ضفاف سيلبرس

الفصل الأول
في بداية نسيان هذا, بدأت ازهار الربيع تتفتح لكن شتاء بفاريا القاسي لايترك مكانه للربيع الا مرغما على منحدرات الجبال. هنا وهناك, طبقات الثلج لاتزال تقاوم اشعة الشمس والهواء بارد كهواء شباط. كانت جوليت تقود سيارتها ببطء تبحث بعيونها عن مكان على حافة الطريق لتركن سيارتها وتتناول الطعام . واخيرا لمحت طريقا جانبيا منسلكة دون تردد.بعد ان اطفأت المحرك, خرجت من السيارة .كانت الاشجار تتمايل مع الهواء المنعش , فتنهدت الفتاة وفكت ازرار جاكيتتها الصوفية ومرنت ساقيها طويلا. في هذه اللحظة مرت سيارة على الطريق خلفها.ثم مع ضجيج الفرامل توقفت السيارة ورجع السائق الى الخلف حتى مدخل الطريق الفرعي حيث توقف بدوره. عقدت جانيت حاجبيها .لك تكن ترغب بمشاركة هذه الزاوية الهادئة مع اخرين! عموما كل السواح يتوقفون في الوادي على ضفاف بحيرة سيلبرسي. نهضت جانيت وكتفت يديها على صدرها واستعدت لاستقبال هذا المزعج بجفاف.نزل من السيارة رجل اشقر طويل ممتلئ الجسم واتجه بخطوات رشقية نحوها ربما يريد فقط ان يسألها عن الطريق, لا, هذا احتمال ضعيف. فهذه الطريق الفرعية لا يستعملها سوى سكان القرية المحلين ولا تؤدي الى اية قرية, ابتسم الرجل وانحنى امامها. "انت ترتاحين قليلا بعد ساعات طويلة على الطريق؟" سألها بمرح."اذا كنت تسمحين . بامكاني ان اقلدك..." "هناك؟ كان بامكانك ان تجد مواقع اجمل في الاسفل على بعد بضعة كيلومترات. سيد..". اجابته ببرود. هز كتفيه وبدا يخلع جاكيته الجلدية . " ربما...فلماذا اعود الى الوراء...؟" نظراته الساحرة التي رافقت كلامه لاتترك شكا...المجهول بمزاج جيد ويريد ان يعقد صداقة." "المنظر رائع.في الاسفل..."الحت جانيت. "الى اين انت ذاهبة؟" الى سيلبريس؟ سالها متجاهلا كلامها. "نعم... بعد قليل." وكانت تأمل ان تتخلص منه". زانا انا , فقد جئت من اوتيش واتجه الى مينيس..." شرح لها دون ان يعير انزعاجها اهتماما. "انت مخطى في الطريق..فهذه لاتؤدي الى محطة التزلج هذه" "نعم ,عدت منها لتوي..." اذا اين هي زلاجتك؟" "تركتها في الاعلى"قاطعته جوليت وقد ازعجها فضوله." "الان, ماذا ستفعلين؟" "سأتناول طعامي هنا قبل متابعة طريقي." "وحدك؟" "نعم... انا احب الوحده..." ضحك الرجل "هذه طريقة مهذبة لطردي! او انك مهذبة جداكي تعترفي لي بان ستدويشاتك لاتكفي لشخصين..." لم تجبه جانيت وادرات له ظهرها. "حسنا... نحن نعيش في بلد حر." اضاف الرجل. "ويحق لي البقاء في هذا المكان, حتىولو كان وجودي يزعجك...بامكاني النظر اليك وانت تأكلين بعيني متوسلتين الى ان ترمي لي بقطعة خبز, لكني لا احب ازعاج فتاة جميلة مثلك.. اتمنى لك طعاما شهيا , فراولن!" ثم صفر بمرح وعاد الى سيارته, ولكنه قبل ان يجلس فيها, التفت نحو الفتاة وسألها. "انت لست المانية , اليس كذالك؟" "لا... انكليزية..." "اه فهمت الان ..." "ماذا فهمت؟سالته بحدة. "يقال بان البريطانين يولدون مع قلب من حجر... اعتقد الان ان هذه النظرية صحيحة تماما...الى اللقاء!" حرك يده مودعا والابتسامة الساخرة على شفتيه وانطلق بسرعة وحرم جوليت لذة الرد عليه بطريقة جارحة... تنهدت براحة عندما اختفى هدير محرك سيارته في البعيد.ثم بسطت منشفتها ووضعت عليها طعامها ولكن افكارها عادت الى ذلك الغريب.من هو, ماذا يفعل في المنطقة؟ سيارته فخمة وملابسه انيقة واسلوبه الواثق يدل على انه من عائلة ثرية... اهو سائح يقضي اجازة في بفاري انه واثق جدا من نفسه. عندما راى جوليت وحدها على حافة الطريق, استنتج على الفور انها تنتظر بفارغ الصبر رفيقا يسليا.الا انها لو اختلفت الظروف لاعتبرته مثيرا. هزت كتفيها, لماذا تسأل عن المجهول بينما تشغلها مشاكل خطيرة؟ في اليوم السابق, كانت قد تزلجت للمرة الاخيرة على حلبات انسغور, قريبا, ستغادر ضفاف سيلبري ستكون صعبة جدا...تمددت على الاعشاب تدرس المشاكل الاقتصادية التي تجبرها على العودة الى انكلترا, ليستهي المسؤولة, لكن يجب عليها الانحاء رغما عنها امام الحقائق القاسية... بعد ساعة , وزعت قتات وجبتها على العصافير وغادرت الغابة رغما عنها.كانت الشمس تختفي خلف الغيوم الرمادية ودرجة الحرارة انخفضت قليلا, ولكن الطريق لم تكن بعيدة من الوادي, والفتاة وصلت الى شقتها في ريتغن. عندما سكنت في هذه القرية , قبل ثلاث اعوام, كانت ترسل الى انكلترا رسائل حماسية طويلة تصف فيها جمال الاطار الطبيعي الذي يحيط بها , وحماسها هذا لم يختفي مع الوقت, بل على العكس, كانت دائما تقارن هذا الشالية بمنزل هانس وغرتيل ابطال الرواية الشهيرة عن الاخوة غريم احبت هذه الجبال والغابات كثيرا .. فكيف ستتمكن من الرحيل عنها؟ كانت جوليت تقيم في شقة في جناح الايمن للمدرسة التي تديرها والمؤلفة من ثلاث اشهر بتغير هذاالبساط الخضروتحويله الى بساط من الازهار المتعددة الالوان, هذا الصيف, للاسف لن تتمكن من تحقيق مشروعها هذا, الفصل الجميل سيأتي قريبا ولكنها ستقضيه تحت سماء انكلترا الرمادية . اعدت لنفسها فنجان شاي وجلست تشربه امام النافذه, فجأة رن جرس الهاتف, على الفور, عرفت صوت البارونة فون بودان المميز, وهي اخر وسليلة احدى اكبر العائلات النبيلة في بفاريا, ما غدا فون بودان كانت تفك بتحويل قصر ريتغن الى فندقفاخر منذ تسعةاعوام لتتخطى بعض الصعوبات المادية, لكنها لاتزال دائما بالنسبة لسكان التقليدية ومالكة اغلبية الاراضي. كانت قد اتخذت جوليت صديقة لها, جوليت هي من بين القلائل الذين يعرفون ان التقدم بالسن والتعب كانا السبب في فقدان البارونة الشجاعة, مما اضطرها للاستسلام وللتخلي عن قسم من اراضيها والاقفال الفندق "جوليت؟ اسمعي سيصل بين لحظة واخرى, غادر القصر منذ دقائق ليزور البيوت والمدرسة بصورة خاصة.." "ولكن عمن تتكلمين؟ ساد صمت قصير ثم تنهدت السيدة العجوزواضافت:"الخبر الذي سأعلنه لك لن يسعدك كثيرا,هذا ما اخشاه.. انا المح الى كارل مدير شركة الدلر,هو شقيق جيرار التؤام. كان قد حضرمواسم الدفن لكني لم التق به قبل اليوم. باختصار, شركة ادلر ستكشف اخشابنا, لقد زارني"السيد ادل" بعد ظهر هذا اليوم, ويريد ان يقدر بنفسه اهمية الاراضي والابنية..." " ولكن...لا افهم... مادخل شركة ادلر في صفقاتك؟كنت قد قلت لي بان مجموعة هارتنغ المالية في همبورغ حصلت على اولوية حق الخيار." "نعم, بالفع, ولكني علمت بالامس ان كارل ادلر اشترى المجموعة...كل شيء ثم بسرعة وعلى اكبر المستويات من مدير الى مدير, كل هذه التفاصيل ليست مهمة الان, وانا اكلمك عن السيد ادلر,بالتأكيد..." "رويت له كل شيء؟" تمتمت جانيت بقلق. "اوه.لا! يعرف بكل بساطة انك تتبعين دورة في الفنون مع جيرار هنا.قبل عودتك الى انكلترا لتدرسي بدورك الفنون في احد المعاهد,اخبرته ايضا انه بعد وفاة جيرار, قدمت لك ادراة المدرسة,اطمئني,لم اتكلم ابدا عن تفاصيل حياتك الخاصة..." "لحسن الحظ...حسنا.اعرف الان كيف اتصرف اذا جاء اسم جيرار في الحديث...ولكني لا ازال لا افهم لماذا السيد ادلر يرغب بزيارة البيوت واملاكك,لايجب ان يهتم سوى بالغابات وقطع الاخشاب..." "نعم , ولكن...." "اعذريني , سيدة بودان,اعتقد انني اسمع طرقات على الباب..." "لابد انه هو...جوليت,اتصلي بي فور رحيله..." اقفلت السماعة وفتحت الباب,اعمتها اشعة شمس المغيب,فلم تر على الفور سوى قامة رجل طويل على عتبة يمد لها يده. "فراولين هارمون؟ انا كارل ادلر,ايمكنني الدخول؟" دون ان ينتظر جوابها,دخل الى الصالون اغلقت جوليت الباب وراءه بسرود,لم تكن قادرة على تصديق... الرجل الغريب الذي التقت به على الطريق, ليس الا شقيق التؤام لجيرار... مالك سلسلة معارض لبيع الاثاث ,الذي اختا لشقيقه العمل على الخشب,لكنه اصبح صناعيا كبيرا,بينما كرس جيرار نفسه للخلق الفني, النحت لاتزال غير مصدقة, نظرت الى الرجل بطرف عينها لامجال للخطأ,انه نفس الرجل... لكن موقفه تبدل جذريا عن لقائهما الاول في الغابة. اختفت ابتسامته الساحرة, وحل مكانها احتقار وسخرية دعته للجلوس وجلست قبالته. "بالها من صدفة,اليس كذلك, كارل ادلر؟سبق ان تعرفنا على بعضنا..." "نعم, من الصدف الغريبة لكنني سمعت الكثير عنك في الماضي... وانت لاتجهلين ذلك بدون شك وصفوك لي بعبارات الاطراء..." الفصل الثاني
ترددت جوليت, ماذا يعرف بالتحديد؟ هل زلق لسان البارونة بدون انتباه منها؟ "بهذه الحالة نحن متساويان... انت نانيي! رفضت رؤية ومساعدة جيرار, اقرب اقاربك.مع انه كان محكوما عليه بالموت بسبب مرضه..." "انا لم ارفض رؤيته!جيرار وانا لم ننشاء معا,ولم نلتق الا نادرا منذ وفاته وزواج والدتنا من جديد..." "نعم,انا على علم يهذه المسألة العائلية.لكنني لست مسؤولة عنها! حتى انني كتبت لك قبل وفاة جيرار بمدة قصيرة." "لم اكن اعرف حتى اسمك,في ذلك الحين!" "لكنني قلت لسكرتيرتك انها مسألة طارئة ومحض شخصية!" "اتعلمين كم عدد الدخلاء من كل الانواع الذين يحاولون قرع باب مكتبي كل اسبوع مدعين بأنها "مسألة طارئة ومحض شخصية؟" ...سكرتيرتي تعلمت التصرف بحكمة...رغم نيتك الطيبة, صنفتك بين تلك الفئة, لماذا لم تشيري الى اسم جيرار؟ لكانت استقبلتك على الفور." "لان جيرار لم يكن يكن لك مشاعر الحنان,فاعتقدت انك ايضا لاتحبه... من ناحية اخرى لم تكن لتستقبلني رغم اصراري, وانا لن أ..." "تتركعي على ركبتيك لتتوسلي اليها لاستقبالك؟" قال كارل بسخرية:"اليس كذالك" "نعم تقريبا" "انت سريعة التأثر...لسبب كبريائك الاحمق,لم اتمكن من رؤية شقيقي قبل وفاته.." "ماذا؟ كنت تعرف جيدا اين يعيش وماذا يفعل!" "هو ايضا , كان يكفيه ان يكتب لي او يتصل هاتفيا اذا كان يرغب بالكلام معي...." "لم يكن ليفعل ذلك من تلقاء نفسه! انت انتظرت يوم الدفن لتأتي الى ريتغن.حبك الاخوي غريب." "وانت ,اين كنت ذلك النهار؟" "كنت قد عدت الى انكلترا منذ عدة اشهر وعلمت بالامر مؤخرا فلم استطع حضور مأتمه." "تجلس عنه لتتهربي من شعور سيء بالذنب,اليس كذلك؟ولكن ربما لست اسفة ابدا..." "ماذا تقصد,هير ادلر؟" سألته بصوت مرتجف تحت وقع الاهانة. "تعلمين ذلك جيدا,فراولين...عفوا,انسة هاملون...لاضرورة للعب دور الامرة المنهارة,علمت بكل القصة..." "اهالي القرية...لا , انا لم استجوبهم... شفقتهم على جيرار كانت كافية لاطلاق السنتهم...." "وماذا قالوا لك؟" الحقيقة,انت جئت الى ريغن لدراسة الفن مع جيرار. فوقع بحبك بشكل جنوني وطلب الزواج منك,دون ان يحول اخفاء مرضه المستعصي عنك وان ايامه باتت معدودة...لكنك رفضت الزواج منه ببرودة , مع انك لم تكوني مرتبطة برجل اخر في ذلك الحين.لم يكن هناك شيء تخسرينه بتقديمك لمدة سنة او سنتين.ربما اقل , القليل من الحنان والعطف له..." "لم يكن جيرار يبحث عن رفقية تساعده على تحمل تجربته.كان يريد ويستحق زوجة...كان من المستحيل بالنسبة لي قبول هذا الارتباط...لم اكن احبه..." "لكنه كان يحبك بجنون. وكان سيقبل بكل شروطك التي تفرضينها." "لا يبني اتحاد زوجي على الشفقة, وانا لم اكن مشاعر اخرى له, بزواجي منه دون حب ,كنت سأذله...تكلمنا معا بهذا الموضوع و اكد لي انه يكتفي بكل سرور بوجودي فقط, لكني لم اصدقه...لانه بيوم او بآخر سيطلب اكثر..." "انسة هاملون , انا مذنب لانني وصلت متأخرا, ولكنك تحملين ايضا مسؤولية اكبر.انت رفضت انقاذ جيرار من الناحية النفسية...برايك. من منا يجب ان يكون لديه ضمير متعذب؟" "كارل ادلر, انا لم اتزوج من شقيقيك, ولكني بذلت كل مابوسعي لمساعدته, حاولت الاتصال بك , لكنني لم انجح.حتى انني اقترحت على جيرار اخر فترة دراستي بالبقاء في ريتغن.كأصدقاء فقط.." "هنا؟كنت تعيشين معه؟"وعقد حاجيبة. "بالتاكيد لا ! كنت اقيم في القرية ,عند آل كونستات." "ارغب بمعرفة حقيقة علاقتكما... ماذا تقصدين بكلمة اصدقاء؟ هل كنت عشيقته؟اذا كنت ترفضين الزواج منه والارتباط معه,لكنك قبلت بتسوية...بدون عقد وبدون خاتم زواج ,هكذا تكونين حرة في الرحيل ساعة يحلو لك..." جنت من الغضب,فهبت على قدميها وتقدمت منه رافعه يدها...لكن كارل كان اسرع منها ,فأمسك يدها بعنف لدرجة انها عضت على شفتيها كي لاتصرخ من الالم." "لماذا العنف,انسة هارمون؟هذا التكتيك يستعمله عادة المذنبون.. يفضلون تغير الانتباه على البحث في مسألة يعلمون فشلهم فيها مسبقا.انصحك بالجلوس وبالعد حتى العشرة قبل فتح فمك من جديد." "انا...اطلب منك ان تعتذر"تلعثمت غاضبة. "لماذا؟لاستنتاج استنتاجات منطقيه ؟ لا,انا آسف ,لن اقدم لك اي اعتذار...لننسى هذا جئت لاكلمك بالاعمال, آنسة هارمون ، لقد خرجت عن موضوعنا الرئيسي لنتكلم جدياً الان ، لو سمحت ." تنسى ؟ كيف وقد تلقت اكبر اهانة بحياتها وهو يطلب منها السكوت ! من الواضح انه يعتقد انها كانت عشيقة اخيه . احتقار رجل لم يكن يجب ان يجرح كرامتها ، لكنها بالكاد تعرف كرامتها ، لكنها الكاد تعرف كارل ادلر وتشعر بالحذر منه لماذا تصرفت بهذا العنف امام تلميحاته ؟ ماذا يهمها من رأي هذا الرجل الذي كان يلعب دور القاضي ؟ كيف امكنها ان تجده مثيراً قبل ساعات ؟. " انا استمع ... بماذا تريد ان تحادثني ؟". " هل اخبرتك البارونة لماذا جئت انا شخصياص الى ريتغن ؟". " لا ، اعلمتني فقط انك اشتريت مجموعة هارتنغ . اجهل حتى الان سبب تشريفك لي بهذه الزيارة ...". " كنت أرغب برؤية مدرسة اخي . ومعرفة ماذا حل بها ...". " حقاً ؟ لا تزال موجودة كما ترى ... انا اديرها منذ اشهر ، بناء على طلب البارونة . " اخذت ايجار جيرار باسمي " ثم سكتت ، لن تخبر السيد ادلر بان اقفال الفندق يجبرها على التخلي عن المدرسة ، بطريقة نهائية ، السياح كانوا اهم زبائن التحف الفنية . مع اختفائهم تخسر القرية كل محلات التجارة في القرية ، منذ اكثر من عشرة اعوام ، كل واحد في ريتغن يحضر الخشب خلال فصل الشتاء ليبيعه كتحف تذكارية اثناء الاجازات في الصيف القادم . حتى الفندق يقدم ايضاً وظائف كثيرة من الشهر ايار حتى شهر تموز يصبح كل القرويين كخدم. هذا الموسم السياحي سينقرض والخطاء لايقع على البارونة ولا على جوليت ، ولكن عندما سيصل الخبر باتهام الفتاة بخيانة ... " اه ، نعم ، ايجارك ... كنت اريد ان اكلمك بهذا الامر حتى يحل الاستحقاق ؟" " لمدة عامين ..." " عامين ؟ في هذه الحالة ، لن تضرري ." " اتضرر ؟ من ماذا ؟" سألته بدهشة . " ستتلقين تعويضاً كبيراً عندما تبني شركتي ورشة نشر الاخشاب على ضفة البحيرة ..." " منشرة ! على ضفة سيلبرسي ؟ انت تمزح ! ستكون هذه مذبحة ، عملاً تدنيسياً !" " لا ، انه استثمار ضروري ، اشتريت كل الاخشاب تقريباً . واحتاج لمنشرة جزوع الاشجار دائماً على ظهر الثيران الى المدينة ؟ نحن نعيش في القرن العشرين ." " لكنك ستتدمر منازل عشرات العائلات والمدرسة مدرسة اخيك !" " نعم ، ولكني سأقدم العمل لارباب العائلات سأؤمن لهم عمالاً دلئمة وبرواتب جيدة ... سأبني المساكن بعيداً ..." " انت تفكر بدون شك بمكعبات من الاسمنت ، واقفاص الارانب !" اجابته باحتقار . " آنسة هارمون ، لماذا تستعمل الاسمنت في حين ان الخشب متوفر ؟ اطمئنك ان المنازل الجديدة مناسبة جداً ، واذا رفضت نقل المدرسة ، ستقفلينها ، هذا كل شيء سيستمر عمالك بالعمل في الخشب . ولكن بانتاج اكبر ، عندي ..." فهمت جوليت انه لايزال لا يعرف شيئاً عن مشروع عودتها الى انكلترا ... قررت مع ثورتها على الخراب الذي يستعد لالحاقه بضفاف البحيرة التي تحبها . ان تعارضه بكل قواها . " عندك ؟ كحطابين او نجارين ؟ اتعتقد انهم سيقبلون ؟ انت ساذج حقاً ! انهم يحبون الاخشاب واختاروا خلقها بروعة باليد ! سيكون عملا غير شريف بالنسبة لهم . انهم يكسبون رزقهم بخلق ادوات جميلة فنية يحبها زبائننا !" " بالتأكيد . ولكن باي سعر يشترونها ؟ السياح يشترون التحف لتزين منازلهم لكنهم لا يحرمون انفسهم من الطاولات والكراسي المصنعة في المعامل ، بحجة ان هذه الادوات ليست مصنوعة باليد ... من عملك احتقار الالات ؟ مع انها ضرورية ومفيدة ..." " اعلم ... كنت اريد ان احذرك بأن عمالي ... اقصد عمال جيرار ، سيرفضون ان يصبحو الات بسيطة ." " سنرى انت تتهميني بانني لا انتج الا الاثاث الردي النوعية ، هذا ليس صحيحاً . يكفي ان تزوري مؤسساتنا لتفهمي ان ادواتنا تقاوم الزمن وتبقى على حالها بعد مئة او مئتي سنة كأثريات حقيقة ..." ثم نهض ليستأذن بالخروج. " انتوي زيارة ابنية اخرى للبارونة قبل عودتك الى مينيس ؟" " تبدلت خططتي منذ هذا الصباح ..." اجابها مبتسماً. "نعم , سأرى عائلة او عائلتين على طريق القصر. ولكني لست مستعجلا الان طالما انني سأمكث في ريتغن عدة ايام..." "ولكن..كنت اعتقد ان الفندق لم يعد يستقبل الزبائن الجدد." "هذا صحيح.لكني مستثنى لحسن الحظ, بفضل البارونة." "قل لي, كارل ادلر,ماذا سيحصل اذا رفض المستأجرون الرحيل؟." "سندفع لهم تعويضات كبيرة.اعتقد ان القيلي منهم سيقاوم حجة مقنعة كهذه..." "ولكن لنفرض ان احدا منهم على الاقل لن يستسلم..." "بداية الاعمال ستتاخر قليلا, ولكن عاجلا ام اجلا, سأجد طريقة لازالة اية عقبة..." نهضت جوليت وسبقته حتى الباب ومدت يدها لضيفها . "بدأمن الان بسؤال محاميك , كارل ادلر . مهما كان ارتفاع قيمة التعويض ,انا ارفضنقل مكاني. ايجاري يسمح لي بالبقاء لمدة عامين ايضا في هذا المكان. وانوي استغلال حقي هذا..." تأملها كارل ادلر بصمت ودون ان يرفع نظره عنها, بدأت قبضة يده على يدها تقوى. حبست انفاسها لتمنع صرخة الالم... دون اية كلمة ,اعلنت الحرب بينهما... اذا انت لا تملكين قلبا من حجر فقط , ولكنك ايضا تمتلكين منقارا واظافر, ولا تتردين في استعمالهما... اخي المسكين لم يكن يعلم لحسن الحظ من اي شيء تخلص..." ثم خرج فصفقت جوليت الباب وراءه بعنف واسرعت ترفع سماعة الهاتف. "ماغدا؟" "نعم.هذا انا , هل رأيت كارل ادلر ؟ ماذا حصل؟" "اسمعي ماغدا, لايمكنني ان اكلمك طويلا,سياتي الى القصر بعد قليل... هل اخبرته اثناء حديثه معك انني انوي اقفال المدرسة والعودة الى انكلترا؟" "اعتقد انه يجهل حتى الان كل خططي , ولايجب عليك ان تقولي له شيئا ارجوك, ماغدا, هذا مهم جدا! رايي...سابقى!" "القرار يعود لك, جوليت, وانا متاكدة انك ستفعلين ما هو الافضل..." ماذا لو اعترفت لها جوليت باسباب قرارها المفاجئ الحقيقة؟ كارل ادلر وتعجرفه الذي لايطاق... هذا المساء, تأخرت في مشغلها الصامت, منذ نهاية فصل الشتاء, والمصنوعات مكدسة على الرفوف, في هذا الصباح نفسه.كانت جوليت تعتقد انها لن ترى هذا المشغل الواسع مليئا بالحركة والنشاط من جديد0... مكتب جيرار الذي تشغله منذ وفاته,يطل على صالة المستودع الملئية بالمصنوعات الخشبية, الالعاب والدمى الداما المحفورة باتقان والساعات التي تجذب السواح.في كل مكان تنتشر رائحة الحشب والزيوت والمواد اللاصقة التي تشعر بها هذا المساء, انها تشعر بالغبطة امام فكرة الحرب التي تعلنها وحدها ضد كارل ادلر...جيرارلن ينفد ذكره. مدرسته ستبقى, رغم كل شيء !. ولكن في اليوم التالي, تراءت لها قسوة الواقع...مع اقفال الفندق, يجب عليها ان تستخدم عمالها صيفا وشتاء اذا كانت تريد ان لاتفقدهم, اين ستجد عمال جدد؟ حتى الان.كان الانتاج بياع كله للسواح.ولم يسبق للمدرسة ان عرضت بضائعها على محلات بيع التحف والهديا في المدن المجاورة, قررت جوليت ان تحمل على عاتقها هذه المهمة. الفصل الثالث
ستدق كل الابواب وتقنع اصحاب المحلات, ستضع اعلانات في الصحف ولن تترجع ابدا , ستعرف التعب, ولكنها ستنتصر بوجه كل شيء ستصبح افضل بائعة وافضل معلمة في كل المنطقة, وعندما ستحقق النجاح, ستحضر كارل ادلر, رجل الاعمال المشهور... تمنت لوتراه الان لفتح الحرب معه. لقائهما بالامس منحها رغبة المقاومة والانتصار... يدها التي تؤلمها, لكنها كانت تعلم انها كسبت الجولة الاولى وتنتظر بفارغ الصبر الجولة الثانية.... لم يسبق لها ان تحدث رجلا بمثل هذه العدائية وبكل هذا السرور.كارل ادلر لايشبه شقيقه جيرار كان يستعمل معها رقة كبيرة وتوسلات وابتزاز عاطفيا ليقنعها بالزواج. وسائل كارل مختلفة ومناقضة تماما. معه الحرب تأخذ شكل المبارزة وسلاحه حاد... لكنه يدن بنجاحه الكبير في عالم الاعمال لتصميمه وحزمه وقسوته وحيلته. لم تتمكن جوليت من السيطرة على توترها فقررت ان تبدأ بالحركة على الفور, فرات رئيس عملها ويليام كونستات لتعرف اذا كان كارل ادلر قد زاره مساء امس. "لا" اجابها ويليام. "ولكن عملت هذاالصباح انه التقى باثنين من المستأجرين عند البارونة..." "وما رأيهم بعرضه؟" "لم يقولوا لا نعم, ولا,لا... وعدهم كارل ادلر بتعويضات كبيرة وبعمل...." "لكنهم ليسوا مضطرين للقبول!" "اذا باعت البارونة اراضيها لشركة ادلر, لن يكون لديهم خيار اخر." "البارونة نفسها لاتستطيع ان تحرمنا من منازلنا طالما ان مهلة الايجار لم تنته. اتعلم بان كارل ادلر يفكر في تدمير مدرسة اخيه؟ رأيته مساء امس واخبرته بأنني لن اقبل ابدا بنقل المدرسة اذ رفض كل الاهالي عرضه.لن يتمكن ابدا من انشاء منشرته..." "لكنني كنت اعتقد انك تريدين اقفال المدرسة!" قال ويليام بدهشة. "نعم,هذا صحيح,كنت متأثرة, باقفال الفندق, ولكني غيرت رأيي,سأجد سوقا جديدا لاتناجنا وسأؤمن العمل الكل الفريق صيفا وشتاء... "هذا يعني انك تعارضين انشاء المنشرة؟" " يحق له استغلال اخشاب البارونة , لكننا نستطيع منعه من نشاء مصنعه الرهيب على ضفة البحيرة." "بالتأكيد,لكن بعض العائلات لن ترفض تعويضاته الكبيرة, يردن منذ مدة طويلة الاقامة في المدن حيث العمل متوفر..." "ولكن فكر بالاخرين الذين يعيشون في ريتغن منذ اجيال! ماذا سيحل بالجد ويسكوب,الذي لايعرف غير النحت؟وهملت جاجر؟لن يستخدمه احد في المدينة بسبب عماه." "اذا, فراولن.انت تطلبين مني ان ارفض عرض كارل ادلر وارفض الانتقال؟ انت لاتحبين هذا الرجل,اليس كذلك؟" "لا,هذا صحيح, لكن النفور متبادل.لم يخف ذلك,في لقائنا بالامس, اعتقد انه متأثر ببعض الاقاويل التي سمعها يوم دفن جيرارد..." "افهم...حينها كنا بالكاد نعرفك واتهناك بسرعة ... ولكن الان, اذا سأل كارل ادلر حول هذا الموضوع , لن يسمع عنك الاطراء..." " اشك بأنه سيغير رأيه...مهما كان الامر ,اتمنى ان ترفض عندما ياتي...." "عندما يأتي؟" ردد صوت حاد ساخر خلفهما. التفتت بسرعة نحو الباب فرأت كارل ادلر يقف وقد كتف يديه خلف ظهره يتاملها من رأسها حتى اخمص قدميها بجفاف. "ارى انك بدأت عملية الشطب وتجميع حزبك..." قال ضاحكا. "اتحصلين على نتائج جيدة؟" ودون ان ينتظر جوابها, تقدم نحو وليام مادا يده. "صباح الخير, اعتقد اننا تقابلنا من قبل." "نعم يوم دفن السيد جيرار." " صحيح, لكن الانسة هارمون لم تكن موجودة... واليوم, بما انه يجب علينا التكلم بالاعمال معا, لن نؤخر الانسة كثيرا بعيدا عن اعمالها..." غضبت جوليت كثيرا... انه يطردها , بتهذيب بالتاكيد, لكن باحتقار ايضا. تجاهلته والتفتت نحو ويليام. " ايمكنك ان تمر لرؤيتي هذا المساء؟ اريد ان اقيم معك موجودات المستودع". ثم اتجهت نحو الباب رافعة راسها عاليا. لكن كارل ادلر امسك ذراعها.. "انوي زيارتك مرة ثانية ظهر هذا اليوم, هل تكونين في المدرسة في هذا الوقت؟" "ربما...." "اتمنى ذلك." عادت جوليت وهي ترتجف من الغضب. كيف يسمح لنفسه بمعاملتها بهذا الشكل؟ وفكرت في ان تخرج عند الظهر كي يأتي ويرى الباب مقفلا. ولكن لا, ستجد لذة في مواجهته لذة اكبر من التهرب منه. فهي تشعر بأنها مستعدة تماما للدخول في المعركة خطة انشاء هذه المنشرة اللعينة كان لها على الاقل نتيجة جيدة, فهي لم تكن بمثل هذه الشجاعة من قبل. جلست خلف مكتبها في شقتها واخذت تدرس خارطة مينيس ولائحة تطور متاجرها على امل ان يفاجئها كارل ادلر وهي بين اوراقها ويعرف انه امام امرأة خبيرة بالاعمال. لكن خيبتها كانت كبيرة لان كارل ادلر لم يلق نظرة واحدة الى مكتبها عندما دخل. "جئت لادعوك لتناول الغذاء عند البارونة". قال بدون مقدمات. " انه غذاء عمل ." اضاف مبتسما. فكرت جوليت بسرعة وحذر. ايعرض عليها هدنة؟ لا, كارل ادلر ليس من النوع الذي يعترف بهزيمته بسرعة. ايحاول ان ينصب لها فخا؟ " شكرا لك, لكن لدي اعمال كثيرة..." "حقا؟ لا للاسف البارونة ترغب برؤيتك, الستما صديقتين؟" "نعم , بالفعل, ولكني اعلم انها لا تجمع حول مائدتها شخصين يتبادلان العداء, اذا , انا ارفض الدعوة". " عزيزتي" قال ضاحكا. "انا رجل متمدن! اعدك ان لا المح الى نزاعنا حول ملئدة الطعام." لم تجبه جوليت وظلت مترددة. "افعلي مثلي, وانسي نزاعنا حتى نهاية وجبة الغذاء.اتخشين ان انقض عليك من فوق الطاولة؟ اطمئني , واذ كنت تشكين بتصرافاتي في المجتمع, فانا اذكرك بان البارونة ستكون موجودة....سأطلب منها ان تجلس بيننا..." "لا , ارفض ان اجعل من ماغدا ملجا". "قد يعجبها هذا... ولكني اكرر لك بأنني لا انفعل امام الناس . اذا, ستأتين الى القصر؟" " حسناً ، لكن يجب ان ابدل ملابسي اولاً ." " افعلي ذلك " ، رجاها بكل ادب . " لسنا على عجلة من امرنا ، فالبارونة لا تتوقع وصولنا قبل ساعة ونصف ، اعلم جيداً ان النساء تتأخرن بتبديل ملابسهن ..." " اترغب بشرب شيء في هذا الوقت ؟" " لا شكراً ." دخلت الى غرفتها واقفلت الباب وراءها بالمفتاح . لم تكن تشك لحظة بأنه معتاد على الانتظار في صالونات صديقاته قبل موعد العشاء في المطاعم ، شكله الفاتن وثروته تمنحه بدون شك نجاحاً بارزاً مع النساء ... لكن جوليت بعيدة عن التخيل بلذة في مشاركته الغداء . لحسن الحظ ، ماغدا ستكون موجودة . تساءلت فجأة اذا كان كارل ادلر متزوجاً . لكن لايبدو عليه ذلك ، هو رجل لا يؤمن بالحب طالما انه يلومها على رفضها الزواج من جيرارد . ارتدت ثوباً انيقاً ورفعت شعرها قبل ان تنضم الى ضيفها الجديد. " لايزال الوقت باكراً."، قال وهو ينظر الى ساعة يده . " قبل ذهابنا ، اريد ان اعرف لماذا كتمت عني نيتك في اقفال المدرسة والعودة الى انكلترا ." " هذا لايعنيك بشيء ." اجابته بتعالي بعد لحظات على مفاجأتها . " لا ، هذا صحيح ... لكن كل الذين التقيت بهم هذا الصباح ، ابدوا دهشتهم عندما علموا انك ستبقين في ريتغن ." كانت جوليت قد طلبت من البارونة ان لاتلمح له عن نيتها في الرحيل ولكنها نسيت بقية الاهالي الذين سيتلقون هم ايضاً زيارة كارل ادلر . " لكني غيرت رأيي ..." اجابته بحدة . " بهذا الوقت القصير ؟ الم تغيري رأيك فقط لكي تخلقي لي المشاكل ؟" " اية مشاكل ؟" " حتى مساء امس ، كنت تنوين ترك المدرسة ، دون ان تنظري خلفك ، كما فعلت مع جيرار ..." " انا لم اتخلى عن جيرارد ! لم يكن يتركني لحظة بسلام ، واضطررت لمغادرة ريتغن كي اضع حداً لهذا الموقف الذي لايطاق ! بأي حق تسمح لنفسك بمحاكمتي ؟" " اهدأي ! لكن ربما تشعرين ببعض الندم ، رغم كل شيء ، لنعد الى المسألة التي تعنينا ، مع اقفال الفندق ، ستفقدين كل زبائنك ، اليس كذلك ؟" " ارى انك قمت بتحقيق ... ولكن هذا صحيح ..." " ومع 1ذلك قررت البقاء ..." " نعم ." " نحن نعلم لماذا ... انت تتبعين اسلوب النعامة ، آنسة هارمون ، تدسين رأسك في التراب لكي لاتري الحقيقة ..." " على العكس ، كارل ادلر ، انا اعرف ماهي المشاكل التي ستواجهني ، ولكنني لن اغير قراري ..." " انت مصرة على منع بناء المنشرة ، اليس كذلك ؟" " كم انت قوي الملاحظة !" " حسناً ، الاشياء باتت واضحة بيننا ، الآن ... مع انني كنت اعرف ماذا اواجه منذ مساء امس ، نظراتك اكثر فصاحة ... حسناً ، لنذهب للغداء ، اتريدين ؟" ونهض على الفور . " هل أنت متأكد من انك ستتمكن من تجمل وجودي طوال وقت الغداء ؟" سألته ضاحكة . " كل التأكيد !" اجابها ضاحكاً. " تعالي ." وامسك يدها وجذبها نحو الباب . ظهر القصر امامها خلف آخر منعطف على الطريق . الباب الخشبي الكبير يطل على بهو واسع . عندما تحول القصر القديم الى فندق ، انتقلت ماغدا للسكن في الجناح الغربي . " من المؤسف ان يجهز هذا القصر بمصعد كهربائي ! تخيلي امير الاسطورة المغرم ينتظر بفارغ الصبر وصول المصعد ليصعد الى حبيبته ! افضل الاسلوب القديم ، عندما كان الامير يتسلق الجدار المؤدي الى الشرفة بواسطة حبل ..." " اعتقدت ان ذلك الامير كان سيفضل استعمال المصعد ..." اجابته جوليت مبتسمة . " ربما ... لكن الاميرة كانت ستفقد كل حب له ... النساء تحب ان تجعل حبيبها يشتعل بنار الحب بأخطر اشكاله ، مثلاً ..." " مثلاً؟" " عندما يحاول غريب بكل لطف ان يعقد صداقة مع فتاة جميلة ، تتصرف هي معه بكل عنف كي لايشاركها زادها ... الة هنا يصل عنف النساء معنا ، نحن الرجال المساكين ..." " ولكن ... انا لم ارفض ابداً مشاركتك زادي صباح امس !" " لكن الرجل الغريب لم يكن لديه نوايا سيئة ، كان كل مايرغب به ان يتحدث قليلاً مع هذه الفتاة الجميلة جداً في ذلك المكان الجميل . الوضع اصبح اكثر ايلاماً عندما التقى هذان الشخصان من جديد ..." التزمت جوليت الصمت بحذر ، من جهتها كانت بغنى عن هذا اللقاء الثاني ، وتبعته الى بهو القصر الذي تحول الى صالة استقبال للفندق . في وسطه سلم حلزوني يؤدي الى مطعم في الطابق الاول حيث استقبلتهما البارونة بمحبة ، انحنى كارل وقبل يدها بكل احترام . طوال وقت الغداء ، كان الحديث يدور حول مواضيع عامة ، تساءلت جوليت اثناء تناول الحلوى لماذا اكد لها كارل بأنه غداء عمل . وندمت لأنها قبلت دعوته . " اصبح فندقي يشبه مركباً مهجوراً." قالت البارونة رداً على احد اسئلة كارل . " آخر زبائني سيرحلون غداً ، اقبية المطعم اصبحت عبارة عن رفوف فارغة ، الخدم قل عددهم ... اشعر بالمسؤولية عن هذا الفشل ..." " اقفال الفندق هو حقاً لا يمكن تجنبه !" سألها كارل . " نعم ، انا اسهر عليه منذ عشرة اعوام ، وحدي ، ولقد اصبحت كبيرة على تحمل هذه المسؤولية ..." " لكن الفندق مشهور في كل بفاريا ، الا يوجد حل آخر ؟" " انا ارفض بيع القصر ." اجابته بحزم . " يكفي انني سأبيع قسماً من اراضي ..." " لماذا لا تبحثي عن مدير يحمل عنك جزءاً من المسؤولية ؟" " سبق ان وظفت مديرين ، لكنهما لم يريحاني ابداً." " هل انت مستعدة للمحاولة من جديد ؟ احدى صديقاتي تعمل في ادارة الفنادق ، خبرتها ممتازة اكتسبتها من فنادق انكلترا وامريكا ، انها حرة من اي ارتباط حالياً..." " صديقة ؟ اذاً هي امرأة ..." " نعم اعرفها منذ سنوات طويلة . هي من مواليد مينيس وعادت اليها مؤخراً." " كانت ، لكنها مطلقة حديثاً . التقيت بها صدفة منذ بضعة اشهر في مينيس ..." " فات الاوان " ، قاطعته ماغدا ، " ليس لدي حجوزات لهذا الصيف ووكالات السفر والسياحة اصبحوا على علم باقفال الفندق ، كما وانني صرفت اغلبية العمال ." " لم تفقدي كل شيء ، بامكانك ان تكتسبي زبائنك من جديد عن طريق اعلان في الصحف اليومية . ما رأيك ، سيدتي ؟ اترغبين بأن لتصل بصديقتي لسلي هاتفياً؟" " لست ادري ... يجب ان افكر ." قالت البارونة بعد تردد قصير وقد كانت يائسة من ايجاد حل بشكل نهائي . " بالتأكيد ." قال كارل وسكب الخمر ." افكر بقضاء يوم بالتزلج مع الآنسة هارمون ." " فكرة رائعة ." قالت ماغدا بحماس . " جوليت تحب التزلج كثيراً . جوليت ، اقبلي دعوة كارل ادلر قبل ان يفوت الاوان ، فالمحطة ستقفل ابوابها قريباً." تفاجأت جوليت ولم تفكر بأن تجيبه بأنها باعت ادوات التزلج خاصتها ... ولكن لماذا تشجعها ماغدا على مرافقة كارل ادلر الى انسغور ؟ الا تلاحظ النفور بينهما ؟. " لا ، انا آسفة ، الاولوية للمدرسة ، ولن اضيع وقتي بالاجازات ابتداءً من هذا اليوم ..." " البارونة متعلقة كثيراً بك ." قال لها كارل وهو يفتح لها باب السيارة فيما بعد . " وانا ايضاً احبها ." " ماذا قالت لك عندما رفضت الزواج من جيرارد ؟" " لاشيء ، ماغدا متفهمة ولا تسمح لنفسها بالحكم ..." " ارى ... لكن الم تنصحك بالزواج ؟ بالاضافة الى انك لو تزوجت رجلاً من المنطقة كانت ستحتفظ بك قريباً منها ." " البارونة لاتعمل خاطبة ..." " ربما تعرف انني قادرة على اختيار زوجي بنفسي ، ولا يهمني اذا كان انكليزياً او المانياً او حتى تاهيتياً ." " البريطانيون مشهورون ببرودتهم كعشاق ، والالمان حسب الاقاويل لا يحبون النساء الخاضعات وربات المنازل . اما التاهيتيون فلا اعرف شيئاً عنهم . لكن بامكاني ان اؤكد لك بأن الرجال الالمان على عكس ما يقال عنهم ، يحبون ان تملك الامرأة مواهب اكثر من موهبة الطبخ والرضوخ الكلي للرجل . نحن نحب السحر والجمال ، الذكاء وحسّ الاستقلالية ، ولكن ليس لدرجة ..." " انت تناقض نفسك ، توشك على وصف امرأة راضخة ..." " ليس تماماً . الامرأة الراضخة لا تعرف ان تقول غير كلمة نعم ، ويمل الرجل منها بسرعة ، الانوثة تشجع الرجل على البحث في كنوز الخيال ليتمكن من الحصول ..." " ولكني افترض انك اذا لم تنجح ، لن تتردد في استعمال وسائل الفروسية ... " قالت بسخرية .. " لا ، عندما يكون المخطط مدروساً جيداً ، يصبح الفشل مستحيلاً ." " انت لست سوى مغرور ." اجابته غاضبة . " لم يسبق لي ان سمعت اعلانات بهذا التعجرف والغباء !" " حقاً ؟ لكن نظريتي مبنية على اسس معروفة ... الطبيعة منحت الرجال دور الصياد والنساء دور الطريدة ... ولكني اشعر بأنك لا تشاركيني رأيي. لنغير الموضوع ، إذاً البارونة موافقة على قرارك البقاء في ريتغن؟" " نعم ." " آنسة هارمون ، هل فكرت انه برفضك الانتقال تلحقين الضرر بالبارونة؟" " الضرر ؟" سألته جوليت بدهشة ." ماذا تقصد ؟ انا لا افهم ..." " مع انه بسيط ... اشتريت مجموعة هارتنغ ، ولكني لم اوقع حتى الآن على اي عقد بشأن اخشاب البارونة . شركائي ينصونني بعدم الارتباط بأي عقد طالما ان بعض المستأجرين يرفضون الانتقال ... هل انا واضح؟" " لكنه ابتزاز !" اجابته غاضبة . " انت تحاول استغلال محبتي لماغدا كي ترغمني على ترك الميدان ! كيف تجرؤ ؟..." دون ان يترك الطريق يعينيه ، انحنى كارل نحوها وربت على ركبتها مبتسماً . انتفضت بشدة والتصقت بالباب . " هيا اهدئي ! انا اعرض عليك الامر بكل بساطة . كما وانني لا افكر لحظة بالتخلي عن اخشاب البارونة ، على كل حال ، انت والمستأجرون الذين اختاروا محورك لا يمكنكم البقاء للأبد على ضفة البحيرة . آجلاً ام عاجلاً سينتهي عقد ايجاركم . انا صبور جداً ... الرضوخ للابتزاز العاطفي مفيد ..." " بمعنى آخر ، انت تحاول ان تؤثر على نفسية الخصم ، اليس كذلك ؟" اتهمته بحدة . " تقول بنفسك ان مصالح البارونة لا تتأثر اذا عارضت انا فكرة انشاء المنشرة . ولكنك تتلذذ بنعتي بالانانية مرة اخرى ... لصبري حدود ، كارل ادلر ! لن اتأثر بتهديداتك ! لماذا تتعب نفسك ؟ قلت لك واككر بأنني لن أقبل ابداً عروضك بالانتقال لماذا تدعوني للغداء بحجة انه غداء عمل بينما لم تتطرق الى اي الموضوع يهمنا ؟ اقفال الفندق لا يعنيني مباشرة . ولماذا تزعم امام البارونة انك ترغب بقضاء نهار معي على حلبات التزلج ؟ كلانا يعلم ان هذا لن يحصل

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا