الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع

مسافر بلا حلم
Break Up to Make Up

الكاتبة : فيونا هاربر
-------------------
الملخص
------------
مزرعة ريفية بسيطةوطقطقة نار دافئة ومناظر ريفية هادئة . كلها أجواء خلقت وضعا مثاليا لأمسية رومانسبة حميمة كانت هذه الأمسية آخر ما يردة نيك وأديل فزواجهما انتهى ولا مجال أبدا للعودة .. ولكنهما وجدا نفسيهما محجوزين في هذا الكوخ الرائع وفي أحضانه عجزا عن مقاومة الشرارة التي تشتعل في كيانهما دائما لكن ما إن بدأ وميض النار يقوم بسحره حتى اكتشف الزوجان أنهناك شيئا يختبئ تحت جليد انفصالهما !!
-------------
الفصل الأول : عنكبوت
-------------
قاومت أديل الدافع الذي حقها على الهرب والصراخ . أغمضت عينيها وأخذت نفساً عميقاً، ثم أمرت يديها أن تتوقفا عن الارتجاف. حين أصبحت دقات قلبها أقل تسارعاً فتحت عينيها مجدداً . لم يتغير شيء. ما زال العنكبوت ذو الأرجل الثماني والجسم البدين يعيش في حوض استحمامها. تراجعت أديل إلى الخلف قليلاً من دون أن تشيح بنظرها عن الأرجل الطويلة الهزيلة، مترقبة أي ارتعاش يشير إلى إقدام هذا المخلوق على حركة مفاجئة . حين حجبت حافة الحوض رؤيتها للدخيل أخذت تتحسّس الرف فوق المغسلة بارتباك ، فتطاير معجون الأسنان والفرشاة فيما انتزعت كوب الزجاج الذي يحتويهما . جالت نظراتها حول غرفة الحمام بسرعة من دون أن تقع على شيء محدد. أجبرت نفسها على النظر مجدداً ببطء أكبر هذه المرة .
رأت المجلة التي قرأتها في المرة الأخيرة مستقرة باتزان على سلة الغسيل . هذا ما كان ينبغي أن تفعله لولا هذا الدخيل. اهتاج في صدرها غضب حانق ومبرر، كيف يجرؤ ذلك المحتل الصغير القذر على إفشال خططها؟ أمسكت أديل المجلة وسارت نحو حوض الاستحمام، محاولة ألا تسمح لخطاها بالتداعي مع اقترابها . بدا الأمر أسهل بكثير حين كان هناك من يقضي على العناكب سواها ، لكن تلك الأيام لن تعود. ها هي الآن وحدها بمواجهة العنكبوت ذي الأرجل الثماني . رفعت كوب الزجاج المقلوب في يدها آملة ألا يتزحلق. بدت أطراف أصابعها مبللة بالعرق، وأخذت أنفاسها تصدر في لهثات . خطوتان بعد
وتصبح قريبة بما يكفي لالتقاطه ! أصبح الكوب على بعد بضع إنشات فقط من المخلوق . بدا كل شيء ساكناً حتى العنكبوت نفسه، وكأنه أحس بها تقترب . ثم تحرك فجأة وصعد باتجاهها على حافة الحوض . رمت أدبـل الـكـوب والمجلة باتجاه مهاجمها وسارعت بالهرب إلى خارج الحمام، فيما ملأ صوت الزجاج المحظم أذنيها . أقفلت الباب بقوة واستندت إليه ، فلربما جرب العنكبوت فتح الباب . يجب ألا تفعل هذا! الخوف الذي ينتابها غير عقلاني. أرادت أديل أن تبتعد عن الباب في ذلك الوقت، لكن صوتاً من داخل الحمام جعلها تمسك مقبض الباب بقوة أكبر .
لو أن . . . لا ، لن تفعل هذا . . . لن تتمنى وجوده . إنها ليست بحاجة إلى رجل لتمسك بعنكبوت ، لاسيما ذلك الرجل بالذات . أفلتت مقبض الباب ومررت أصابعها على شعرها الأسود الطويل، فيما صدرت عنها تنهيدة طويلة. أستطيع أن أفعل هذا ! فكرت أديل بذلك وهي واقفة هناك وسط السكون. يجب أن أفعل هذا ، فلن يقوم بالأمر أحد آخر من أجلي ! ارتجفت يداها وهي تملس ثنيات ثوب استحمامها الأبيض وتشد رباطه . بدت تلك حركة غير هادفة، فصديقها المكسو بالوبر في الداخل لا يأبه لشكلها ، لكن أديل تحتاج إلى أن تظهر بشكل لائق وهادئ. تحتاج لأن تكون أديل التي لا تخاف من أي شيء . استدارت لتواجه باب الحمام. تخيلت نفسها في إحدى بذلاتها التي ترتديها إلى العمل، وشعرها مصفف في لفته الاعتيادية وهو ينساب على مؤخرة عنقها . الأمر برمته متعلق بالموقف العقلاني. تستطيع فعل أي شيء إذا عقدت العزم على فعله . حضرت أديل بعض حلقات دراسية تدريبية سخيفة حين عملت في فينتون وباريت . كانت تتظاهر بالاصغاء، بينما هي في الحقيقة تفكر في كيفية إنشاء شركة خاصة بها مؤلفة من مستشارين إداريين. جعلت أحلامها تتحقق منذ
ذلك الوقت، وهي تستطيع بالتأكيد أن تقوم بالخدعة ذاتها الآن. مالذي تفوه به هؤلاء الناس؟ آه ، نعم. التخيّل! ركزت أديل على المخلوق في حوض الاستحمام، وتحول في ذهنها إلى صورة فراشة ضعيفة مشعة بالالوان . بإمكان أي كان أن يلتقط فراشة. أليس كذلك؟ جذبت أديل الباب ففتحته ثم سارت نحو الحوض. كان الزجاج المكسور يغطي الأرض، لكن المخلوق الذي تسعى إلى التقاطه قطع نصف الطريق صعوداً نحو الحنفيتين . لو لم تكن ذكية وخبيرة، لاعتقدت أن العنكبوت يرمقها بنظرة غرور . همهمت في سرها فيما مدت يدها إلى الأمام وضمت أصابعها عليه : «فراشة!» حاولت أديل أن تمشي ببطء، لكن بعد خطوة ونصف، أخذت تركض . صرخت فيما بدأت أرجل العنكبوت ترتعش في يدها وهي تحاول جاهدة ألا تتقيأ : «فراشة!) صاحت فيما فتحت النافذة بيدها الطليقة، ورمت ذلك المخلوق الفظيع منها : «يا للقرف! عنكبوت، عنکبوت ، عنكبوت!» . ارتجفت ثم حفت يدها على رداء استحمامها مرة تلو الأخرى حتى شعرت بالحرارة تغمر تلك اليد. إنها حقاً تحتاج إلى الاستحمام الآن، لكن قبل أن تفعل هذا، ثمة الكثير من الزجاج على الأرض لتنظيفه . ما من أحد هنا سواها ليلتقط العناكب أو ليزيل كسرات الزجاج عن الأرض إذا أهملت إزالتها . كان رأس أديل محشوراً تقريباً في الخزانة تحت مغسلة المطبخ حين رن جرس الباب. كانت الشمس قد غابت لتوها ، لذا لم يكن من الضروري إضاءة المصابيح لكن الظلمة بدت كافية لتمنعها من رؤية ما تفتش عنه . امتدت أصابعها إلى المنطقة المعتمة في مؤخرة الخزانة .
أين المكنسة والمجرود اللعينين؟ يجب أن يكونا هنا في مكان ما . راح جرس الباب يرن مجدداً، فضربت أديل رأسها بأعلى الخزانة وهي ترفعه لتقف . جرس بابها ليس من النوع الذي يمكن تجاهله، فهو لا يصدر تلك الموسيقى الناعمة التي تشير إلى أن أحدهم ينتظر بصبر خلف الباب مع باقة ورد
في يده ، آه، لا هذا الجرس من أحد الأجراس الى توحي بالاصرار، وتطلق صوتاً مزعجاً كصوت بوق دراجة هوائية قديمة الطراز .. كل ما تبتغيه أديل في أمسية يوم السبت بعد قضاء نهار كامل في المكتب، هو ان تغوص في مياه ملأى بالفقاقيع في حوض استحمامها ، وأن تقرأ الفصول الأربعة المتبقية من كتابها . سارت بخطوات هادئة لكن سريعة نحو الباب الأمامي، وفتحته بعنف من دون أن تهتم حتى بأنها في رداء الاستحمام . كانت على وشك أن تثور قائلة : نعم؟ ماذا تريد؟ إلا أن الكلمات تلاشت على شفتيها . رأته مستنداً إلى الحائط والبريق يشع من عينيه، وغمازة تزين كلاً من خذيه .
عرفت أديل أن فمها كان مفتوحاً، لكنها لم تبد قادرة على إغلاقه مجدداً . ابتسم الضيف فتعمقت الغمازتان أكثر في خديه . - مرحباً ، أديل! - ن... ك! في الدقائق القليلة الأخيرة، توارت الشمس أكثر خلف أسطح المنازل وأعمدة المداخن المنتشرة في تلك الناحية، أما الوهج الساطع من ضوء الشرفة ، فجعله يبدو دافئاً متلألئاً باللون الذهبي. بدا نك . . . حقيقياً جداً. إنه ليس نك الذي اعتادت أن تصرخ في وجهه في خيالها على مر الأشهر التسعة الماضية . صوره لها خيالها أقصر قامة، صبياني الملامح، وأقل جاذبية . استطاعت على الفور أن تشعر بتلك الكيمياء المألوفة بينهما تسيطر عليها . نظر نك عميقاً في عيني أديل، فشعرت أن ما تبقى من خلايا دماغها الحية يتلاشي ويتحول إلى العدم. حرك حاجبه ، وقال : «إنه هو، لا سواه» . هزت أديل رأسها من دون أن تعرف حتى من أين تبدأ . لم هو هنا؟ متى عاد إلى البلاد؟ والأهم من هذا ، لم تراه يقف على الدرج الأمامي لمنزلها كأن شيئاً لم یکن؟ - هل يمكنني الدخول؟
أرادت أديل أن تقفل الباب بعنف في وجهه، وأن تطلب منه ألا يزعجها ثانية، وأن يتصل بمحاميها إذا أراد، لكنها وجدت نفسها تهز رأسها إيجاباً . لطالما تمتع نك بتلك المقدرة المزعجة على جعلها تقوم بما يريد. على الرغم من أن قصده يبدو شريفاً دائماً، إلا أن أديل هي التي تنجرح في آخر المطاف، والتي تضطر إلى تحمل ما نتج من سوء . كانت فكرة سيئة حقاً أن تدع نك هيوز يدخل حياتها ، أما الفكرة الأسوأ فكانت أن تتزوجه . مشت أديل في الرواق وتبعها نك. وحالما وصلا إلى المطبخ، استدارت لتواجهه . سألته : «ماذا تريد، نك؟» هذه هي اللحظة التي ينتظرها، اللحظة التي تدرب على الأداء فيها مرات لا تحصى. لم يشعر في أحلام يقظته كلها بهذا التوتر قط . استدارت أديل لتنظر إليه محاولة ألا تجفل. هذا ما كان نك خائفاً منه، فقد تمنى أن تكون في مزاج ملائم أكثر للتحدث بعد مرور هذا الوقت. من الواضح أنها ليست كذلك ، فمرور الوقت لم يساهم في التئام جراحها .
إن الغوص في صلب الموضوع مباشرة وإخبارها عن سبب مجيئه لن يجدي نفعاً، عليه أن يمهد للحديث المرتقب . ذابت كلمات الالتماس الخالص على شفتي نك واستبدلها بأوسع ابتسامة استطاع أن يرسمها على وجهه : «يا لها من طريقة جميلة تستقبلين بها زوجك!» ضاقت عينا أديل ولم تقل شيئاً. أخذ نك نفساً عميقاً. عليه فعل شيء ما ليوقف مهاجمتها له. بطريقة أو بأخرى ، عليه أن يبقى في المكان الذي تقطنه حتى يتمكن من جعلها تستمع إليه . استطاع أن يهمهم كلمات أقل حدة فقال : «ما رأيك بكوب شاي؟»
استمرت أديل في التحديق به وبؤبؤا عينيها يتقلصان ليصبحا ثقبين صغيرين. حسناً! أهذا أفضل ما تمكن من التلفظ به؟ يبدو أن رأسه ما زال مشوشاً بعد رحلة بالطائرة بدت كأنها أسبوع . كوب من الشاي قد يعطيه خمس عشرة دقيقة على الأقل ليتفاهم مع أديل. أضاف : «كانت رحلتي طويلة حقاً» . بقيت أديل ساكنة وباردة، حتى اعتقد نك أنها تجمدت وأنها لن تتحرك

تحميل الرواية من هنا

الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع