البحث عن وهم

المصيدة
غاب الشاب والفتاة في هيام طويل واقفين في ظل شجرة نخيل على ذلك الشاطئ الفضي الغارق بنور القمر ، ولم يكف صوت الامواج المتكسرة على اقدام الرمال لايقاظهما ، فالعالم بالنسبة اليهما تقلص ليصبح بحجم الحالة الدافئة التي تجمعهما واللحظة المجنونة التي يعيشان . وأخيراً افاقا من حلمهما على صيحات ضاحكة لمجموعة من الفتيات جلسن في حلقة على الرمال ينشدن اغنيات صاخبة مصحوبة بالتصفيق والقهقهات . نظر الشاب الى فتاته المغمضة العينين والتي تحاول التقاط أنفاسها بعد تلك اللحظات العاصفة . وقال مازحاً : -هل غفوت ؟ ابتسمت ، ثم فتحت عينيها اللامعتين وأجابت بصوت ملؤه السعادة : -لا ، وليس في نيتي ان أنام الليلة ! -حتى ولو كنت بطل أحلامك ؟ زادت الفتاة قرباً من حبيبها وقالت هامسة : -وما حاجتي للاحلام وانت هنا الى جانبي يا بيرت ؟ لم يقو الرجل على مقاومة الاغراء فشدها اليه لكنه مالبث ان امسك بكتفيها ودفعها عنه بشيء من العنف قائلاً بصوت تخنقه الرغبة : -آه لو تدركين ماتفعلينه بي يا لين ! ضحكت عينا لين بخبث وحاولت الاقتراب منه ثانية لكنه صدها ، فسألت باستغراب : -لماذا تبتعد عني ؟ ابتسم بيرت مدركاً ابعاد لعبتها وداعب شعرها الاسود المتروك على سجيته مرتاحاً من عناء التسريحات المتعبة ، ثم قال : -انت تثيرين جنوني ، واذا لم تتعقلي لاعتبرت نفسي غير مسؤول عن نتائج اغوائك . اطرقت لين وعلقت بخجل : -وما أدراك أني لن أكون مسرورة بهذه النتائج ؟ رفعت عينيها نحوه لترى ردة فعله فما كان منه الا ان ضمها الى صدره من جديد قبل ان يضحك عالياً لطرافة طريقة اعرابها عن مشاعرها ، ثم قال بجدية : -أمامنا متسع من الوقت لنعمق علاقتنا ، فنحن لم نتعرف الى بعضنا الا منذ اسابيع قليلة . كما انك ما زلت صغيرة ... قاطعته لين بحدة : -لا اظن ان فتاة قاربت العشرين تعتبر صغيرة على ... احمرّت وجنتاها وتابعت بتلعثم : -الكثيرات غيري في الشركة ... تولى بيرت مهمة اكمال الجملة : -يقفزن الى اول فرصة اليس كذلك ؟ أعلم ان بعض مضيفات الطيران لا يحترمن سمو العلاقة بين الرجل والمرأة . ولربما كانت ظروف هذه المهنة المتحررة تملي عليهن ذلك . والامر لا يقتصر على المضيفات فلابدّ انك تلاحظين كيف تحوم الفتيات حول الرجال من افراد طواقم الطائرات في الفنادق حيث ننزل ، وقد يكون السبب في الاقبال النسائي على الطيارين ، البزة الوقورة التي يرتدونها وخبرتهم المفترضة في المغازلة نتيجة تجوالهم في مختلف اصقاع العالم وتعرفهم الى كل انواع نسائه . هنا سألت لين بقسوة : -اتلمح الى انك لم تستغلّ الفرص المتاحة أمامك ؟ -لم أقل ذلك ، فأنا رجل يحب الجمال كسائر الرجال . لكني لم آخذ أياً من اولئك الفتيات على محمل الجد ، ولم تكن علاقتي باحداهن اكثر من طريقة ممتعة لتمضية الوقت . كما اني لست مستعداً للخروج على القواعد من اجلهن . -القواعد ؟ -يالغباء حبيبتي الصغيرة ! القاعدة تقول ان لا تغرم أبداً بمضيفة خاصة وان مامن امرأة تستحق ان يفقد الرجل حريته من اجلها . غير ان هذه القاعدة تستبعد متى وقعت يداي على الفتاة المناسبة . فتاة تملك براءة فائقة في وجهها وحناناً دافقاً في عينيها ، وتعجز كذلك عن اخفاء مشاعرها وكبح جماح عواطفها الجياشة ... تأملت لين ملامحه الوسيمة بدهشة كبيرة وسألت : - أتعنيني بكلامك ؟ أجاب بيرت والابتسامة تعلو ثغره : -بالطبع ياحلوتي . امسك وجهها الناعم بيديه القويتين وأضاف : - علينا ان نسيطر على اعصابنا ولا نستجعل الأمور حتى لا نفسد العلاقة الرائعة التي بدأنا ببنائها . والوقت ، كما قلت ، مديد أمامنا لنقطف من حلاوة الحياة . ازاحت يديه عن وجنتيها ووافقت على مضض : - ليكن ماتريد مع العلم ان الامر لن يكون سهلاً اذا تابعت معاملتي بهذه الطريقة . لف بيرت خصرها بذراعه وعلق مازحاً : - لا تنسي ان دورك في العملية لم يقل أهمية عن دوري ! - لا ادري ، لم اعد اذكر تفاصيل ما حدث ... ضحك الشاب من جديد مستغلاً الفرصة : - افهم من ذلك انه من واجبي انعاش ذاكرتك ... لنعد فوراً الى الفندق ، اذ علينا النهوض باكراً في الغد لنستعد لرحلة العودة الى لندن . اسندت لين رأسها على كتفه تاركة له أمر قيادتها من الشاطئ عبر الحدائق الخضراء الى الفندق . كان حوض السباحة مضاء يلهو فيه بعض هواة السباحة في الليل والمقهى الصغير المقام قربه على وشك الاقفال يوزع مابقي لديه من مرطبات على آخر الزبائن . والرواد ليسوا ، في أي حال ، كثراً في هذا الوقت من السنة لأنها نهاية الموسم السياحي في ميامي عاصمة ولاية فلوريدا الامريكية . ولكن هذا لا يعني ان الطقس لم يعد حاراً فالحرارة تبلغ خمساً وعشرين درجة مئوية في الليل ، مما دفع لين الى ارتداء ثوب رقيق وبيرت الى الاكتفاء بقميص قطني أبيض وسروال صيفي مريح . مشى الثنائي الشاب حول حوض السباحة حيث اصطفت الكراسي العريضة المخصصة لهواة التمدد تحت الشمس المحرقة لاكتساب السمرة الجذابة . واكملا طريقهما الى حوض ثان حيث اقيمت شلالات صناعية توحي للسابح انه مرتمٍ بين احضان الطبيعة العذراء . والى جانب الحوض متجر لبيع المصوغات ومطعم متخصص بأطايب البحر المتنوعة . لكن الاثنين مقفلان في هذه الساعة تاركين الساحة لخرير الماء المصب من الشلالات . اقترب الشابان من الفندق حيث انبعث صوت المغنية الدافئ من النادي الليلي الذي يحتل الطبقة الاولى . بيد ان لين تكره اجواء هذه الامكنة المصطنعة والبعيدة عن الصدق والشاعرية اللذين غلفا ما دار بينهما وبين بيرت منذ قليل على ذلك الشاطئ الفسيح الساحر . لقد حصل كل شيء بسرعة فائقة لم تمكن لين من ادراك ماهية مايربطها بهذا الشاب وما اذا كانت هذه العلاقة ستتوج بالسعادة ، ام ان جل مافي الامر حلم جميل ووجودها مع بيرت على شاطئ ميامي ضرب من الخيال . وعادت الذاكرة بلين الى الوراء اشهراً قليلة حيث واجهت صعوبة في تليين معارضة ذويها لما فاتحتهم بموضوع تقديمها طلباً للتوظف في الشركة العالمية للملاحة الجوية . وخضعت لامتحان شفوي صعب وآخر خطي قبل ان تتلقى رسالة من الشركة تعلمها بالنجاح وتدعوها لبدء فترة التدريب في معهد خاص امضت فيه بضعة أسابيع مع شابات وشبان اختاروا المهنة نفسها . وهناك تعلمت الكثير ، فوظيفة مضيفة الطيران هامة وصعبة تحتاج الى الجرأة والذكاء والصبر . بعد ذلك قامت بأولى رحلاتها على الخطوط القريبة من لندن والعواصم الاوروبية الاخرى ، لكن قيام الشركة بفتح خطوط جديدة عبر المحيط الاطلسي الى الولايات المتحدة جعل لين تنتقل الى خط لندن-ميامي . واعتبرت الفتاة نفسها محظوظة بذلك لأن جميع المضيفين والمضيفات يتمون العمل على هذا الخط الذي يتيح لهم كل مرة تمضية يومين أو ثلاثة في شمس ميامي الدافئة . بيرت بدوره كان يعمل على الخط عينه وقد تعرفت لين اليه عندما اصطحبتها المضيفة الاولى الى قسم الطيارين في مطار هيثرو وهو المطار الرئيسي في انكلترا . فقابلت الطيار ومهندس الطيران ومساهد الطيار الذي لم يكن سوى بيرت . وصعقت الفتاة لما شاهدته بقامته الفارعة وعضلاته البارزة ، وبعينيه شديدة الزرقة . صافحها بهدوء مبتسماً فلم تدر لين ماتقول وأبقت يدها في يده مشدوهة لأنها لم تشاهد فتى بوسامته من قبل ، وبخاصة ذلك التناقض الملفت بين سمرته الداكنة وزرقة عينيه . ولم تستطع الفتاة تدارك احمرار وجنتيها الامر الذي أثار دهشة بيرت فسارعت الى سحب يدها وحيت الرجال الثلاثة من جديد ثم انسحبت تحت انظارهم الساخرة . لم يكن ارتاك لين أمام بيرت غير ذي نفع ا ذ بادلها الاهتمام ودعاها بغد أيام قليلة الى الخروج للعشاء ، فلم تكد تصدق حظها لأن فتيات الشركة كن يحمن حوله بكثافة وهو متعجرف لا يمنحهن نظرة . وخشيت لين الا تفي بالمطلوب نظراً لعدم خبرتها مع الشبان وان يشعر بيرت معها بالملل فيهملها ، لكنه ظهر صبوراً ومتفهماً فاخذ يساعدها على التأقلم معه فارتاحت اليه تدريجياً حتى وجدت شخصيتها من جديد واستعادت ثقتها بنفسها . وعلى الرغم من انسجامها مع بيرت لم تدرك الفتاة سبب اهتمامه بها فهي ، وان كانت ممشوقة القوام جميلة العينين ، ليست على ذلك القدر من الفتنة والروعة حتى توقع رجلا وسيماً مثله . ولطالما تذمرت لين من انفها الرفيع والطويل نسبياً ، غير ان بيرت كان يحب تمرير اصبعه عليه ويؤكد لها دوماً انه يعطيها مسحة ارستقراطية متعالية . مضى شهران على اول لقاء لها ببيرت . شهران تعتبرهما لين اجمل ايام حياتها على الاطلاق . فقد ايقظ لشاب في اعماقها جانباً كان مطموساً ، وأثار فيها حب الحياة فاتحاً أمامها درب السعادة والهناء . غريب كيف يغير الحب مسار عيش الانسان رأساً على عقب ، فبعد ان كانت الحياة في نظر لين مشروعاً باهتاً فاشلاً هاهي الآن تتلذذ بكل لحظة تمضيها مع بيرت وتتشوق في كل لحظة تمضيها بدونه للقائه من جديد . ولم تأبه لين لملاحظات زميلاتها المضيفات اللواتي يدعونها للتروي والتعقل ، بل انغمست في حب مساعد الطيار الذي أدار رأسها وسلب عقلها . أما بيرت فلم ينجرّ أكثر من ذلك مكتفياً بعناقها مقاوماً الاغراءات واستعداد فتاته لمنحه كل مايشاء ، ولا شك انه يجد صعوبة في كل مرة يكون في موقف عاطفي مع لين لضبط اعصابه وعدم الانسياق وراء الغرائز . ولين لا تخبئ خيبتها من ذلك لأنها تريد الوصول بهذا الحب الى القمة ، لكنها مرغمة على الصبر قانعة بما لديها حتى تترسخ العلاقة أكثر . قبل ان يدخلا الفندق تبادلا نظرة اخيرة . وفي المدخل الفسيح مشيا ببطء يتفرجان على واجهات المتاجر المتنوعة التي تسهل للنزلاء امر الحصول على مبتغاهم من ملابس واحذية وآلات تصوير والعاب ... نظر بيرت الى محل الالعاب فتوقف فجأة وقال : - انتظري هنا ، سأعود سريعاً . اطاعت لين امره واخذت تحدق في الالعاب المتنوعة الحديثة التي تعمل كهربائياً والكترونياً ، والتي تضفي بجمالها والوانها الزاهية جواً فرحاً على المكان . بعد قليل خرج بيرت حاملاً دباً أبيض كبيراً ذا اذنين سوداوين وعينين معبرتين كأنه مخلوق حيّ لا مجرد دمية من الفرو . اعجبت لين كثيراً بالدبّ وضمته الى صدرها فقال بيرت ضاحكاً : - جلبت لك هذه اللعبة حتى تداعبيها في سريرك بغياب الأصيل . وبما ان الفتاة لا تخلو من الدهاء علقت : - لربما وجدت مع دبي الوسيم ان لاحاجة لي الى الأصيل . عندها نزع بيرت الدمية الكبيرة من يدها مهدداً : - سأعيده اذاً الى حيث اتى ! - لا ارجوك ! انت تعلم ان لابديل عنك ياحبيبي ! - كانت هذه المرة الأولى له فيها " حبيبي " . لم يعلق بيرت عن ذلك بل زادت نظراته حناناً وعذوبة ، فأمسك بيدها واتجها الى المصعد . وعلى باب غرفتها طبع على جبينها قبلة رعائية ونبهها الى وجوب النهوض باكراً . في اليوم التالي لم يلتقيا الا في مطار ميامي في القاعة المخصصة لافراد طواقم الطائرات . وابدى جميع الزملاء والزميلات اعجابهم بالدب الابيض الكبير الذي تأبطته لين بدون ان ينسوا اطلاق التعليقات والنكات الساخرة . فقائد الطائرة نّبهها الى وجوب دفع تعرفة شحن اللعبة الضخمة ، والمضيفة الأولى ابدت تخوفاً من عدم قدرة الطائرة على حمل الحيوان الثقيل . تقبلت لين هذه السهام بروح مرحة ونظرت الى بيرت الذي تقدم منها مبتسماً لكنه تعثر بقدم احدى المضيفات وخلال المعمعة سقطت حقيبة يد لين وتبعثرت اغراضها على الأرض فانهمك بيرت وبعض المتطوعين من الزملاء والزميلات باعادة كل شيء الى الحقيبة : لوازم الزينة ، المحفظة ، جواز السفر ... اخيراً نهض بيرت وناولها الحقيبة قائلاً بتعجب : - لم أرَ في حياتي فتاة تحمل كل هذه الاغراض في حقيبة يد! ولكنه مالبث ان ابتسم جاعلاً قلب لين يخفق بشدة من الحب الممزوج بالفاخرة والمباهاة بالحبيب الوسيم أمام الزميلات الحاسدات . مرت رحلة العودة الى لندن بدون أحداث تذكر ، كالعادة انهمكت لين وزميلاتها بتلبية طلبات المسافرين التي لاتنتهي . ولم يسعها اخذ قسط من الراحة الا حين عرض الفيلم السينمائي الذي استغرق ساعتين . أخيراً توقفت عجلات الطائرة عن الدوران ونزل الركاب ، فعملت مع لين زميلاتها على تفتيش الطائرة للتأكد من ان احداً لم يترك فيها شيئاً . وبعدها توجه افراد الطاقم الى مبنى المطار للمرور على سلطات الجمرك في عملية تفتيشية روتينية . وكادت لين توقع حقيبتها من جديد وهي تحاول اخراج جواز سفرها منها ودميتها الكبيرة تحجب عنها الرؤية ، فتبرع بيرت بالمساعدة قائلا : - اعطني الحقيبة لأخرج جوازك . توقف الشاب قليلاً فيما تابعت لين سيرها في رواق المطار الطويل متجهة نحو مكتب الجمرك . وبعد ان وجد بيرت الجواز لحق بها وناولها اياه بينما هي تتثاءب من النعاس والتعب . - لاشك أنك تلعنين من أوهمك بأن السفر مهنة ممتعة . - انها مهنة ممتعة لك يابيرت لأنك تسافر جالساً ، بينما أنا أجوب الطائرة مئة مرة . بيد ان التعب كله يزول بهيمنة حب واحدة مع بيرت الذي يكنّ قلبها له عاطفة لا توصف . وصل الجميع الى مكتب الجمرك حيث وجدوا ازدحاماً فعلق احد المضيفين: - يبدو انهم يقومون باحدى غاراتهم التفتيشية ، وهذا يعني انهم سيؤخروننا كثيراً ببحثهم الدقيق . ولكن مالعمل سوى الخضوع لأوامر السلطة التي لارجوع عنها وبخاصة في القضايا المتعلقة بادخال الممنوعات الى البلاد . اما لين فكانت هذه المرة الاولى التي تخضع فيها لمثل هذا التدبير ، فسلمت حقيبتها ودخلت مع احدى مأمورات الجمرك الى غرفة جانبية للتفتيش الجسدي . وسرت الفتاة كثيراً لما انتهى هذا التفتيش المزعج فارتدت ملابسها لتوافي بيرت معه على برنامج السهرة ، لكنها ابقيت في الغرفة فترة طويلة قبل ان تعود المأمورة ومعها احد الضباط الذي حمل جوازها وقال : - أنت الآنسة لينيت ماكسويل ؟ - نعم . - هلاّ رافقتني يا آنسة الى مكتبي لبضع لحظات ؟ نهضت الفتاة الحائرة من مقعدها يمسك بذراعيها المأمورة والضابط واصطحابها الى مكتب واسع في وسطه طاولة سوداء كبيرة . وعلى هذه الطاولة شاهدت محتويات حقيبة يدها مبعثرة ورجال الجمرك يفتشونها بدقة ... حتى احمر الشفاه ومعجون الاسنان لم يسلما من شكوكهم . ولم يسع لين ان تقول شيئاً لأنها لم تفهم شيئاً ، لكنها صعقت ازاء المشهد التالي . فقد تناول احدهم دبها الكبير واخرج من جبينه سكيناً . عندها صاحت الفتاة بشدة محاولة الاندفاع نحوه لايقافه فاشتدت القبضتان على ذراعيها . ولم يعد لديها سوى التوسل : - ارجوك لا تفعل ذلك ! لم يجدِ ذلك نفعاً اذ تابع الرجل عمله فبقر بطن الدب ممزقاً الفرو من اعلى الى اسفل باحثاً في داخله عما تجهله لين تماماً . التفتت الفتاة غاضبة الى الضابط الممسك بذراعها وصرخت : - كيف تجرؤ على ذلك ؟ اجابها الرجل بثقة : - تأكدي ياآنسة اننا نملك صلاحية تفتيش أي شيء يدخل الى هذه البلاد اذا كان هناك ما يدعو الى ذلك . - لا شيء يدعو الى تمزيق دميتي فهي هدية تلقيتها البارحة . اشار الرجل بيده الى الاغراض الموضوعة على الطاولة سائلاً : - اهذه حقيبتك يا آنسة ماكسويل ؟ - نعم . - وهذه الاغراض ؟ حدقت لين في الوجوه الجدية القاتمة المحيطة بها و أجابت : - اذا كانت الاغراض خرجت من حقيبتي فهي لي . لكن هل استطيع ان افهم لماذا فعلتم ذلك ؟ تقدم الضابط من الطاولة وبلمقط صغير التقط علبة مسحوق بودرة افرغ محتواها في علبة ثانية بيضاء ، ثم سأل : - اهذه لك ؟ - نعم اظن ذلك ، ( امعنت لين النظر في العلبة واستدركت ) لا ، يبدو انها ليست علبتي فالتي ابتعتها في ميامي من نوع آخر على ما اعتقد. زادت الفتاة حيرة وارتباكاً فحاولت الاستفهام : - اتسمح ياسيدي بأن تفهمني ماذا يحصل ؟ وضع الضابط العلبة مكانها وقال ببرود : - لقد وجدنا في علبتك هذه كمية من الهيروين ، لذا يغدو من واجبي الآن تسليمك الى الشرطة التي ستوجه اليك تهمة تهريب المخدرات وادخالها الى البلاد . وعلى الفور شحب وجه لين من هول الصدمة والخوف فصاحت : - لا ! لا! لم أفعل شيئاً من هذا ! وزادها الضابط بتهكمه خوفاً وسخطاً ، اذ قال : - لا حاجة للخوف مادمت بريئة يا آنسة ماكسويل . فالحقيقة ستنجلي بعد ان تقنعي رجال الشرطة بأن علبة بودرة تحتوي على كمية من الهيروين الصافي دخلت حقيبتك بدون علمك . احست لين انها ستنهار لا محالة ، فجلست على كرسيها صامتة تحدق بعنين غائبتين في الرجال يفتشون بقية الاغراض علهم يجدون مواد جرمية اخرى. ومكثت سجينة الغرفة مدة طويلة حتى وصل اخيراً مفتش من الشرطة وابلغها انه سيوقفها ويصطحبها الى المخفر . وخلال كل هذا الوقت كانت الفتاة شبه ضائعة كأنها فقدت حواسها وادراكها ، حتى انها لم تسمع بوضوح ما قاله مفتش الشرطة الى المخفر محاطة بشرطيتين ، ومروا عبر البهو الكبير حيث مكاتب مختلف شركات الطيران . وكانت قد وصلت للتوّ طائرة للخطوط الجوية السويسرية فمرّ ركابها وطاقمها على الجمرك بدون ان يخضعوا لأي تفتيش . واخذ الركاب ينظرون بفضول الى لين التي اشاحت نظراتها ارتباكاً وخجلا. وفجأة لمحت بيرت المتكئ الى جدار ، السيكارة في فمه والقلق على وجهه . ولما رآها ورأى من يصطحبها ادرك ما حدث . ولم تتمالك الفتاة نفسها فافلتت من المرأتين وارتمت في احضانه مرتجفة . وعلى الفور اسرع المفتش ليمسك بها لكن بيرت لم يدعها تفلت من يديه . انفجرت لين عندها باكية : - زعموا اني نقلت مخدراً في حقيبتي ! قل لهم يا بيرت اني بريئة من هذه الفعلة ! وهنا تدخل المفتش بحدة : - دعها ياسيد ! الآنسة ماكسويل قيد التوقيف . لم يذعن بيرت لأمره بل أحكم ذراعيه حول فتاته التي شعرت بشيء من الارتياح لوجود شخص قوي الى جانبها ، شخص يحميها ويشد من ازرها في هذه المحنة الرهيبة . أخيراً وجد بيرت شيئاً يقوله : - سأرافق الآنسة الى حيث تأخذونها . تفحصه المفتش عرضاً وطولاً بنظراته القاسيه سائلاً بحدة هدفها افهام بيرت من صاحب الأمر هنا : - ومن تكون بالنسبة اليها ؟ - ادعى بيرت داين واعمل في الطائرة التي تسافر فيها الآنسة ماكسويل . فكر المفتش قليلاً ثم قال : - حسناً نحن ذاهبون الى مخفر الشرطة ، فأهلاً بك اذا احببت المجيء. ركب الجميع سيارة الشرطة وسمِحَ للين بالجلوس في المقعد الخلفي الى جانب بيرت . طوقها حبيبها بذراعه في حين انهمك بالاخرى بمسح الدموع المنهمرة غزيرة على وجنتيها . حاولت الفتاة ان تبتسم ولكنها لم تقوَ على ذلك فاغرقت وجهها في صدره ، فقبل رأسها واخذ يداعب شعرها بحنان . وشعرت لين انها ماتزال وحبيبها على شاطئ ميامي يتبادلان الكلام الحلو ولالعناق البريء ... ولكن ياللأسف فها قد وصلت السيارة الى مركز الشرطة حيث خضعت لين لتحقيق جديد بمعزل عن بيرت الذي جلس يعاني قسوة الانتظار والقلق . وجه المحقق الى الفتاة التهمة بصورة رسمية ، وتم اخذ بصماتها ، ثم انهال عليها سيل من الاسئلة : من زودها بالمخدرات ؟ لمن كانت ستسلمها ؟ كم من المال نالت لقاء ذلك ؟ اسئلة ، اسئلة لا تنتهي ولين تكرر أقوالها السابقة بأنها لاتعرف من دس علبة مسحوق البودرة في حقيبتها وان لاعلاقة لها من قريب او بعيد بتهريب الهيروين . أخيراً تم تدوين افادتها وسمح لها برؤية بيرت الذي ضمها اليه وقال مطمئناً : - لا تقلقي يا عزيزتي . فأنا وانت عالمان انك بريئة . سأوكل محامياً بارعاً يدافع عنك ويخرجك من هذا المأزق بسرعة البرق . ولابد ان تظهر الحقيقة ويلقى القبض على الفاعل الحقيقي . - اتعتقد ان احداً ما دس المخدر في حقيبتي ليوقعني في هذه الورطة ؟ هز رأسه نافياً : - لا اعتقد انك كنت المقصودة ، بل اعتقد ان رجال الجمرك تلقوا معلومات ما عن عملية تهريب فاخضعوا الجميع لهذا التفتيش الدقيق . ولابد ان الفاعل شعر بالخطر فتخلص من المخدر بوضعه في حقيبتك . علقت لين بمرارة : - وشاء حظي التاعس ان اكون الضحية . ابتسم بيرت وداعب وجنتها محاولاً التخفيف عنها ، ثم قال : - لربما وقع اختيار المجرم عليك لأن وجهك هو الاكثر براءة . خطرت للفتاة فكرة هامة : - ولكن كيف كان ينوي المهرب استرداد الهيروين من حقيبتي بعد مروري على الجمرك ؟ هز بيرت كتفيه مجيباً : - باختلاق عذر ما وبخاصة اذا كان المعني فتاة ، كأن تقول انها اخطأت ووضعت علبتها في حقيبتك في فندق ميامي . - اتعتقد ان الفاعل فتاة ؟ - من يعلم يالين ! فأي انسان قد يقع في التجربة ويرتكب اعمالاً حمقاء سعياً وراء المال . وأنا لا استبعد ان يكون الفاعل احد الركاب لان الجميع عرضه للتفتيش . عندها نظرت لين الى البعيد بيأس وتساءلت : - كيف لنا اذاً اكتشاف الفاعل الحقيقي ؟ امسك الشاب بكتفيها وطمأنها : - مادامت العلبة لا تخصك فبصماتك لن تكون عليها بل بصمات المهرب المجرم وهذه القرينة ستثبت براءتك . -------------------------------------------------------------------------------- ولأول مرة منذ حصول الحادثة أحست لين بارتياح حقيقي واستطاعت الابتسام اذ رأت يارقة امل تلوح في ديجور هذا النفق الرهيب ، فصاحت : - آه ! ارجو ان يكون كلامك صحيحاً ! وهنا استدرك بيرت بواقعية : - لا تتوقعي المعجزات فالأمر سيتطلب بعض الوقت . ولاشك ان المجرم سيحاول الابتعاد عن مسرح الجريمة قدر المستطاع ، والطريقة الفضلى لذلك السفر الى خارج البلاد . وما ان رأى بيرت الخوف يعود الى عينيها حتى أضاف : - اجزم لك يالين اننا سنصل الى الحقيقة مهما طال الوقت . اتؤمنين بما اقول ام لا ؟ من عينيه الواثقتين استمدت كل الشجاعة التي تحتاج واكدت : - اؤمن بكلامك مادمت الى جانبي . داعبها موجهاً لكمة خفيفة الى وجنتها وقال : - اني اضع هذه العضلات بتصرفك لنقاتل معاً يا آنستي . - - هل سأبقى كثيراً هنا ؟ فأنا اخاف هذا المكان يابيرت . - ستبقين الوقت اللازم حتى اوكل المحامي ونؤمن دفع مبلغ الكفالة ، فهم لن يمنحوك اخلاء سبيل الا مقابل كفالة مالية ، والآن عليك اعطائي عنوان ذويك لاتصل بهم واطلعهم على ما حصل ، اذ لايجوز اخفاء الامر عنهم. - كتبت لين عنوان منزلها على ورقه صغيرة وسمعت بليرت يقول بهدوء: - ادرك انك تملكين الشجاعه الكافية لتمضية الليلة هنا ، وغدا تمثلين امام قاضي التحقيق الذي سيعين الكفالة المطلوبه لاطلاقك. اغرورقت عيناها بالدموع شاكيه: - لا ! لا اسطتيع البقاء في زنزانه كالمجرمين! امسك بيرت بيدها مشجعا: - اين فتاتي المقدامه الجسور؟ الا تستطيعين الصبر ليلة واحده؟ داعب وجهها بيده القويه وقبلها باندفاع وشوق فاحست ببساط الحب يحملها على رياح الاحلام بعيدا عن الواقع القاتم الذي اوقعها فيه حظ عاثر. - سأذهب الان لاتدبر محاميا واعود بأسرع مايمكن. بذلت لين قصارى جهدها لتجد شيئا من البسالة والقدرة على مواجهة المواقف ، فقالت: - حسنا، انا بانتظارك. افتر ثغر بيرت عن ابتسامه عريضة وشدها اليه بعنف: - انت فتاتي، ولن اسمح بحصول اي شيء يؤذيك. بعد ذلك خرج من الغرفه تاركا لين وحدها حتى جاء شرطي واصطحبها الى زنزانه، حيث سمعت صليل المفتاح الثقيل يدور في القفل وراءها. لم تمس الفتاه شيئا من الطعام الذي احضر لها بل اخذت تجوب الغرفه طولا وعرضا حتى جاء بيرت بعد ساعتين وبرفقته احد المحامين. واعادت الفتاة المتهمة زورا وبهتانا سرد قصتها على المحامي بدون ان تستطيع اضافة شيء الى ما اخبرته لرجال الشرطة. ولفهمها رجل القانون انه لا يستطيع اخراجها من السجن الان، بل عليها الانتظار حتى الغد عندما تمثل امام قاضي التحقيق الذي يعين الكفالة. تقبلت لين ذلك لان البكاء والصراخ لا يجديان نفعا مع حكم القانون الذي لا يلتفت بصرامته الى رقه المشاعر الانسانيه، وهو في ذلك على حق لانه لا يستطيع الاحاطه بكل متطلبات الافراد التي لا تحصى والتي لا تستطيع قاعدة قانونيه ارضاءها جميعا مهما بدت كاملة. بعد ذلك شرح بيرت للمحامي وجهة نظره في ما يتعلق بالبصمات على العلبه، وسأل هذا الاخير موكلته عما اذا كانت تشك باحد فأجابت نافيه: - لا اشك بأحد معين اذ لم ار احد في وضع يمكن اعتباره مشبوها. نظر المحامي اليها من خلف نظارتيه السميكتين بشيء من التعاطف وقال: - لا شك في انك تحت تأثير الصدمة الان يا انسة ماكسويل. ومع ذلك اريدك ان تفكري الليلة بهدوء وتعيدي في ذهنك شريط احداث هذه الرحلة، فلعلك تجدين مايفيدنا. وقف الرجل مودعا فنهضت لين بدورها وقالت: - شكرا على مجيئك يا استاذ. - هذا واجبي يا انسة. في هذه اللحظة دخل مفتش الشرطة الذي اصطحب لين من المطار الى المخفر وقال بسخريه: - ظننت انكم تودون الاطلاع على نتائج اختبار رفع البصمات الذي اجراه رجال الادلة الجنائية على العلبة. يبدو ان بصمات الانسة ماكسويل مطابقه لبعض البصمات الموجوده عليها، وهذا يعني انها امسكت حتما بالعلبة قبل مرورها على رجال الجمرك. لم تصدق لين ما سمعته اذنها واخذت تحدق ببيرت المصعوق بدوره قبل ان تحس بدوار شديد وتسقط على الارض مغميا عليها. امضت الفتاة المظلومة اسوا ليلة في حياتها ممدة على ذلك السرير الضيق في الزنزانه الموحشه، حيث يتسرب نور خفيف يسمح للحارس بالرؤية عندما يجيء كل ساعه لتفقد الموقوفين. حاولت لين جاهده ان تعمل بنصيحة محاميها واعادة احياء صور ماحصل، غير ان واقع الحاضر المؤلم ابعد عن ذهنها ما حصل وشوش افكارها مانعا اياها من التذكر بدقه. ولم تجد بعد فشلها سوى اغراق وجهها في الوساده والبكاء بصمت لئلا يسمعها احد. في الصباح وصل والدها ووقع المأساة باد على وجهه واخذ يوجه الاوامر الى مفتش الشرطة مهددا اياه باوخم العواقب اذا لم يوضح له ماحصل. وهذا ليس مستغربا من والد لين لانه ضابط سابق في الجيش ومعتاد على التحدث بهذه النبرة حتى مع افراد عائلته. لكن رجال الشرطة يعرفون كيف يعالجون مثل هذه المواقف فاقنعوه بالذهاب الى المحكمة حيث سبقه بيرت والمحامي. لم يطل الاستجواب امام قاضي التحقيق اكثر من بضع دقائق، طلب بعدها المحامي اخلاء سبيل موكلته لقاء كفالة فوافق القاضي على طلبه لان سجل لين نظيف. وخرجت لين على الفور من المحكمة ممسكه بذراع بيرت لتتمتع بنور الشمس من جديد. غير ان اخلاء السبيل لايعني الحريه التامة فالمتهم لا يستطيع مغادرة البلاد وتظل تحركاته خاضعة لمراقبه الشرطة. كما ان الشركة علقت عقد الاستخدام القائم بينها وبين الين بانتظار ظهور نتائج التحقيق. فاضحت الفتاة بلا عمل يشغلها عن التفكير بمشكلتها ، وما ازاد الطين بلة نشر الخبر في الصحف وتوتر الوضع العائلي بين لين وامها التي اضطرت الى اللجوء الى طبيب ليعطيها مسكنات تساعادها على مواجهة الازمة, واقترح الوالد الذهاب الابنة للمكوث عند عمتها ماري في يوركشاير الامر الذي يعني ابتعادها عن لندن وبيرت. وهذا الاخير لم يستطيع اقناع الشركة بنقله من خط ميامي الى الخطوط الاوربية ليتمكن من البقاء الى جانب فتاته اكثر. كما ان المسؤولين في العمل اظهروا له عدم رضاهم عن علاقته بلين التي لوثت برأيهم سمعة المؤسسة ومرغت اسمها في الوحل. وبيرت لم يأبه بالطبع لهذه الاراء الجائرة بل عمل مافي وسعه في الوحل. وبيرت لم يأبه بالطبع لهذه الاراء الجائرة بل عمل مافي وسعه لاخراج لين من ورطتها، فطلب من رجال الشرطة اخذ بصمات جميع الذين الذين كانوا على الطائرة لكنه ووجه بالرفض لان لين ضبطت برأيهم بالجرم المشهود والادلة بحقها كافية فلا حاجة للتوسع في التحقيق. فلم يعد بوسع بيرت سوى دعم لين معنويا وتشجيعها بعد ان اقفلت في وجهه كل السبل. اقترب موعد المحاكمة فتوجهت الفتاة الى لندن لمقابلة محام جديد نصحها به المحامي الاول، ذلك ان المحامين في انكلترا فئتان/ فئة تستطيع المداعاه امام المحاكم الدنيا وفئة تداعي امام المحاكم العليا. لذا اضطرت المتهمة الى اعادة اخبار المحامي الثاني بكل التفاصيل بخاصة وان الرجل شدد على معرفة كل ماحدث حتى ماقد يبدو للوهلة الاولى تافها. جلست لين في مكتبة تجيب على الاسئلة. - اين وضعت حقيبتك يا انسة عندما صعدت الى الطائرة؟ - هناك فسحة في الطائرة مخصصة لحقائب افراد الطاقم. - افهم من ذلك ان ايا من زملائك كان يستطيع دس علبة المخدر في حقيبتك اثناء الرحلة؟ اجابت لين: - بالطبع . ولكن لماذا يقدم المهرب على ذلك خلال الرحلة ما دام لا يعلم بأنه سيتعرض لتفتيش دقيق؟ فنحن لم نشعر بشيء غير اعتيادي الا عند وصولنا الى داخل مطار لندن. - هذا صحيح . حاولي ان تتذكري ماحدث تماما عند هبوط الطائرة، هل غادر جميع افراد الطاقم الطائرة معا؟ - نعم فقد قطعنا المسافه بين المدرج والمبنى مشيا في مجموعه واحده. - الى جانب من كنت تسيرين يا انستي؟ - الى جانب بيرت داين. - لا احد غيره؟ فكرت لين ثم اجابت: - نزلت سلم الطائرة مع زميلتين وكان بيرت بانتظاري في اسفله فتركت زميلتي ويرت وياه. - اكانت حقيبتك معك طوال ذلك الوقت؟ - نعم. - اكنت تحملين شيئا اخر؟ - كنت احمل دمية كبيرة احضرتها من ميامي. - اتصور ان حقيبتك تعلق بالكتف، اليس كذلك يا انسة؟ فهل كان باستطاعة احد ان يدس فيها العلبة خلال سيرك من الطائرة الى مبنى المطار لانشغالك بحمل الدمية الكبيرة؟ صمتت لين قليلا تفكر واجابت: -لا اعتقد، لانها كانت مقفلة ولم افتحها الا عندما... تجمد الدم في عروقها اذ عاودتها ذكرى ماحصل ولم تكمل الكلام فسأل المحامي بالحاح: - يبدو انك تذكرت شيئا مهما، فما هو؟ لم تنبس الفتاة ببنت شفه بل اخذت تستعرض الصور في مخيلتها بهلع، وتذكرت كيف حاولت اخراج جواز السفر من الحقيبة ولم تفلح فعرض عليها بيرت المساعده. وتخلف عنها للحظات بعد ان اخذ منها الحقيبة قبل ان يلحق بها ويناولها الجواز ثم يعيد تعليق الحقيبة في كتفها... الامر واضح للغاية: بيرت هو من وضع المخدر في الحقيبة، اذ لا احد غيره كان يملك الفرصة لفعل ذلك

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا