لن نموت غدا

: الملخص
لويلا فتاة جميلة حالمة تفيض رقة و عذوبة و إحساسا ، لكن طبيعتها الرقيقة و روحها النقية لن تتوافق حتما مع عالم شرس مليء بالذئاب المفترسة .. إذ لم تلبث لويلا أن سقطت في براثن التجربة القاسية مع رجل لم يكن يبادلها من مشاعر أو أحاسيس غير الشفقة ***
: طريق آخر للجحيم
لا شك أنه كان واثقا في الشارع في أثناء وُجُودها في منزل الموزع ، و لكنها لم تلاحظه . كانت تشعر بالسقم ، بالتأكيد .. كان إحساسها يوما بعد يوم يتفاقم ، و يُصبح أكثر إلحاحا .. ثمة خوف متصاعد ، وُجُوعٌ ، لا تستطيع مُقاومتها .. ربما لهذا السبب كانت مُتهورة .. ليس للأمر أهمية حقا .. فحتى لو لاحظته بعد ظهر ذلك اليوم ، و تمكنت من القيام بحركة ما للمراوغة ، لكان بكل بساطة انتظر وقتا آخر و مكانا آخر .. لكن ، و الأمر على ما هو عليه ، كانت غير مدركة لوجود الرجل الواقف قرب سياج المبنى الأسود و هي تنزل السلم من المنزل الفكتوري الطراز ، أما اللفافة البيضاء الصغيرة فكانت مخبأة بأمان في حقيبتها .. نثرت ريح الخريف الباردة الشعر الأسود على وجه ابنة التسعة عشر ربيعا البيضاوي .. و لكن هذا الوجه حمل في ما مضى غموضا كغموض لوحة ( المادونا ) .. أما الآن فهو شاحب مضطرب .. بدت ( لويلا ستيرلينغ ) في المعطف الأسود الضيق ضعيفة هشة .. خطوط صدغيها نافرة و عظم وجنتيها و عنقها شاحبة .. فقد كانت هزيلة مؤخرا .. لو كانت تضع الماكياج راسمة فمها المُكتنز و عينيها السوداوين لبدت خلابة ، رائعة .. لو وضعت الماكياج لصَعُب معرفة ما إذا كان ضعفها حقيقيا أم مَرَضيا .. تجاوزت السياج بساقيها الطويلتين الأنيقتين .. إنها تبحث عن المكان الذي ستأخذ فيه الجُرعة الأولى فهي بأشد الحاجة إليها .. لأنها تأخرت كثيرا عن وقت الجُرعة و قد تأخرت قصدا ، تدفعها شجاعة غبية ، إذ كانت تخدع نفسها عندما توهمت أن ليس عليها الإسراع و ها هي الآن في أشد حالات الانزعاج .. عندما أمسك الرجل الطويل ذراعها بثبات ، أحست بالصدمة تعصر قلبها .. ـ لحظة من فضلك .. هتفت : " نعم " ؟
كان طويلا ، سُترتُه صوفية بُنية شبيهة بجِلد الغزال .. لم تره قط من قبل .. كان وجهه بارز الرجولة و الدهاء ، لكن ملامح وجهه كانت ذات سحنة خطيرة إلى جانب عينيه الرماديتين الحادتين .. كانتا صافيتين عميقتين كبحيرة باردة ، قد يغوص فيهما المرء و يضيع في أعماقهما .. ـ أعطني إياها أرجوك .. ـ ماذا اُعطيك ؟ .. ـ ليس طقس تشرين الأول مناسبا لإضاعة الوقت طويلا .. أعطني لُفافة الهروين .. أرجوك .. يعرف اسمها إذن .. ربما كان من مكتب مكافحة المخدرات .. أوه يا الله .. لم يكن لديها القوة على المجادلة .. لقد غمرها إحساس باليأس ، بحثت في حقيبتها ثم ناولته اللفافة الصغيرة .. كانت عيناه الباردتان تأسران عينيها أسرا لم تستطع معه إبعاد عينيها .. سأل : ـ غرام واحد ؟ .. هزت ( لويلا ) رأسها و الهلع يملأ قلبها .. لم ينظُر إلى اللفافة ، بل راح يدعكها بين سبابته و إبهامه مبعثرا البودرة البيضاء على العشب تحت قدميه .. شهقت متألمة للخسارة .. تُحس بالحاجة الماسة إليها تنشب مخالبها في أعصابها بشراسة .. ثم فهمت الأمر أخيرا .. فالتفتت إليه مبتسمة و لكنها عادت فشهقت عندما تلاقت عيونهما .. ـ لقد ولى دليلك على أي حال .. و لم يعد لديك دليل ضدي الآن .. آمنت لبُرهة أنه سيلقي القبض عليها ، أخذت ساقاها ترتجفان من الصدمة .. حاولت أن تحرر ذراعها منه ، لكن بلا جدوى فهو إما قوي جدا و إما هي فقدت القُدرة على المُقاومة

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا