الجحيــم


تجسدت الذكريات ببطء ، مثل فقاعات تطفو على سطح بئر مظلمة بلا قرار .. امرأة ذات وشاح .. حدق روبرت لانغدون إليها من الضفة الأخرى لنهر تتدفق مياهه المتموجة ممزوجة بالدم على الضفة المقابلة ، وقفت المرأة بمواجهته بلا حراك ، وجهها الوقور مخبأ بوشاح أمسكت بيدها قطعة قماش تينيا زرقاء ، ثم رفعتها تكريما لبحر الجثث و الأجساد الملقاة عند قدميها كانت رائحة الموت تفوح في كل مكان همست المرأة : من يبحث يجد
***
أحلك الأماكن في الجحيم هي لأولئك الذين يحافظون على حيادهم في الأزمات الأخلاقية
***
تبدأ الرواية عندما يستيقظ لانغدون برؤية ضبابية داخل مشفى في فلورنسا، إيطاليا غير مدرك لطريقة وصوله إلى هناك مع ألمٍ فظيع في الرأس، ليدرك لاحقاً من طبيبته البريطانية المقيمة في إيطاليا - والتي ستكون شريكة مغامرته هذه - أنه قد فقد ذاكرته بالنسبة لكل شيء حدث معه في اليومين السابقين ، وأنّه قد تعرض لمحاولة قتل من قبل جهة مجهولة لسبب لا يستطيع تذكّره ومازال مهدداً من قِبل نفس الجهة ، يبدأ لانغدون الهرب خلال أزقّة مدينة فلورنسا ومعالمها حيث يأخذك دان براون في رحلة مشوقة من خلال وصفه للأماكن والأبنية والآثار، ويحوّل روايته إلى مرجع حقيقي عن البلدة وآثارها العظيمة ذاكراً أدق تفاصيلها وتاركاً فيك رغبةً لكي تراها في الواقع .. ومع مرور الأحداث تتوضح الأمور شيئاً فشيئاً، ويدرك لانغدون أن عليه ملاحقة ما يظن أنه وباء قام بتصميمه عالم الهندسة الجينية متقد الذكاء بيرتنارد زوبرست الذي يرى أن التضخم السكاني الحالي ستكون له عواقب وخيمة على البشرية ولهذا –برأيه- يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة للحدّ من هذا التضخم مهما كانت الوسيلة. وتتداخل الأحداث وتظهر منظمة الصحة العالمية التي تلاحق زوبرست منذ سنوات بعد أن أبدى استعداده للتخلي عن ثلث سكان العالم الحاليين في سبيل الحفاظ على الجنس البشري من الانقراض. وعلى هذه الخلفية يصارع لانغدون خصماً رهيباً بينما يتشبث بلغز يأخذه إلى عالم الفنون الكلاسيكية والممرات السرية والعلوم المستقبلية، محاولاً اكتشاف الأجوبة ومعرفة مَن هو الجدير بثقته… قبل الانهيار الكبير .. كما اعتدنا على البروفسور روبيرت لانغدون، فإنه سيقوم بما يبرع به أكثر من أي شيء آخر وهو اتباع الرموز، بدءاً من أسطوانة الحجر الصحي التي كانت مخبأة في سترته ، وصولاً إلى القصر الغارق في تركيا، مروراً بلوحة فاساري (معركة ماركينو) وقناع الموت الخاص بدانتي أليغيري ، وخريطة الجحيم المعدلة المحتواة في الأسطوانة الغريبة التي وجدها في سترته. وتلاحق لانغدون رؤيا غريبة كلما أغلق عينيه، يرى نفسه فيها في رحلة شبيهة برحلة دانتي عبر حلقات الجحيم التسعة .. هذه الرواية بفكرتها المميزة والغموض الذي يطغى عليها باحترافية عالية لها قدرة غريبة تجبرك على مواصلة القراءة دون انقطاع في الوقت الذي تتمنى فيه ألّا تنتهي الرواية، تلك هي موهبة دان براون التي تقتل فيك أي ملل قد يتسرب إليك خلال القراءة.. فهل سيكون الوباء هو سلالة مطورة من الطاعون وهل ستتحقق أمنية زوبرست بتخفيض أعداد البشر على وجه الارض؟ أم هل سيتمكن لانغدون ومنظمة الصحة العالمية من إيقاف زوبرست؟ لن نفسد عليكم متعة قراءة (الجحيم) و نترككم تبحرون في عوالم دان براون الشيقة و الممتعة

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا