الخداع البريء

الفصل الاول
لو كان الامر يعود لي انا فقط , فأني سأسمح لك به بكل سرور , فانسيـا , ولكن السيد فريدريك تالبوت هو الوصي عليك , وهو لا يريد سماع شيئ , ويقول بأنه عندما تبلغين الثامنة عشرة من عمرك سيصطحبك الى لندن , انه سيفعل كل ما هو مناسب,ولكن ليس قبل ذلك, حقاً يا عزيزتي, لا تنظري الي هكذا , لاني لا أستطيع ان اجعله يغير رأية )). ولكن الآ نسة فانسيـا باسكوب ظلت تنظر الى خالتها بغضب , وكانت فانسيـا تربط شعرها الاشقر بشريطة بيضاء وترتدي ثوباً من الساتان وتنتعل حذاءً من الساتان ايضاً مستورد من فرنسا, الغضب البادي على وجهها الجميل . (( قولي له بأنني اصبحت بالغـة وانني اقرب الى السن الثامنة عشرة من سن السابعة عشرة , وقولي له بأنني سأموت من الممل في الريف, وليس لدي سوى ابنة خالتي , قولي له... قولي له انني سأذهب الى هناك)) . التفت خالتها نانسي الى الفتاة التي تجلس بقربها, وكانت الفتاة في العشرين من عمرها, والتي وضعت الكتاب من يدها ونهضت واقتربت من فانسيـا . (( فلنتكلم بجدية اكثر, ياابنة خالتي, انت تعلمين ان والدتي تقول الحقيقة, فهي لا تستطيع اقناع السيد تالبوت بالسماح لك بالذهاب الى عرافتك, تكوني متعقلة قليلاً )). (( رودا ياعزيزتي رودا, ليس من العدل ان انتظر الى حين بلوغي الثامنة عشرة, فأنا قد ذهبت الى سهرات كثيرة هنا, والى حفل خطوبة اونيل,والى حفلة باميلا التنكرية, وعدة شبان عاملوني باستخفاف والجميع يجدون انني صغيرة جداً )). (( هيا,فانسيـااليس هذا صحيحاً؟ لقد اخبرتني بنفسك ان رفيق باميلا قال بأنه لم يكن يعلم بأنه يسمح للاطفال بحضور هذه الحفلات,والا لكان احضر ابنة عمه الصغيرة التي لا تبلغ العاشرة من عمرها)). (( هيروم هاركورت كان منزعجاً .لاأننا نثرثر كثيراً,وكان يريد الاحتفاظ بباميلا, لنفسه, انه فظ وأنا لا افهم لماذا تريد باميلا الزواج منه )). (( انه رجل جميل وملئ بالسحر )). (( انا لاجده ساحراً انه ....)). (( لقد سبق واخبرتنا برأيك, اسمعي فانسيـا ,لقد قلت انك احببت سهرات الريف هذه, اذن لماذا لا تستغليها ايضاً,قبل رحيلك الى العاصمة؟)). (( هذه الفرصة لن تتكرر وانا لا اريد ان أفوتها؟ فعرفتي لن تدعوني مره ثانية اذا لم أذهب هذه المره, وانا لا ارغب ابداً ان اقدم عن طريق آل تالبوت, انهم بخلاء, ويريدون ان يؤخرو دخولي الى السنة القادمة فقط من أجل اسبابهم الانانية)). (( قد يكون صحيحاً,ولكن لماذا تعتقدين ان آل تالبوت لا يتركونك تذهبين الى منزل اللايدي هاريسون ؟)). (( لان ابنتهم المعكوفة الانف يجب ان تقدم في السنة القادمة,ويعتقدون انهم يوفرون المال بتركها تستغل حفلاتي , بعد كل شئ , ان اموالي هي التي تغطي نفقات الحفلات, وليست اموال تالبوت)). (( هيا فانسـا, هذا ليس لطيفاً)) قالت لها خالتها معترضة. (( كما وانهم يتمنون ان تتمكن ابنتهم من التاثير علي عندما اقيم عندهم لمدة شهر)). (( اذا طلبك الكابتن تالبوت للزواج, ستكونين حرة في الرفض)) قالت لها خالتها. ((واذا عاش تحت نمفس السقف معك خلال الشهر, واذا اصر على الزواج منك, سيكون بطلاً وانت ستكونين فخورة بالزواج منه)) اضافت رودا ممازحة. (( انا افهم ماتعنينه, ولكن بعض الرجال يتزوجن فقط بسبب الوضع المالي, والجميع وللاسف يعرفون انني ثرية جداً )). (( فانسيـاو ماهذه الوقاحة..)) صرخت خالتها. (( ليس هذا هو كل شيئ)) قاطعت رودا ولدتها (( هناك سبب آخر لدى السيد تالبوت من اجل الرفض, اشرحيلها يأمي )). ((حسناً يابنتي, السيد تالبوت والسيدة هاريسون في وضع سيئ منذ زواجها من افارارد هاريسون, ولهذا السبب رأت انه من غير الائق مقابلاتك لها بشكل مباشر وكان من الطبيعي ان اطالب موافقة الوصي عليك, فاجابني فوراً بانك يجب ان ترفضي,ةان يعرفك هو بنفسه على اللايدي هاريسون)) (( لم اكن اعلم)) همست فانسيـاو ووقفت امام النافذة. (( ارأيت الآن, اننا لا نستطيع ان نفعل شيئاً)) قالت خالتها ثم انضمت الى فانسيـا (( يا الهي, الطقس ردئ جداً, وقد يتساقط الثلج )). (( انتِ محقة يا خالتي )) اجابتها فانسيـا بحزن (( سأصعد الى غرفتي واكتب للسيدة هاريسون, ولكن ايضاً للسيد تالبوت لاخبره بما أفكر به, تم سأرتدي معطفي واذهب لايداع الرسائل في بريد القرية, اتريدين مرافقتي رودا؟)). (( لا شكراً, فاطقس بارد جداً, وانا اريد ان انهي القبعة التي تتناسب مع ثوبي,فنحن مدعوون لسهرة مساء الثلاثاء القادم, وبما ان السيد تالبوي قد عاد من نيو كاستل, فأتمنى , ان يكون رفيقي في الرقص)). وكان السيد تالبوي خطيب رودا, وهو شاب محرتم وصاحب ثروة لا بأس بها. (( انا سعيدة لتعقلك فانسيـا فهذا يعني انك قطعتِ مرحلة الطفولة)). (( بدون شك, وانا لا اريد ان أكون صعبة, ولكن ...)). (( ولكنك لا تستطيعين)) قاطعتها رودا مبتسمة, (( فانا لا ازال اذكر عندما كنت في السابعة عشرة من عمري كان الريف يشعرني بالمملل المميت,آه, لدي فكرة قبل رحيله اخبرني السيد تالبوي انه سيصطحب معه ابن عمه يكبرك بعامين تقريباً, اتقبلين ان يأتي الحفلة وان يكون فارسك؟)). (( سيكون هذا رائعاً )) اجابتها فانسيـا. سرت رودا وكانت تعتقد ان الجميع يعتبرون خطيبها افضل منها. وبعد ساعة لو رأت رودا تللك القامة المتجهة نحو الأسطبل لاعتقدت ان فانسيـا ذاهبة الى مركز بريد القرية. لكنها لو رأت فانسيـا ترتدي ملابس شارلي موردريد وتضع في حزامها كل اموال خالتها الخاصة بمصروف الشهر القادم, لكانت اصيبت بالرعب والهلع, ولكنها لم تكن قلقة على فانسيـا, ولم تصعد الى غرفتها قبل عدة ساعات ولم تدري ان فانسيـا اتجهت الى لندن. كان جيروم هاركورت يتناول فطوره في قصر هاركورت وهو بمزاج سيئ, ويتأمل النافذة. (( انظر الى السماء, لن يمكننا الذاهب الى الصيد اذا تساقط الثلج, هل وصلني بريد اليوم, مانسنغ؟)) ووضح(( هل تعاني من صداع سيدي؟)) سأله الخادم مانسنخ الذي يعمل منذ مدة طويلة في القصر, والذي اصبح كفرد من العائلة, وناوله رسالة. (( نعم, ياله من مشهد تسببت يه والدتي عند وصولي ليلة امس, انه شيئ يدف المراء للشرب كثيراً, انها تظن حقاً ان الأنسة كورتني, ورقة رابحة, وان ما كان سيحصل لو لم يحكم والدها على هذا الأرتباط...)). ((انا افهم قلق السيدة هاركورت, سيدي ان سعادتك
الفصل الثاني
آه سعادتي, انها تتهمني بأنني أفسد حظي بالزواج, بالتلاعب مع فتاة صغيرة ... وأخيراً تركتني اغرق همومي بلكونياك الذي تركه والدي للمناسبات الكبيرة, هذه الرسالة من عمي السير توماس ريمنغتون..)) وقرأها بسرعة ثم نهض ونظر الى النافذة من جديد. (( ما رأيك باطقس, مانسنغ؟ هذه رسالة مهمة جداً, كم نحتاج من الوقت لكي نرحل من هنا؟)). (( ساعتين تقريباً, ولكن لماذا انت مستعجل على السفر بسرعة؟)). (( بسبب هذه الرسالة, فالسير توماس يخبرني انه مظطر لاستقبال ابنة زوجته بالعمودية, ماتيلدا راندولف, في لندن, لديها ولد عجوز وليس لها ولدة, فعمي وعمتي اقترحا ان يقموما مكان ولديها في موسمها الاول, وهي غنية جداً كونها الابنة الوحيدة)). (( ويردي عمك ان تعود الى العاصمة؟)). (( نعم, ومن المؤكد انها بشعة وبشكل مخيف, وهو يتمنى بلطبع, ان اكسب قلبها , وثروتها)). (( كيف يعتقد عمك انك ستتمكن من اغرائها؟ وعامة, الاباء لا يهتمون بسحرك)). (( يبدو ان هذا الوالد يعبد ابنته, ويعتقد عمي انني سأتمكن من جعلها تقع في غرامي, وسيقبل والدها بزواجها)) (( بهذه الحالة, ستتخلى عن اللعب, وعن سباقات الخيول , وعن عشيقات ...)). (( الم تلاحظ انني بدأت بذالك, والفاتنة دينا وجدت رجلاً اخر لحمايتها, وهذ ا مايجعلني حزين للافتراق عنها, ولكننا كنا معاً منذ عدة أشهر .. اسمع, مانسنغ اذا تمكنت من اغراء تللك الوريثة, فأني سأرتب كل شيئ, كنت سعيداً هنا, وانت ايضاً, عندما كان والدي لا يزال على قيد الحياة, واخي الكبير فيليب, اتذكر ذلك؟ كان القصر يعج بالخدم, وكان الجميع سعداء, حتى المزارعين, بالامكان البداء من جديد .... هيا, اسرع يا صديقي , واعد حقائبنا)). وخرج جيروم وهو مطأطأ الرأس, فأصدتم بوالدنه في المدخل. (( جيروم انتبه, الى اين انت ذاهب دون ان تنظر امامك؟)). وكانت دميتريا هاركورت سيدة جميلة, ومنذ سنوات كانت قد وقعت على بياض على هذا المنزل, ولكي تدفع تكاليف لذاتها ولذة ابنها الكبير فيليب الذي كانت تعبده, وبعد وفاة هذا الاخير في حادث صيد, وكان جيروم يبلغ الربعة عشرة من عمره فقط, وأصبح هو الوريث, ففهمت انه يجب عليها اما ان تقلل من النفقات او ان لا تترك لولدها سوى الديون, وببرود اختارت الحل الثاني, ةمنذ ثلالث سنوات اخبرها جيروم ومحاميه انها مضطرة للانفاق من مالها الخاص في المستقبل. ولهذا السبب اخذت تبحث لجيروم عن زوجة غنية. (( عفواً, ديمتريا كنت ساهياً, وسأسافر الى لندن بعد قليل)). وكانت منذ مدة طويلة قد توسلت اليه ان لا يناديها ماما, فهذا يشعرها بلشيخوخه, وهكذ كان جيروم يناديها باسمها دائماً الا عندما كان يسعى لاغضابها. (( الى لندن؟ كنت اعتقد انه بعد فشلك الذريع ستـ ...)) (( نعم انا اعلم ماما, لا يجب علي ان ادع الآنسة كورتني وثروتها تفلتان من يداي, لقد اخبرتني مساء امس بذلك, ولكني احترم واجباتي العائلية, وانا ذاهب الى لندن لان عمي السير توماس وزوجته يستقبلان الفتاة ...)) (( آه, هل هي الآنسة راندولف؟)) (( يالفعل, لكن كيف ...؟)) (( انا احاول ان اعرف كل شيئ عن , الوارثات يابني, سأرفقك, انا متأكدة ان ماريا العزيزة تريد ذلك)). (( يا الهي ,لا, بوجودك ...)). (( جيروم, يكفي ماحصل عندما تركتك وحدك مع الآنسى كورتيني, وقبل ذلك مع الآنسة سيرافيا كوبلاند, ومع الآنسة انابل و ... واذا لم اتدخل سيقال عنك انك تسعى وراء ثروة العازبات الوارثات دون لن تنجح في ذلك)). (( آه, يا الهي’ ارى انني لن استطيع منعك من الذهاب الى العاصمة ولكن ليس برفقتي, لانني سأذهب على الحصان بعد ساعة فقط. (( مستحيل, لا يمكني السفر الآن يلزمني يومان سألحق بك اذا تركت لي مانسنغ)). (( حسناً, ولكن الثلج سيجعل السفر صعباً’ وانتِ تكرهين الثلج)) (( من اجلك انت جيروم, انا مستعدة لكل شيئ)). انطلق جيروم في رحلته وحده, وعندما رأى الغيوم المتلبدة فكر بالعودة الى منزله, لكنه خشي ان تقرر والدته مرافقته وهكذا سيكون مضطراً للتأخر اكثر, فتابع سيره نحو الجنوب, وسلك طريقاً فرعية, ومع غروب الشمس هب هواء قوي, فقرر البحث عن فندق في هذه المنطقة. وازدادت قوة الهواء ولكن جيروم قاوم’ واخذ يحث جواده على الاستمرار في السير, وفجاة لمح فارساً على جواده يسير ببطء تحت الثلج المتساقط بغزارة فحث جواده على اللحاق بهذا الفارس المجهول ليأله عن اقرب فندق. وعندما اقتربت المسافة بينهما, التفت الفارس المجهول الى الوراء , وبدل ان يتوقف لكز جواده وتابع سيره, ناده جيروم ونكز حصلنه ايضاً للفارس وتوقف , لكن الفارس المجهول لم يجبه وتابع سيره. تفاجا جيروم بتصرف هذا المجهول وتبعه غاضباً, ثم امسك بزمام حصانه, وهكذا وقع الحادث, وتعثر الحصان ووقع الفارس المجهول في حفرة عميقة مليئة بالثلوج. حاولت فانسيـا ان تتعلق بأي شي لتخرج من هذه الحفرة, وخافت من هذا الرجل, وتساءلت ايكون لصاً ام مجرماً, ام انه مرسل من قبل خالتها نانسي لكي يعيدها يالقوة الى باكسومب هال. قفز جيروم عن فرسه, واقترب منها. (( لماذا خفت مني؟ كنت اريد فقط ان أسألك عن اقرب فندق, انا لست لصاً, دعني اساعدك, فقد تكون اصبت بكسور. ثم ابتسم, وساعد فانسيـا باصعود, وللاسف لا مست يداه المنطقة الاكثر دغدغة في جسمها, فضحكت وهو يساعدها في وضع اقدامها على الارض الصلبة. كانت دهشته كبيرة عندما لاحظ انها ليست رجلاً. (( عفواً سيدتي, اعتقدت انك ...انك...)). واخذ يتأمل قامتها, وكانت قبعتها وقعت على الارض وظهر شعرها الطويل, لكنه ظل يتأمل ملابسها وحذائها الذي استعارته من ابن خالتها شارلي

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا