الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع

سامحني يا قلب
Wife and a Mother Forever

الكاتبة : لوسي غوردون
------------
الملخص
------------
كانت آيفي وارتن امرأة جريئة تتحدى التقاليد ولا تخشى أحداً، ولكن شيئاً ما في شخصية المليونير جاسين واين يفقدها تعقلّها. إنها لا تغضب عادةً، ولكنه يثير فيها الرغبة في أن تكيل له الضربات، وهذا لن يفيد أبداً إذا أرادت أن تساعد ابنه!سرعان ما اكتشفت أن خلف تصرفات جاستين ماض أليم ولا شيء يمكن ان تفعله سيساعد في التخفيف عن الأب والإبن: لا الغضب، ولا النصائح، ولا الاهتمام..فهل سيساعد الحب؟
------
تمهيد
------
دقت الساعة الرابعة، وحان الوقت لبدء الاحتفال بعيد ميلاد السيدة رينوتشي. كانت سيارات الليموزين السوداء اللامعة تصعد التلة المؤدية إلى فيلا رينوتشي التي تشرف على خليج نابولي . كان الطعام معداً على شرفة القيلا ، حيث علت الطاولات أفضل أطباق المعكرونة الإيطالية والبطلينوس والفواكه من نتاج هذه الأرض البركانية الخصبة فضلاً عن أفخر أنواع العصائر . بدت الموائد أشبه بموائد ألف ليلة وليلة . بدت السماء صافية ، وقد انعكست زرقتها الداكنة على مياه الخليج المتلألئة تحت أشعة شمس بعد الظهر . انضم طوني رينوتشي إلى زوجته التي وقفت على الشرفة تنظر إلى أسفل التلة . قال وهو يضع ذراعه بلطف حول كتفيها : «إنه يوم مثالي، وكل شيء فيه كما ينبغي أن يكون .
إنه رجل قوي، ممتلىء الجسم، في الستينات، أشيب وذو وجه بشوش سريع الابتسام، وقد بدت عيناه حنونتين كحالهما دوماً حين ينظر إلى زوجته . أما زوجته فهي الرابعة والخمسين من عمرها، لكنها تبدو كأنها في أواخر الأربعينيات، فوجهها لا يزال نضراً كوجه شابة فتية . كل ما فيها بوحي بالأناقة والرشاقة، كما أنها متزوجة من رجل غني يسره أن ينفق المال عليها. وعلى الرغم من بعض التجاعيد الخفيفة التي لا مفر منها، إلا أن وجهها لا يزال حسناً. لم يكن جميلاً بالمعنى الحرفي للكلمة فملامحها أقوى من أن توصف بهذا الوصف، إذ إن أنفه عريض بالنسبة إلى امرأة، وهو
يطغى على ملامحها الأخرى، فيعكس شخصيتها القوية وقدرتها على اتخاذ القرارات. أما فيها فكبير وكريم، ترتسم عليه ابتسامة لطالما خلبت ألباب العديد من الرجال . ابتسمت هذه الابتسامة المذهلة لزوجها، فيما راحت أناملها تداعب الماسات التي تحيط بعنقها . قالت : «وهديتك لي من أجمل الهدايا ، كما هو الحال في كل سنة» . قال بنعومة : «لكنها ليست الهدية التي ترغبين فيها فعلاً . أتظنين أنني لا أعرف هذا ؟ » . بدا كأن كلامه هذا هزها بعض الشيء - هذا من الماضي يا عزيزي . لم أعد أفكر في المسألة كثيراً . علم زوجها أنها لا تقول الحقيقة ، فالسر الذي بقي بينهما على مدى ثلاثين عاماً من الزواج لا يزال حاضراً الآن كحاله دوماً، لكنها كعادتها لن تؤذي مشاعره بالاعتراف بأن سعادتها غير مكتملة . وهو كعادته أيضاً ادعى أنه يصدنها .
برز رجلان من الباب الذي يفضي إلى الشرفة، وجمدا في مكانهما لرؤية الزوجين متعانقين بحنان ابتسم لوك ، الرجل الأضخم بنية بين الاثنين لهذا المشهد، وقال بلطف : اما من وقت لهذا ، فسيصل ضيوفكما في أي لحظة . قال طوني وعيناه تتأملان زوجته : «فليعودوا من حيث بل أتوا» . هز بريمو رأسه في حركة ساخرة، وهو شاب طويل القامة ذو عينين لا معتين ومظهر يوحي بجذوره النابوليتانية، وقال لأخيه : ولا سبيل إلى تغييرهما . ربما علينا أن نتركهما وشأنهما، ونصطحب الآخرين إلى ملهى ليلي . قالت هوب وهي تتقدم منه لتقبل خده : «أنت تمضي الكثير من الوقت في الملاهي الليلية يا بني . فرد وهو يبتسم لها ابتسامة ملؤها التسلية : «يحتاج الرجل إلى بعض المتعة البريئة . تراجعت إلى الخلف ، وتأملته بحنان قائلة : (من الأفضل ألا أعطي رأيي
الآن ببراءتك المزعومة هذه؟ . - لا داعي فتخلي عني! . لذلك. فلطالما أعطيت رأيك بصراحة . أنا قضية خاسرة ، - أنا لا أتخلى أبدأ عن أي من أبنائي . وصمتت لحظة قبل أن تضيف بنعومة : «عن أي منهم) . ساد صمت قصير تبادل خلاله بريمو ولوك النظرات وقد فهم كل منهما المعنى الخفي خلف كلمات أمهما هذه . قال بريمو بلطف : «يوماً ما يا أمي) . - نعم، في يوم ما . سيعود يوماً ما . أعرف هذا في أعماقي رغم أنني لا أعرف كيف ومتى سيحصل هذا ، لكنني لن أموت قبل أن يعود إلي، وأنا واثقة من ذلك .
كان طوني قد اقترب من زوجته بحيث سمع كلماتها الأخيرة، فقال بنعومة : اعزيزتي، ما من مكان للأفكار الحزينة اليوم) . - لكنني لست حزينة. أعلم أن ابني سيعثر على يوماً ما ، وهذا الأمر يسعدني . آه، ها أنتم قد وصلتم! بابتسامة عريضة ، ابتعدت عن أفراد عائلتها لترحب بأول الضيوف، وقد واكب القادمين الجدد إلى الشرفة ثلاثة شبان يظهر الشبه بينهم صلة القربى التي تربطهم . قال لها أطولهم قامة وهو يشير إلى الضيوف : «أمي، انظري من وصل . إنه فرنشيسكو، الابن الذي قد يكون المفضل عند أمه أو لا يكون. من المدهش أن كل واحد من أبنائها يظن أنه الوحيد الذي يملك مفتاح قلب أمه . أما الشابان الآخران فهما رودجيرو وكارلو ، التوأمان اللذان رزقت بهما من طوني، وهما الأصغر سناً بين إخوتهم رغم بلوغهم الثامنة والعشرين من العمر . أحد الشابين يشبه الآخر رغم أن الشبه بينهما لم يبلغ حد التطابق ، وهما وسيمان للغاية، ويبدوان دوماً مستعدين لأي شيء، لا سيما الحفلات. وهذه الحفلة ستكون أفضل الحفلات. وفيما راح ضوء النهار يذوي والشمس تنسكب في مياه الخليج، أضيئت الأنوار في فيلا رينوتشي،
وبدأ الضيوف بالتوافد حاملين الهدايا لهوب رينوتشي بمناسبة عيد ميلادها الرابع والخمسين . ضمت الحفلة كل من له شأن في نابولي وبعض الضيوف البارزين الذين أتوا خصيصاً من روما أو حتى من ميلانو، فعائلة رينوتشي هي واحدة من أشهر العائلات وأبرزها في إيطاليا ، كما أن لها علاقات واسعة في عالمي الأعمال والسياسة . محور العائلة امرأة إنكليزية، مر عليها حتى اليوم ثلاثون عاماً في إيطاليا . لكن ما من أحد كان ليحسبها غريبة فهي قلب الأسرة النابض، ليس بالنسبة إلى زوجها وحسب بل للرجال الخمسة الآخرين الذين يفاخرون بأنهم أبناؤها . في الواقع ، ثلاثة منهم فقط ولدوا من رحمها ، أما الاثنان الآخران فلا يترددان بأن يطالبا بها بشراسة كأم لهما .
هؤلاء الرجال الخمسة هم الأكثر وسامة في الحفل، فهم في أوج شبابهم . يتحركون برشاقة وأناقة وغطرسة غير متعمدة. إنهم من أسرة رينوتشي، حتى إن أولئك الذين لا يحملون الاسم هم كذلك فعلاً . أمضت هوب الأمسية تتنقل بين ضيوفها ، وتتلقى الهدايا والتهاني بسحر كأنها ملكة متوجة بين معجبيها . لكن ضيوفها لم يكونوا كلهم من المعجبين بها ، نفي حين يتحدث البعض عن السحر والكرم، يتحدث البعض الآخر عن القسوة وعدم الرحمة، إلا أن الكل لتي الدعوة حتى ألد أعدائها وأشار لوك إلى بريمو بأنه من السهل معرفة الأعداء فهم الذين يحملون الهدايا الأغلى ثمناً، الذين يكيلون لها المديح والذين يتهافتون ليعبروا عن مدى إعجابهم بالحفل . أخيراً، وبعد أن رحل آخر الضيوف وبدأ العاملون بتنظيف الطاولات والشرفة، أصبح بإمكان الأسرة أن تسترخي فيمضي كل منهم ما تبقى من الأمسية كما يحلو له . قال بريمو: «هل أحضر لك ما تشربينه يا أمي؟ أمي!» . كانت هوب تتأمل البحر ، وبالرغم من أن أناملها كانت تعبث بعقد الماس
الذي يحيط بعنقها إلا أنها بدت في عالم آخر ، عالم معزول عما يحيط بها . تنهد بريمو وقال: «أليس بإمكانها أن تنساه، اليوم على الأقل؟» . فردلوك : «من الصعب عليها أن تنساه اليوم أكثر من أي يوم آخر . لا تنس أن اليوم هو عيد ميلاده أيضاً، .
سأل كارلو بشيء من الكآبة : «لم لا يكفيها أبناؤها الخمسة؟» . فأجابه طوني بهدوء : السبب بسيط ، وهو أن لديها ستة أبناء لا خمسة ، وهي لا تزال حزينة على ذاك الذي فقدته . إنها تعتقد بشدة بأنها ستجده يوماً ما » . سأله رودجيرو : «هل تظن أن أمنيتها هذه ستتحقق؟» . تنهد طوني تنهيدة يائسة ، إذ لم يكن لديه جواب على مثل هذا السؤال
---------------------------------
الفصل الأول : رجل يحترم كلمته
---------------------------------
تعالى صوت جرس المدرسة ما إن أنهت إيفي كلامها، فاندفع الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة إلى الخارج بغير انتظام، ليفرغ الصف في ثوان. دلكت إيفي عنقها، ومطته قليلاً لتخفف من الألم الذي شعرت به . - أسبوع شاق؟ أليس كذلك؟ طرح عليها هذا السؤال صوت قادم من جهة الباب . إنها ديبرا ، نائبة مدير المدرسة، والصديقة التي طلبت منها المساعدة لهذا الفصل. ردت : «نعم، إيفي . لكنني لا أشتكي. إنهم أولاد طيبون، . - هل لديك الوقت لتناول شراب؟
لاحقاً، وبعد أن جلستا في مقهى يطل على النهر وراحتا تطعمان الطيور ، - بكل سرور . قالت ديبرا بنبرة حاولت أن تجعلها تبدو عادية : «أنت حقاً تحبين هؤلاء الأولاد. أليس كذلك؟.. - بعضهم ذكي، لا سيما مارك داين . إنه يتمتع بقدرة كبيرة ومميزة على تعلم اللغات، لكنني لم أره اليوم . تأوهت ديبرا وقالت : «هذا يعني أنه فرّ مجدداً . تغيبه عن المدرسة من دون إذن أصبح أمراً خطراً وجاداً، . - هل أخبرت والديه؟ - تكلمت مع والده الذي قال بعبوس شديد إنه سيسوي المسألة، ويعالج الأمر.
كشرت إيفي : «لا يعجبني المعنى الخفي الكامن خلف هذه الكلمات) . - لا ! وأنا أيضاً لم يعجبني . هذا الرجل يتمتع بثقة بالنفس تفوق الحد . أظنه من رجال الصناعة الكبار ، رجل عصامي بنى نفسه بنفسه ، ويحب أن يبقي الأمور تحت سيطرته . فقالت إيفي بنبرة متعاطفة : (بما في ذلك ابنه أليس كذلك؟. . أخذت ديبرا نفساً عميقاً قبل أن تقول بنبرة متمردة : «اسمعي يا إيفي، كان لدي هدف آخر حين طلبت منك أن تخرجي معي لتناول شراب) . همست إيفي : «كنت أخشى هذا . لكن لا تفسدي اللحظة، بل استغليها واستمتعي بها ) .
واستندت إلى الخلف في المقعد الخشبي، فيما وضعت ساقاً فوق الأخرى بأناقة ، أغمضت عينيها وأرجعت رأسها إلى الخلف ، تاركة شمس بعد الظهر تسكب أشعتها على وجهها الذي ارتسمت عليه ابتسامة رضا . قد يظنها المرء فتی بسروالها الجينز وحذائها العالي الساقين وقامتها النحيلة وشعرها الداكن القصير ، لكن ما كان ليخطر في باله أنها مدرسة تبلغ من العمر تسعة وعشرون عاماً . عادت ديبرا تحاول النبرة الصبورة الخاصة التي تعتمدها للتعامل مع صديقتها الغريبة الأطوار : «إيفي . . . . . - انسي الأمر يا ديب . أعرف ما ستقولينه، وأخشى أن الرد هو لا . وعدتك بفصل واحد، لأن هذا كل ما أستطيع تقديمه, سينتهي الفصل قريباً، وعندئذ لن تريني مجدداً . - لكن مدير المدرسة متفاجيء بالنجاح الذي أحرزته مع الطلاب ، ويريدك حقاً أن تبقي .
- لا ! لقد حللت محل مدرسة اللغات إلى أن تلد، وبما أنها أنجبت صبياً الآن، فهذا يعني أن الوقت حان كي أرحل أنا بدوري . - لكنها لا تريد أن تعود فعلاً إلى المدرسة، ولدي تعليمات صارمة بأن أقنعك بالبقاء وبالعمل بدوام كامل

تحميل الرواية من هنا

الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع