرة احتملت انفجار غيرتة ؟ دهشت ساره لسؤاله : ليس هناك ما يدهش وانت بهذا القدر من الجمال وهو من آل لينغارد, هم متوحشون - ليسو أسوأ منا هل تعتقد فعلا انها الغيرة؟ - بدون ادنى شك لو كنت مكانك احترس اكثر من اثارة غيرته لانه من غير المعقول ان تثيري غيرته وغضبه بهذا الشكل ؟ ربما يفقد رباطة جأشه يوما وستكونين انت الخاسرة لم تسمع ساره ما قاله باري كانت تتلذذ وهي تفكر بأن زوجها يغار عليها , بأنه يهتم بها ليمنعها من السهر مع اصدقائها في حفلة رودي وأن شقيقها باري يؤكد لها غيرته عليها تمتمت كأنها تفكر بصوت مسموع: -ألم تظهر عليه الغيرة من قبل - هي أول مرة تظهر عليه الغيرة , اليس كذلك؟ ربما لم تعطه فرصة ليغار عليك من قبل , واذا قبلت نصيحتي لا تحاولي مرة ثانية اثارة غيرته فربما يضربك يوما ما - سأحمي نفسي بنفسي لو حاول ! -تستطيعين ذلك مع شخص غيره ولكن ليس معه انه من آل لينغارد كلهم اقوياء وهو الأشد الا تذكرين كيف التقيتما ؟ كنت دائما تفضلين رجلا سهل القيادة صمتت قليلا ثم سألها : اخبريني يا ساره كيف تورطت معه؟ - انت تعرف كل شئ قالت وهي تغض بصرها ورأسها الى الأرض خجلا - اعرف انك أمضيت الليل معه ولمن كيف تعرفت اليه؟ نظرت اليه وأحمرت وجنتاها كان زوجها يقف في الباب , نظر هو الآخر ورآه انزعج باري كثيرا لأن صهره قد سمع ما دار بينهما من حديث , تقدم رالف الى ساره وتكلم معها بلطف : -هل تتركينا قليلا يا ساره؟ أريد ان اتحدث مع باري على انفراد - طبعا نهضت من كرسيها وهي تتساءل عن موضوع الحديث الذي سيدور بينهما ثم خرجت في وقت لاحق أخبرها رالف انه افضى بحقيقة علاقتهما الى شقيقها باري , أخبره القصة بحذافيرها قالت متضايقة: - هل اخبرته انك خطفتني ؟ لماذا ؟ سيخبر والدي بالأمر قال رالف : - كنت اريد ان اخبر والدك بنفسي حان الوقت ليعرفوا الحقيقة هزت رأسها غير موافقة وهي تتأمل وقالت: - ولكن لماذا؟ - لأنني لا ارغب في ان يظن أهلك بأنك فتاة مستهترة عابثة - انت تهتم بما يفكر أهلي بي , أنت فعلا ترغب في ان يعرفواالحقيقة وانني لم افعل أي شئ يسيئ الى سمعتي؟ قال بجدية: - نعم يا ساره, انا يهمني هذا الأمر - كيف تقبل باري هذه الحقيقة؟ الم يغضب منك او يثور؟ ضحك رالف لكلامها وأجاب : - كنت اعتقد انه سيطردني ولكننا نعيش في عصر متمدن والا لكنت خسرت زوجك وشقيقك في معركة تدور بيننا - كنت ستقاتل حتى الموت من أجلي ؟ نظرت اليه خجلة : لم يكن لدي علم بأنني اساوي كل ذلك نظر اليها عابثا وكانت هي راضية مطمئنة قال: - هل ترغبين في بعض المديح؟ ابتسمت قليلا , قالت: - انت آخر رجل انتظر مديحه كانت تتمنى ان يكون اول رجل , بل الرجل الوحيد الذي يمدحها صمتت لفترة , ثم قال بصوت رقيق حنون لم تسمعه ساره يتكلم بهذا الأسلوب من قبل - سأفاجئك يوما ما يا ساره ماذا عني بهذه الجملة ؟ نظرت ساره الى وجهه الاسمر الوسيم, بدأ رالف يعود لطبيعته الأخرى التي تعرفها جيدا عاد لقساوته وصرامته , عاد لشكله الذي امرها ان تحضر سترتها والا سيجرها جرا من الفندق ان لم تنفذ رغبته لماذا ترغب في اهتمامه بها؟ لن تكون حياتها سعيدة معه لو مارست معه حياة زوجيه طبيعية لو اصبحت زوجته سيكون مستبدا لا يحتمل سيخضعها في كل لحظة , وسيطلب منها تنفيذ جميع رغباته متى اراد لقد تغيرت ساره كثيرا, انها ترغب فعلا ان يهتم بها رالف وان يتخذها زوجة حقيقية له, مالذيغيلرها؟ هل في بلاد اليونان؟لا لا انه رالف , هو الذي غيرها عن قصد وعن تعمد , غيرها بدون ان تدري , لقد قرر ان يغيرها وان يسحق كبرياءها ويفتنها , لقد نجح فيما اراد , لو تخبره بالتغيير الذي تشعره سيسر ويعلن انتصاره كيف قام رالف بهذا العمل؟ حاولت ساره ان تتذكر ماهي الوسائل التي استعملها والتيس مكنته من تغيير طباعها واخلاقها؟ كان يذيقها المتعة في جرعات صغيرة وفي اوقات متقطعة يريها عينة مما يجب ان تكون حياتها برفقته لو كان زواجهما طبيعيا ويضعها في مواقف عديدة لا يكون لها فيها أي خيار سوى الرضوخ لمشيئته ورغبته كان في تلك اللحظات مصمما على تليينها لتلبي طلباته ورغباته وقد نجح بالرغم من مقاومتها لشديدة والعنيدة هناك أوقات يحتقرها ويزدري انوثتها ويشير الى عدم اكتراثه او لامبالاته بجمالها وجاذبيتها هل يعقل ان زوجها قد صمم على تحطيمها ؟ انه ذكي وداهية , انها تذكرخططه في تمثيلية الانتقام منه , ثم تذكر كيف أعاد الحراب الى نحرها حين رغبت في النتقام منه وتحميل ضميره الشعور بالذنب بدأت تثور , حاولت ان تهدئ من روعها , ان عزة نفسها لا تقهر, نظرت اليه: - لو اكتشفت انك انت انت ولكنها لم تكمل جملتها سألها رالف مستفسرا: - نعم؟ - اعتقد بأنك صممت على تغيير طباعي! - انا اغير طباعك؟ سألها ببراءة: عن ماذا تتكلمين انا لا افهم - كنت تفعل ذلك كل الوقت اوه انا اكرهك! - عزيزتي ساره, لا اتحمل نوبة جديدة من نوبات غضبك , ليس هنا , اعتقدت انك تحسنت كثيرا وشفيت منها - تحسنت! نعم هذا ما كنت اقصد , كنت تحاول عن عمد ان تحسن اخلاقي وطباعي توقفت كذلك كان زوجها صامتا ينتظرها ان تكمل حديثها : استطيع الآن ان ارى كل شئ بوضوح منذ البداية ركزت همك كله على اخضاعي وتحطيم كبريائي وجعلي متواضعة - هل تستطيعين ان تشرحي ذلك؟ حاولي ان تهدئي من روعك وفسري لي تفسيرا عقلانيا , اخبريني عن الخطة التي اتبعتها معك من أجل ان اجعلك متواضعة - لقد صممتها بمهارة وحذق , صممت على ترويضي , هذه هي الكلمة المفضلة لديك اليس كذلك؟ كان صوتها يرتجف ولكنها استطاعت ان تبقي غضبها في داخلها ك لقد فكرت بطريقة ذكية واستعملت الوسائل الناجعة كيف يمكن ان اكون بهذا الغباء ! - وهل تعتقدين بالفعل انني اضيع وقتي معك ؟هل تقترحين انني أبذل جهدا لتحسين اخلاقك وكبح جماح طباعك الوحشية؟ انت على خطأ لن اضيع وقتي في هذه التجربة كي اصنع منك فتاة طيبة ضحك وقد احمر وجهه من الأنفعال ثم اكمل : لا يا عزيزتي ساره لا اقبل على نفسي أي مهمة مستحيلة زاد بريق عينيها انجرحت كبرياؤها من كلماته القاسية كيف يتلون هذا الرجل في تصرفاته و منذ لحظة كان رقيقا حنونا عطوفا محبا وقال بأنه سيفاجئها يوما ما نظرت اليه تتفحصه عادت تعابير وجهه من جديد تختلف عما كانت عليه , هل هي تتخيل ذلك ؟ هل ندم عما قاله لها؟ مد رالف يده لها كأنه يخاطبها ولكن لسؤ حظها شعرت بالدموع تكاد تسقط من ملآقيها , اسرعت خارجة من الغرفة تمسح دموعها فوق السلالم , لا يمكن ان يرى دموعها ابدا ماالذي اراد رالف ان يقوله ؟ هل كان يرغب فعلا بالأعتذار ؟ ابعدت هذه الفكرة من رأسها , ربما كان يريد لها اهانة جديدة او جملة تحمل في طياتها المزيد من المرارة والكراهية لا يمكن لهذا الرجل ان يقول لها أي شئ جميل **سأبكي على صدرك حتى أموت** وصل رالف وساره الى اولمبيا مع حلول الظلام يوم الأثنين , كان الوقت مبكرا وطلبت ساره منه ان يرافقها الى المقام الأثري بالقرب من المنزل , رفض رالف لأن لديه بعض الأعمال التى يريد انجازها, تناولا العشاء ثم اختفى في مكتبه ولم تره تلك الليلة في صباح اليوم التالي كررت طلبها بعد الفطور ولكنه اعتذر مجددا , سيذهب الى لينغاديا ليرى اديل , اقترح رالف: - اطلبي من هايلي ان ترافقك ثم تأبط تحت ذراعه ملفا سميكا, تمنى لها صباحا ممتعا وغادر المنزل , لماذا يحمل معه كل هذه كلما ذهب لزيارة اديل؟ تعجبت , انها واثقة بأن هذه الملفات لعمله ومن الغريب ان يحملها معه بعد ان غادر رالف البيت ذهبت ساره تتمشى وحدها قرب البيت , كانت فرحة بجمال الطبيعة حولها , الصباح جميل والشمس مشرقه والهواء نقي منعش , انه بيتها ولا ترغب عنه بديلا لقد سرت في انكلترا في منزل والديها ولكنها افتقدت منزلهاالذي احبته كثيرا , هنا في اولمبيا منزلها, طقس الخريف بدأ يؤثر في المزروعات , قريبا تغطي الثلوج المرتفعات حولها, مازال العشب خضر والنهر ينساب ببطء في الوادي , ستفيض الأنهار في الربيع نظرتالى جبال اركاديان الوحشية حيث ثلوجها الشتوية ستغذي مياة الأنهار وتسقي سيولها الذائبة الوادي بأكمله دخلت المقام الأثري , هناك لعض الأشخاص يتجولون , الوقت مبكر لحضور السياح سيبقى الحال هكذا من الآن فصاعدا , قلة من الناس يحضرون الى المقام الأثري , عما قريب سيختفي كل الأغرابي من هذا المكان بانتهاء موسم السياحة بقيت ساره تتمشى لفترة طويلة بدون هدف , دخلت الى حيث كانت تقام الألعاب الأولمبية منذ الف سنة تقريبا, الأثار الملقاة وسط الأشجار تزيد معالم الطبيعة رقة وسكونا , المنحدرات وكتظة بأشجار الحور والسرو تجري من بينها الأنهار لتصل الى اسفل الوادي جلست ساره على قطعه من تمثال محطم ملقي على الأرض شعرت بالسلام والطمأنينة الشعور نفسه الذي احسته يوم قامت اول مره بزيارة هذا المكان برفقة رالف, قديما كان الاعبون يحضرون الى هذا المكان قبل عشرة أشهر من موعد الألعاب , يسكنون هنا ويتمرنون ويعدون انفسهم للتنافس أمام جمهورغفير من اجل الحصول على مرتبة الشرف , ليس للاعب بل لمدينته كلها ولعشيرته ولأهله, كان الرابح الأول يتّوج ويرتفع تمثاله بين تماثيل الأبطال أمثاله , الأبطال الذين ربحوا المسابقات في الألعاب الهيلينيه اسابقة حدقت ساره من جديد في هيكل زيوس وأعمدته الضخمة وقد دمّر الزلزال معظمها , يقع الهيكل في منطقة التس , كان ضخما جدا ابان عظمته , ومزهريتان كبيرتان من الذهب تزينان السقف في مكان آخر كان هيكل حيرا وهو من اقدم الهياكل في اليونان فيه تمثال لرمز الجمال هرميس والطفل ديونيسوس الذي كان ملقي قرب قاعدة التمثال الذي صنعه النحات براكستيليس وهناك أبنية أخرى لجهة الغرب منها الاستاد الكبير والبالسترا ومعمل النحات فيدياس وهو من أشهر نحاتي اليونان قاطبة وتزين أعماله معظم المكان الأثري هناك بدأت ساره تمشي ياتجاه القرية وقررت ان تزور هايلي كانت هايلي في الحديقة تعشب , حين وصلت ساره توقفت عن العمل وجلست واياها في ظل شجرة وارفة - سررت كثيرا لرؤية والدي ولكنني سعيدة برجوعي الى البيت -هكذا يكون شعوري حين اذهب لزيارة أهلي , أصبحت أحب هذا المكان كثيرا سألتها ساره بفضول: - كيف حضرت الى هذه البلاد؟ - أتيت الى اليونان للمغامرة او ربما للتعرف على بلاد اخرى غير بلادي, صديقة او اكثر من صديقاتي وجدن عملا هنا,ظننت ان ذلك مناسبا لي قبل ان استقر نهائيا, رغبت في ان اتفرج على العالم الخارجي ضحكت هايلي : كنت ارغب في ان اعمل فترة في اثينا ثم انتقل لمكان آخر وهكذا , لكنني لم افلح ’ التقيت مانولي قبل نهاية السنة وتزوجنا سألتها بتردد: - واديل هل كانت تعمل معك في المكتب نفسه ؟ حولت هايلي نظرها الى الساعة الشمسية الموجودة في وسط الحديقة , تشاغلت بالنظر اليها , ندمت ساره على ذكر اديل لأنه من الواضح لها ان هايلي لا ترغب في الحديث عنها , اخيرا, قالت هايلي وهي تنظر الى ساره باستغراب : - الم تخبرك اديل أي شئ عن نفسها ؟ اعتقدت انها صديقتك؟ الموقف حرج للغاية هايلي تعرف من دنكان ان اديل ليست صديقتها بل هي صديقة رالف , لقد ذكر دنكان هذه المعلومات لشقيقته واكد لها ان هايلي كاتمة أسرار وتحافظ على اخبار صديقاتها ولا تحب الثرثرة , احست ساره بأن هايلي لا ترغب في مواصلة الحديث عن اديل, كان من الصعب جدا على ساره ان تجي على سؤال هايلي وقررت ان تتجاهل الشق الآخر من السؤال: - لا اديل لا تتكلم معي عن نفسها -نعم , ان اديل منطوية على نفسها ولا تحب ان تتكلم كثيرا لكن رالف بالتأكيد قد أخبرك شيئا عنها؟ مرة ثانية وجدت ساره نفسها في موقف حرج ولا يمكنها الأجابة بصراحة على سؤال هايلي و ومع ان هايلي تكره الثرثرة الا انها اظهرت بعض الفضول في موضوع ساره, رالف , اديل , هذا المثلث وترابط العلاقة بين اشخاصه هايلي واثقة من اخلاق صديقتها اديل لكنها تبدي بعض الفضول , هل غيرت رأيها بأخلاق صديقتها؟هل بدأ الشك يساورها؟ هل هناك أي اساس في ما قاله دنكان على ان علاقة اقوى من الصداقة تربط اديل برالف؟ قالت ساره صادقة : - رالف لا يتكلم عن اديل ثم سألت هايلي اذا كانت تعرف كيف وصلت اديل للعيش في لينغاديا - هل تحمل اديل دما يونانيا ؟ هكذا يقول رالف! - اعتقد ان احد جدودها من اليونان , لقد ورث والداها هذا المنزل في لينغاديا منذ سنين , والداها عجوزان وتعيش معهما , كان والدها يصر على العيش في المنزل الموروث حين يتقاعد, مادياتهم جيده وكما تعرفين تعمل اديل عند رالف, من اجل تتسلى وتكسب مصروفها دهشت ساره للمعلومات الجديدة اديل تعمل عند رالف؟من اجل ذلك يحمل معه كل هذه الأوراق والملفات عندما يذهب لزيارتها؟ - انا لا عارف ماذا تعمل عنده! قالت ساره وهي تضحك من الدهشة: رالف يرفض ان يتكلم في شؤون العمل وعندما يحضر للبيت يترك العمل وراءه وينساه - اديل تساعده في مسك حساباته, تعمل في منزلها, كنت اجهل ذلك ولكنه اخبرتني بنفسها يوم التقينا في منزلكم , لماذا لا يبحث معك شؤون عمله؟ هذا غريب , مانولي يسرة ان يخبرني شيئا عن عمله يوميا وانا اريد ان اعرف عنه, وكيف يمضي يومه وانه جزء من الحياة الزوجية هذا صحيح ان الألفة بين الزوجين تزيد نتيجة هذه الأحاديث وتقرب الزوجين من بعضهما هذا مخالف تماما لما كانت تؤمن به ساره كيف كانت تعتقد ان الحياة مع شخص مثل رودي سترضيها مهما كانت عواقب زواجها من رالف وخيمة ومهما تفتقد من السعادة الحقيقية لأنها مدينة له في انقاذها منزوج تافة مثل رودي كانت هايلي صامته تراقب قمم التلال حدقت ساره بها, انها جذابه , وتبدو راضية سعيدة في حياتها الزوجية , التفتت هايلي فجأة وابتسمت , كانت سارحة بعيدا في افكارها هو الحب , انه يجعل المرأة نظرة حالمة ويملأها سعادة , هايلي سعيدة وكذلك فاليري , ربما كانت ساره ستجد الزوج المناسب لولم تكن تؤمن بأفكار غريبة بل غبية حين كانت تفتش عن رجل سهل القيادة , ولكنها وجدت فعلا الرجل المناسب لها انه رالف, وهي تريده بكل جوارحها , فهو سبب وجع قلبها وحزنها, مالفائده , هي تريده وهو لا يريدها؟ قالت هايلي تعتذر عن سرحانها: - انا ومانولي عاطفيان , ودنكان لا يحتمل حبنا - لا اعتقد ذلك - قالت ساره وهي تبلع ريقها : انه ممتع ان يحب الزوجان بعضهما مثلكما تأخرت ساره كثيرا في الوصول الى هذه النتيجة العاطفيه نظرت اليها هايلي وسألتها بتردد: - منذ متى تزوجت يا ساره؟ - منذ خمسة اشهر ساد صمت ثقيل , كانت هايلي تفكر ارادت ان تحل اللغز الذي يربط رالف بأديل انه الفضول - هل انت ربما لا استطيع ان اسألك هذا السؤال يا ساره؟ نحن لا نعرف بعضنا الا منذ فترة قصيرة , هل انت متضايقة من اديل؟ توقفت هايلي عن الكلام وهي تتمنى لو تشرح لها ساره الوضع بكامله , اكملت هايلي تقول ان دنكان يعتقد بأن علاقتة متينة تربط رالف بأديل, ساره بقيت صامته لا تعرف بماذا تعلق , اكملت هايلي حديثها: - لا يوجد يا ساره أي علاقة غير شريفة بين رالف واديل, انا واثقة مما اقول ان اديل فتاة عاقلة ومحترمة ولن تفعل أي شئ من هذا القبيل وجدت هايلي صعوبه في الحديث بخصوصيات اديل ولكنها اكملت : كانت اديل متزوجة من رجل انكليزي وقد افترقا منذ سنة ,ضاعت اخبارها عني بعد ذلك ولكن صديقة لي كانت تعمل معنا في اثينا اخبرتني قصتها بعد ان جعلتني اعدها بأن لا اخبر احدا , الآن وتحت وطأة هذه الظروف وانت تشكين من تصرفات اديل ارى من الواجب ان اظهر لك الحقيقة استمعت ساره بأهتمام الى هايلي ةهي تقص عليها بأختصار قصة اديل كما سمعتها من الصديقة قالت : - كانت اديل وزوجها ميشال سعيدين , في يوم من الأيام حضرت فتاة صغيرة تعمل معه في المكتب تبكي بمرارة لأن صديقها قد نبذها , امضت اليوم في البكاء بعد ان حطم قلبها اراد ميشال ان يواسيها ويفرج عن كربها فدعاها للغداء, وبعد ذلك اعتادا على الغداء سويةيوميا , ثم بدأ ميشال يسهر معها ايضا في المساء تمادت الفتاة في غيها ورغبة في الأستيلاء على ميشال وامتلاكه , كانت فتاة وقحة ولا اخلاق لها لأنها كانت تعلم منذ البداية انه رجل متزوج , تولدت علاقة بينهما, عرفت بها اديل وافترقت عن زوجها للحال, المأساة تكمن في ان ميشال ترك هذه الفتاة على الفور بعد ان عرفت زوجته بالأمر ولكنه لم يعد الى اديل لأنه خجل جدا من عمله - وهل لا تزال اديل تحبه ؟ كان صوت ساره يرتجف وكذلك كانت صديقتها - انا واثقة من ذلك, انهما يحبان بعضهما كثيرا ماذا تستطيع اديل ان تفعل اذا كان ميشال لا يعود من نفسه؟ هزت ساره رأسها موافقة , انها تمثيلية هزلية مضحكة يفترقان من بعضهما بالرغم من الحب الذي يربطهما سألت ساره بعفوية: - ولكن رالف ! لماذا يهتم بها كل هذا الأهتمام؟ تذكرت ساره كيف كانت تعاملها اديل على انها المفضلة عند رالف والمالكة لأموره واحيانا تكلمها بوقاحة وتسلط , طريقتها ليست طريقة انسانة لا تربطها برالف الا زمالة العمل , ثمرالف كان دائما يصرح لها بعلاقته بأديل , وبأنها افضل النساء لابد ان هايلي لا تعرف الحقائق كلها - لا أعرف كيف توصل رالف لمعرفة اديل ؟ - وانا ايضا لا اعرف حقيقة الأمر , لقد انقطعت اخبارها عني لفترة , التقيتها بعد ذلك عندكم في المنزل ودعوتها لزيارتي ولكنها للآن لم تحضر انطوى موضوع اديل بنهما مانولي سيحضر للغداء وكان على هايلي ان تسارع لتحضير غداء زوجها عادت ساره الى البيت كانت تعيد بذاكرتها حديث هايلي عن اديل لا بد ان هايلي تجهل الحقيقة, ان شيئا ما يربط رالف بأديل هي تشك بالأمر لنفترض ان اديل ماتزال تحب زوجها ميشال وكذلك رابطة صداقه هي التي تربطها برالف مانفع ذلك لساره؟ الم يصرح لها رالف مرارا بأنه يكرهها ولا يحبها وبأنها لا تمتلك أي جاذبية بالنسبة اليه؟ بعد موت والدها بشهر واحد كانت ساره تقرأ بقرب المدفأه وتتأمل لقد امضت اسبوعين برفقة والدتها في انكلترا ثم عادت الى بيتها في اولمبيا , الخريف حضر قبل موعده ,ساره تمضي معظم وقتها بالقراءه وتتساءل اذا كانت الحياة لن تقدم لها اكثر من ذلك منذ وفاة والدها اصبح رالف اكثر عطفا ورقة في معاملتها, كان يبقى معها في البيت اكثر من السابق ولكن في غرة مكتبه معظم الوقت بعد وفاة والدها اصبحت حرة في ان تترك اولمبيا وتعود لبلدها , ابعدت هذه الفكرة عن رأسها في البداية ومع مرور الزمن تأكدت انه من المستحيل ان تعيش مع رالف في بيت واحد لنهاية حياتها ولا تربطها به أي علاقة,عليها ان تعود لأنكلترا , زواجها ابدي وهي مستعده لتقبل هذا الواقع الأليم انها واثقة من حبها له ولن يكون في حياتها رجل غيره رسخت هذه الفكرة في ذهنها مع الأيام , وصلت لذروتها في مساء يوم من الأيام , كانت ساره على وشك ان تدخل غرفة الجلوس حيث كان رالف واديل يتحدثان , توقفت في الممر عندما سمعت اسمها يذكر, ولكنها لم تتبين ما قيل عنها, انصتت وسمعت الحوار التالي : قالت اديل -انت بدون قلب يارالف, انك لست عادلا - كل شئ في الحب عادل ياعزيزتي - هل انت مغرم بصبابة ؟ احست ساره بقلبها باردا كالثلج حين اجابها: - كأكثر الناس عشقا , عندما يحس الرجل انه يستطيع ان يهب المرأة التي يحب حياته ثمنا لهذا الحب ضحكت اديل وخيم صمت هل كان رالف يعانقها؟ هل انقطع الحديث بسبب عناقهما؟ سألت اديل : - اتساءل هل حبك بقوة حبي ؟ لا مقارنة او قياس , الحب عند النساء يختلف , غرامهن اعمق -لا لن اعترف بذلك ابدا , هن يظهرن حبهن بسهولة اكبر ويقدمن قلوبهن للرجل ببساطة, الرجل لا يعرف كيف يظهر حبه, ربما يتأثر الرجل بعواطفة كالمرأة ويتألم بسرعة مثلها انتبهي يا اديل كوني عطوفة رقيقة مع حبيبك -هكذا سأكون دائما وانت هل ستكون رقيقا وعطوفا مع حبيبتك؟ -هذا ما نويه صعدت ساره الى غرفتها مسرعة, لم تستطع ان تدخل غرفة الجلوس وتعكر عليهما صفو لقائهما , ستكون دخيلة بينهما في جلستهما الشاعرية بدأت لفورها ترتيب امر سفرها الى انجلترا, حجزت مكان لها بالطائرة وكتبت رسالة الى والدتها تخبرها بلياقة وحذر ان الأنفصال بينها وبين رالف انفصال دائم بدون طلاق قبل موعد السفر بيوم واحد ذهبت ساره لوداع هايلي , اخبرتها ما سمعته من حديث بين رالف و اديل - يجب ان ارحل واتركهما لسعادتهما كما كانا قبل حضوري, انا لم اخبرك كل شئ عن زواجي يا هايلي , اعتقد ان دنكان اخبرك ان زواجي من رالف لم يكن زواجا طبيعيا منذ البداية هزت هايلي رأسها موافقة كانت تفكر بجدية - انا لا اصدق ذلك عن اديل مع انك سمعت بنفسك الحديث الذي دار بينهما انا واثقة بأن اديل تحب ميشال كثيرا, لا اعتقد انها تهتم لأحد غيره لم تعلق ساره على حديث هايلي , لقد سمعت بنفسها كيف صارحها رالف بحبه وهي ايضا صارحته بقوة حبها, لقد وعد بأن يترفقا بحبهما, ليس هنا أي خطأ ودعت ساره هايلي ووعدتها بالكتابه ثم تركتها وذهبت الى المقام الأثري ارادت ان تمضي بقية يومها في جلسة وداعية تأملية في صباح اليوم التالي , يوم السفر , تناولت ساره فطورها مع رالف , انها آخر مرة لها برفقته , كانت حذرة جدا في حديثها معه ,تتمنى ان لا يتناحرا بالكلام , لاتريد ساره أي شئ , يعكر صفو ذكرياتها الأخيره معه انتهت من توضيب حقيبتها حين دخل رالف غرفتها نظرت اليه وهي تشعر بالذنب لأنها لم تخبره عن عزمها على الرحيل من قبل -- ظننتك ستخرج كالعادة هذا الصباح , كل يوم اربعاء تغادر المنزل لم يجب رالف عن سؤالها ركز عينيه السوداوين على حقيبتها فوق السرير وقد اكتسى وجهه شحوبا سألها وهو يدخل الغرفة ببطء: - الى اين ستذهبين ؟ تنهدت بعمق وهي ترتجف من الأنفعال: - سأعود لأنكلترا سأتركك الى الأبد - هل يمكنني ان اعرف السبب؟ هزت رأسها نفيا لا تنوي ساره ان تذكر له أي شئ عن علاقته بأديل - ان ذلك افضل لنا , لم اكن استطيع ان اتركك في حياة والدي كي لا اجرحه,الآن وبعد وفاته أصبحت حرة ولا يهمني أي شئ , سأتركك حرا كما كنت قبل حضوري وضعت تنورتها في الحقيبة واغلقتها : ليس لدي الوقت يارالف , سيحضر التاكسي بعد دقائق قليلة - لقد أعدت التاكسي على اعقابه - لماذا اعدته؟ - لن تتركيني يا ساره ثم استعاد قساوته السابقة وأكمل : انت زوجتي ولقد قلت لك سابقا ان زواجنا أبدي - لا تستطيع ان تبقيني لقد اتخذت قراري لن اعيش هذه الحياة بعد , يمكنك ان تطلب لي تاكسي آخر ليأخذني الى المطار لماذا يطلب منها رالف البقاء؟ فقط ليحمي ماء وجهه ! كي لا يتكلم الناس عنه وزواجه الفاشل سألها: - هل تأمرينني؟ شعرت ساره بألم في قلبها كانت تريد ان تذهب بسلام بعد وجبة الطعام بدون جدال بينهما, حتى هذا اللقاء الأخير بينهما يتخلله الشجار والعراك؟ - ارجوك اطلب لي تاكسي وقد بدأت دموعها تتساقط بدون ارادتها, مسحتها بسرعة : لا اريد ان اتشاجر معك الآن يارالف , لا لزوم لذلك , اذا لم تطلب لي تاكسي الآن لن اصل في موعد الأقلاع كانت ترتجف وهي تحاول ان تلبس نمعطفها , اخذ رالف المعطف منها بلطف ورقة ووضعه على السرير فوق الحقيبة امسك بذراعيها برقة ووجهه في وجهها - لماذا قررت فجأة ان تتركيني يا ساره؟ لم تستطع ساره ان تجيبه , رقته المتناهية لم تسمعها من قبل - قراري ليس فجائيا كنت افكر بالأمر منذ مدة , اتخذت قراري وحددت موعد السفر بعد ان سمعتك تصارح اديل بحبك احمرت ساره خجلا من هذا الاعتراف وكان عليها ان تكمل حديثها: - سمعتكما تتكلمان عن الحب والأخلاص والحنان , تواعدتما ان تكونا مخلصين لبعضكما - لبعضنا؟ دهش رالف وهو يركز تفكيره : لم تسمعي شيئا من هذا القبيل - كنت خارجغرفة الجلوس اعترفت ازداد احمرار وجنتيها : انا لم اقصد ان اتنصت ولكنني سمعتكما بدون قصد اذكر جيدا انك قلت بأنك ستكون رحيما بحبيبتك - وظننت ان اديل هي حبيبتي التي وعدت بأن اكون رقيقا معها؟ ولكن اديل ليست حبيبتي - ليست اديل حبيبتك ؟ ارتجفت : ولكنها وعدتك بالأخلاص لا بد انها اديل - لقد كتب ميشال لأديل يطلب منها ان يعود اليها , واعتقد انهما الآن سوية قالت وهي تعتقد انها لا يمكن ان تكون حبيبته كادت ان تبكي من انفعالها: - اذن من هي يارالف؟ - اتمنى ان تكوني انت الحبيبة التي وعدت ان اكون رقيقا معها قالت من خلال دموعها: - انا ولكنك لا تحبني؟ كان رالف ينظر اليها نظرة حب عميق , ابتسامته على شفتيه كلها حنان وامل: - هل هذا صحيح؟ لا اصدق نظرت ساره اليه من وسط الدموع التي ملأت مآقيها و كان لا يهمها ان تراه راضيا منتظرا لأنه توصل اخيرا ان يبكيها , رمت نفسها بين ذراعيه وشرعت تبكي فوق صدره , رفع رالف وجهها بلطف وجفف دموعها وعانقها بحنان - يا حبيبتي ساره , كم اريدك , انت لا تعرفين كم قاسيت وعانيت أبعدها عنه قليلا وقد ظهرت القساوة من جديد في عينيه السوداوين : - لقد ركضت خلفك كثيرا, ظننت انني لن استطيع ابدا ابدا توقف عن اتمام جملته وهو يضحك عرف انها ستكمل عنه جملته حين قالت: - ظننت انك لن تستطيع ابد ان تروضني ؟ - يا حبيبتي كل ما اردت هو ان اصنع منك امرأة بكل معنى الكلمة - امرأة تموء ورمت نفسها بين ذراعيه واحتمت بصدره تحس دقات قلبه السريعة تتعانق مع ضربات قلبها الخائفه - امرأة كلها انوثة هذا ما كنت اريده يا حبيبتي عانقها من جديد , لقد اكتملت انوثتها بنظره قالت عاتبة : - كنت تريدني ؟ ولكنك كنت تصرح لي بأنني لا املك أي جاذبية لم تمدحني بكلمة - ولكنني قلت ايضا بأنني سأفاجئك في يوم ما هل تذكرين؟ هزت ساره رأسها موافقه : كم انت جميلة يا ساره , جميلة جدا, لقد رغبت فيك منذ اول يوم رأيتك فيه لكنني اردت ان اظهر جمالك الباطني ولا اكتفي بجمالك الخارجي , كنت اعرف ان جمالك الروحي موجود في داخلك ويحتاج فقط لمن يظهره للعيان , وهذا ما فعلته , سامحيني يا حبيبتي - ليس هناك أي شئ اسامحك من اجله تمتمت وهي لا تزال تلوذ بصدره: - ما دمت انا هي المرأة التي تحبها شرح لها رالف بعد ذلك عن اديل , كانت تعمل في مكتب صديق له , اخبره هذا الصديق بقصة زواجها الفاشل , طلب مساعدته في ايجاد عمل لها لبعض الوقت , وافق رالف على مساعدتها في تقديم هذا العمل - كنا نخرج معا ولكن لا تربطني بها أي علاقة جدية , كان علي ان اجعلك تعتقدين بوجود علاقة عاطفية بيننا , وقد ساعدتني اديل لأنها كانت تحبك, لقد أحبتك منذ اول يوم رأتك فيه , كانت دائما تقول لي انني بدون قلب لأنني أعاملك هذه المعاملة القاسية - وهي على حق قالت ساره معاتبة : لقد جعلتني انام علي الأرض - هذا اصعب شئ قمت به عانقها بشوق , كانت تتذكر ذلك الموقف الصعب كم كان من الصعب عليه ان يتجاهل وجودها معه في الغرفة نفسها اخبرته ساره أسباب رفضها الزواج من شقيقه اليكس , ظهر الندم على وجه رالف وشحب لونه بعد ان عرف الحقيقه : لماذا لم تخبريني الحقيقه من قبل ؟ يا الهي كنت لا اخطفك لو كنت اعرف تلك الحقيقه ؟ وكنت لا أجبرك على تمضية الليل معي على متن السفينةسألته بحنان: صحيح؟ كانت سعادتها تطل من عينيها الزرقاوين - ياالهي , ماذا قلت ؟ طبعا كنت اجبرتك على البقاء معي
تمت

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا